أسست شركة ولكنها تغرق في الديون، أو طرحت منتجاً جديداً ولكنه لم يحقق المبيعات المأمولة ويكرهه المستهلكون، أو فُصلت من عملك.
ما الذي يحدث عندما تطارد حلمك إلى أن تحوله إلى واقع بين يديك، ولكنه يتحول إلى كابوس فشل في النهاية؟
أجد شيئاً من الإحراج وأنا أقر وأعترف لك بأنني لذت بهذه المقولة الشجاعة لهنري فورد: "حالات الفشل فرصة للبدء من جديد ولكن بقدر أكبر من الذكاء". هذه المقولة تبعث على الطمأنينة، لأن فورد حقق نجاحاً كبيراً في نهاية المطاف، ولكنها تغفل في الوقت نفسه عن الهاوية العاطفية التي نتأرجح فوقها وقتما نفشل. ومهما رددت مقولات متفائلة، يبقى أول رد فعل أبديه حين أفشل هو اليأس والتشاؤم والرغبة في الانتقال إلى مدينة أخرى لأنني لا أريد أن يراني أحد في مدينتي إطلاقاً بعد اليوم. وأجد أن مقولة إلدريج هاويل هذه تمثلني: "في المعاناة كرامة، وفي الألم نبل، ولكن الفشل جرح مزعج لا يندمل".
وفي حين أصارع مشاعري وفكرة أن إخفاقاتي تحطمني، تتوطد قناعتي بأن الحلم في حد ذاته عملية محفزة للتجريب. حين نبتكر، نتعلم على المستوى الشخصي؛ ونبدأ تحقيق أحلامنا. ولكن جرأة السعي إلى تقديم ابتكار مزعزع تنطوي على جرأة المخاطرة بالفشل. فبينما نتعلم من عملنا ونعمل وفق ما تعلمناه، من المحتم أن نصادف فشلاً. وكما قال المسؤول السابق في وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) كين غابرييل: "من أهم ركائز الزعزعة امتلاك الجرأة اللازمة لتحمل فشل فادح بحق". علينا في هذه المرحلة الحاسمة من الحلم أن نقرر كيفية التعامل مع حالات الفشل: هل فشلي نهائي لا مخرج منه؟ أو يمكنني الاستفادة منه للابتكار بفعالية أعلى؟
على من يميل إلى الخيار الثاني أن يفكر فيما يلي:
1. احتواء الحزن
عندما تؤسس شركة أو تطرح منتجاً جديداً أو تتولى وظيفة جديدة، ستتخيل أن الأمور ستسير بالتسلسل البسيط: تعمل بجد ثم تحقق حلمك. ولكن حالات الفشل تصادفنا. تراوحت إخفاقاتي ما بين الفشل في الانضمام إلى فريق المشجعات في المدرسة الثانوية (وهي إهانة وأي إهانة في تلك الأيام) والارتباك في أثناء إلقاء خطاب أمام مئات الأشخاص (إهانة أيضاً)، ثم مررت بتجربة الفصل من العمل ودعم مشروع فاشل. وعلاوة على الشعور بالإهانة، انكسر قلبي؛ فقد بذلت كل ما لدي من طاقة وعواطف، وتصورت مستقبلاً أحقق فيه هدفاً وربما أعدّ فيه بطلة تغلبت على المصاعب، ولكنني لم أبلغ ذلك. تعلمت أنه من المهم أن نشعر بالحزن، وعندما نحاول الترفع عن حزننا وإسكاته نخاطر بفقدان شغفنا، وهو محفز أساسي للابتكار.
2. تخلص من إحساس العار
إذا سمحت للفشل أن يحدد مصيرك، فستقع فريسة إحساس بالعار يغرقك ويغرق أحلامك. تقول خبيرة الأبحاث الرائدة حول الشعور بالخزي والضعف الإنساني، الدكتورة برينيه براون، إن هذا الموقف ينطبق تماماً على الذين يحترفون الرياضة والعسكريين والموظفين وقادة الشركات، وذكرت في كتابها "الجرأة باقتدار" (Daring Greatly) "في بيئة تسودها عقلية 'إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب' يكون الفشل مرادفاً للقتل"، وستشعر بعار كبير إن رآك الآخرون ضعيفاً. خذ مثلاً الخطاب الذي أخفقتُ فيه؛ عندما انتهيت، شعرت كأنني ركضت للتو ثلاثة أميال، فقد كنت أتصبب عرقاً. والشركة التي تراكمت عليها الديون؛ ألم يكن عليّ بذل جهد لفهم الموقف بوضوح أكبر؟ كيف لي أن أدعي أنني مستثمرة حصيفة؟ علينا أن نتخلص من إحساس العار الذي نشعر به عندما نفشل، وألا نعطيه حجماً أكبر مما يستحق، وإلا فلن نتحدث أمام الجمهور مرة أخرى أو ننتقل إلى وظيفة أخرى أو نستثمر في شركة أخرى. لن يتعثر الحلم والابتكار بسبب الفشل، بل بسبب العار، وبإخراج العار من المعادلة سنتخلص من تباطؤ الابتكار ونحصل على الزخم الذي نحتاج إليه حتى نستعيد روح الجرأة والمبادرة.
3. تعلّم الدرس الصحيح
من أسباب إعجابنا بمقولة هنري فورد سياقها؛ لقد فشل فورد وتعلم من فشله قبل أن ينهض منتصراً. وهو سبب محبتنا المماثل لمقولة جيه كيه رولينغ: "كان القاع الذي وصلت إليه الأساس المتين الذي بنيت عليه حياتي مجدداً". وللسردية التي نتبناها دور رئيسي في مواجهتنا للإخفاقات المؤقتة في عملية الابتكار؛ لا يكفي أن تتعلم درساً، بل يجب أن تتعلم الدرس الصحيح، أو ما يسميه خبير الشركات الناشئة إريك ريس التعلم المثبت. وهو ما يصل بنا إلى السؤال: ما الحقيقة ذات القيمة التي اكتشفتها من خلال الفشل حول الآفاق الحالية والمستقبلية لشركتك الناشئة (أو حلمك الناشئ)؟ فمثلاً، هل تعلمت ألا أتحدث أمام جمهور مرة أخرى؟ لا، بل اكتشفت أن الوقوف خلف منصة الخطابة أصبح عائقاً جعل الحديث يدور عني، ما جعلني أشعر بتوتر شديد. وتعلمت أن الابتعاد عن تلك المنصة ساعدني على التحاور مع جمهوري وتعزيز التواصل معهم. وهل كان ما تعلمته من فشل تجربة شركتي ألا أستثمر أبداً في شركة صديق آخر؟ لا، بل اكتسبت رؤية قيّمة مفادها أن التثبت من وضع الشركاء المحتملين بالغ الأهمية، وكذلك وضوح قواعد المشاركة. يقول ريس: "التعلم ركن جوهري من أركان تقدم الشركات الناشئة"، وأقول أن التعلم ركيزة تقدم أساسية لمن يحلم،
وأن هذا أوان وضع الفشل في إطاره المناسب. يرى معظمنا أن احتمال الفشل لعبة ذهنية تفرض علينا عقلية الحياة أو الموت وتضعنا تحت ضغط عاطفي هائل يضعفنا في مواجهة الإحساس بالعار. ولكننا في عالم يحتاج بشدة إلى الابتكار، لذلك علينا أن نبادر بدفن العار ووضع حالات الفشل في حدوده الحقيقية؛ فهي فرصة لتعلم حقائق ذات قيمة وإشارة إلى أن شركتنا الناشئة أو وظيفتنا أو منتجنا أو فكرتنا مهمة حقاً ويجب ألا نتأخر عن بذل جهدنا وعواطفنا لأجلها. هذا هو ما يستحق أن نحلم به.