حافظ على ثقتك بنفسك وأنت تبحث عن وظيفة

3 دقائق

لقد حظيت مؤخراً بفرصة التحدث إلى مجموعة تواصل شبكي خاصة بالباحثين عن وظيفة ممن هم فوق سن الأربعين. وكان العديد من الحضور قد عملوا لأكثر من 10 سنوات لدى شركات محددة ومن ثم جرى تسريحهم. وبعضهم مضى عليه أكثر من 6 أشهر من دون وظيفة وبدؤوا يقلقون حول فرصهم في إيجاد وظائف جديدة.

لا شك في أنّ هذا الوضع ضاغط جداً، وبخاصة عندما تشاهد كيف أنّ أشخاصاً أصغر منك سناً يحصلون على وظائف تتمنى لو كنت أنت من يحصل عليها. وحيال هذا الوضع، ربما تتجه بسهولة إلى الإحباط وفقدان الأمل في الحصول على وظيفة، وربما تُظهر هذا الإحباط لمشغليك المحتملين عن غير قصد. غير أنّ هنالك مبررات عدة لأن تعمل على عدم الظهور في مناسبات التواصل الشبكي أو في مقابلات التوظيف، وكأنك بأمس الحاجة إلى وظيفة.

أولاً، من أهم عوامل نجاحك في الحصول على الوظيفة التي تقدمت لشغلها هو الثقة بالنفس. فأثناء مقابلة التوظيف، يحاول الشخص الجالس أمامك أن يظهر كيف سيكون العمل معك. ولذلك فإنّ إجاباتك الواثقة عن الأسئلة المطروحة تشكل جزءاً كبيراً من الحكم على شخصيتك. فكلما كان قلقك أكبر حول طول أمد بحثك عن وظيفة، تراجعت فرص نشوء الانطباع بأنك قادر على القيام بكل ما تتطلبه وظيفتك المستقبلية.

ثانياً، يريد أصحاب العمل أن يضمنوا أنهم يوظفون أناساً سينجحون في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء. فمن السهل أن يبدو المرء موظفاً رائعاً أو قائداً عظيماً في الأوقات الجيدة اقتصادياً. ولكن هنالك دائماً أياماً مجهدة ومتوترة: كأن يكون ثمة موعد نهائي يجب الالتزام به، أو أنّ الزبون الأساسي ينظر في إمكانية التحول إلى شركة أخرى، أو أنّ هناك خطأ جسيماً تم ارتكابه وينذر بفشل أحد المشاريع الكبيرة. في مثل تلك الأوقات، يرغب أصحاب العمل في أن يكونوا على يقين من أنّ موظفيهم سيثبتون كفاءتهم ويقومون بما يلزم بكل ثقة.

ثالثاً، من شأن الشعور باليأس والإحباط أن يقيد قدرتك على التفاوض في حال حصولك على عرض وظيفة ما. إذ تجد نفسك مسروراً جداً بأن تحصل على أي عرض، وتنظر إلى الأجر المحدد وتغفل التقييدات المفروضة على رزمة التعويضات على سبيل المثال.

ومن الأفضل بكثير التفاوض مع صاحب العمل قبل قبول الوظيفة وليس بعد أن تباشر العمل. فحتى لو كنت قد أمضيت وقتاً طويلاً بلا وظيفة، يتعين عليك أخذ وقتك لضمان حصولك على الأجر الذي تراه مناسباً مع ما يكفي من التعويضات. وإلا فمن المرجح أن تشعر بعدم الرضا بعد انقضاء شهر عسل قصير وألا تكون في موقع قوي يسمح لك بطلب الأجر الذي يرضيك.

وبالطبع، قولنا أنه عليه ألا تظهر يأسك، مختلف تماماً عن تطبيق ذلك على أرض الواقع. ولكن هنالك العديد من الأمور التي يمكنك فعلها للسيطرة على انزعاجك وعدم إظهاره.

عندما تحدد أي هدف بعيد الأجل، يمكنك التركيز على النتيجة المرجوة، ويمكنك التركيز على الإجراءات المحددة اللازمة لتحقيق ذلك الهدف. فإذا أراد أحد ما تأليف كتاب على سبيل المثال، يمكنه التطلع إلى رؤية نفسه ككاتب له مؤلفات منشورة، ويمكنه أيضاً تركيز اهتمامه على تكريس بعض الوقت في كل يوم للكتابة. ولعل هذا التركيز على الإجراءات المحددة يعني أنك تركز على الأهداف المتعلقة بالعملية، بمقابل الأهداف المتعلقة بالنتائج. وكما ذكرت في كتابي الصادر بعنوان "التغيير الذكي" (Smart Change)، يشير الهدف المتعلق بالنتيجة إلى الحالة المحددة التي تأمل بأن تصل إليها في المستقبل، في حين يركز الهدف المتعلق بالعملية على مجموعة الإجراءات التي يمكنك اتخاذها.

ويمكننا القول أنّ الأهداف المتعلقة بالعملية تتسم بقيمة متميزة في أثناء مرحلة البحث عن وظيفة. وبغض النظر عن المدة الزمنية التي قضيتها وأنت تبحث عن وظيفة، فإنّ الأنشطة التي يتعين عليك الانخراط فيها هي ذاتها: البحث عن وظائف شاغرة، والتقدم إلى الوظائف التي تناسب خبرتك، وحضور مناسبات التواصل الشبكي للتعرف على المشغلين المحتملين، والتحدث إلى الأصدقاء والزملاء لالتقاط الأخبار حول الوظائف الشاغرة المتوقعة، والالتحاق بالدورات التدريبية لتنمية مهاراتك، والتدرب على مهارات النجاح في مقابلات التوظيف.

ولا شك في أنّ بعض هذه الأنشطة ممتع. فتطوير مهارة جديدة وتحسين بعض المقدرات يجلب معه الشعور بالفخر. ومع أنّ المشاركة في مناسبة للتواصل الشبكي قد تكون مثيرة للقلق، إلا أنه قد يكون من الممتع التحدث إلى شخص جديد. وفضلاً عن ذلك هنالك الكثير من الكتب العظيمة المتاحة ويمكنك الاستمتاع بقراءتها؛ وهكذا تتعلم الكثير وتسهو في الوقت نفسه عن التفكير في الحصول على الوظيفة.

ولهذا التركيز على العملية بحد ذاتها فائدتان:

أولاً، من المرجح أن تكون أقل إحباطاً من عملية البحث عن وظيفة عندما توجه اهتمامك إلى الإجراءات المحددة التي يتعين عليك اتخاذها. فقد لا تنجح في الحصول على وظيفة في يوم محدد، بيد أنك ربما تكون قد نجحت في التقدم لوظائف جديدة أو مقابلة أناس لم تعرفهم من قبل، أو تعلم أشياء جديدة. وبالنتيجة تكون اختبرت نجاحات صغيرة في طريقك نحو الجائزة الكبرى المتمثلة في الحصول على الوظيفة الجديدة.

ثانياً، الكثير من الأمور التي يتعين عليك فعلها للحصول على وظيفة هي أمور يتعين عليك فعلها بعد التوظيف أيضاً. فالبقاء على اطلاع بأحدث التطورات في مجال عملك هو جزء مهم من نجاحك. وإذا ما طورت عادات مفيدة كالقراءة وتعلم المهارات، فإنك ستحتفظ بالفوائد التي تجنيها من ذلك إلى ما بعد حصولك على الوظيفة الجديدة. وبالمحصلة إنك من خلال هذه الأعمال المفيدة عموماً، إنما تجهز الأرضية المناسبة لنجاحك المستقبلي.

وأخيراً، يمكننا القول أنّ الناس الأكثر نجاحاً هم الذين يحافظون على تركيزهم على الأنشطة اليومية التي تساهم في وصولهم إلى أهدافهم طويلة الأجل. ويبقى هذا صالحاً سواء أكنت تنفذ مشروعاً كبيراً أم كنت تبحث عن وظيفة جديدة. وعوضاً عن الاستسلام للإحباط واليأس من أنك لن تجد وظيفة جديدة في حياتك – وإخافة المشغلين المحتمين الذين تلتقيهم– ركز جل اهتمامك على عملية البحث عن وظيفة، لا على النتائج فقط.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي