لا يمكن إنكار أن موسم مراجعة الأداء يمكن أن يجلب الصداع للمدراء بسبب توجيه الملاحظات التقييمية. تستغرق عملية كتابة الملاحظات والتعليقات الكثير من الوقت (خصوصاً إذا كنت تفعل ذلك بطريقة متأنية)، ويمكن أن تسبب لك هذه العملية القلق بشكل خاص إذا كان في فريقك شخص يميل للتعامل بشكل انفعالي أو سلبي مع الملاحظات التقييمية. إذن، كيف تستعد لتوجيه ملاحظات تقييمية إلى شخص قد يبكي أو يصيح أو يجادل متسلحاً بكل الحجج دفاعاً عن نفسه؟
نصيحة لكافة جلسات الملاحظات التقييمية الصعبة
تذكر "السبب" من وراء توجيه ملاحظات التقييم
ركز على جميع الأسباب الوجيهة التي تجعلك توجه تلك الملاحظات. ذكر نفسك وموظفك بذلك من خلال ذكر أشياء مثل: "أحتاج إلى مشاركة هذا معك لأنني حريص على نجاحك" أو "أريد أن أراك تواظب على النجاح والنمو".
اقرأ أيضاً: ما الذي يسيء المدراء فهمه حول التقييم؟
تشرف كيم كاستيلدا، إحدى كبار نواب رئيس شركة بولهورن (Bullhorn) للبرمجيات على المواهب والموارد البشرية لـ 600 موظف حول العالم. وتقود برنامجاً تدريبياً حول كيفية إيصال الرسائل الصعبة، تصدر بنهايته إفادات لمن اكتسبوا مهارات عالية في التعامل مع أصعب المواقف. بالإضافة إلى ذلك، تستطلع كاستيلدا آراء الموظفين مرتين في السنة لاستبيان إن كانوا يتلقون تعليقات إيجابية وبناءة من مدرائهم. تقول كاستيلدا: "نادراً ما قابلت شخصاً لا يرغب في أن يحقق النجاح، وتقديم الملاحظات التقييمية جزء أساسي من ذلك. نريد أن يكون موظفونا الأفضل في هذا المجال، لذلك نحن نحملهم المسؤولية".
تماسك واستعد
ابدأ بتعزيز إدراكك لذاتك: كيف تتعامل عندما يتصرف شخص آخر بانفعال؟ هل تقوم بتلطيف الملاحظات التقييمية محاولاً تجنب خلق حالة من المواجهة أم أنك تصاب بالإحباط وترد منفعلاً بالمثل؟ تقول كاستيلدا: "من المهم أن نفكر ملياً وأن نستعد نفسياً قبل خوض مثل هذه المحادثات. يجب أن يدخل القادة إلى المحادثة متماسكين ومستعدين ومنظمين". لا ترتجل. ستشعر أنك مستعد بشكل أفضل إذا استعديت للأمر مسبقاً ورتبت أفكارك وكانت ملاحظاتك واضحة وتستند إلى أمثلة ملموسة وبيانات محددة. استثمر الوقت لتكون ملاحظاتك مدروسة قدر الإمكان.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجب عليك فعله إذا اعتقدت أن تقييم أدائك خاطئ؟
تعامل مع رد الفعل في حينه
لن يمنع التحضير الجيد الشخص الآخر من الانفعال والرد بصورة سلبية على الملاحظات التقييمية ولكن الاستعداد يمكن أن يساعدك في التعامل معه بهدوء ويجعلك تتحكم بالموقف عند الاقتضاء.
حوّل الحديث إلى موضوع مفيد
الهدف من ذلك هو تنفيس الانفعال حتى تتمكن من توجيه الملاحظة التقييمية بصورة مفيدة والتوصل مع الموظف إلى أفكار وإجراءات لضمان تجاوز الموقف وتحقيق النجاح. قد يعني هذا الحاجة إلى عقد اجتماع ثان، واستجماع القوى والالتقاء بعد إعطاء الموظف الوقت لاستعادة هدوئه وتماسكه. يجب ألا تؤدي معالجة الانفعال العاطفي إلى اختصار الأجزاء الأخرى من المحادثة المتصلة بالملاحظات التقييمية بما في ذلك: مشاركة السبب ووضع الأصبع على المشكلة وإعطاء أمثلة والاستماع إلى الشخص الآخر وسماع ما لديه ليقوله، والتوصل إلى اتفاق مشترك بشأن الخطوات والإجراءات التالية.
عند التحدث إلى شخص سخي الدمع
من السهل أن تشعر بالارتباك أو الإحباط أمام شخص يبكي أو يقول شيئاً مثل: "لن أنجح مهما فعلت". في هذه الحالات، تنصح كاستيلدا أن تطمئنه "بأنك لا تضمر له سوءاً، وأنك على العكس من ذلك تسعى لمساعدته لكي ينجح، على أن تحرص على توضيح الأمور. يحتاج الشخص إلى سماع الرسالة بلطف وبتعاطف قدر الإمكان، ولكن الرسالة يجب أن تصله كما هي. تذكر أن الرسالة القاسية لا يجب أن توجه بالضرورة بصوت شديد أو بلهجة انفعالية. وجهها بتأن وباهتمام". تتضمن النصائح الأخرى ما يلي:
وجه الملاحظات التقييمية في نهاية اليوم حتى يتمكن الموظف بعدها من التوجه إلى المنزل.
ضع علبة مناديل بالقرب منك. يمثل هذا اعترافاً منك بالتعاطف مع الآخر ويمنحه فرصة للتوقف واستجماع قواه.
ضع في اعتبارك أنك قد تضطر إلى الاجتماع معه مرة أخرى بعد أن يهدأ.
قل شيئاً مثل: "أرى أن الأمر أغضبك. أفهم أنه صعب عليك. أعرف أنك تريد أن تكون ناجحاً وأنا أريد لك الشيء نفسه. أريدك أن تفكر في الأمر. دعنا نعقد اجتماعاً آخر صباح الغد بعد أن تكون قد فكرت في الأمر".
إذا انهمرت الدموع من موظف لا يبكي أو ينفعل عادة بهذه الطريقة، فقد يعني ذلك أن هناك مشكلة ما أخرى ينبغي أخذها في الاعتبار.
اقرأ أيضاً: لماذا لا ينبغي أن يكون المدراء هم أصحاب الرأي النهائي في تقييمات الأداء؟
عند الحديث مع شخص يصرخ
عندما تواجه شخصاً يلجأ للصراخ أو سريع الغضب، فإنك عادة إما أن تشعر بالرهبة فتتراجع أو أن يستبد بك الغضب بدورك فترد بالمثل. يقول ويليام أوري في كتابه "تجاوز الرفض" (Getting Past No)، "عندما يهاجمك الطرف الآخر، (قد يكون) رد فعلك الغريزي هو الرد بهجوم مضاد، أو ’الرد على النار بالنار’ و’جعلهم يتذوقون مرارة الألم الذي أسقوه لك’ لكن في أغلب الأحيان، تجرك هذه الاستراتيجية إلى مواجهة مكلفة وغير مجدية. لا بل توفر له المبرر لسلوكه المكابر، فتراه يقول: حسناً، كنت أعرف أنك ستتعدى عليّ. هذا هو الإثبات".
اسع إلى التزام الهدوء وتمسك بموقفك. تنصح كاستيلا أن تكون مستعداً لإنهاء "اجتماع غير مجد وغير مهني". قل بصوت محايد ومتماسك أشياء مثل:
"أحتاج إلى إجراء محادثة معك. أحتاجك لأن تخفض صوتك".
"أحتاج منك أن تأخذ نفساً عميقاً أو سيتعين علينا أن نعقد اجتماعاً ثانياً. هذا ليس مفيداً".
حتى لو ادعى الموظف أن الصراخ يعبر عن تأثره واهتمامه، فأعلمه أنك تقدر قوة قناعاته ولكنك تفضل الاستغناء عن الصراخ. كرر التعبير عن نواياك الطيبة واشرح له أنك ترغب في سماع رأيه بعد أن يهدأ سواء بعد مرور بعض الوقت أو في اليوم التالي.
عند الحديث مع شخص يجادل دفاعاً عن موقفه
قد يفاجئك ويربكك شخص لديه سبب أو تفسير لكل شيء. تقول كاستيلدا إن "الشخص الدفاعي مثل مادة التيفلون، لا يمكن تحميله مسؤولية أي شيء ودائماً يحاول إلقاء اللوم على شخص آخر".
قد يقول الموظف أشياء مثل: "لقد أسأت فهمي. لقد أخطأوا الفهم. من الواضح أنك لا ترى الأمر بوضوح". إنه تكتيك يتبعه لتجنب إجراء حوار بناء. في هذه الحالة، تنصح كاستيلدا بتنبيه الشخص إلى أنه لا يستمع لما تقوله وتشجيعه على الاستماع بأن تقول له شيئاً مثل:
- "أرى أن هذا الأمر مسؤوليتك، دعنا نتحدث عن سبب عدم رؤيتك الأمر بهذه الطريقة".
- "عندما تلقي باللوم على شخص آخر، تصبح أنت الضحية، وهذا لا يفيدك".
متى يجب معالجة المشكلة الأكبر؟
إذا كان سلوك الموظف نمطاً متكرراً، يجب عليك معالجة رد فعله المتكرر وجهاً لوجه. قد تقول له شيئاً مثل: "لاحظت في كل مرة نجلس فيها لمناقشة الملاحظات التقييمية أنك تشعر بالضيق أو الغضب أو تتخذ موقفاً دفاعياً. أنا حريص تماماً على مصلحتك. ماذا يمكنني أن أفعل لمساعدتك على تقبل الملاحظات التقييمية بصدر رحب؟ وإليك ما أحتاج إليه خلال جلسات المحادثة هذه". اكسر الحلقة المفرغة المتمثلة في تجنب محادثات توجيه الملاحظات التقييمية الصعبة. تقول كاستيلدا: "احرص على عدم ترك الأمور تنام أو تتخمر. وجه الملاحظات البناءة حين حدوث الأمور. ذلك يمنعها من أن تتضخم".
ردود الفعل العاطفية يمكن أن تضعنا على الجانب الآخر من الطاولة مع الشخص الآخر. ولكن، من خلال التركيز على النوايا الحسنة والاستعداد من منطلق نزيه والاستجابة بهدوء وفعالية في حينه، يمكننا الانتقال إلى الجانب نفسه من الطاولة ومساعدة الشخص الآخر على النمو والارتقاء عند توجيه الملاحظات التقييمية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعطاء رأي تقييمي قاس يساعد في النمو المهني؟