إذا لم تكن شركتك جيدة في التحليلات، فهي ليست جاهزة للذكاء الاصطناعي

4 دقائق
جاهزية الشركة للذكاء الاصطناعي

تعتقد فرق الإدارة في كثير من الأحيان أن بإمكانها تجاوز أفضل الممارسات لتحليلات البيانات الأساسية من خلال البدء مباشرة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة الأخرى. لكن الشركات التي تتسرع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة قبل الوصول إلى حد أدنى من عمليات الأتمتة والتحليلات المهيكلة يمكن أن ينتهي بها الحال وهي تعاني الشلل بسبب عدم جاهزية الشركة للذكاء الاصطناعي.

إذ يمكنها أن تصبح مثقلة بالشراكات المكلفة مع الشركات الناشئة، وأنظمة الصندوق الأسود التي لا يمكن اختراقها، والكتل الحسابية السحابية المرهقة، ومجموعات الأدوات مفتوحة المصدر دون وجود مبرمجين لكتابة برامج لها.

على النقيض من ذلك، تحقق الشركات التي تمتلك تحليلات بيانات قوية -مثل بيانات المبيعات واتجاهات السوق- نجاحات هائلة في مجالات معقدة ومهمة بعد استخدام الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، أصبح الآن بإمكان إحدى شركات الاتصالات التي عملنا معها أن تتوقع ما إذا كان عملاؤها على وشك التسرب بدقة أكثر بمقدار 75 مرة باستخدام التعلم الآلي.

لكن الشركة تمكنت من تحقيق هذا فقط لأنها عملت على أتمتة العمليات التي أتاحت إمكانية الاتصال بالعملاء سريعاً ومعرفة تفضيلاتهم عن طريق استخدام أساليب تحليلية قياسية.

معرفة جاهزية الشركة للذكاء الاصطناعي

إذاً، كيف يمكن أن تدرك الشركات مدى استعدادها لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة الأخرى؟

أتمتة العمليات الأساسية

أولاً، يجب على المدراء أن يسألوا أنفسهم ما إذا عملوا على أتمتة العمليات في المجالات المتعبة التي تكلف أموالاً كثيرة وتبطئ العمليات. تحتاج الشركات إلى أتمتة العمليات المتكررة التي تستخدم كميات كبيرة من البيانات، وخاصة في الجوانب التي تمثل فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال التحليلات أو السرعة ميزة. ومن دون أتمتة مثل هذه البيانات، ستكتشف الشركات أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة لديها تتوصل إلى استنتاجات خاطئة لأنها تحلل بيانات قديمة. على سبيل المثال، يمكن لتجار التجزئة عبر الإنترنت ضبط أسعار المنتجات يومياً لأنهم نجحوا في أتمتة عملية جمع أسعار المنافسين. لكن التجار الذين ما زالوا يتحققون من أسعار منافسيهم يدوياً يمكن أن يستغرقوا مدة تصل إلى أسبوع لجمع نفس القدر من المعلومات. ونتيجة لذلك، ومثلما اكتشف أحد هؤلاء التجار، يمكن أن ينتهي بهم الحال إلى إجراء تعديلات على الأسعار بشكل دائم تؤخرهم في المنافسة حتى لو اعتمدوا على الذكاء الاصطناعي، لأنهم يستخدمون بيانات قديمة.

من دون أتمتة العمليات الأساسية، تظل الرؤى الاستراتيجية لحل المشكلات المعقدة بلمسة زر صعبة المنال. دعونا ننظر إلى مدراء صناديق الاستثمار، ففي حين تعد هذه المهنة مرشحاً مثالياً لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يقضي العديد من هؤلاء المدراء أسابيع عدة في جمع البيانات يدوياً وفحص الأخطاء البشرية في التقارير المقدمة لهم من خلال جداول بيانات إكسيل. وهذا يجعلهم غير مستعدين لاستخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالخطر القادم الذي يواجه المحافظ الاستثمارية للعملاء، أو صياغة سيناريوهات بديلة في الوقت الفعلي.

وفي الوقت نفسه، يمكن للشركات التي تحرص على أتمتة عمليات معالجة البيانات الأساسية أن تكون استباقية. فمن خلال محركات التسعير المؤتمتة، يمكن لشركات التأمين والبنوك طرح عروض جديدة بنفس سرعة منافسيها على الإنترنت. على سبيل المثال، تحولت إحدى شركات التأمين التقليدية من تحديث عروض الأسعار الخاصة بها كل عدة أيام إلى تحديثها كل 17 دقيقة من خلال أتمتة العمليات التي تجمع بيانات التسعير المرجعية. كما جعلت إحدى شركات الماء والكهرباء خدماتها أكثر تنافسية من خلال تقديم أسعار مخصصة في الوقت الفعلي، وعروض مميزة وفقاً لقراءات العدادات الذكية المؤتمتة بدلاً من الزيارات الشخصية نصف السنوية إلى المنازل.

التحليلات المهيكلة للبيانات

بمجرد أتمتة العمليات المهمة لتحقيق الكفاءة أو الهدف، يجب على المدراء تطوير تحليلات منظمة، بالإضافة إلى جعل عمليات البيانات مركزية، وبالتالي تكون طريقة جمع البيانات موحدة، ويمكن إدخالها مرة واحدة فقط.

ومن خلال المزيد من بُنى المعلومات المركزية، تشير جميع الأنظمة إلى "مصدر الحقيقة" الأساسي، وتنتشر التحديثات في النظام بأكمله، وتعكس القرارات وجهة نظر واحدة لعميل أو مشكلة. على سبيل المثال، توفر مجموعة واحدة من التحليلات المنظمة لمدراء قطاع البيع بالتجزئة صورة كاملة من بيانات العملاء المهمة، وتظهر لهم أي المنتجات التي كانت رائجة مع أي نوع من العملاء، وما هي المنتجات التي بيعت وأين، وأي المنتجات التي تنقل العملاء بينها، وأي المنتجات التي استمر العملاء في استخدامها.

وبالاعتماد على هذه المعلومات، يمكن للمدراء بعد ذلك توزيع المنتجات بشكل أفضل ومعرفة سبب اختيار العملاء لمنتجات معينة دون غيرها. ومن خلال فهم الدوافع وراء قرارات العملاء، يمكن للمدراء أيضاً إجراء محادثات بناءة عن إدارة فئات المنتجات مع مورديهم، مثل تفسير سبب إزالة منتجات متشابهة لإفساح المجال للمزيد من المنتجات البديلة الفريدة.

تجربة تقنيات الذكاء الاصطناعي

بعد دمج هذه التحليلات المهيكلة القياسية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن التنبؤ بشكل شامل بسلوك العملاء وشرحه ووصفه. في شركة الاتصالات التي ذكرناها أعلاه، أدرك المدراء خصائص العملاء، لكنهم كانوا بحاجة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المجموعة الواسعة من البيانات التي جُمِعت للتنبؤ باحتمالات تسرب العملاء. وبعدما تحدد تقنيات التعلم الآلي العملاء الذين يوشكون على التسرب، يعود المدراء إلى تحليلاتهم المهيكلة لتحديد أفضل طريقة لاستبقاء العملاء، واستخدام العمليات المؤتمتة للحصول بسرعة على عرض استبقاء مناسب.

تحدِث أنظمة الذكاء الاصطناعي فرقاً كبيراً عندما تكون البيانات غير المهيكلة، مثل منصات التواصل الاجتماعي، أو ملاحظات مراكز الاتصال، أو الصور، أو الاستبيانات ذات الأسئلة المفتوحة، مطلوبة أيضاً للوصول إلى قرار. على سبيل المثال، يُعد سبب قدرة "أمازون" على ترشيح المنتجات للعملاء قبل معرفتهم حتى أنهم يريدونها، هو قدرتها الآن -باستخدام تقنيات التعلم الآلي- على تجميع البيانات غير المهيكلة بالإضافة إلى مجموعتها القوية المركزية من التحليلات المهيكلة، مثل بيانات دفع العملاء، وعناوينهم، وسجلات المنتجات التي اشتروها مسبقاً.

تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي أيضاً في القرارات التي لا تستند إلى الأداء السابق. إذ يمكن لتجار البيع بالتجزئة ممن يمتلكون تحليلات مهيكلة قوية تحديد أفضل طريقة لتوزيع المنتجات بناءً على كمية البيع الحالية. لكن هذا يتطلب استخدام تقنيات التعلم الآلي للتنبؤ بكيفية أداء المنتجات التي لا تزال غير متاحة للبيع، بسبب عدم توفر بيانات مهيكلة عنها.

أخيراً، يمكن أن تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي تنبؤات أدق استناداً إلى مجموعات مختلفة من البيانات. يتنبأ مدراء صناديق الاستثمار الذين يتمتعون بقاعدة قوية من تحليلات البيانات المهيكلة والمؤتمتة بكيفية أداء الأسهم بدقة أكبر من خلال تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي على مجموعات البيانات التي تشمل كل شيء، بداية من بيانات الطقس، ومروراً بحصر عدد السيارات في مواقع مختلفة، ووصولاً إلى تحليل سلاسل التوريد. حتى إن بعض رواد استخدام البيانات بدؤوا في معرفة ما إذا كانت الشركات ستكسب أو تفقد مكانتها باستخدام تحليلات أنظمة الذكاء الاصطناعي لبيانات ثقة المستهلك من البيانات الواردة من منصات التواصل الاجتماعي.

ما زالت الشركات في بداية الطريق لاكتشاف العديد من الأساليب المختلفة التي يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي من خلالها تجديد الشركة. لكن هناك شيئاً واضحاً متعلقاً بجاهزية الشركة للذكاء الاصطناعي: يجب على الشركات استثمار الوقت والمال للاستعداد من خلال تحليلات بيانات مهيكلة ومؤتمتة بشكلٍ كافٍ من أجل الاستفادة الكاملة من التقنيات الجديدة. سواء أعجبك ذلك أم لا، لا يمكنك تخطي الأساسيات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي