فولفو تجدد نفسها عن طريق الكفاءات الخارجية

4 دقائق

تود العديد من الشركات الموروثة أن تحول نفسها إلى مؤسسات لماحة ذكية وموهوبة. لكن عندما يراقب المدراء التنفيذيون، الموظفين لديهم، يكتشفون المشكلة، وهي أنّ فريقهم الموجود لا يتمتع بالمهارات، أو بالطاقة اللازمة للتغيير ومجابهة التحديات الجديدة.

وتعد إحدى الطرق الناجعة لتجاوز تلك المشكلة تطوير ما ندعوه "استراتيجية ضم المهارات واكتسابها" (M&A). إنّ تطور شركة فولفو على مدى العقد الماضي قدم مثالاً عظيماً يُحتذى به. فقد كانت شركة فولفو لسنوات عديدة علامة تجارية عالقة بين المطرقة والسندان، فلم تبلغ سياراتها مستوى جودة العلامات التجارية الفاخرة مثل سيارات مرسيدس، وبي إم دبليو، وأودي، كما افتقرت لإمكانية المنافسة مع زعماء السوق الواسع كشركة تويوتا، وجي إم. لكن تحت الملكية الجديدة (بيعت شركة فولفو لشركة جيلي الصينية Geely من قبل شركة فورد في العام 2010)، قررت صانعة السيارات السويدية أن تحول خط إنتاجها عن طريق جعل الشركة علامة تجارية فاخرة. فقام المدير التنفيذي ستيفان جاكوبي، مع مسؤول الموارد البشرية بيورن سالستروم باختبار القوى العاملة الموجودة في شركة فولفو.

وكانت النتائج جلية: فمن أجل أن ترقى شركة فولفو لصف العلامات التجارية الفاخرة، تحتاج إلى أشخاص بمهارات مختلفة. يقول سالستروم الذي أجرينا معه حواراَ من أجل كتابنا "الموهبة تفوز" (Talent Wins): "أنّ السيارات اليوم مختلفة جداً من الناحية التقنية عن السيارات في العقد الماضي، كنا سابقاً بحاجة لمهندسين ميكانيكيين. واليوم نحن بحاجة لمهندسي برمجيات لأن السيارات اليوم هي أجهزة كمبيوتر أكثر من كونها شيء آخر"، كما كان لساستروم سبب آخر للبحث عن كفاءات خارج الشركة، فقد أيقن هو وجاكوبي أنه بضخ المواهب الجديدة يمكنهم تحويل ثقافة فولفو إلى ثقافة رائدة.

اتخذت فولفو ثلاث خطوات حاسمة للتأكد من نجاح تحولها الداخلي المرتكز على دراسة توجهات العملاء (استراتيجية Outside-in). كانت الخطوة الأولى بوضع ساستروم في قلب المبادرة. وتطلب الأمر وجود مسؤول الموارد البشرية في خضم عملية اكتساب المهارات الخارجية. وهو ما يعد أمراً في غاية الدقة بالنسبة لهذه العملية، كما هو متعارف عليه عند اكتساب المهارات المعروفة في قطاعات الاقتصاد الضخمة. ويعتبر هذا الدور الخاص بمسؤول الموارد البشرية دقيقاً جداً بالنسبة للاستراتيجية التقليدية من أجل ضم المهارات واكتسابها، حيث اعتاد مسؤولو الموارد البشرية من قبل، الاهتمام بشكل هامشي في عملية قيادة الاستراتيجية، عوضاً عن لعب دور جوهري فيها. في حين توقن شركات اليوم التي يقودها أشخاص موهوبون، أنّ الموهبة هي التي تحقق القيمة الهائلة للشركة. لهذا تقوم هذه الشركات بتوزيع رأس المال المادي، والبشري بشكل متوازي معاً لتحقيق تأثير أكبر. كما يلعب مسؤول الموارد البشرية في هذه الشركات دوراً جوهرياً في اكتساب أنواع المهارات جميعها. في الوقت الذي بحثت فيه فولفو عن مواهب خارجية لم تكسب شركاء جدد، فعهد المدير التنفيذي جاكوبي، وخليفته هاكان سامويلسون، إلى الاعتماد على الشراكة مع سالستروم لإيجاد ما تحتاجه الشركة في أماكن لم تكتشف بعد.

وهذا يؤدي بنا إلى الخطوة الثانية، المتمثلة بتوسيع الرؤية المحيطية للشركة. فقامت فولفو بتوجيه أنظارها لخارج قطاع صناعة السيارات، للحصول على المهارات وتغيير الوسائل التي تحتاج إليها. وقد ضع سالستروم خطة تتخطى قطاع صناعة السيارات، باحثاً عن أشخاص بمهارات ذات صلة وثيقة بالمجال. لقد كان مبدعاً، ومخالفاً للتوقعات. قام بتعيين باعة، ومسوقين من شركة جوجل، الذين غيّروا بدورهم طريقة استخدام  فولفو للتقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي في أقسامهم. كما قام بتعيين مهندسي شركة نوكيا، الذين اعتادوا على التفكير بالنماذج الرقمية التي تجذب المستهلكين، ليعيدوا تصميم أنظمة الملاحة والإذاعة. وقام سالستروم بالتعاون مع سامويلسون بالبحث عن الصناعات الرائجة، ووظّفوا الحرفيين، وعدّلوا جذرياً جميع المناصب الإدارية عن طريق تعيين موظفين تنفيذيين ابتكروا ونفذوا تعديلات استراتيجية هامة في شركات أكبر. إذ أنه بين عامي 2011 و2015، عينت الشركة 3,000 موظف جديد في قسمي التطوير والهندسة.

الخطوة الثالثة، طورت الشركة نظاماً قوياً لدمج المواهب الجديدة. كان التواصل حيوياً: حيث شرح جاكوبي تعديلات الاستراتيجية لـ300 موظف قيادي في شركة فولفو، بينما قام سامويلسون، متتبعاً خطى سلفه بعقد حوارات دورية مباشرة مع الموظفين. إلى جانب ذلك، كان التدريب هاماً: فنفذ جاكوبي وساستروم سلسلة واسعة من المبادرات المصممة لتحويل الفريق إلى عقلية رائدة أكثر، وخُصص لكل من الـ300 موظف القياديين مدرب خاص به. كما ساعدهم تطبيق التغيير ضمن شبكة الشركة. إضافة إلى ذلك، أستحدث جاكوبي "مجموعة محفزة" مكونة من 30 شخصاً، معظمها من الموظفين الأصغر سناً، وكُلفوا بمهمة شرح العمل الذي يمكن إنجازه بطريقة مختلفة للآخرين في الشركة. على سبيل المثال: سأل أعضاء اللجنة لماذا يتطلب كل تعديل في تصميم سيارة ما إلى 12 توقيعاً، وخططوا لتخفيض العدد إلى النصف. يقول ساستروم: "إنّ لمسات صغيرة في عملية التغيير قد تشكل الفارق". بعد عامين ألزمت الشركة في التفكير بشكل رائد أكثر، وقامت الشركة بحل المجموعة المحفزة، وهو إثبات أكبر لمقت الشركة الجديدة للنفقات العامة غير الضرورية.

ما زال الوقت مبكراً جداً للقول بأنّ شركة فولفو قد طورت نفسها بشكل أكيد. يقول ساستروم: "على الرغم من كل الدماء الجديدة، ما زالت الرحلة طويلة لتغيير عقلية الشركة، وما يزال العمل مستمراً". تؤكد المؤشرات المالية أنّ الشركة تسير في الاتجاه الصحيح، كما حققت الإيرادات رقماً قياسياً في العام الماضي، وارتفعت الأرباح للسنة الثالثة على التوالي، وباعت الشركة 571,000 سيارة في العام الماضي، متخطية رقم الـ373,000 سيارة في العام 2010. واستطاعت شركة فولفو احتلال موقع هام لها في المنافسة لتقدم سيارات ذات هوية مستقلة تحظى بالإطراء، فبحسب موقع إدموندنز (موقع أميركي يقدم معلومات حول السيارات): "أنّ سيارة فولفو من نوع XC90 SUV أعادت شركة فولفو إلى السوق من جديد".

يعتبر نشاط شركة فولفو حالة فريدة من نوعها في كيفية الاستعانة بكفاءات من خارج الشركة لتجهيز القوى العاملة لخوض مبادرة التغيير. ويجب أن يتحلى المدراء التنفيذيون باستراتيجية لضم المهارات واكتسابها، وبالتالي، يمكنهم استهداف مجموعة المهارات الخارجية بضراوة أكبر، ومواكبة الفرص الاستراتيجية الجديدة، ما يعني توسيع أفق مواهبهم، وخاصة عندما تأتي أكبر الفرص أو التهديدات من خارج محيط صناعتهم التقليدية. وهذا يعني تطبيق التغيير مع الحرص البالغ على عدم تعارض بنية الشركة الأساسية مع المهارات الواردة من خارج الشركة. يعد اللجوء إلى كفاءات خارجية أحياناً لإحداث تغيير في شركتك أمراً ضرورياً، ومعقداً في الوقت ذاته، لكن شركة فولفو قدمت خطة ناجحة للقيام بذاك النوع من التغيير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي