يستمر تطور البيانات والتقنيات والتحليلات في توليد فرص جديدة لتحسين فعالية المبيعات والتسويق. وتطورت القدرات الرقمية من قدرات وصفية (الإبلاغ عما حدث) إلى قدرات تشخيصية (فهم السبب)، ثم إلى قدرات تنبؤية (توقع ما سيحدث إذا)، ثم إلى قدرات توجيهية (اقتراح ما يمكن فعله). ولكن يبقى طريق تحقيق القيمة مملوءاً بالمطبات، فما هي أهمية العلاقات في المبيعات بشكل خاص؟
اقرأ أيضاً: لماذا عليك أن تبقي دائرة معارفك الداخلية صغيرة؟
تركز المؤلفات بصورة روتينية على النجاحات الفردية لأنظمة مثل إدارة علاقات الزبائن (CRM)، والإبلاغ، والمبيعات والتسويق بناء على الذكاء الاصطناعي. وتشمل فوائدها المرجوة التوصل إلى عملاء محتملين ومعدلات تحويل أفضل، وتحقيق صفقات بأحجام أكبر، وزيادة إنتاجية المبيعات ونموها. إلا أن الاستبانات تظهر حالة استياء واسعة الانتشار من أنظمة المبيعات والتسويق، مثلاً، في استبانة أجرتها مجلة "بي سي" (PCMag) عام 2019، كان معدل صافي نقاط الترويج سالباً لدى معظم كبار مزودي إدارة علاقات الزبائن.
وعندما تفشل هذه المبادرات، غالباً ما تلقي الشركات اللوم على الاستراتيجيات المعيبة، كالرؤية الضعيفة أو التركيز على الرقابة وليس على الأثر التجاري. وفي أحيان أخرى، يلقون اللوم على التحديات التي يواجهها تطبيق الاستراتيجيات، كمشاكل جودة البيانات أو عدم الاكتراث بتغيير الإدارة. ولكن الجانب الذي غالباً ما نغفل عنه هو إمكانات قائد العمل.
ففي جميع حالات النجاح التي شهدناها تقريباً، كان هناك قائد يتمتع بإمكانات مميزة جداً، وهذا اللاعب صاحب القيمة الأكبر في تطبيق التقنيات هو المسؤول عن توسيع الحدود.
اقرأ أيضاً: كيف يجد الآباء العاملون الوقت للعلاقات العامة؟
يتمتع المسؤول عن توسيع الحدود بخبرة تشمل الأعمال والتقنيات، ويتمتع بالتعاطف مع العقلية التجارية ("أنجز العمل، وقدم النتائج")، ومع عقلية تقنية المعلومات ("صمم على المدى الطويل. وتحكم بالخطورة"). وعلى الرغم من أننا أجرينا تجربتنا على المبيعات والتسويق، إلا أننا نعتقد أن إمكانات هذا القائد هي عامل أساسي في المجالات الأخرى كذلك. لا عجب أنّ 62% من المشاركين في استبانة "ديجتال آي كيو" (Digital IQ Survey) لعام 2017 من شركة "بي دبليو سي" (PWC) قالوا إن العائق الأساسي لنجاح المبادرات الرقمية هو "نقص التعاون بين قسم تقنية المعلومات والأعمال التجارية".
أهمية العلاقات في المبيعات
ماذا يفعل المسؤول عن توسيع الحدود وما هي طريقته في العمل؟ لماذا هو عنصر حاسم في نجاح هذه المبادرات؟ كيف سنزيد عدد مسؤولي توسيع الحدود في المؤسسات؟
كيف يجعل مسؤول توسيع الحدود النجاح ممكناً؟
هناك أولويات معينة لدى أقسام المبيعات والتسويق، وهي ابتكار أفكار جديدة وملاحقة الفرص وتحقيق نتائج سريعة. وقسم تقنية المعلومات أيضاً لديه أولويات تتمتع بذات القدر من الأهمية ولكن من المحتمل أن تكون متضاربة، وهي السيطرة على التكاليف والمخاطر وتطوير إمكانات الشركة وضمان استدامة أطول. يمكن لمسؤول توسيع الحدود جمع قسم المبيعات والتسويق مع قسم تقنية المعلومات حول هدف مشترك. كما يمكنه مشاركة أصحاب المصلحة التجاريين في وضع الحلم في مرحلة تحديد الرؤية، والتوفيق بين المساهمين ذاتهم والأولويات الواقعية وعقلية تقنية المعلومات في مرحلة التطبيق في آن. يملك المسؤول عن توسيع الحدود حكمة نابعة من الخبرة، كافية لمعرفة الوقت المناسب لدعم حدس تقنية المعلومات ولدعم حدس المبيعات والتسويق.
مثلاً، سيقوم مسؤول توسيع الحدود بما يلي:
- دعم قسم تقنية المعلومات عن طريق مساعدة أصحاب المصلحة التجاريين على رؤية المخاطر المترتبة على إضافة ميزات جديدة في وقت متأخر جداً من العملية فيما يتعلق بالجدول الزمني والجودة والميزانية.
- دعم التسويق والمبيعات عن طريق مساعدة تقنية المعلومات على رؤية فوائد استخدام تقنية ابتكارية تحقق نتائج أفضل فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات التجارية مقارنة بحل مجرب وحقيقي.
- مقاومة كل من تقنية المعلومات والمبيعات والتسويق من أجل الحفاظ على بساطة الأمور عندما تعيق تصميمات اللجنة النظام وتجعله صعب الاستخدام.
- جلب رؤى جديدة قد لا يمكن الحصول عليها بصورة طبيعية عن طريق المبيعات والتسويق أو تقنية المعلومات. يمكن لمسؤول توسيع الحدود إطلاق حد أدنى من الحلول القابلة للتطبيق عن طريق فريق حديث الخبرة من أجل تمكين التبني والضبط السريعين. كما يمكن لمسؤول توسيع الحدود التوفيق بين الطرفين حول عقلية مرنة وتكرارية وتتقبل الفشل السريع عندما تكون التقنية المستخدمة جديدة.
عمل المسؤول عن توسيع الحدود
عندما طورت شركة برمجيات نظاماً قائماً على الذكاء الاصطناعي لفريق مبيعاتها الداخلي، كان مسؤول توسيع الحدود هو من يقود المشروع، حيث أنشأ المشروع نظام نماذج مترابطة فيما بينها تسجل فرص الزبائن المحتملين وتوازنها وتشارك المعلومات مع موظفي المبيعات. شملت هذه المعلومات الزبائن الذين يحتمل خسارتهم والسبب في ذلك، وماذا يمكن لموظفي المبيعات فعله لتقليص هذه الخطورة، واقتراحات لعروض المنتج الأفضل التالي بناء على رغبة الزبون في الشراء. تمكن النظام من إيصال الاقتراحات لموظفي المبيعات الداخليين في سبعة مناطق زمنية مختلفة. نتجت هذه المبادرة عن الجهود على مستوى القاعدة ضمن القوة العاملة في المبيعات، وأتى بطل المشروع وقائد الفريق من المبيعات، ولكنه كان يعمل سابقاً في تقنية المعلومات. ومن منظور توسيع الحدود، تمكن القائد من غرس إيمان وهدف مشتركين لعمليات البيع القائمة على الذكاء الاصطناعي، عن طريق جمع عشرات الموظفين من تقنية المعلومات والمبيعات والتسويق ومجموعات المنتجات الذين يتطلعون لدعم فريق المبيعات. وفي النهاية، أدت المبادرة إلى واردات جديدة بملايين الدولارات وزيادة معدل رضا الزبائن.
صنع المسؤولين عن توسيع الحدود وسبب تزايد أعدادهم
يتم تشكيل المسؤول عن توسيع الحدود من خلال خبرات متنوعة تتيح له تطوير تعاطف واسع. وعموماً، يشمل مساره المهني أدواراً تقنية وتجارية. مثلاً، بدأت مسؤولة عن توسيع الحدود مسيرتها المهنية في قسم تقنية المعلومات، حيث ركزت على تطوير التطبيقات، ثم انتقلت إلى دور في التحليلات، ودعمت مؤسسة التسويق من خلال إعداد التقارير والتشخيص. ومن هناك، انضمت إلى فريق كان يقوم بتنفيذ عملية ترحيل التقارير إلى الأجهزة المحمولة، ويتفاعل مع المصممين والمستخدمين طوال فترة التنفيذ. ثم أصبحت القائدة المسؤولة عن تطوير بحيرة بيانات تجارية عالمية قائمة على السحابة الإلكترونية. اختبر المسؤولون عن توسيع الحدود الأكثر نجاحاً عدة تطبيقات للتقنية في عدة أدوار، واختبروا النجاح والفشل على حد سواء.
ولكن للأسف، على الرغم من القيمة الكبيرة التي يجلبونها، إلا أننا لا نرى عدداً كافياً منهم في قيادة المبادرات التقنية. كانت الشركات في السابق غير مدركة لأهمية قدرات المسؤول عن توسيع الحدود، كما كان هيكلها التنظيمي ذو الطابع الانفرادي يعيق تطوير مهاراته، فكان القائد يحقق تقدماً في تقنية المعلومات أو في المبيعات والتسويق، مع فرصة ضئيلة للتحرك بين الوظائف. ولكن هذا الوضع يتغير بسرعة كبيرة.
اقرأ أيضاً: كيف تنوع شبكة علاقاتك المهنية؟
إذ تشير التوجهات الحديثة إلى ارتفاع في مخزون كفاءات توسيع الحدود القادمة من تقنية المعلومات. ومع تزايد استخدام الشركات للخدمات القائمة على الدفع حسب الاستخدام (مثل البرمجيات كخدمة SaaS، والحوسبة السحابية وإجراء التحليلات عن طريق التعاقد الخارجي)، يتزايد تركيز قسم تقنية المعلومات على جلب القيمة عن طريق الربط بين الاحتياجات التجارية والقدرات التقنية. وهذا يؤدي إلى تغيرات جوهرية في شكل كفاءات تقنية المعلومات في الشركة. ويتزايد بحث الشركات عن أخصائيين في تقنية المعلومات قادرين على استخدام التقنيات الرائدة من أجل تصميم حلول تجارية. وبالفعل، نحن نرى مزيداً من أخصائيي تقنية المعلومات يبادرون في السعي لاستلام أدوار توسيع الحدود. يمكن للشركات الاستفادة من امتلاك برنامج ذو طابع رسمي أكثر من أجل تطوير كفاءات كهذه.
وإذا قامت الشركات بتطوير مزيد من كفاءات توسيع الحدود، نتوقع رؤية مزيد من المؤسسات التي تدمج المبيعات الرقمية وأنظمة التسويق في العمليات الجوهرية مع نجاح أكبر، وذلك بسبب إدراكها أهمية العلاقات في المبيعات تحديداً.
اقرأ أيضاً: وسّع دائرة معارفك من خارج قطاع عملك