لتوظيف مبرمجين ماهرين وفّر فرصاً للتعلم وليس مالاً فقط

2 دقائق

من علماء البيانات إلى مطوري المواقع الشبكية إلى المصممين، تتنافس الشركات لاستقطاب ذوي المواهب التقنية. لا يمكنك التفوق على عدد الإعجابات التي تحصل عليها "جوجل" و"فيسبوك" دون مبرمجين، وإذا لم تكن شركتك تقدم ما تقدمه "جوجل" أو "فيسبوك"، فلن تستطيع في الغالب تحمُّل تكلفة هؤلاء المبرمجين.

فهناك شرط لذلك، وفقاً لورقة عمل صدرت عن براسانا تامبي وشوان يي من "جامعة نيويورك" (New York University)، وبيتر كابيللي من "كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا" (Cappelli of Wharton). فعندما يتعلق الأمر بجذب المواهب التقنية، ليس الراتب هو ما يهم فقط، فكلما كانت التقنيات التي تستخدمها شركتك أفضل، وفرص التعلم التي تتيحها أكبر، أصبحتْ فرصك أفضل في استقطاب الموظفين التقنيين والاحتفاظ بهم.

ألقى الباحثون نظرة على الفجوة بين الراتب الذي يجنيه الموظفون في مجال تقنية المعلومات من وظائفهم الحالية والراتب "المتوقع" الذي كانوا يرغبون في الحصول عليه أثناء بحثهم عن وظائف، وذلك بالاستعانة ببيانات من موقع "غلاسدور" (Glassdoor.com) ما بين عامي 2006 و2011. كلما كان الفارق أكبر، وُجد أن الموظفين يقدّرون الميزات الأخرى غير المالية في وظيفتهم الحالية بشكل أكبر. ومن بين تلك الميزات غير المالية، التقنيات التي تستخدمها جهة التوظيف الحالية.

لتحديد الشركات التي تستثمر في التقنيات المتطورة، استعان الباحثون ببيانات متعلقة بمدى انتشار برنامج "هادوب" (Hadoop)، وهو برنامج لمعالجة مجموعات كبيرة من البيانات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنشأة تقنيات تحليل "البيانات الكبيرة".

أدرج الموظفون في مجال تقنية المعلومات في الشركات التي تستخدم برنامج "هادوب" رواتبهم المتوقعة على موقع "غلاسدور" وقد كانت أعلى بنسبة 2% تقريباً من رواتب الموظفين في الشركات الأقل ابتكاراً في المجال التقني. بمعنى آخر، طلب هؤلاء الموظفين رواتب أعلى بنسبة 2% من جهات التوظيف الأخرى شريطة التفكير في ترك وظائفهم الحالية، وجدير بالذكر أنه تم استخراج هذه النتائج بعد مراعاة بعض العوامل مثل المنطقة ومجال العمل والمهنة والراتب الحالي وحتى استثمار جهة التوظيف الحالية في مجال تقنية المعلومات وميزانيتها المخصصة للبحث والتطوير، من بين العديد من العوامل الأخرى.

فقد استنتج الباحثون أن "الموظفين التقنيين يطلبون أجوراً مستهدفة أعلى إذا كانوا يعملون لدى شركات مبتكِرة في مجال تقنية المعلومات"، ويعتقدون أنهم يعرفون السبب وراء ذلك. فالموظفون لا ينجذبون للشركات التي تستخدم تقنيات جديدة فحسب، بل إنهم أيضاً يُقدّرون الفرصة التي تتيحها لهم تلك الشركات لتطوير مهاراتهم. لاختبار ذلك الاستنتاج، ألقى الباحثون نظرة على تقييمات الشركات على موقع "غلاسدور"، وحددوا التقييمات التي اشتملت "المزايا" المذكورة فيها على أشياء متعلقة بإتاحة الفرصة للتعلم والتدريب. ثم دمجوا معيار إتاحة الفرصة للتعلم مع معيار ابتكار الشركة في مجال تقنية المعلومات، ووجدوا أن "الموظفين في مجال تقنية المعلومات يستفيدون من تبنّي تقنيات المعلومات في وقت مبكر، ولكن فقط في أماكن العمل حيثما يمكنهم تعلُّم مهارات جديدة". كما استنتجوا أيضاً أن الموظفين الذين يقدّرون قيمة العمل في شركات مبتكِرة في مجال تقنية المعلومات هم أنفسهم الموظفون الذين عملوا سابقاً لصالح شركات تتبنى تقنيات قديمة أو الذين حصلوا على تدريب أقل اتساماً بالطابع الرسمي، أي أنهم الموظفون الذين يرغبون في تحقيق أكبر استفادة من خلال تعلُّم مهارات جديدة.

فلا عجب إذاً أن الموظفين التقنيين لا يرون قيمة وظائفهم تنحصر في الراتب فحسب، وجميعنا كذلك. حدد الباحثون أيضاً أوجه التشابه بين الدراسات التي بيّنت أن العلماء يقبلون رواتب أقل في الوظائف التي تمكّنهم من نشر النتائج التي يتوصلون إليها لأنهم يقدرون قيمة السمعة العلمية.

ومع ذلك، تقدم ورقة العمل تذكِرتين لهما فائدة. تتمثل التذكرة الأولى في أن جذب الموظفين التقنيين يكون أصعب إذا كانت عناصر البنية التقنية لديك قد عفا عليها الزمن، وينبغي أن يعكس ذلك تشجيع شركتك للاستثمار في التكنولوجيا. والتذكرة الثانية، التي لا تتعلق بالموظفين التقنيين فحسب، تتمثل في أن الموظفين يقدرون قيمة التعلم لدرجة تجعلهم مستعدين للتخلي عن مقدار متواضع من رواتبهم نظير التعلم.

لكي تجتذب الشركات المواهب، سواء كانت تقنية أو غير ذلك، يجب عليها توفير أكثر من مجرد رواتب مغرية. فإن عليها تحديد كيف سوف يتعلم الموظفون أثناء تأدية وظائفهم، وأيضاً كيف سوف يكتسبون مهارات جديدة وقيمة. هناك بالفعل العديد من الأسباب الوجيهة التي تدعونا إلى التركيز على بناء مؤسسات للتعلُّم. وعلى رأسها القدرة على الاحتفاظ بالمواهب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي