بدأت العمل في عمر مبكر. فعندما كنت في السابعة عشر من عمري، كنت شريكاً في شركة سريعة النمو، وعندما قررت الاستعانة بصديق مقرّب من والدي، شعرت بسعادة غامرة لموافقته على الانضمام للعمل.
لكنه كان مُحرَجاً منذ البداية. إذ كان هذا الرجل يعرفني منذ أن كنت رضيعاً. وكان من الصعب عليّ تقبّل فكرة أنني أصبحت مديراً له، وكذلك كان الأمر بالنسبة له. وقد أصبح الأمر صعباً جداً عندما بدأ يتأخر في الوصول إلى العمل ويبكّر في المغادرة، ويزيّف التقارير التي تتعلق بالنفقات، ويُبرم صفقات مع عملاء لم يخبرنا بها إلا بعد صرف الشيكات. وعانيت وأنا أفكر فيما يجب القيام به. وعندما أعربت له عن قلقي، كان يطمئنني بصوت أبوي بأن كل شيء على ما يرام. وعندما اشتكيت من تجاوزه القواعد، كان يتملقني قائلاً إنني لم أزل ساذجاً. وبعد سنة تقريباً من المعاناة (الذاتية بالكامل)، فصلته من العمل في النهاية.
وأقسمت أنني لن أوظف صديقاً مرة أخرى. لقد أدركت أن قليلاً من الصداقات يمكن أن تتحمل تحولاً درامياً كهذا في السلطة النسبية، وأنك تستطيع أن تكون صديقاً أو أن تكون رئيساً، لكن لا يمكنك أن تكون الاثنين معاً.
ومنذ تلك الحادثة، نضجت كثيراً، ولحسن الحظ، تعلمت أنني كنت مخطئاً. لقد راقبت العلاقات بين الصديق ورئيس العمل ودرستها - بل وخبرت جانبي هذه العلاقات - والآن أعرف ما الذي يتطلبه الأمر لكي ينجح. فالعنصر الأساسي لنجاح هذه العلاقة هو الحصول على المجموعة الصحيحة من الصبر والصراحة قبل وفي أثناء عملية التوظيف. إليك كيفية إجراء ذلك.
لا تبدأ محادثة حول التوظيف إذا لم يكن الرفض خياراً لديك
اسأل نفسك "إذا بدأت السؤال حول توظيف هذا الشخص"، هل يمكنني أن أتخيل نفسي قائلاً: "لن أعطيك الوظيفة؟"، إذا كنت لا تستطيع، فستكون محكوماً بالفشل منذ البداية. إذا كنت لن تقول "لا" - بسبب شعورك بعدم الأمان أو شكوكك حول النضج العاطفي لصديقك - وإذا كانت "لا" هي الإجابة الصحيحة، فلا تفكر حتى في أن تصبح رئيس هذا الشخص. وخلاف ذلك، ستبرر لنفسك قول "نعم" أو ستجبر نفسك على قولها، وقد تندم على قول "نعم" على الأرجح. وإذا لم تتمكن من رفض توظيف صديقك، فلن تتمكن مطلقاً من إدارته بمجرد انضمامه إلى فريقك. وإذا بدأ صديقك بالفعل السؤال، أغلق الموضوع بصراحة. قل له: "لا أعتقد بأنني قوي بما يكفي لأقوم بما يجب لأكون رئيسك وصديقك معاً". قد تضطر إلى التعامل مع بعض الاستياء، لكن إذا استاء صديقك منك حقاً، فهو قد يكون من ذلك النوع من الأشخاص الذين سيحتقرونك عندما تقع المشكلة.
امنح نفسك مخرجاً
إذا قررت أن تفكر في احتمال توظيف صديق لك، فعليك أن تحدد توقعات عاطفية مناسبة من خلال التوضيح له بأن "الرفض" هو النتيجة الأكثر احتمالاً. إذا بدأت آمال الشخص الآخر تتسارع بشأن احتمال التوظيف، فأنت عندها قد خسرت بالفعل. لا تشاركه خياره بتحديد سقف عال للتوقعات. قل شيئاً مثل، "أستطيع أن أرى بعض المزايا للعمل معاً. ومع ذلك أعتقد بأن أسباب فشل عملنا معاً أكبر من أسباب نجاحه. أود استكشاف هذا الاحتمال معك، لكنني أريد أن أكون واضحاً، فأنا أعتقد بأن الأمر لن يكون فكرة جيدة".
تدرب على الحدود النفسية
لا تخدع نفسك فتعتقد بأن الصديق الجيد يصلح على الأرجح لأن يكون موظفاً جيداً. فالشخص الملائم كصديق يمكن أن يكون موظفاً كسولاً، أو ضيق الأفق، أو سريع الامتعاض، أو غير أمين، أو حتى راغباً في تعزيز موقعه قبل أي اعتبار آخر. لكن دعنا نواجه الأمر، فأنت أحياناً قد تتعرض لمواقف كهذه. لذلك، قبل أن تستكشف مؤهلات المرشح، امنح نفسك فرصة للنظر في الطريقة التي ستتعامل بها مع بعض المواقف الصعبة. على سبيل المثال، اسأل صديقك كيف سيشعر عندما:
- تتجاوز قراراً اتخذه.
- تمنحه مراجعة سلبية للأداء.
- تخالفه الرأي علناً.
- يخالفك الرأي علناً.
- تضغط عليه لكي يحقق هدفاً أو موعداً نهائياً غير مريح.
- تعطي مهمة جذابة كان يرغب فيها إلى شخص آخر.
- ترفض منحه زيادة راتب.
يساعدك التدرب على هذه السيناريوهات في التفكير ببعض التحديات التي قد تواجهك في علاقتك الجديدة. هذا يساعد كلا الطرفين على تحديد الحدود النفسية التي ستحتاجها إذا كنت تريد أن تكون رئيساً وليس صديقاً. وإذا كنت لا تستطيع تخيل نفسك ممسكاً بهذه الحدود، لا تستمر. ففي الواقع، يعني الاستمرار، في الأساس، أنك موافق على إخضاع واجبك تجاه شركتك لمصالح صديقك. وبذلك تكون قد استسلمت حتى قبل أن تبدأ.
كانت لي مرة تجربة ذات صلة. جرى توظيفي مستشاراً لتقييم أداء أحد كبار المسؤولين التنفيذيين الذي كان أيضاً صديقاً عزيزاً. وكانت لدى مجلس إدارة الشركة مشاغل بشأنه وأراد مني المجلس تقديم توصيات لتحسين الوضع. وكان المجلس على علم بصداقتنا لكنه ضغط عليّ لتولي المشروع في جميع الأحوال. وبعدما تعلمت من تجربتي الأولى، أعلمت مجلس الإدارة أنني أرفض القيام بالمهمة. لكن أخبرتهم أيضاً أنني أريد التحدث إلى صديقي قبل إعطائهم الإجابة النهائية.
وبدأت محادثتنا الطويلة على الغداء عن طريق منح نفسي مخرجاً. وأعلمتُه بأن هذا التقييم سيحصل سواء عن طريقي أو عن طريق غيري، وأنني إذا توليت المهمة، فإن اهتمامي به كصديق لا يمكن أن يؤثر على استنتاجاتي. ومع ذلك، أكدت له أنني سأرفض الطلب إذا كان يفضل خبيراً استشارياً آخر أو شعر بأن قيامي بالمهمة سيعرض علاقتنا للخطر.
وفي محاولة للتدرب على حدود هذه العلاقة الجديدة، أعلمته أنّ ثمة احتمالاً بعيداً بأن أستنتج أنّ على المجلس فصله. وناقشنا بصراحة كيف يمكن أن نشعر إذا حدث ذلك. وفي النهاية، قال: "أفضّل أن يقوم بهذه المهمة شخص أعرفه ويحبني أكثر من شخص قد أشك في حكمه أو دوافعه".
قبلت المهمة. ومع بدء المشروع، اتضح بشكل مرعب ألّا تراجع عن المشاكل التي تسبب بها. كان عليه أن يترك العمل. وسأكون أقل صدقاً إذا لم أعترف بأنني قاومت هذا الاستنتاج لفترة أطول مما كنت لأفعل لو لم أكن صديقاً. ومع ذلك، واجهت تهديداً عاطفياً أقل بكثير بسبب الاستنتاج لأنني حددت التوقعات المناسبة مع الشخص المعني. في الواقع، أعتبر مشاركتي في إقالته شرفاً. فالمشاركة أتاحت لي فرصة لأن أكون جزءاً من عملية ضمنت ليس فقط النتيجة العادلة للمؤسسة لكن أيضاً انتقالاً رحيماً له.
ومرت بضع سنوات على خروجه من المؤسسة، ورأيته أخيراً في حفلة زفاف صديق مشترك. وعندما رأينا بعضنا بعضاً، لم يحصل التفادي المزعج المحتمل بل حصل احتضان مريح ومتبادل.
إن توظيف الأصدقاء أمر محفوف بالمخاطر. لكن إذا قاربت المسألة بشكل صحيح، فيمكنك تجنب تهديد العلاقة، وربما حتى إثرائها وتقويتها.