نحن في حاجة إلى توسيع نطاق تعريف الابتكار المزعزع

3 دقائق

تُعد شركة "زيبكار" (Zipcar) ابتكاراً مزعزِعاً، أما شركة "أوبر" (Uber) فلا تُعد كذلك. هذا ما ذكره كل من كلايتون كريستنسن ومايكل راينور وروري ماكدونالد في مقالتهم التي نشرت في هارفارد بزنس ريفيو تحت عنوان "ما هو الابتكار المزعزع؟" (What is Disruptive Innovation?). فقد أوضحوا أن الزعزعة هي "عملية تصبح بواسطتها شركة صغيرة الحجم، وذات موارد قليلة، قادرة بنجاح على تحدي شركات حالية راسخة". كما ذكروا أيضاً أن "الابتكارات المزعزعة تنبع من الشريحة الدنيا من السوق ومن الأسواق الجديدة".

شركة "زيبكار"، التي شاركتُ في تأسيسها، مؤهلة لأن توصف أنها ابتكار مزعزع، لأنها خلقت سوقاً جديدة بالكامل من خلال إتاحة الطلب على السيارات التي تؤجَّر بالساعة (وباليوم أيضاً). بالنسبة إلينا يُعد تطبيق التكنولوجيا بطريقة جديدة تماماً، لحجز السيارات وفتحها، عامل تمكين أساسي لهذه الشريحة الجديدة من السوق. فمن غير الإنترنت والاتصالات اللاسلكية كان تأجير السيارات بالساعة مكلفاً للغاية، ويتطلب إجراء معاملات مملة وشاقة وتستغرق وقتاً. ولهذا تأسست "زيبكار" عام 2000، وقدمت نموذجاً فعالاً لكيف يمكن تطبيق التكنولوجيا في فتح أسواق جديدة بالكامل، وأيضاً استغلال الأصول المتوفرة بطرق جديدة.

أشار كريستنسن ورينور وماكدونالد إلى أن "أوبر" ليست ابتكاراً مزعزعاً لأنها لم توفر خدمة منخفضة التكلفة ولا سوقاً جديدة. وأنا أتفق مع وجهة النظر هذه فإن "أوبر" في الأساس شركة لسيارات الأجرة، ووفرت تطبيقاً جيد التصميم، الذي استعان بخاصية الإرسال وأسواق سيارات الأجرة التقليدية. وهو ما لن يُحدث تغييراً في العالم! ولكن ما اعتُبر مزعزعاً بالتأكيد هو عندما اعتمدت "أوبر" النموذج الذكي الذي تستخدمه شركة "ليفت" (Lyft)، وذلك بتمكين الأشخاص من قيادة سياراتهم الخاصة باعتبارها سيارات أجرة، وتحديداً من خلال خدمة "أوبر إكس" (UberX). فالتطور الذي أحدثته يتمثل في الاستفادة من الطاقة الفائضة، بمعنى إتاحة الفرصة للاستفادة من السيارة التي تملكها بالفعل لكسب دخل إضافي. إلا أن فكرة الطاقة الفائضة هذه لم يتطرق إليها كريستنسن وزملاؤه في التعريف الذي قدموه. فقد وفرت "أوبر" طريقة للاستفادة من الأصول التي نمتلكها بالفعل، والتي تم دفع ثمنها، ولكن يمكن خلق قيمة جديدة من خلالها.

وهذه هي الطريقة التي غيّرت بها "أوبر" الجوانب الاقتصادية ومستوى المرونة في خدمات سيارات الأجرة. وهذا هو أيضاً سبب نمو الشركة بصورة هائلة، فقد أصبحت تعمل الآن في 400 مدينة في 68 دولة.

أرى أن القدرة على الاستفادة من الطاقة الفائضة أمراً مزعزعاً بالكامل. فقط اسأل العاملين في قطاع الفنادق كم أفادهم موقع "إير بي إن بي" (Airbnb)، أو شركات الاتصالات عن "واتساب" (WhatsApp)، أو شركة "توم توم" (TomTom) عن تطبيق "ويز" (Waze)، أو الجامعات عن الدورات التدريبية الهائلة المفتوحة المتاحة على الإنترنت "MOOCs"، أو شركة "ويسترن يونيون" (Western Union) عن خدمة "ترانسفير وايز" (Transferwise). من رأيي أن هذه الجهود كلها هي جزء من تعاون جديد بين "شركات الأقران" (Peers, Inc) حيثما تستغل المنصات (التي تطورها الشركات) الطاقات الفائضة وتدعو الأقران إلى المشاركة في إتمام جزء كبير من عملية تقديم الخدمة.

يرى كريستنسن ورينور وماكدونالد أيضاً أن شركة "آبل" من الشركات المزعزعة لاختراعها أجهزة "آيفون" (iPhone). فقد ذكروا "لم تحقق "آبل" ذلك من خلال إجراء تحسينات على المنتج فحسب، ولكن أيضاً من خلال تقديم نموذج عمل جديد. فقد غيّرت "آبل" قواعد اللعبة ببناء شبكة ميسرة تربط مطوري التطبيقات بمستخدمي الهواتف". وأنا أتفق مع هذا الرأي بالتأكيد! ولكن قد أصفه بطريقة مختلفة: فنظام "آي أو إس" (iOS) هو منصة للمشاركة استغلت الطاقة الفائضة المتوفرة في أجهزة "آيفون" الخاصة بالعملاء، إضافة إلى التصورات غير المستغلة في السابق، والتجارب الحياتية لعشرات الآلاف من مطوري البرمجيات من جميع أنحاء العالم، الذين كانوا يعملون عليها في بادئ الأمر خلال وقتهم الخاص (وأصبح ذلك يتم الآن بصورة متواترة). وهذا الاستغلال للطاقة الفائضة هو ما أدى إلى تطوير أكثر من 2 مليون تطبيق في أقل من 7 سنوات، مع تبنّي أكثر التطبيقات نجاحاً بمعدلات استثنائية. فمثلاً كان من المستحيل أن ينمو "واتساب" هذا النمو الهائل، بوصوله إلى أكثر من 400 مليون مستخدم في الثلاث سنوات الأولى من العمل، وأكثر من 800 مليون مستخدم خلال خمس سنوات، لو كان من الضروري أن يشتري المستخدمون هواتف جديدة.

ما زلت من المعجبين بمؤلفات كريستنسن ونظرياته حول الزعزعة، إلا أنني أعتقد أنهم أغفلوا الابتكارات المزعزعة التي ظهرت على السطح مؤخراً. فهذه العلاقات التعاونية المتمثلة في شركات الأقران قد جعلت بالفعل الخوف يدب في قلوب العديد من الشركات القديمة، فقد تَبين أن الشركات الأذكى هي التي سوف تصبح ميادين واعدة حافلة بالإبداعات والابتكارات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي