أوجد هدفاً لأكثر المهمات روتينية في العمل

3 دقائق
المهام الروتينية في العمل

يتزايد عدد الشركات التي تعتنق المهام الروتينية في العمل وفكرة امتلاك هدف يتعدى ميزانيتها ويجعل العالم مكاناً أفضل بطريقة ما، وربما كنت فخوراً باعتبار شركتك واحدة من هذه الشركات. ولكن قد تبدو الرسالة النبيلة للشركة بعيدة جداً عن واقع حياة العمل اليومية. كيف ينبغي لنا أن نشعر بهدف أسمى وسط المزاحمة اليومية ونحن نخوض في الاجتماعات المملة وقوائم المهمات اللا منتهية، أو نعمل مع مدراء لا قدرة لهم على الإلهام يضيقون علينا الخناق؟

تبين أنّ الكثير من المدراء يتساءلون بشأن الأمر ذاته. ففي استبانة أجراها معهد إي واي بيكون (EY Beacon) بالتعاون مع قسم التحليل في هارفارد بزنس ريفيو، قال 90% من المدراء المشاركين أن شركاتهم اليوم تدرك أهمية امتلاك "سبب ملهم للوجود يمدّ المؤسسة بالإلهام ويمنحها دعوة للعمل ويقدم الفائدة للمجتمع". كما قال معظم هؤلاء القادة أنّ امتلاك هذا الهدف الأسمى يعزز أداء الشركة ويحفز زيادة الانسجام لدى الموظفين ويقوي القدرة على الابتكار والتأقلم. ومع ذلك، قال أقل من نصف المدراء المشاركين بالاستبانة أن أسلوب عمل مؤسساتهم مدفوع بالهدف فعلاً وبصورة يومية.

المهام الروتينية في العمل

كان هناك قلق واسع الانتشار بشأن هذه الفجوة وكيفية معالجتها في اللقاء الذي تم حول مائدة الفطور المستديرة لدى معهد بيكون ضمن الاجتماع السنوي للمؤتمر الاقتصادي العالمي، حيث قال أحد الرؤساء التنفيذيين: "إذا أيقظت أحد موظفينا في منتصف الليل وسألته عن هدفنا، سيجيب بصدق ولكن بصورة عامة وسيقول أنه يجب علينا الاعتناء بزبائننا. ولكن الهدف الأكبر الذي نسعى لتحقيقه عن طريق الاعتناء بزبائننا ليس محدداً بدقة بعد، ولا هو راسخ في روح الشركة".

التعامل مع المهام الروتينية في العمل

لحسن الحظ، تشير أبحاث علم السلوك أننا لا نحتاج إلى جهد كبير من أجل إعادة الاتصال بالهدف وجني فوائده. فقد وجدت أبحاث كثيرة أنه بإمكان أقصر لحظات التفكير "على نحو شخصي" مساعدتنا على مواجهة تحد ما عن طريق تعزيز أدائنا ومقاومتنا بصورة فورية.

مثلاً، قام فريق بحث بإخضاع بعض المتطوعين للضغط عن طريق الطلب منهم إلقاء خطاب معد على عجل أمام لجنة تحكيم. وقبل إلقاء الخطاب وُزع على الجميع استبانة تطلب منهم تصنيف القيم والمواضيع التي تهمهم. ثم طُرحت على قسم من المتطوعين بضعة أسئلة عن أهم القيم الشخصية لديهم، فشعر المتطوعون بقدرة أفضل على التأقلم وبقلق أقل بشأن الخطاب وأصبحت مستويات هرمون التوتر في اللعاب أقل. وفي سياق مماثل، طلبت دراسة أخرى من بعض المتطوعين كتابة جملتين عن أكبر طموحاتهم الشخصية قبل البدء بمهمة جماعية، فقيّم أفراد الفريق الآخرين هؤلاء المتطوعين على أنهم أكثر حيوية ويتمتعون بإمكانات قيادية أكبر على الرغم من عدم وجود علاقة تربط المهمة بالقيم والأهداف التي كتبوا عنها في البداية.

لاحظ أنه لم يُطلب من الموظفين المشاركين في هاتين التجربتين إجراء مناقشة وجودية موسعة، ولم يملي عليهم أي شخص أعلى رتبة منهم هدف عملهم. وإنما طُرح عليهم سؤال بسيط دفعهم إلى التفكير بنظرتهم الشخصية للصورة الأكبر. ويمكن لكل منا فعل ذلك لأنفسنا ولفرقنا سواء تلقينا رسائل واضحة من زملائنا الأعلى رتبة بشأن طريقة خدمة شركتنا للخير أم لا. على سبيل المثال:

  • إذا كنت تواجه مهمة صعبة أو هامة، ارفع مستوى أدائك وثقتك عن طريق تذكير نفسك بالسبب النبيل الكامن وراء العمل الذي ستقوم به. اسأل نفسك: "من غيري سيستفيد مما أقوم به؟"، ربما سيمكنك العرض التقديمي المرهق الذي تعده من دعم أفكار زميل جديد، وهو ما سيساعده على تعزيز ثقته بنفسه. لن يخلصك تذكر هذه الحقيقة من التوتر تماماً، ولكنه سيساعدك على الحفاظ على تركيزك وأدائك الجيد أثناء تقديم العرض.
  • إن كنت تمرّ بظرف شديد الضغط، ساعد نفسك على تحرير نفسك من الضغط بهدوء عن طريق تذكير نفسك بقيمك. اسأل نفسك: "ما هو أهم شيء بالنسبة لك؟ وما الذي يقوله عما يجب عليك فعله الآن؟" فلنقل أنّ مشكلة تقنية كبيرة تسببت بتعطل الأدوات التي تحتاجها من أجل اجتماع مهم. يمكنك عندئذ تذكير نفسك بأنك تفخر بإيجاد الخير في الجميع، وهو أمر ليس له صلة مباشرة بالظرف الراهن، ولكن تقول جميع الأدلة أنه سيساعد على تهدئتك كي تجد طريقة للخروج من المأزق.
  • إذا رمى أحدهم مهمة ما على عاتقك، حاول أن تجد لها مغزى بطابع شخصي بعض الشيء عن طريق ربطه بأمر يهمك. اسأل نفسك: "إذا تمكنت من إنجاز هذه المهمة على نحو جيد، أي إلهام أو قيمة أكبر لدي يمكن دعمها؟"، ربما أدى الجدول اللامنتهي الذي تعمل على إنجازه إلى اتخاذ مجلس الإدارة قرارات مالية أفضل. قد لا يبدو هذا أكثر أمر ملهم في العالم بحسب قيمته الظاهرية، إلى أن تدرك أن عملك هذا قد يقلل من احتمال إيقاف برامج رفاهية الموظفين والمجتمع في الشركة. وهذا هدف ذو مغزى سيساعدك على شحن قوتك أثناء أداء مهمتك.

قد تكون إجابتك ساخرة بعض الشيء إذا كنت تمر بيوم صعب. وقد تشعر برغبة في قول: "يبدو لي أن الهدف من هذا العمل هو ترقية مديري" أو "تتفق هذه المهمة تماماً مع طموحي الحالي بالخروج من هذا المكان". ولكن إذا استمريت بالتفكير في السؤال لحظة أخرى، ستتمكن من التعمق لإيجاد أمر يبدو لك جديراً بما يكفي لمنحك القوة لإنهاء مهمتك.

وبالطبع، قد يبدو لك كل ذلك تافهاً إن كنت مشغولاً بالسؤال الأهم عن كيفية تحقيق المؤسسات أثراً اجتماعياً إيجابياً بالإضافة إلى الربح الاستثماري. ولكن تخيل أننا كلنا نجري هذه المحادثات البسيطة مع زملائنا ونتحدث عن أسباب قيامنا بمجموعة من المهام الروتينية في العمل وما سيصبح ممكناً نتيجة لجهودنا، سيكون ذلك خطوة أولى عملية نحو إنشاء عالم عمل مرض ومراع أكثر، كما أنها خطوة يمكننا اتخاذها لأجل أنفسنا دون أن يضطر أحد لإيقاظنا في منتصف الليل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي