كيف تسيطر على صندوق الرسائل الواردة؟

6 دقائق
هاكينمهان/غيتي إميدجيز

ملخص: ثقافة التعامل مع البريد الإلكتروني "ليست على ما يرام" ويتطلب إصلاحها تضافر الجهود. وِللبدء في ذلك، يتعين على الأفراد التفكير فيما هو أبعد من حماية صندوق رسائلهم الواردة، وذلك بالتركيز على تقليل حركة مرور البريد الإلكتروني فيما بين أعضاء الفريق ككل. تستعرض المؤلفتان أساسيات آداب التعامل مع البريد الإلكتروني وتقترحان 3 استراتيجيات يمكن أن تساعد الفِرق والمؤسسات على الاتجاه نحو ما يسمونه "ثقافة الرأفة في التعامل مع البريد الإلكتروني".

 

لدينا جميعاً الحلم بعيد المنال نفسه: أن يكون صندوق الرسائل الواردة منظماً وفارغاً من أي رسائل جديدة. ولكن لنواجه الأمر، تصفير صندوق البريد أمر من الصعب، بل حتى من المستحيل أحياناً، تحقيقه. وبغض النظر عن عدد الملفات الفرعية التي ننشئها أو الرسائل الإخبارية التي نلغي اشتراكنا فيها، تنهال علينا رسائل البريد الإلكتروني من كل حدب وصوب.

رغبتنا في إدارة صندوق الرسائل الواردة الخاص بنا فقط ليست كافية؛ فقد حان الوقت لتغيير طريقة التعامل مع البريد الإلكتروني. والسر هو التركيز على صناديق الرسائل الواردة الخاصة بالآخرين وليس على صندوق الرسائل الواردة الخاص بك فحسب. قد يبدو أن هذا الأمر غير منطقي، ولكنه فعال. وعندما يفعله الجميع، فإنه سيؤدي إلى ما نطلق عليه "ثقافة الرأفة في التعامل مع البريد الإلكتروني" ومن خلالها ستعمل الفِرق معاً لتقليل حركة مرور البريد الإلكتروني فيما بين الأعضاء. أي أن ما ينبغي فعله هو إيلاء الأولوية لبعضنا بعضاً.

أساسيات آداب التعامل مع البريد الإلكتروني

حماية صناديق الرسائل الواردة الخاصة بزملائك تبدأ بتطبيق الأساسيات بشكل صحيح. لنستعرضها معاً:

  • راجع قائمة المستلمين قبل الضغط على زر "إرسال". واسأل نفسك: هل يلزم وجود الجميع في سلسلة الرسائل هذه؟ احذف أي شخص لا ضرورة لوجوده، ويمكن بسهولة إضافته لاحقاً إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك.
  • اكتب رسائلك بإيجاز وبطريقة منظمة. ويجب أن يكون محتوى كل رسالة واضحاً ومحدداً؛ ما يعني أن تذكر سؤالك أو الطلب الذي تحتاج إلى الموافقة عليه أو المعلومة التي ترغب في إيصالها بوضوح.
  • كن واعياً بما يمكن اتباعه في كل محادثة. اسأل نفسك: هل يجب حقاً إجراء هذه المحادثة عبر البريد الإلكتروني، أم أنها يمكن أن تتم عبر مكالمة هاتفية أو مكالمة فيديو بدلاً من ذلك؟ إذ يمكن تأجيل العديد من الرسائل ومناقشتها في المحادثات العادية أو في الاجتماعات الروتينية المجدولة.

لا تزال هذه الأساسيات ضرورية وسنضيف إليها 3 استراتيجيات ستساعد فريقك على التوجه صوب "ثقافة الرأفة في التعامل مع البريد الإلكتروني"، وهي: استخدام النسخة الكربونية المخفية (BCC) واختيار الوقت المناسب والاستفادة من الإضافات المساعدة (plug-ins).

استخدم حقل النسخة الكربونية المخفية بطريقة صحيحة

يتجاهل الكثير منا حقل "النسخة الكربونية المخفية" تماماً؛ فنحن نعلم أنه موجود ولكننا لسنا متأكدين تماماً من كيفية استخدامه والوقت المناسب لاستخدامه. الحقيقة هي أنه يمكن، بل وينبغي، استخدام النسخة الكربونية المخفية مع رسائل البريد الإلكتروني المتكررة والجماعية (التي تضم شخصين أو أكثر). استخدم النسخة الكربونية المخفية في أي رسالة بريد إلكتروني لا تتطلب التواصل بشكل مباشر بين المستلمين. فهذا يقضي على احتمالية توسُّع المحادثات بلا ضرورة أو انحرافها عن الموضوع الأساسي. وإذا كانت هناك حاجة إلى إجراء نقاش جماعي، فكّر في عقد اجتماع بدلاً من النقاش في رسائل البريد الإلكتروني.

لفهم كيفية استخدام النسخة الكربونية المخفية، من المهم أن تفهم أولاً الحالات التي لا ينبغي عدم استخدامها فيها. بطبيعة وظيفة النسخة الكربونية المخفية، التي تجعل جميع المستلمين المدرجين في هذا الحقل غير مرئيين لأي شخص آخر موجود في رسالة البريد الإلكتروني، فإن لها سمعة مختلطة. فغالباً ما يُنظر إليها على أنها وسيلة لتسهيل المراسلات السرية أو السماح لشخص ما بمراقبة التواصل خلسة. ونحن لا نوصي بهذه الممارسة، ونعتبر هذا السلوك غير مهني وغير محترم وغير مشروع، كما أنه يمكن أن يزعزع الثقة فيما بين أعضاء الفريق بشكل سريع.

لذلك، من الضروري دائماً توضيح مستلمي رسالة البريد الإلكتروني في نص الرسالة، حتى إذا كانوا مضافين في حقل النسخة الكربونية المخفية. على سبيل المثال، اكتب "مرحباً بتامر محسن وياسر جمال" أو "مرحباً بالفريق الإداري" في بداية رسالتك، وضع عناوين البريد الإلكتروني لأعضاء هذا الفريق في حقل النسخة الكربونية المخفية. فهذه الشفافية تبني الثقة والوضوح والأمان النفسي. بالإضافة إلى ذلك، استخدام النسخة الكربونية المخفية يحمي المستلمين الذين لا يرغبون في مشاركة عناوين بريدهم الإلكتروني.

استخدام النسخة الكربونية المخفية يقلل من خطر إرسال الرد إلى الجميع الذي سرعان ما يجعل صندوق الرسائل الواردة الخاص بكل شخص في حالة فوضى. تخيل أنه تم إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى قسم بأكمله تتعلق بحفل لجمع التبرعات أو عشاء يشارك فيه الجميع بإحضار الطعام. ومع وجود جميع المستلمين في حقل "إلى"، يمكن أن يصل عدد لا حصر له من الردود على رسالة البريد الإلكتروني الواحدة هذه إلى المجموعة بأكملها. ولكن هناك نهج مدروس بشكل أكبر يمكن اتباعه: ضع الجميع في حقل النسخة الكربونية المخفية، واكتب في كلمة الترحيب أسماء الأشخاص الذين تُرسل إليهم رسالة البريد الإلكتروني، ثم أرسلها. وإذا كنت بحاجة إلى رد من المستلمين، فلا بأس بذلك لأن بإمكانهم إرسال الرد لك مباشرة. وإذا لزم الأمر، يمكنك تلخيص ردودك على المجموعة الكبيرة وإضافة عنوان البريد الإلكتروني لكل منهم في حقل النسخة الكربونية المخفية وإرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني لهم جميعاً دفعة واحدة.

كن واعياً بالوقت

تختلف ساعات العمل (خاصة في بيئات العمل الهجين)، ولكنها عادة ما تكون من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساء من الأحد إلى الخميس. ابذل قصارى جهدك للتأكد من أن الوقت الذي سترسل فيه رسائل البريد الإلكتروني يطابق ساعات عمل المستلمين. فالمراسلات خارج ساعات العمل تؤدي إلى تشتيت انتباه مستلم الرسالة بشكل كبير، ما يجعله يشعر دون قصد أنه بحاجة إلى الرد في لحظتها. و"تأثير الدومينو" هذا يُخرج المستلم من وقت راحته الذي يستحقه ويجعله يعود إلى العمل. وهنا يمكن استخدام الرسائل التي تخبر الآخرين أن الشخص لا يعمل في الوقت الحالي؛ فإذا كان زميلك يقضي إجازة عائلية على سبيل المثال، احترم القواعد وامنحه الحرية والمساحة التي يحتاج إليها من خلال تأجيل إرسال رسالة البريد الإلكتروني إلى حين عودته إلى العمل. فاحترام الوقت يعني احترام حدود أعضاء فريقك.

نتفهم أنه من الصعب الامتناع عن الرد على رسالة بريد إلكتروني فور وصولها. لذلك، يمكنك كتابة رسالة البريد الإلكتروني خارج ساعات العمل وجدولتها لإرسالها عندما يعود المستلم إلى العمل (سنذكر المزيد حول هذا الأمر أدناه). وإذا كان هناك أمر عاجل للغاية ولا يمكنه الانتظار على الإطلاق، فمن المحتمل أن يكون البريد الإلكتروني هو الطريقة الخاطئة للتواصل، ومن الأفضل إجراء مكالمة هاتفية.

استخدم الإضافات المساعدة

عندما يتعلق الأمر بجدولة الرسائل مقدماً، هناك بعض التطبيقات التي يمكن أن تساعدك في ذلك مثل الإضافات المساعدة "بوميرانغ" (Boomerang) و"هبسبوت" (Hubspot). بعض خدمات البريد الإلكتروني، مثل "جي ميل" (Gmail) و"مايكروسوفت آوتلوك" (Microsoft Outlook)، أدمجت خصائص لجدولة موعد إرسال رسائل البريد الإلكتروني. باستخدام هذه الأدوات، يمكنك كتابة رسالة البريد الإلكتروني يوم الخميس وجدولتها لإرسالها يوم الأحد صباحاً. فلا تستخف بهذه الممارسة، وفكّر في الأمر من ناحية أنك بذلك ترأف بالآخرين وبصناديق رسائلهم الواردة.

هناك استخدام رئيسي آخر للإضافات المساعدة التي تحمي صناديق الرسائل الواردة لأعضاء فريقك وهو: جدولة الاجتماعات. رسائل البريد الإلكتروني التي تبدأ بـ "هل يمكننا الاجتماع الأسبوع المقبل؟" ليست فعالة؛ فهي تؤدي بسهولة إلى تبادل الكثير من المراسلات لتحديد موعد مناسب. بدلاً من ذلك، نسِّق رسائل البريد الإلكتروني وقم بجدولة مواعيد الاجتماعات باستخدام الإضافات المساعدة المخصصة لجدولة المواعيد والمتاحة في معظم منصات البريد الإلكتروني. يمكن أن تقوم برامج الطرف الثالث، مثل "كاليندلي" (Calendly)، بجدولة مواعيد الاجتماعات تلقائياً بناءً على الأوقات المتاحة لدى أعضاء الفريق وإدراجها في جداول المواعيد وأيضاً تضمين رابط لاجتماع افتراضي تلقائياً. وإذا كنت لا ترغب في استخدام برامج إضافية، لا يزال بإمكانك تجنُّب المراسلات غير الضرورية حول الاجتماعات بكفاءة. اذكر الأوقات المتاحة لديك لعقد الاجتماع واطلب من زميلك أن يؤكد على الوقت المناسب في رده. وبمجرد أن يرسل لك التأكيد، ليس عليك الرد، فقط أرسل دعوة عبر التقويم وموقع الاجتماع (أو رابط الاجتماع إذا كان عبر الفيديو). وأضف الروابط والمستندات ذات الصلة بوصفها مرجعاً داخل الدعوة لتجنُّب إرسال رسالة بريد إلكتروني أخرى.

تتضمن بعض برامج البريد الإلكتروني، مثل "مايكروسوفت آوتلوك"، خاصية "أعجبني" التي تُرسل إشعاراً بضغطة واحدة، ما يعني إرسال رسالة إلى المستلم وتقديم الدعم في الوقت ذاته. فهي أداة بسيطة ولكنها فعالة لأنها تختزل الردود المرتقبة على رسائل البريد الإلكتروني في الضغط على زر "أعجبني" فحسب. إذا كانت منصة البريد الإلكتروني التي تستخدمها تتضمن هذه الخاصية، حاول استخدامها بأن تطلب من المستلمين الضغط على زر "أعجبني" بوصفه إشارة على موافقتهم.

تطبيق هذه المفاهيم الفعالة، إلى جانب ممارسة أساسيات آداب التعامل مع البريد الإلكتروني، سيساعدك في الحفاظ على صناديق الرسائل الواردة الخاصة بزملائك وإرساء ثقافة الرأفة في التعامل مع البريد الإلكتروني. وفي أثناء إجراء هذا التغيير، تَناقش مع زملائك في الفريق باستمرار لتحديد أفضل الممارسات في التعامل مع البريد الإلكتروني والاتفاق عليها، وتحديد الجوانب التي يمكن تحسينها، ووضع توقعات واقعية كفريق.

إذا أخذ كل عضو في فريق العمل صندوق الرسائل الواردة الخاص بالأعضاء الآخرين في الاعتبار، سوف تقل وتيرة تحقُّق كل عضو من بريده الإلكتروني. ندرك أن هذا التحول قد يتطلب إعادة تشكيل عاداتك، وهو أمر قد يكون صعباً. وستكون هناك أخطاء واستثناءات، ولكن إذا بدأ كل شخص في احترام حجم الأعمال الموكلة للآخرين وجداول مواعيدهم، سيكون هناك عدد أقل من رسائل البريد الإلكتروني لدى كل شخص. ففي هذا النموذج، النفع يعود على الجميع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي