طرق توفير الأدوية المنقذة للحياة بأسعار ميسورة

10 دقائق
توفير الأدوية المنقذة

تعرف على أهمية وطرق توفير الأدوية المنقذة من خلال هذا المقال.

شهدت السنوات الأخيرة ابتكارات ثورية في عالم الأدوية المخصصة لعلاج الكثير من الأمراض. ولتسريع إمكانية حصول المرضى على هذه الأدوية، بذلت إدارة الدواء والغذاء الأميركية (FDA) جهوداً جبارة لتسريع الموافقة على الأدوية. على سبيل المثال: وافق برنامج العلاج التقدمي التابع لإدارة الدواء والغذاء الأميركية – والذي أنشئ بموجب القانون الصادر في عام 2012 - على ما يقرب من 140 علاجاً مبتكراً، واختصر زمن الموافقة على الأدوية الجديدة لقرابة عام تقريباً. وبحلول عام 2025، تتوقع إدارة الدواء والغذاء الأميركية الموافقة على 10 إلى 20 علاجاً خلوياً وجينياً سنوياً، والتي يُرجى أن يكون الكثير منها وسائل علاجية لا تُستخدم سوى مرة واحدة.

لكن وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتسريع عملية تقييم درجة أمان هذه الأدوية وفاعليتها، فإن اعتماد الكثير من هذه الأدوية الجديدة كان أبطأ من المتوقع، فلماذا التأخير؟ ترجع أسباب تأخير اعتماد هذه الأدوية الجديدة بصورة أساسية إلى ارتفاع تكلفتها والعقبات التي تواجه الجهات الممولة من القطاعين العام والخاص في تغطية النفقات واستردادها. حتى مع ظهور أساليب جديدة للدفع – مثل نماذج السداد القائمة على القيمة – حتى مع رفع شركات التأمين للمبالغ التأمينية المدفوعة نظير تلقي بعض هذه الأدوية العلاجية، إلا إنه لا يزال هناك الكثير من المرضى إما إنهم حُرموا التغطية التأمينية للعلاج أو يواجهون تأخيرات كثيرة في الحصول عليها. وهناك أيضاً التحديات التي تبرز في أثناء تصنيع هذه الأدوية الحديثة.

اقرأ أيضاً: عندما يرضى ويعترض العملاء على شخصنة الأسعار

تعد مواجهة هذه العوائق أمراً حاسماً إذا أردنا ضمان توفير الأدوية المنقذة التي ستغير حياتهم، التي يجب إعطاء الكثير منها للمرضى في مرحلة مبكرة، لكي تكون أكثر فاعلية. ولحسن الحظ، هناك عدد من الحلول المبتكرة التي يجري اختبارها الآن، التي تستحق أن نوليها اهتمامنا.

تحديات مواءمة سياسة السداد مع السياسة التنظيمية بهدف توفير الأدوية المنقذة

فيما حاولت السياسة التنظيمية تسريع عملية حصول المرضى على العلاجات المبتكرة، فقد فشلت سياسة السداد في مجاراتها. وتعزى هذه المشكلة إلى عدة أسباب:

أولاً: يتبع نظام الرعاية الصحية الأميركي بصفة عامة نموذج دفع الرسوم مقابل الخدمة (أي دفع ثمن كل جرعة)، حيث تسدد الجهات الممولة تكاليف العلاج في الوقت نفسه الذي يحصل فيه المريض على العلاج. والنظام الحالي غير مؤهَّل لسداد ثمن الموجة الجديدة من الأدوية العلاجية ذات التكاليف المرتفعة التي تدفع مقدماً وعلى دفعة واحدة، والفوائد التي تتراكم على مدى الحياة، ما قد يحد من إمكانية الحصول على الأدوية المبتكرة مرتفعة الثمن. على سبيل المثال: كان هناك نوع من البطء في اعتماد المعالجة المناعية المعروفة باسم العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبل المستضد الخيمري (CAR-T)، وهو علاج يعيد هندسة الجينات في الجهاز المناعي للجسم من أجل التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، على الرغم من أن هذا العلاج أثبت فاعليته لدى المرضى من الأطفال الذين يعانون من سرطان الدم والبالغين الذين يعانون من سرطان الغدد الليمفاوية، إضافة إلى التكهن بمعقولية تكلفته. (بصراحة تامة، يعمل كل من الكاتبين جي وكيوفيه موظفين لدى شركة "نوفارتس" المصنّعة لهذا النوع من العلاج المعروف تجارياً باسم "كيمرايه" Kymriah). وهذا أمر لا يثير الدهشة.

حيث تتراوح الأسعار المقررة لأدوية "يسكارتا" (Yescarta) – نوع آخر من أنواع العلاج بالخلايا التائية من إنتاج شركتي "كايت" (Kite) و"غلياد" (Gilead) – و"كيمرايه" بين 373,000 دولار أميركي إلى 475,000 دولار أميركي – وهي أسعار حصلت على اهتمام كبير حين تم الإعلان عنها لأول مرة. ولم يتسلم عقار يسكارتا سوى خمسة مرضى فقط في الأشهر الأربعة التالية لاعتماده من الأجهزة الرقابية، مع وجود قوائم انتظار موثقة بسبب تحديات السداد. وبالنسبة لحالات معينة ذات معدل وفيات مرتفع، فقد تكون مخاطر التأخير جسيمة (على سبيل المثال: يصل متوسط معدل البقاء الكلي على مستويات الرعاية إلى 7.5 شهر لدى الأطفال المصابين بسرطان الدم الليمفاوي الحاد و6.3 شهر لدى البالغين المصابين بسرطان الغدد الليمفاوية للخلايا البائية الكبيرة).

اقرأ أيضاً: فن رفع الأسعار دون إزعاج الزبائن

وبالمثل، فإن الأدوية العلاجية الجديدة لالتهاب الكبد الوبائي (HCV)، التي تم اعتمادها للمرة الأولى في عام 2013، قد واجهت هي أيضاً صعوبات في التغطية التأمينية. ففي الفترة بين عام 2016، وشهر أبريل/ نيسان من عام 2017، حظرت شركات التأمين التجارية والعمومية علاج التهاب الكبد الوبائي ‏(‏HCV‏)‏ عن أكثر من ثلث المرضى. وفي برنامج المساعدة الطبية للمحتاجين (مديكايد)، حدَّت 31 ولاية من إمكانية الحصول على الدواء للمرضى الذين يعانون من حالات متقدمة من تليف وتشمع الكبد، على الرغم من أن تلقي العلاج في مراحل مبكرة من المرض قد أثبت فاعلية أكبر، وانخفاض التكاليف السنوية للحياة بعد العلاج، والمزيد من السنوات التي يمكن أن يتمتع بها المريض في حياته. علاوة على ذلك، يحتاج المرضى بعد علاجهم من تشمع الكبد إلى المزيد من المراقبة والعلاج، ويظل هؤلاء عرضة للإصابة بسرطان الكبد حتى بعد شفائهم. وتُعطى أدوية علاج التهاب الكبد الوبائي – التي تتكلف مبدئياً ما يقرب من 80,000 دولار أميركي لدورة العلاج الواحدة – على مدار بضعة أشهر، ولكنها تمثل علاجاً يمتد طوال العمر. لا يعد هذا ‏الدواء شافياً بالمقارنة مع أدوية لعلاج أمراض مزمنة أخرى والتي يتم تناولها يومياً طوال العمر، في حين تبلغ تكلفة الدواء العام عدة مئات من الدولارات في كل عام.

ثانياً: أن البيانات السريريةعلى المدى الطويل عن الأدوية الجديدة عادة ما تكون محدودة عند الموافقة على الدواء للمرة الأولى. على سبيل المثال: تم اعتماد دواء "لوكستورنا" (Luxturna) من إنتاج شركة "سبارك ثيرابيوتكس" (Spark Therapeutics) – وهو علاج جيني يهدف إلى علاج العمى الناتج عن خلل في الجين RPE65 (وسعره 425,000 دولار أميركي للجرعة الواحدة في كل عين) – بناء على بيانات محدودة عن مرحلة المتابعة. وقد تشعر الجهات الممولة، ومعهم كل الحق، بالتردد في دفع المال مقابل أدوية نتائجها طويلة الأمد غير مؤكدة.

ثالثاً: كثرة تغيير شركات التأمين من قبل المرضى، الذي يرى الكثيرون أنه يقلل من حافز الجهات الممولة لتغطية تكاليف الأدوية العلاجية، بما أن المرضى قد لا يظلون مع الجهات الممولة نفسها مدة طويلة تكفيها للتمتع بالمدخرات المحتملة التي تستلزمها تكاليف هذه الأدوية، أو لتقييم فاعلية الأمر على المدى الطويل، إلا أن هذا الرأي مردود عليه بحقيقة أن المرضى ذوي الحالات الطبية الحادة والمزمنة قد يرفضون تغيير خطط الرعاية الصحية.

رابعاً: التعامل مع العلاجات الجديدة في برامج الصحة الحكومية الكُبرى يمكن أن يشكّل تحدياً صعباً. بالنسبة للعلاجات التي تُستخدم في المستشفيات، يتم احتساب مدفوعات نظام الرعاية الطبية "ميديكير" (Medicare) ضمن نطاق نظام المجموعات المرتبطة بالتشخيص، حيث تُصنّف إقامة المرضى داخل المستشفى في نظام معين للمجموعات المرتبطة بالتشخيص يحدد المبالغ التي سيدفعها برنامج ميديكير إلى المستشفى. وفي حال ظهور تقنية جديدة، قد لا يكون هناك نظام مجموعات مرتبطة بالتشخيص قائم يستوعب التكاليف التي ينطوي عليها استخدام العلاج الجديد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأدوات المتاحة لدى الجهات التنظيمية - مثل القدرة على السماح بمبالغ إضافية مقابل التقنية الجديدة – قد تستغرق بعض الوقت لتنفيذها، وربما تؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج عن المبالغ المقررة.

ثمة مشكلة أخرى هي أنه في حالة الأدوية التي يتعاطاها المريض بنفسه، يجب تقديم عروض الأسعار السنوية المستخدمة في الخطط الخاصة المشاركة في "برنامج الرعاية الصحية الجزء د" (Medicare Part D) لتحديد قسط المنتسب لكل خطة خلال السنة التالية. ويحل موعد تقديم عروض الأسعار هذه في يوم الاثنين الأول من شهر يونيو/حزيران لسنة الخطة التي تبدأ في الأول من شهر يناير/كانون الثاني. وبسبب ذلك التأخير الطويل يصعب على الخطط أن تتنبأ بالمطالبات التي سيتم تحملها، خاصة في جوانب الابتكار التي قد تكون غير معتمدة في ذلك الموعد الذي يحين فيه تقديم عروض الأسعار. أما في برنامج المساعدة الطبية "مديكايد" (Medicaid)، فإن كل ولاية على حدة تدفع حصصاً كبيرة من تكلفة البرنامج. وينبغي على الولايات أن تخصص من ميزانيتها جزءاً لبرنامج المساعدة الطبية "مديكايد" في عملية وضع الميزانية التي تجري كل عام أو كل عامين، حيث يتم تداول نقود برنامج المساعدة الطبية "مديكايد" مقابل بنود الميزانية الأخرى الخاصة بالولاية، مثل التعليم والبنية التحتية. وقد يؤدي التأخير المعتاد في عملية وضع الميزانية، بالإضافة إلى الخلفية السياسية، إلى موقف لا يسمح بتوفير تكاليف التقنيات الطبية الجديدة باهظة الثمن.

التغلب على مشكلات أساليب الدفع التقليدية

يتطلب التصدي لهذه التحديات عدداً من التغييرات على صعيد نماذج الدفع التي لا بد أن تعالج عدة مسائل، من بينها تمويل ارتفاع تكاليف العلاج المدفوع مقدماً، ما يضمن عدم دفع شركات التأمين سوى ثمن الأدوية التي تقدم استجابات مستدامة، والاعتراف بأن حوافز شركات التأمين قد لا تتواءم جيداً مع الأدوية والعلاجات ذات التكاليف المرتفعة المدفوعة مقدماً، وإنما الفوائد التي تعود إلى حد كبير لشركات التأمين في المستقبل. ونلاحظ بالفعل ظهور نماذج دفع جديدة قد تُساعد في التغلب على بعض المشكلات التي نواجهها.

على سبيل المثال: العقود القائمة على النتائج - التي لا توجب عدم سداد ثمن الأدوية للمصنعين إلا في الحالات التي يحقق فيها العلاج الذي يتلقاه المريض نقطة نهاية سريرية محددة سلفاً – يمكن أن تقلل من خطر إنفاق الخطط للكثير من المال مُقدماً على علاجات يتضح لاحقاً أنها أقل فاعلية مما كان يُعتقد في البداية، وتتيح إمكانية اقتسام هذه المخاطرة بين مصنّعي الدواء والجهات الممولة. ومثل تلك العقود – حيث يعتمد السداد على ما إذا كانت النتائج المستهدفة المحددة سلفاً قد تم تحقيقها خلال فترة زمنية محددة مسبقاً – تُستخدم بشكل أكثر انتشاراً في أوروبا، كما هو الحال مع علاجات الأورام المختلفة في إيطاليا. ولكن، من المتوقع أن يزداد تنفيذ هذا النوع من العقود في الولايات المتحدة، خصوصاً مع موجة الموافقة الجديدة على العلاج بالخلايا والعلاج الجيني.

اقرأ أيضاً: كيف تخفض الخطوط الجوية متدنية التكلفة أسعار تذاكرها؟

ثمة نموذج آخر مصمم للتصدي للتكاليف الباهظة المدفوعة مقدماً يتضمن الدفع بنظام الأقساط على مدار مدة زمنية محددة سلفاً. يسهم هذا الأسلوب في التغلب على المخاطر قصيرة الأمد المتعلقة بميزانية الأدوية العلاجية باهظة الثمن. وعلى الرغم من أن نظام الأقساط قد يكون جاذباً لأي إجراءات علاجية محتملة، لأنه يسهم في تقسيم التكاليف على مدار مدة من الزمن، فإن فائدته الرئيسة تعود على الأمراض المزمنة، لأن عدداً كبيراً من المرضى سيصبح لديهم فجأة علاج محتمل.

ويمكن أيضاً صياغة العقود القائمة على النتائج بهدف تقسيم المبلغ المدفوع على مدار مدة من الزمن، ومن ثم الإسهام في حل مشكلة التكاليف الباهظة المطلوب دفعها مقدماً للكثير من علاجات الأمراض النادرة. تتألف استراتيجية السداد بشركة "سبارك ثيرابيوتكس" (Spark Therapeutics) للعلاج الجيني "لوكستورنا" (Luxturna) من خليط من نماذج الأقساط والعقود القائمة على النتائج، التي يجب أن يثبت فيها العلاج فاعليته على المدى القصير (30-90 يوماً) وصلاحيته على المدى الطويل (30 شهراً) من أجل استحقاق السداد، وهو ما يتم قياسه من خلال اختبار الإبصار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجهات الممولة سداد ثمن عقار لوكستورنا على شكل أقساط تمتد على مدار عدة سنوات. وتقدم كل من شركتي "بلوبيرد بايو" (Bluebird Bio) و"غلاكسو سميث كلاين" (GlaxoSmithKline) خطط سداد مشابهة في صورة عقود قائمة على النتائج وعلى شكل أقساط لأدويتها الجينية "زينتيعلو" (Zenteglo) وستريمفيليس (Strimvelis)، بالترتيب، في أوروبا.

لن يسير تنفيذ نماذج الدفع البديلة هذه بسلاسة دون مشاكل محتملة، لأن نماذج العقود القائمة على النتائج تتطلب اتفاق الجهة الممولة والشركة المصنّعة على تحديد أداء المنتَج، وعلى مبالغ الدفعات والجدول الزمني للدفع. علاوة على ذلك، ربما تكون النتائج المتحققة للمرضى غير قابلة للقياس من خلال بيانات مطالبات التأمين، أو ربما يغيّر المريض شركة التأمين قبل تقييم النتائج على المدى الطويل. وربما تصادف تعقيدات أخرى عن طريق الخصومات الملزمة بحكم القانون، مثل قانون "مديكايد بيست برايس" (Medicaid Best Price). لذا، فإن تعاون الجهات التنظيمية قد يكون ضرورياً حتى تتمكن نماذج الدفع البديلة من تحقيق الفائدة المرجوة منها.

وبالنسبة لنماذج الدفع بنظام التقسيط، فإن على الجهة الممولة والشركة المصنّعة أن تتفق كلتاهما على مبلغ الدفعة وعدد الأقساط، مع وجود تحد إضافي يتمثل في اعتبار مقدمي الخدمات أقل انفتاحاً على قبول الدفع بنظام التقسيط في خطط الرعاية الصحية المصغرة، والتي قد تكون ملاءتها المالية غير مؤكدة، فضلاً عن ضرورة توضيح ما يحدث إذا ما قرر المريض تغيير شركة التأمين التي يتعامل معها قبل سداد كل الدفعات المقررة. ونظراً لتعدد منهجيات سداد قيمة الأدوية العلاجية، فقد تتضمن الحلول مزيجاً من النماذج المختلفة، وليس نموذجاً واحداً فقط.

وأحد النماذج الأخرى المقترحة نموذج توزيع مخاطر الأدوية العلاجية، وفيه ترصد الجهات الممولة من القطاعين العام والخاص مبلغاً من الميزانية المخصصة للرعاية الصحية وتودعه في صندوق خاص. يسهم هذا النهج في حل المشكلة الناجمة عن تغيير المريض لشركات التأمين، التي تؤدي إلى عزوف شركات التأمين عن استثمار مبالغ كبيرة في المرضى الذين قد يتحولون إلى خطة أخرى للرعاية الصحية. ويمكن سداد قيمة الأدوية العلاجية باستخدام أموال هذا الصندوق الذي أسهمت فيه كل الجهات الممولة، ما يقلل من حدة المخاوف المرتبة بتغيير المريض لشركة التأمين بعد تغطية جهة ممولة واحدة لنفقة العلاج. على سبيل المثال: بالنسبة للمرضى الذين قاربوا على الدخول تحت مظلة برنامج ميديكير، سيكون من المنطقي بالنسبة للبرنامج أن يتشارك تكاليف العلاج مع شركات تأمين أخرى، على النحو المقترح في حالة مرض الالتهاب الكبدي الوبائي. وقد نوقش هذا النهج من جانب كلّ من صناع السياسات وخبراء الصناعة، وخبراء التأمين في الولايات المتحدة، وتوجد نماذج منه في كندا والمملكة المتحدة.

وأحد نماذج الدفع البديلة الأخرى التي تم استخدامها في حالة مرض الالتهاب الكبدي الوبائي نموذج الاشتراك، أو نموذج الدفع على طريقة "نتفليكس"، الذي أقرته ولاية لويزيانا. في ظل هذا النموذج، تدفع الولاية رسوم اشتراك سنوية ثابتة للشركات المصنعة مقابل إتاحة الوصول المطلق إلى عقارات علاج الالتهاب الكبدي الوبائي. وتتبع ولاية واشنطن أيضاً نموذجاً مشابهاً لحالة مرض الالتهاب الكبدي الوبائي. وقد قدم البعض اقتراحاً بأن يكون الاشتراك السنوي الذي تدفعه الولاية مساوياً للميزانية السنوية المخصصة من قبل الولاية لمكافحة المرض. تعمل نماذج الدفع بنظام الاشتراك على خلق حالة من الثقة لدى الجهات الممولة بشأن النفقات، ويمكن أن تشكل عنصر جذب إذا كان هناك بعض الشك حيال كفاءة العلاج ومنهجاً مناسباً للجهات الممولة التي إما تواجه قيوداً صارمة بخصوص الميزانية، أو حالة أسوأ من عدم اليقين على الصعيد المالي بحكم صغر حجمها.

وعلى الرغم من أن الأدلة على أداء هذه المنهجيات الجديدة الخاصة بالسداد لا تزال محدودة، نظراً لطبيعة هذه الاتفاقيات التي تتسم دائماً بالسرية، فإن اطراد التوجه نحو اعتماد الاتفاقيات القائمة على النتائج يشير إلى أن هذه النماذج تبشر بنتائج واعدة. ويُتوقع أن ينمو العدد المعلن للعقود القائمة على النتائج في الولايات المتحدة من 24 عقداً في الفترة بين عامي 2013-2018 إلى 65 عقداً بحلول 2018-2022. أضف إلى ذلك أن المورد المتنامي للأدوية العلاجية يشير إلى أن الطلب على سياسات السداد الجديدة التي يمكن تنفيذها لمواكبة المبتكرات العلاجية سيواصل النمو.

ويعد توافر المزيد من البيانات أحد العوامل التي ستسهم أيضاً في رسوخ النماذج الجديدة. ولأن بيانات المتابعة على المدى الطويل للأدوية العلاجية ما زالت ناقصة، فقد يتم مراجعة قرارات التغطية والسداد بناء على الأدلة السريرية أو التحليلات اللاحقة التي تُجرى لمعرفة كفاءة حساب التكلفة، مثل البيانات التي يتم جمعها من خلال برنامج تقييم المخاطر والتخفيف من حدتها (REMS‎)، وهو برنامج معني بالسلامة منبثق عن إدارة الدواء والغذاء الأميركية الذي يجري من خلاله رصد نسبة السموم في الأدوية لأكثر من 15 عاماً. وستعتمد قرارات التغطية والسداد في المستقبل على الأدلة التي تم جمعها، ونظام مثل هذا لجمع البيانات ستكون له فوائد على الأجلين القريب والبعيد على حدٍّ سواء، حيث سيسهل عملية تنفيذ سياسات التغطية المؤقتة بصورة أسرع للأدوية العلاجية الموجودة، ويوجّه قرارات التغطية والسداد المستقبلية.

أياً كانت منهجيات السداد المختارة، فمن المهم أن تسارع الجهات الممولة بتصميم سياسات سداد مؤقتة لضمان توفير الأدوية المنقذة وحصول المرضى على الأدوية الجديدة في الوقت المناسب، بالتوازي مع إتاحة إمكانية جمع البيانات على المدى الطويل ومراجعتها لاحقاً. ومن خلال اختبار المنهجيات الجديدة، يمكننا أن نبدأ في سد الهوة الكبيرة بين موافقات الجهات المختصة وتلقي المرضى للعلاج، فالإسراع بالموافقة على الأدوية العلاجية لا يفيد إلا إذا كان أُتيح للمريض إمكانية الحصول عليها في الوقت المناسب.

اقرأ أيضاً: كيف يستخدم بائعو التجزئة شخصنة الأسعار لاختبار مدى استعدادك للدفع؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي