تُعدّ تنمية رأس المال البشري محوراً رئيسياً من محاور رؤية المملكة 2030. كما تؤكّد الرؤية على أهمية الشباب، لا سيما الشباب من الفئة العمرية التي تقل عن 25 عاماً، حيث يشكلون الأغلبية بين السكان السعوديين، وهو محور اهتمام برنامج "جيل طموح" الذي أطلقته بوسطن كونسلتينغ جروب.
تسعى رؤية المملكة إلى إتاحة الفرص لهذه الفئة من الشباب، باعتبارهم ثروة وطنية وعماد مستقبل المملكة لتحقيق "عائد ديموغرافي"، وليواصلوا بدورهم مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة في البلاد. وتهدف رؤية المملكة إلى زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة والتي ارتفعت من 17.4% في عام 2017 إلى 32.3% في الربع الأول من عام 2021.
وفي الوقت الذي تضطر به العديد من القوى الاقتصادية على مستوى العالم إلى الاعتماد على تركيبات ديموغرافية أكبر سناً، تواصل المملكة العربية السعودية مساعيها الحثيثة في تعزيز سبل المشاركة الاقتصادية والاجتماعية لشبابها. ومع ذلك، فإن إيجاد وظائف مجدية للشباب السعودي ليس بالأمر السهل، خاصة في ظل عدم مواءمة نظام التعليم مع أهم المهارات المطلوبة في سوق العمل، وهذا الوضع لا يقتصر على المملكة العربية السعودية فحسب.
وفقاً لأبحاث "بوسطن كونسلتينغ جروب" (BCG)، تواجه معظم البلدان مشكلة أساسية تتعلق بالمهارات، لا سيما وأن طبيعة المهارات المستقبلية اللازمة قد تغيرت بشكل كبير وبسرعة مفاجئة منذ تفشي الوباء. فقد أدى ارتفاع مستوى التحول الرقمي، والحاجة إلى العمل عن بُعد، ووتيرة الأتمتة، إلى تفاقم التحديات التي تواجهها محاولات تطوير قدرات ومهارات القوى العاملة. والآن، يتحتم على الدول إيجاد طرق فاعلة للتعامل مع فجوة المهارات التقليدية الكامنة في عدم توفر عدد كاف من المرشحين ذوي المهارات اللازمة لملء الوظائف الشاغرة، وعدم توافق المهارات الحالية، حيث لا تتناسب مؤهلات الموظفين مع متطلبات الوظائف التي يقومون بها.
برنامج "جيل طموح"
في أزمة المواهب التي يشهدها سوق العمل اليوم، يسعى أصحاب الشركات إلى توظيف من يتمتعون بالمهارات والخبرات التي تحتاج إليها شركاتهم. ونتيجة لذلك، ينتهون بتوظيف أشخاص غير مؤهلين أو مؤهلين أكثر من اللازم ثم يعيدون تدريبهم. ومع مرور الوقت، تفاقمت مشكلة عدم المواءمة هذه، خاصة وأن برامج تنمية الموارد البشرية في القطاعين العام والخاص تفتقر في كثير من الأحيان إلى أطر التركيز الهيكلي أو الوظيفي.
يهدف برنامج "جيل طموح" الذي أطلقته "بوسطن كونسلتينغ جروب" في عام 2019 إلى التصدي لبعض هذه التحديات في المملكة. فقد تم تصميم البرنامج الذي يستمر لمدة 5 أشهر إلى تحفيز وإلهام الطلبة الجامعيين الأكثر تميّزاً في المملكة العربية السعودية من أجل تطوير مهاراتهم القيادية والمهنية والشخصية وتحقيق إمكاناتهم الكاملة. ويركز البرنامج على الطلبة الذين لم يتخرجوا بعد، ما يمنحهم الفرصة للاستفادة من المهارات التي يوفّرها البرنامج عند تحديد مسارهم الوظيفي.
وتماشياً مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والقيم التي تمثّلها "بوسطن كونسلتينغ جروب"، حرص برنامج "جيل طموح" منذ البداية على مبدأ المساواة في إشراك الجنسين، إذ يلتحق بالبرنامج عدد متساوٍ من الشباب والشابات كل عام. وقد راعت "بوسطن كونسلتينغ جروب" الجانب التعاوني خلال تصميم برنامج "جيل طموح"، فبينما يأخذ خبراء المجموعة زمام المبادرة في وضع محتوى المناهج الدراسية، يحرص البرنامج على دعوة كبار القادة والمؤسسات السعودية البارزة في الصناعات المختلفة والخبراء للمساهمة في وضع أجندة فاعلة لتمكين الشباب وتعزيز مهاراتهم الأساسية والشخصية.
ما الذي يميز برنامج "جيل طموح"؟
يختلف برنامج "جيل طموح" عن غيره من برامج التنمية البشرية في 3 نقاط مهمة.
أولاً، يستهدف البرنامج مهارات الشباب الأساسية بهدف تحقيق تحسن ملموس وسريع، وهو ما تعكسه كلمات إحدى الطالبات المشاركات في البرنامج للعام 2021: "من الأهمية بمكان بالنسبة لشخص طموح يعمل على تطوير نفسه بشكل مستمر أن يحصل على الدعم لتطوير جوانب ومجالات معينة في شخصيته وتعزيز خبراته على نحو فوري وسريع".
ثانياً، يستند برنامج "جيل طموح" إلى الرؤية الاستراتيجية الأوسع لبوسطن كونسلتينغ جروب في تطوير مهارات الشباب كما وردت في مخطط المهارات المستقبلية الذي وضعته "بوسطن كونسلتينغ جروب". ويتناول المخطط جملة من الأسئلة المحورية حول مدى ملاءمة وتوافق مخزون المهارات في بلد ما مع احتياجات البلد الاقتصادية الحالية والمستقبلية، ومدى كفاءة بيئة عمل البلد ذاته في جذب المواهب وتحفيز الأشخاص على العمل، ومدى كفاءة آليات سوق العمل في المواءمة بين المهارات.
ثالثاً، تعمل "بوسطن كونسلتينغ جروب" كحلقة وصل بين أصحاب الشركات وأفضل المواهب الشابة في المملكة العربية السعودية. ويستفيد المشاركون في برنامج "جيل طموح" من إمكانية التواصل مع أبرز شركاء المجموعة ممن يتطلّعون لتوظيف المواهب الاستثنائية، مثل: هيئة السوق المالية، وبنك الرياض، والبنك السعودي الفرنسي، ومعادن، وسيرا، وبوبا، وغيرهم الكثير. كما يعمل البرنامج كمحطة مثالية للطلبة للتعرف على بعض أفضل الوظائف المتوفرة في بوسطن كونسلتينغ جروب نفسها بصورة سريعة.
آلية عمل برنامج "جيل طموح"
استقبل برنامج "جيل طموح" منذ إطلاقه قي عام 2019 أكثر من 300 طالب وطالبة من مختلف الجامعات الرائدة في المملكة العربية السعودية، وحرص على تطبيق سياسة مساواة نسبة قبول الطلاب بين الذكور والإناث (1:1). ويأتي المشاركون من تخصصات متنوعة تشمل الهندسة والأعمال والعلوم وغير ذلك، كما يشارك معظمهم في الأنشطة الجامعية المختلفة، سواء في الجمعيات الطلابية، والأنشطة اللامنهجية، ومبادرات الريادة والبرامج التطوعية.
انطلقت النسخة الثالثة والأحدث من برنامج "جيل طموح" في 3 أبريل/نيسان 2021 في فعالية خاصة استمرت لمدة يومين بمشاركة 100 طالب وطالبة من تخصصات مختلفة. وركزت الفعالية على التحديات المستجدة التي يواجهها الشباب في سوق العمل اليوم في ضوء نتائج الأبحاث التي تشير إلى أن التطورات التكنولوجية أدت إلى موجة من الأتمتة وإلى زيادة دور الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل. وقد وصف المنتدى الاقتصادي العالمي حجم الإحلال التكنولوجي في طرق العمل بأنه "الثورة الصناعية الرابعة"، أو الصناعة 4.0، في إشارة إلى توجه الصناعات نحو القطاعات ذات الإنتاجية العالية والقدرات المعرفية. كما أدت جائحة "كوفيد-19" إلى تسريع هذا التحول وإلى تسريع تبني الفرق الافتراضية الرشيقة وآليات العمل عن بُعد.
وركّز حفل إطلاق النسخة الأحدث من برنامج "جيل طموح" لعام 2021 على 3 متطلبات نابعة من محور "الريادة في الواقع الجديد" لبوسطن كونسلتينغ جروب والتي تمثلت في: تسريع عمليات التحول الرقمي، والتحول من أجل الازدهار، واستشراف مستقبل أفضل، وذلك لتسليط الضوء على القضايا الملحّة التي تواجه العاملين في مجال المعرفة اليوم. وتضمّن حفل الإطلاق جلسات حول الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والتكنولوجيا المالية (فينتك)، والتأثير الاجتماعي والاستدامة، ما ساعد الطلبة الجدد على تكوين صورة كاملة عن المشهد الرقمي الجديد تمكّنهم من اتخاذ قرارات مستقبلية لاستشراف مستقبل أفضل.
وقد ناقشت ورشة العمل التي قادها ياسين الخروج، الشريك في "بوسطن كونسلتينغ جروب"، الطرق الفاعلة لحل المشكلات، والإبداع ومهارات الفريق. واختُتمت الورشة بتمارين لحل المشكلات شكّل الطلبة فرقاً مختلفة للتصدي لها. كما شارك في تنسيق المحتوى وتقديمه لطلبة برنامج "جيل طموح" الجدد كل من فيليب كورنيت دي سان سير، مدير مكتب الرياض في بوسطن كونسلتينغ جروب، وريتش ليسر، الرئيس التنفيذي لبوسطن كونسلتينغ جروب، وبياتريس ليموتشي، المديرة الإدارية والشريكة في بوسطن كونسلتينغ جروب في الشرق الأوسط، وصوفيا فريمبونج، المديرة في بوسطن كونسلتينغ جروب.
يحظى طلبة هذه النسخة من برنامج "جيل طموح" لمدة خمسة أشهر بجدول حافل من ورش العمل التفاعلية وجلسات التواصل الافتراضي ومواد التعلّم الذاتي والتطوير الشخصي، وقصص النجاح الملهمة للخريجين السابقين ممن واصلوا شغفهم في مجالات التكنولوجيا المالية، أو العمل لدى أبرز البنوك السعودية الرائدة، أو الانضمام إلى شركات إنتاج الطاقة الوطنية، أو العمل مع بوسطن كونسلتينغ جروب. في هذا العام، يوسّع برنامج "جيل طموح" دوره كحلقة وصل بين أفضل الخريجين والوظائف المجزية وذلك عبر تنظيم معرض توظيف حصري لطلبة عام 2021.
وأخيراً، لا توجد إجابات سريعة بخصوص موضوع تمكين الشباب عن طريق تقديم فرص عمل استثنائية لهم بصورة تضمن أن تعمّ الفائدة على الدولة والشعب السعودي من مهارات هذه التركيبة السكانية؛ لكنها أسئلة لا زالت بوسطن كونسلتينغ جروب تتصدّى لها منذ سنوات بالتعاون مع شركائها على مختلف المستويات الاستراتيجية والسياسية والتخطيطية. وكغيره من البرامج الهادفة، يقدم برنامج "جيل طموح" خارطة طريق لكل ما يمكن تحقيقه عندما يلتقي الفكر الاستراتيجي مع التدخل المستهدف لخلق فرص ومبادرات لتعزيز مهارات وقدرات الشباب السعودي وتهيئته لوظائف مجزية في المستقبل.