هل تحتاج شركتك حقاً إلى روبوت الدردشة (تشات بوت)؟

7 دقائق

روبوتات الدردشة أو ما يسمى "تشات بوت"، هي أنظمة محادثة آلية يتزايد تعقيدها يوماً بعد يوم. أترغب في تصميم وتشغيل روبوت دردشة قادر على التفاعل مع عملائك؟ إذا كنت مديراً تنفيذياً وعليك اتخاذ هذا القرار فوراً، فقد تشعر بأنك عالق في المنتصف بين موجة الذكاء الاصطناعي من جهة والخوف من عدم تمكن الآلات من معاملة عملائك على النحو الصحيح من جهة أخرى.

تندرج روبوتات الدردشة ضمن فئة واسعة تشمل كل شيء بدءاً من سماعات "أليكسا" (Alexa) الذكية لتكبير الصوت التي تنتجها "أمازون"، وصولاً إلى المحادثة النصية الآلية على صفحة خدمة العملاء في موقع شركة ما على الإنترنت. وأقوى روبوتات المحادثة، التي يمكنها فعلاً ترك بصمة على خبرة العميل وأرباح الشركة الصافية، هو الوكلاء الافتراضيون. وهم روبوتات دردشة قائمة على ذكاء اصطناعي قادرة على فهم مجموعة كبيرة متنوعة من أسئلة العملاء والإجابة عنها.

يجب أن يجري الوكيل الافتراضي مسحاً لطلب العميل، وجمعه مع أي معلومات متاحة لديه (مثل عمليات الشراء السابقة، وإعدادات الحساب، أو الموقع الجغرافي)، ومن ثم التعرف على مقاصد العميل، أي ما يريد تحقيقه. ويمكن أن تشمل مقاصد عميل شركة الاتصالات، على سبيل المثال ما يلي: "أصلح خدمتي المتوقفة عن العمل"، أو "أعد تعيين كلمة المرور الخاصة بي"، أو "ساعدني على الانتقال" أو "ارفع مستوى الخدمة". وما إن يحدد الوكيل الافتراضي مقصد العميل يستجيب له بواسطة نصّ مخصص لحل مشكلة العميل.

يمكن لروبوتات الدردشة المخصصة لخدمة العملاء تخفيض التكاليف مثل جميع إجراءات التشغيل الآلي (الأتمتة) الناجحة، ولكن التحسينات التي تحققها الروبوتات في خبرة العملاء لها أثر أكبر بكثير. يمكن أن تعمل روبوتات الدردشة على مدار 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، وغالباً ما تجيب عن أسئلة العملاء بسرعة أكبر من إجابة الوكلاء البشر. على سبيل المثال، شركة تأجير السيارات "أفيس بدجت" (Avis Budget)، حيث تمكنت روبوتات الدردشة من التعرف على 68% من اتصالات الخدمة وتشغيلها آلياً. يمكن للوكيل الافتراضي المصمم على نحو صحيح تحسين رضا العملاء تماماً، كما تمكن التشغيل الآلي في تسعينيات القرن الماضي وتطبيقات الهاتف النقال خلال سنوات العقد الثاني من القرن الحالي من تحسين وسائل الراحة لهم. على سبيل المثال، المشغل الأميركي للقنوات التلفزيونية الفضائية "دش نتورك" (Dish Network)، حيث قيَّم العملاء بالفعل رضاهم عن خدمة العملاء بعد إجراء المحادثات مع الوكلاء الافتراضيين مقارنة بمحادثاتهم مع العملاء البشر، وتتحسن نقاط تقييماتهم هذه كلما عالج الوكيل الافتراضي المزيد من الأسئلة بفاعلية أكبر.

واستناداً إلى خبرتي (بي في كانان) في تطوير الوكلاء الافتراضيين لخدمة العملاء مع تنفيذيين حول العالم، بالإضافة إلى بحثنا الذي أجريناه على عشرات الحالات من تشغيل الوكلاء الافتراضيين، سواء في شركتي أو في شركات المنافسين، تمكنا من تحديد العوامل التي تؤدي إلى التشغيل الناجح (للتوضيح التام، ننوه إلى أن اثنتين من الشركات المذكورة في هذه المقالة هما من عملاء شركة بي في كانان، وهما أفيس بدجت ودش نتورك). وعند التفكير بتشغيل وكيل افتراضي، يجب على قادة الشركات التفكير في نوع الشركات التي تستطيع روبوتات الدردشة خدمتها على النحو الأمثل، وكيفية دمج هذه الروبوتات ضمن نظام خدمة العملاء الحالي، وقنوات التوزيع الأكثر فائدة.

هل روبوت الدردشة المخصص لخدمة العملاء مناسب لشركتك؟

يعمل الوكيل الافتراضي بأكبر فاعلية ضمن تطبيقات خدمة العملاء في القطاعات ذات الخدمات المكثفة كالخدمات المالية وتجارة التجزئة والسفر والاتصالات.

ابدأ بالسؤال عما إذا كان لديك الحجم الذي يستحق هذا المستوى من الهندسة المفيدة. فعلى الأرجح أن يؤتي تشغيل الوكيل الافتراضي ثماره في الشركات التي تتلقى آلاف المحادثات أو الاتصالات من العملاء عبر مراكز الاتصال التي تضم المئات من الوكلاء، وهناك سببان لذلك.

أولاً: تولد النصوص المكتوبة من مراكز الاتصال هذه كميات كبيرة من البيانات اللازمة لتدريب الذكاء الاصطناعي الذي يعزز الوكيل الافتراضي. وتضم بيانات التدريب مئات الآلاف من الحالات، ويمكنها تقوية تعلم الآلة الضروري للوكيل الافتراضي الفاعل. أما إذا كانت بيانات التدريب لديك أقل من ذلك، فمن غير المرجح أن يتمكن الوكيل الافتراضي من تطوير الذكاء اللازم للتعرف على مقاصد العملاء بفاعلية.

ثانياً: عادة ما يحتاج هذا التحسين عدة أشهر ليتمكن أخيراً من تحقيق أثر في آلاف العملاء ومئات الموظفين. ومن غير المرجح أن تتمكن جهود التحسين من تحقيق أثر كافٍ مثمر إلا إذا كنت قد أنفقت بالفعل عشرات الملايين من الدولارات على خدمة العملاء.

أما بالنسبة إلى الشركات التي تتعامل فعلاً مع حجم كبير من طلبات الخدمات، فمن الممكن أن تكون الآثار كبيرة. على سبيل المثال، شركة دش نتورك، التي كانت تدير عدة مراكز اتصال من أجل معالجة أسئلة بشأن التثبيت والفواتير والأسئلة التقنية. ثم شغّلت وكيلاً افتراضياً يدعى "ديفا" (DiVA) كان قادراً على أتمتة 30% من أكثر مقاصد العملاء شيوعاً وتولي نحو 4 ملايين تفاعل مع العملاء سنوياً. يستطيع الوكيل الافتراضي ديفا مرافقتك خطوة بخطوة لإعداد جهاز التحكم عن بعد واستخدامه في تشغيل جهاز التلفزيون الجديد، والموافقة على طلبك لمنحك وقتاً إضافياً لدفع الفاتورة مثلاً. وعن طريق المقاصد التي يستطيع ديفا فهمها، أصبح قادراً الآن على معالجة 40% من أسئلة العملاء وحده، وتعمل الشركة على توسيع قائمة المقاصد التي يعالجها، ويحتمل أن يؤثر بذلك في ملايين الطلبات الإضافية.

إذا كان بإمكان الوكلاء الافتراضيين تعزيز خدمة العملاء، هل سيكون بإمكانهم تعزيز المبيعات أيضاً؟ وعلى الرغم من الضجة التي تتصاعد حول "التجارة المعتمدة على المحادثات"، فإن احتمالات نجاح تطبيقات خدمة العملاء في هذه المرحلة أكبر بكثير من احتمالات نجاح تطبيقات المبيعات. فمن بين مالكي سماعات الطاقة الذكية أليكسا لتكبير الصوت من إنتاج "أمازون"، فإن 2% فقط هم من أجروا عمليات شراء من خلال أجهزتهم. إذ تحتاج تطبيقات المبيعات عادة تصفح عدد كبير من الخيارات (كاختيار كتاب على موقع أمازون أو رحلة على موقع "إكسبيديا" (Expedia)، وهي عملية تكرارية ما زال أداؤها حتى الآن أسهل عن طريق تطبيق على الهاتف النقال أو موقع على الإنترنت. كما أننا شهدنا تقلب تطبيقات المبيعات فعلاً، حيث اضطر أحد متاجر التجزئة الكبيرة إلغاء استخدام الوكيل الافتراضي لأن عملية اتخاذ القرار بشأن ما يجب القيام به مع العميل شديدة التعقيد ولا يمكن تشغيلها آلياً.

فكّر في القنوات بعناية

تحظى منصات المحادثة اليوم باهتمام الإعلام بأكمله، فموقع "فيسبوك" وتطبيق المراسلة الخاص به "ماسنجر" (Messenger) منتشران على نطاق واسع، كما أعلنت أمازون أنها باعت أكثر من 100 مليون جهاز أليكسا بحلول نهاية عام 2018. وبما أن الشركات تتدافع للاستفادة من تلك القاعدة المثبتة، أصبح لدينا 50 ألف من "مهارات" أليكسا (التطبيقات التي تعمل على سماعات تكبير الصوت الذكية أليكسا التابعة لشركة أمازون)، و300 ألف روبوت دردشة على برنامج المراسلة "فيسبوك ماسنجر".

وتعتبر هذه المنصات مثالية بالنسبة إلى بعض تطبيقات خدمة العملاء البسيطة نسبياً. على سبيل المثال، قامت شركة "باتربول" (Butterball) بتشغيل بعض عناصر خدمتها "تركي توك لاين" (Turkey Talk-Line) لاتصالات خدمة العملاء آلياً على أليكسا، وبعد إطلاق هذه الخدمة مع تغطية إعلامية كبيرة، سجلت مهارة أليكسا هذه 20 ألف سؤال أثناء عطلة عيد الشكر عام 2018.

وسبب نجاح شركة باتربول هو أنها ليست في حاجة لمعرفة اسمك كي تخبرك عن الوقت اللازم لطهي الديك الرومي. وهذا لا ينجح في مراكز الاتصال التي تتعامل مع حسابات العملاء، مثل شركة دش نتورك أو "هيلتون".

فالمصادقة صعبة عندما تشغل تطبيقاً ما على منصة شخص آخر. ولذلك تحتاج المهارات المصرفية الأكثر تقدماً على أليكسا، و"كابيتال وان" (Capital One)، تسجيل الدخول لإعدادها، كما أنها لن تتمكن من تزويدك بمعلومات تزيد عن رصيدك الحالي وآخر 5 إضافات على فاتورتك. إذا كنت أحد عملاء كابيتال وان، وترغب في أداء أي عملية معقدة، سيكون من الأفضل لك أن تؤديها باستخدام تطبيق الشركة أو موقعها الإلكتروني بدلاً من التحدث مع روبوت الدردشة التابع لها على أليكسا.

وهناك تحدّ آخر، وهو الخصوصية وأمن البيانات. إذ يخشى تجار التجزئة، على وجه الخصوص، من استخدام هذه المنصات كوسيلة للتواصل مع عملائهم، وأغلب من تحدثنا معهم يشعرون بالقلق بشأن تنصت شركة أمازون على محادثاتهم مع العملاء من خلال أليكسا، كما لم تتعهد شركة فيسبوك بأي التزام بشأن مراقبة المحادثات على فيسبوك ماسنجر مع الشركات.

من ناحية أخرى، يعمل روبوت الدردشة "إيريكا" (Erica) الخاص بمصرف "بنك أوف أميركا" فقط على تطبيق الهاتف النقال الخاص به وليس على منصة مركزية. وهذا يمنح الشركة مزيداً من السيطرة على خصوصية عملائها. وكما قالت كاثي بيسانت، رئيس قسم التقنية في المصرف، في إحدى فعاليات بلومبيرغ عام 2018: "كي تستخدم إيريكا يجب عليك القيام بعمل جسدي للتفاعل معها على تطبيق بنك أوف أميركا. ليس هناك إمكانية أن يسترق موظفون أو شركات أخرى السمع... فعقليتنا هي الحماية والسرية منذ البداية".

ويمكن لبعض الشركات تحسين مستويات الخدمة عن طريق خدمة العملاء على هذه المنصات المنتشرة على نطاق واسع، كما فعلت باتربول. فهذه الاستراتيجية منطقية إذا كنت تتعامل مع كمية كبيرة من المكالمات التي لا ترتبط بحسابات العملاء. ولكن عادة، تكون المشكلة الأكثر صعوبة، والتي تتسبب في أكبر الآثار في شركتك وفي خبرة العملاء، هي خدمة العملاء الذين تربطك بهم علاقة بالفعل.

إذ أصبحت خدمة هؤلاء العملاء الآن أفضل بكثير في بيئة تتمتع فيها بالسيطرة الكاملة، كما فعل بنك أوف أميركا. فمن الممكن ألا يكون روبوت الدردشة متاحاً لك على الفور في كل البيئات المعتمدة على المحادثات، ولكن خدمة العملاء على موقعك الإلكتروني أو تطبيقك الخاص على الهاتف النقال ستقدم تجربة أفضل بكثير. والأهم من ذلك، ستكون قد أنجزت أصعب عمل لمعرفة كيفية التعرف على مقصد العميل والاستجابة له. وعندما تتمكن منصات المحادثة مثل أليكسا أو "جوجل هوم" أو "آبل بزنس تشات" أو "واتساب" أو فيسبوك ماسنجر من حلّ مشكلات المصادقة والخصوصية أخيراً، ستجد نفسك في موقع جيد لإضافة وكيلك الافتراضي ضمن بيئاتها.

ابدأ

من أجل تشغيل وكيل افتراضي، يجب عليك أولاً إعداد النظام الخاص بك. لن يتمكن الوكيل الافتراضي من معرفة مقاصد العملاء إذا لم يكن متصلاً بأنظمة السجل الذي يضم معلومات العملاء. عملنا مع إحدى سلاسل الفنادق، تلك التي اتخذت قراراً على أعلى المستويات التنفيذية بإقناع مسؤولي قسم تقنية المعلومات بفتح أنظمتهم لواجهة الوكيل الافتراضي. ولكن إذا لم تكن النظم لديك جاهزة، فسيكون نجاح أي وكيل افتراضي محتمل محدوداً.

ابدأ بمشروع تجريبي صغير حيث يمكنك إثبات النجاح. على سبيل المثال، شركة دش نتورك، التي أجرت أول تجربة للوكيل الافتراضي خصيصاً لتقديم المساعدة في الاستجابة لطوفان الطلبات على الاشتراك في خدمة الدفع لمشاهدة مباريات المصارعة. وبمجرد أن أثبت النظام نفسه في ظل هذه التجربة، بدأت الشركة العمل لتوسيعه على مجموعة أكبر من أسئلة خدمة العملاء.

وأخيراً، تذكر أن الوكيل الافتراضي يتحسن مع مرور الوقت. وسيزداد عدد المقاصد التي يمكنه تحديدها مع تحديد شركتك للأسئلة التي لا تزال تسلم للوكلاء البشر. وسيستمر نظام الوكيل الافتراضي في التحسن، خصوصاً إذا طبَّقته في المكان المناسب، مع الأهداف المناسبة وفي القنوات الصحيحة من أجل تحقيق أقصى قدر من النجاح.

يمكن أن يكون قرار تشغيل الوكيل الافتراضي معقداً. ومع ذلك، نعتقد أن هذا النوع من الواجهات القائمة على المحادثات بالنسبة إلى الشركات مقدر له أن يحل محل تطبيقات الهواتف النقالة وواجهات المواقع الإلكترونية الحالية على المدى الطويل، وذلك ببساطة لأنه أسرع وأفضل للعميل في الكثير من الحالات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي