لماذا كان يعتبر تقييم شركة أوبر بمبلغ 40 مليار دولار تقييماً منطقياً؟

2 دقائق

أكدت شركة "أوبر" أنها جمعت 1.2 مليار دولار على خلفية تقييمها البالغ 40 مليار دولار. وبعد ذلك بفترة، احتدم النقاش حول ما إذا كانت الشركة تستحق هذا السعر المعطى لها أم لا.

صحيح أنه من الصعب على أي شخص من خارج عالم جامعي الأموال معرفة ما إذا كان الرقم كبيراً أم صغيراً جداً (خاصة أننا لسنا مطلعين على تفاصيل الصفقة أو على المعلومات الداخلية الخاصة بالشركة أو خططها الخاصة بالنمو والتوسع)، ولكن من المهم أن نفهم كيف يمكن لخدمة سيارات الأجرة التي تُرسل إلى الزبائن بناء على طلبهم، والتي لا يزيد عمرها على 6 سنوات أن تساوي 40 مليار دولار.

لطالما أشار المشككون في التقييم الذي حصلت عليه "أوبر" إلى الحجم الإجمالي لسوق سيارات الأجرة (التاكسي) والليموزين كنقطة دحضوا فيها إمكانية نمو الشركة. فهم يقولون إن هذا القطاع الذي يدر أقل من 11 مليار دولار سنوياً من الإيرادات في الولايات المتحدة لا يمكنه دعم هكذا تقييمات مدهشة في ارتفاعها. فإذا ما جمعت تقييمات كل الشركات الأخرى الناشطة في هذا القطاع، فإنك لن تحصل على قيمة جماعية إجمالية تساوي التقييم الحالي لـ "أوبر".

في معظم الحالات، تبدو هذه الحجة المنطقية معقولة.

لكن "أوبر" ليست من معظم الحالات. بل هي تمثل ابتكاراً حقيقاً غيّر قواعد اللعبة، فمنذ دخولها إلى السوق، تبنت نموذجاً اعتمد على توفير خدمة لم تكن متاحة من قبل، ولكن بسهولة كبيرة وبسعر أقل. صحيح أن سائقي الشركة قد لا يتمتعون باللمسة الشخصية الموجودة لدى الشركات التي تقدّم خدمة أغلى مثل "بوسطن كوتش" (Boston Coach) لكنهم متاحون مقابل جزء يسير من تكلفة هذه الشركات الباهظة. فمن خلال خدمة "أوبر إكس" باتت الخدمة زهيدة الثمن إلى حد أن استقلال سيارة أجرة خاصة أصبح خياراً بديلاً بحق لامتلاك سيارة.

وكما بيّن لنا علم الاقتصاد والتاريخ، ففي معظم الأسواق، عندما تتراجع الأسعار، تزداد الأحجام. وفي حالة "أوبر"، قد يؤدي نموذج تقديم خدمات النقل الذي اعتمدته الشركة إلى زيادة هائلة في حجم الطلب العالمي على هذا النوع من خدمات سيارات الأجرة الخاصة. صحيح أن تقييم الشركة قد يكون ضخماً بالمقارنة مع السوق الذي تنشط فيه، لكن السؤال الذي يجب على المستثمرين طرحه ليس ما إذا كان هناك مكررات ربحية أو تقييمات مشابهة في السوق، وإنما ما الحجم الذي يمكن أن تصل إليه هذه الخدمة على ساحة النقل العالمية؟

كما أن إمكانية تغيير شركة "أوبر" لهذا القطاع أمر مثبت وقد حصل فعلاً. ففي العام 2009، كان هناك ما يقرب من 111,000 مركبة يقودها سائق خاص تسير على طرقات الولايات المتحدة الأميركية، ووفقاً لمقالة منشورة في صحيفة "واشنطن بوست" منذ 4 أعوام، كانت "أوبر" تضيف 20,000 سائق شهرياً، وهذا الرقم الذي يشكل 18% تقريباً من العدد الإجمالي لسيارات الأجرة التي قادها سائقون خاصون على طرقات الولايات المتحدة الأميركية قبل 9 سنوات. وما يثير الاهتمام أن هذا الرقم يتسارع على أساس شهري ومع مرور الوقت.

عندما تسخّر الشركات استثماراتها لجعل البضائع والخدمات الأغلى ثمناً أرخص وأكثر توفراً للناس، فإنها تفتح بذلك المجال أمام المزيد من الاستهلاك. وكلما كان حجم التوفير أكثر دراماتيكية، زادت فرص الحصول على الخدمة أو السلعة بشكل مدهش، وزاد احتمال تغيير قواعد اللعبة السائدة أكثر. فقبل 20 عاماً، كان أي شخص يقول إن استعمال خدمة سيارات الأجرة التي ترسل إلى الزبائن بناء على طلبهم هي بديل اقتصادي جيد لامتلاك سيارة صغيرة الحجم، سيُعتبر شخصاً فاقداً لعقله. اليوم هذا الأمر واقع. والشركات التي استثمرت لجعل هذا النوع من الخدمات أكثر تيسراً للناس تحصد الآن مكاسب استثماراتها.

فإذا نظر المرء إلى تقييم "أوبر" بطريقة تقليدية، فسيشعر بالتأكيد بالإرباك. وبالطبع، فإن موقع "أوبر" في السوق ليس أمراً مقدساً غير قابل للتغيّر. فمع توسيع الشركة لإعمالها واقتطاعها لحصة من سوق النقل، فإنها أيضاً ستواجه نصيبها العادل من المشاكل، ومع وجود قضايا تخص تنظيم هذا القطاع، والكوابيس المتعلقة بالعلاقات العامة، ومسائل السلامة، فإن رحلة "أوبر" لا تزال طويلة قبل أن ينتهي كل شيء.

ولكن إذا نظرنا إلى تقييم الشركة من منظار تغييرها لقواعد اللعبة في السوق، فيمكننا على الأقل فهم كيف يمكن لشركة مثل "أوبر" أن تساوي هذه القيمة الكبيرة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي