ملخص: يعد التنافس بين الإخوة في الشركة العائلية من أكبر المخاطر التي تهدد استمراريتها، فقد يلحق بها ضرراً مالياً كبيراً ويؤدي إلى تفاقم النزاعات إلى حدّ يصبح فيه بيع الشركة أو تقسيمها الحل الوحيد. تركز هذه المقالة على تعقيدات التنافس بين الإخوة في المنشآت العائلية، فتشرح أسبابه الجذرية وتأثيراته المحتملة، واستراتيجيات تخفيفه والوقاية منه، كما توضح دور العائلة في خلق انسجام وتآلف بين الإخوة في مرحلة مبكرة، حتى يتمكنوا من حل نزاعاتهم في الكبَر بطريقة بناءة ويغتنموها لتعزيز التطور والنمو ويحافظوا على الإرث العائلي الذي خلفته الأجيال السابقة، مع أمثلة بارزة من المنطقة العربية.
وفقاً لمؤشر المنشآت العائلية العالمي لعام 2020، تتمتع الشركات العائلية بنفوذ اقتصادي كبير، حيث حققت أكبر 750 شركة مجتمعة إيرادات بقيمة 9.1 تريليونات دولار، ووفرت فرص عمل لأكثر من 30 مليون فرد في جميع أنحاء العالم. تؤكد هذه الأرقام الدور الكبير للشركات العائلية في الاقتصاد العالمي، وتثبت أنها محفز محوري للنشاط الاقتصادي والتوظيف على مستوى العالم. ونظراً لأهمية هذه المنشآت وطبيعتها الفريدة، فقد كرّس عالم الأعمال اهتماماً كبيراً لتطوير الاستراتيجيات التي تضمن استمراريتها، ومع ذلك، ثمة عنصر مهم غالباً ما يتم تجاهله وهو الديناميكيات ضمن العائلة نفسها، ودورها في الحفاظ على الشركة أو تقويضها، إذ تتخذ المنافسة بين الأخوة في أي عائلة أشكالاً عديدة، وغالباً ما تؤجج التوترات القديمة وتخلق تحديات كبيرة، ويتفاقم الأمر في سياق المنشآت العائلية حيث تمتد التوترات بين الإخوة إلى علاقات العمل.
لنأخذ على سبيل المثال قصة شركة أيه بي سي (ABC)، وهي شركة عائلية أسسها الأب وانتقلت إلى أولاده بعد وفاته، الذين كانوا 5 إخوة، 3 من زواج الأب الأول و2 من زواجه الثاني، وبمجرد انتقال الملكية إليهم عاودت مشكلات العلاقات القديمة بينهم الظهور وامتدت إلى تفاعلاتهم معاً بوصفهم مساهمين. أصبح الابن الأكبر الذي عمل على نحو وثيق مع والده، قائداً جديداً لكن شقيقه الأصغر، الذي كان يشعر دائماً أن والده يتجاهله مقارنة بأخيه، بدأ بتحدي قراراته ما تسبب في اضطرابات كبيرة في الشركة. وفي الوقت نفسه، بدأت أختهم الشقيقة تطالب بمزيد من الشفافية والمشاركة، وكان ذلك رد فعل منها على شعورها بأن والدها كان يستبعدها من عملية صنع القرار، إذ كان تركيزه منصباً دائماً على أبنائه الذكور فيما يخص تسيير أمور الشركة، كما أنها بدأت تصر على تأمين وظائف في الشركة لأبنائها دون أن تدرك عواقب ذلك، وفي الوقت نفسه، طالبت الأخت الصغرى غير الشقيقة ووالدتها بالتخارج من الشركة خشية التورط في علاقات العمل العائلية المعقدة، ما أدى إلى نزاعات بسبب الخلاف حول تقييم الأسهم وإمكانية بيعها إلى أطراف خارج الأسرة. بالإضافة إلى ذلك، بدأ الأخ الأصغر غير الشقيق المطالبة بصرف نسبة أكبر من الأرباح حتى يحافظ على نمط حياته، حيث كان والده دائماً ما يدعمه مالياً باعتباره أصغر إخوته والمدلل لديه، ما كان يثير غضب إخوته ويفاقم التوترات بينهم.
تمثل قصة شركة أيه بي سي حالة شائعة غالباً ما تحصل من حولنا، حيث يسبب سوء التعامل مع تنافس الإخوة نشوب توترات كبيرة بينهم كملّاك للشركة. يظهر التنافس بين الإخوة أساساً في تعاملهم فيما بينهم بدافع اكتساب حب الوالدين واهتمامهما واستحسانهما، ويمكن أن يمتد هذا التنافس أيضاً خارج نطاق الأسرة سعياً لتحقيق النجاح الفردي والحصول على التقدير، ولطالما صورت الأساطير والأدبيات التاريخية المنافسات بين الإخوة وأظهرت آثارها العميقة.
تتميز منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي بكبر حجم العائلات وتعقيد هياكلها ما يزيد احتمال التنافس بين الإخوة. على سبيل المثال، فإن متوسط عدد أفراد الأسرة في المملكة العربية السعودية هو 5 أفراد مقارنة بـ 3 أفراد في الدول الأوروبية، وقد أدى النمو الاقتصادي السريع في المنطقة إلى زيادة تعقيدات المنشآت العائلية أيضاً، ما جعل التخطيط للتعاقب وانتقال الملكية بين الأجيال موضوعاً مصيرياً غالباً ما يؤدي إلى احتدام التنافس بين الإخوة.
يشكل تنافس الإخوة مصدر قلق كبير لأنه قد يؤدي إلى عرقلة خطط التعاقب وتقويض نجاح الشركة على المدى الطويل. يمكن لأصحاب المنشآت العائلية مواجهة التحديات بطريقة استباقية وبناء أساس قوي للأجيال القادمة من خلال فهم هذه الديناميكيات العائلية.
فهم التنافس بين الأخوة في المنشآت العائلية
غالباً ما يُعزى التنافس بين الأخوة في إطار العائلة إلى مراحل نموهم والاختلافات في شخصياتهم، أما التنافس الذي يحدث بينهم في المنشآت العائلية فينشأ من اجتماع عدد من العوامل النفسية والأسرية تلك المتعلقة بالعمل.
تشمل العوامل النفسية المؤثرة في التنافس بين الإخوة ترتيب الميلاد، وسماتهم الشخصية، والتأثير المستدام للعلاقة بين الوالدين وأبنائهم. تشير نظرية ترتيب الميلاد إلى أن الولد البكر غالباً ما يظهر صفات قيادية، في حين أن إخوته الأصغر قد يتمتعون بروح أكثر تمرداً أو ابتكاراً. كثيراً ما تؤدي هذه الاختلافات المتأصلة بين الإخوة في ظهور رؤى متباينة على صعيد العمل، ويمكن أن تؤدي الصدامات التي تنشأ بسبب الاختلافات في الشخصيات، مثل التباين في مستوى المخاطرة في فرص الاستثمار أو اختلاف أساليب التواصل، إلى تفاقم التوترات بين الإخوة. وبالمثل تؤثر الامتيازات التي يمنحها الوالدان لكل ولد تبعاً لترتيب ميلاده على علاقاتهم إذ قد لا يرى الأولاد أنها عادلة، وغالباً ما تؤدي هذه الامتيازات غير المناسبة إلى التأثير على العلاقات بين الإخوة.
تؤدي الديناميكيات العائلية أيضاً دوراً محورياً في زيادة حدة المنافسة بين الإخوة أو تقليلها، فتوقعات توزيع الميراث والرغبة في الحفاظ على تراث الأسرة، والخوف من تفضيل الوالدين بعض الأبناء أو أحدهم على الآخرين، هي كلها عوامل تخلق أرضاً خصبة للمنافسة بين الإخوة. يتنافس الإخوة المتنازعون غالباً على جذب اهتمام الوالدين واستحسانهما، وهم في كثير من الحالات لا يحصلون على هذا الاهتمام والاستحسان بالتساوي الأمر الذي يؤثر سلباً على العلاقات فيما بينهم منذ مراحل مبكرة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يطلق الوالدان الألقاب على أولادهم ويقارنان بينهم على أساس سمات شخصية لا يمكن للأطفال التحكم بها مثل النوع الاجتماعي أو مستوى الذكاء (على سبيل المثال، يصفان أحد الإخوة بأنه الأذكى، أو أفضلية الابن على البنت)، تنشأ في أذهانهم تصنيفات نمطية جامدة، ويمكن أن تلازمهم هذه الألقاب طيلة حياتهم، ما يؤدي إلى منافسة شديدة بينهم في محاولات لإثبات عكس هذه التصنيفات ونيل استحسان الوالدين والمكافآت الاجتماعية والعاطفية. وبالمثل عندما يرى الإخوة أن الوالدين لا يقدران إسهاماتهم وتضحياتهم فإن ذلك يزيد استيائهم ما يقوض التعاون بينهم.
وتزيد العوامل المرتبطة بالعمل تعقيد التحديات، فبسبب عدم تساوي حصص الملكية والأدوار والمسؤوليات ووجود ضغوط اقتصادية، تصبح فرص الإخوة غير متكافئة ما يعزز الشعور بالظلم. من الشائع أن يمنح الأب الولد الأكبر الأفضلية لتولي القيادة أو يمنحه حصصاً إضافية في الشركة دون النظر إلى كفاءته وإسهاماته، وهي ممارسة تفاقم التوترات بين الإخوة، خاصة عندما يراها من كانوا أقل تفضيلاً لدى الأب امتداداً للظلم الذي تعرضوا إليه منذ الطفولة.
عواقب التنافس بين الأخوة على المنشآت العائلية
إذا تُرك التنافس بين الإخوة في المنشآت العائلية دون إدارة، فإن عواقبه لا تقتصر على الأداء المالي للشركة، بل يؤثر أيضاً في الصحة العاطفية لأفراد العائلة، وعندما يكون الإخوة على خلاف، غالباً ما تصبح الشركة ساحة معركة للمصالح المتنافسة، ما يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية.
أحد أكثر الآثار الضارة للتنافس بين الإخوة هو عرقلة عملية اتخاذ القرارات، ويؤدي العجز عن التوصل إلى إجماع حول القرارات المهمة في الشركة العائلية إلى عرقلة النمو وإعاقة الابتكار، وتقويض الميزة التنافسية للشركة. علاوة على ذلك، يمكن أن يخلق التوتر والنزاع المستمر بيئة عمل سامة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات دوران الموظفين وانخفاض معنوياتهم، وانخفاض الإنتاجية.
وبعيداً عن الصعوبات التشغيلية، يمكن أن يؤدي التنافس بين الإخوة إلى إلحاق ضرر مالي كبير بالشركة العائلية، وذلك عندما يصبح اللجوء إلى الدعاوى القضائية أو تقسيم الأصول أو حتى بيع الشركة ضرورياً لحل الخلافات ويمكن لهذه الإجراءات أن تؤدي إلى تآكل ثروة الأسرة وتعريض الإرث الذي خلفته الأجيال السابقة إلى الخطر. من جهة أخرى فإن الضرر العاطفي الناجم عن هذه الخلافات كبير، فقد تؤدي إلى توتر مستمر في العلاقات العائلية يخلق أحقاداً وشروخاً تتجاوز نطاق العمل، ويمكن أن يكون لتدهور الثقة والقدرة على التواصل عواقب دائمة على الأسرة ككل عندما يخرج التنافس بين الإخوة عن السيطرة.
هناك العديد من القصص غير الموثقة لكننا نعرفها جميعاً حول انهيار الشركات والانقسامات العائلية بسبب التنافس بين الإخوة. إحدى الأمثلة القليلة الموثقة على تنافس الإخوة في عالم الأعمال هي قصة شركتي أديداس وبوما، إذ نشأت هاتان العلامتان التجاريتان نتيجة نزاع بين أخوين ألمانيين هما أدولف ورودولف داسلر. عمل الأخوان في البداية معاً وأسسا شركة عائلية ناجحة في عام 1924، وعلى الرغم من ذلك فقد أدى تفاقم التوترات في النهاية إلى شرخ بينهما لا يمكن رأبه، فصار من المستحيل عليهما مواصلة العمل معاً. صحيح أن انفصالهما أدى إلى إنشاء علامتين تجاريتين رياضيتين، لكن هذا الانفصال لم يقسم شركتهما وعائلتهما فحسب، بل مدينتهما بأكملها. بعد الانفصال، لم يتحدث أدولف ورودولف مع بعضهما بعضاً مرة أخرى، ولم تظل أي من الشركتين تحت سيطرة أحفادهما. كان هذا الانقسام العميق على المستوى الشخصي والمهني نهاية لعلاقتهما، حيث واصل كل أخ بناء إرثه بمعزل عن الآخر إلى الأبد.
دور الوالدين في منع المنافسة بين الإخوة
على الرغم من أن العديد من المشكلات المرتبطة بالتنافس بين الإخوة تظهر في مجال الأعمال، فإن جذور هذه المشكلات تعود غالباً إلى تجارب الطفولة كما وضحنا سابقاً. ثمة دور مهم لسلوك الوالدين في تشكيل العلاقات بين الإخوة، إذ إنه قد يزيد فرص نشوب نزاع مستقبلاً بينهم أو يقللها. ولتعزيز الانسجام بين الإخوة ينبغي للوالدين تجنب بعض الأخطاء، ومن أكثرها شيوعاً، تفضيل أحد الأولاد على الآخرين فهذا السلوك يؤدي إلى زرع حقد دفين ويخلق حالة من التنافس بين الإخوة، لذا من الضروري معاملتهم بإنصاف ومساواة ومنحهم جميعاً حباً غير مشروط. ثمة جانب مهم آخر وهو وضع توقعات وحدود واضحة، إذ يجب على الوالدين تأسيس قواعد للسلوك والاحترام والتعاون فهذا يساعد الأولاد على اكتساب المهارات الحياتية الأساسية ويقلل احتمال نشوب نزاعات بينهم. علاوة على ذلك، فإن تعزيز مهارات التواصل المفتوح وحل الخلافات لديهم منذ سن مبكرة يكسبهم الأدوات اللازمة لحل الخلافات بطريقة بناءة.
كما أن لدور الوالدين في حل الخلافات أهمية بالغة، إذ بإمكانهما، إذا تصرفا بحكمة، تعزيز الاستقلالية والاعتماد على الذات لدى الأولاد. عندما يسمح الوالدان للأولاد بحل خلافاتهم بطريقة مستقلة، فإن ذلك يشجع على تنمية هذه الصفات الأساسية، أما إذا كانا يتوسطان بينهم بصورة مبالغ فيها، فإنهم قد يعتمدون تماماً على السلطة الأبوية في حل خلافات الإخوة الأمر الذي يجعلهم يعجزون عن إدارة خلافاتهم بفعالية بمفردهم في مرحلة الرشد. كما يمكن أن يؤدي تدخل الوالدين المستمر في حل خلافات الإخوة إلى تفاقم التنافس بينهم ويصبح من الصعب عليهم التوصل إلى حلول بمفردهم في مرحلة الرشد، ما يؤثر في قدرتهم على التعامل مع الخلافات ضمن العائلة والشركة، ومن ثم، من خلال تهيئة بيئة دعم ورعاية، يمكن للوالدين تقليل احتمالية تفاقم التنافس بين الإخوة وتحوله إلى قوة هدامة في الشركة العائلية.
دور ثقافة التنافس الصحية في التقليل من حدة التنافس بين الإخوة
يمثل العمل على تنمية ثقافة اختلاف وخلاف صحية ضمن الأسرة الركيزة الأساسية في تقليل التنافس بينهم وإدارته بطريقة صحيحة، من الضروري النظر إلى الخلاف على أنه فرصة للنمو والتطور وليس تهديداً، إذ يعزز ذلك التواصل المفتوح والتعاون.
ومن خلال خلق مساحة آمنة للإخوة للتعبير عن اختلافاتهم، يمكن لأفراد الأسرة بناء قدرتهم على التحمل وتعزيز العلاقات فيما بينهم، وينطوي هذا على وضع قواعد أساسية للحوار المحترم والاستماع الفعال، والتعاطف، كما أن حث الإخوة على التركيز على حل المشكلات بدلاً من تبادل اللوم يساعد على منع التوترات وإيجاد حلول مجدية للأطراف كافة. من الضروري أيضاً تنمية الروح الجماعية بين الإخوة على الرغم من اختلاف كل منهم عن الآخر لأن هذه الاختلافات لا تؤدي بالضرورة إلى خلق حالة من التنافس أو العزلة بينهم بل على العكس فهي تعزز احترام كل منهم لصفاته واهتماماته الفريدة ما يعزز تقدير الذات ويقلل المنافسة وعندما يقدر الوالدان مواهب أولادهم وتفردهم فإن كلاً منهم يطور هويته التي تميزه. علاوة على ذلك ينبغي إدراك أن النزاعات والاختلاف في الرأي جزء طبيعي من العلاقات ومنها علاقات العمل في المنشآت العائلية، وعندما تفهم العائلات أن الاختلاف في الرأي مسألة عادية وتوفر أدوات للمواجهة البناءة، فإنها تمنع المشكلات الثانوية من أن تتفاقم وتتحول إلى نزاعات كبرى.
دور الحوكمة في منع التنافس بين الإخوة
إن اعتماد تدابير استباقية في مجال حوكمة المنشآت العائلية يمكن أن يساعد في التخفيف من آثار التنافس بين الإخوة. يمثل التواصل المفتوح والصادق الركيزة الأساسية في الإدارة الفعالة للنزاعات ولذلك توفر الاجتماعات العائلية المنتظمة منبراً للإخوة للتعبير عن مخاوفهم وتبادل وجهات النظر وبناء الثقة. كما أن هذه الاجتماعات تعزز ثقافة الشفافية والاحترام المتبادل وتخلق بيئة تسمح بمعالجة الخلافات بطريقة بناءة.
ثمة عنصر أساسي آخر وهو اتفاق الإخوة على الرؤية المشتركة وعلى القيم التي توجه تفاعلاتهم بوصفهم إخوة ملاك للشركة العائلية، إذ تمثل الرؤية والقيم المشتركة قوة توحد تطلعات أفراد الأسرة وتوائم بينها. علاوة على ذلك، فإن دستور الأسرة يحدد الأدوار والمسؤوليات وعمليات صنع القرار وهياكل الملكية، ويمكن أن يوفر العدالة في الإجراءات التي تقلل من التوترات بين الإخوة. عندما تتفاقم التوترات بين الإخوة ويعجزون عن التعامل معها داخلياً، فقد تكون الاستعانة بطرف خارجي لتوجيههم مفيدة جداً، يقدم الوسطاء المحترفون أو مستشارو المنشآت العائلية وجهات نظر محايدة ويسهلون الحوار البناء. ومن خلال خبرتهم في حل الخلافات يمكنهم مساعدة الإخوة على التوصل إلى أرضية مشتركة وتطوير استراتيجيات للتعاون على حل المشكلات. كما يعد التخطيط للتعاقب جانباً مهماً لمنع التنافس بين الأخوة، فوضع خطة واضحة المعالم تحدد عمليات انتقال القيادة، ونقل الملكية، والترتيبات المالية، قد يخفف من حالة عدم اليقين ويقلل من احتمالات نشوب الخلافات، كما أن وضع توقعات أداء واضحة ومعايير تقييم موضوعية يضمن تقييم الأبناء بعيداً عن الاعتبارات الشخصية.
من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، تخلق المنشآت العائلية بيئة متناغمة حيث يمكن للإخوة العمل معاً بطريقة بناءة. وفي حين قد تنشأ تحديات، فإن اتباع نهج استباقي لإدارة الخلافات يمكن أن يحول المخاطر المحتملة إلى فرص للنمو وتعزيز الرابطة الأسرية.
على الرغم من أن قلة الحديث عن تنافس الإخوة من قبل المعنيين بالمنشآت، فإنه يؤثر تأثير كبيراً في المنشآت العائليةK ومن خلال فهم أسبابه الجذرية، مثل ديناميكيات الطفولة، وتنفيذ استراتيجيات مثل الحوكمة الفعالة والإدارة الاستباقية للخلافات، يمكن للمنشآت العائلية التغلب على هذه التحديات والازدهار من جيل إلى آخر. ولمنع مثل هذه النتائج، من الأهمية بمكان أن يتجنب الوالدان تفضيل أحد الأولاد أو بعضهم على الآخرين وأن تنشئ الأسر ثقافة صحية للخلاف، وأن تطور هياكل حوكمة قوية، وتخطط للتعاقب بصورة استباقية، ومن خلال معالجة الأسباب الكامنة وراء التنافس بين الإخوة، تتمكن عائلات الأعمال من بناء أساس للوحدة الدائمة والازدهار والإرث المستدام.