ملخص: يكره معظم الأشخاص عادة تقديم ملاحظات سلبية، وقد يتطلب الأمر منك بذل بعض الجهد الجاد لتمكين الأشخاص الذين تعمل معهم من إخبارك حقيقة نفسك وذكر الطباع الجيدة والسيئة والقبيحة عنك. ويعرض المؤلف اقتراحات حول كيفية جعل جلسة تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية أكثر إنتاجية، وذلك بناء على مقاله الذي نشره في هارفارد بزنس ريفيو منذ عقد من الزمن بعنوان "كيف تصبح شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه؟" مع جون زنغر وجوزيف فولكمان.
مضت 10 سنوات منذ أن شاركت في تأليف مقال "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "كيف تصبح شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه" مع جون زنغر وجوزيف فولكمان. حيث عرضنا في المقال نموذجاً للحصول على ملاحظات عملية ومفيدة حول فاعلية القيادة وكيفية تطوير نقاط قوتك في تلك المجالات بشكل فريد.
لكن عندما أعدت قراءة المقال مؤخراً، أدهشني تصريح أدلينا به حول استخدام جلسة تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية للحصول على ملاحظات من الزملاء والمرؤوسين المباشرين: ابذل قصارى جهدك لتقبّل الآخرين وخلق شعور بالأمان (خاصة مع المرؤوسين المباشرين). وأكّد على حقيقة أنك تسعى إلى تحسين الذات. وأخبر زملاءك صراحة أنك منفتح على الآراء السلبية وأنك ستتقبلها بشكل مهني ومناسب دون أن تفرض عليهم أي عقوبات. ويجب عليك بالطبع أن تفي بهذا الوعد لئلا تفشل العملية برمتها.
كيفية الاستفادة من جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة
وعلى عكس جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة الرسمية التي عادة ما تتضمن استقصاءات مجهولة الهوية، تستند عمليات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية إلى إجراء محادثات مباشرة مع أعضاء الفريق. وتتمتّع جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية بقيمة كبيرة للقادة بصفتها وسيلة للحصول على الملاحظات ولتطوير تحالفات أقوى مع الزملاء. لكن بما أنني عملت مع القادة والفرق باستخدام جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية على مدار السنوات الـ 10 الماضية، أدركت أننا ربما قللنا من أهمية التحديات المرتبطة بالحصول على ملاحظات عملية من الزملاء في عملية التقييم وجهاً لوجه هذه. وتوجد نقطتان مهمتان أود إضافتهما إلى مقال "كيف تصبح شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه" لمساعدة القادة في الاستفادة بشكل أكبر من جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية:
1. الإفصاح عن الطباع الجيدة هو أمر سهل، في حين أن الإفصاح عن "العيوب الفادحة" هو أمر صعب للغاية.
لا أعتقد أننا كنا واضحين تماماً عندما صرّحنا: "أخبر زملاءك أنك منفتح على الملاحظات السلبية"، وهو ما يعني ضمنياً أن ذلك سيكون كافياً لحث المرؤوس المباشر على مشاركة أفكاره بصراحة حول نقاط ضعفك. يكره معظم الأشخاص عادة تقديم ملاحظات سلبية، وقد يتطلب الأمر منك بذل بعض الجهد الجاد لتمكين الأشخاص الذين تعمل معهم من إخبارك حقيقة نفسك وذكر الطباع الجيدة والسيئة والقبيحة عنك.
وشهدت ذلك بالفعل عندما تم تعييني كمشارك في جلسة تدريب التنفيذيين للعمل مع نائب رئيس تنفيذي في إحدى الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 500". كنت أتحدث مع الرئيس التنفيذي الذي وظفني عن أداء ذلك القائد. وشارك الرئيس التنفيذي معي بعض الأمثلة والآراء المباشرة للغاية حول ذلك الشخص لم يُفصح عنها بصراحة تامة في محادثاتنا السابقة. سألت الرئيس التنفيذي عما إذا كان قد تحدث مع نائب الرئيس التنفيذي عن تلك القضايا، مستخدماً الوصف الدقيق الذي شاركه معي للتو، فقال لا. ثم سألته عما إذا كان بإمكاني مشاركة أفكاره مع نائب الرئيس التنفيذي، فتراجع وطلب أن يفكّر في الأمر أولاً. شاركت هذا المثال لأؤكد أنه قد يكون من الصعب مشاركة الملاحظات بشكل صريح إن لم تكن بيئة العمل تشجع ذلك الانفتاح، حتى مع كبار المسؤولين التنفيذيين.
تتمثل إحدى فوائد جلسات تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية في أن كل الملاحظات التي تُفصح عنها تكون بينك وبين الشخص الآخر فقط، بمعنى آخر لن تُذكر في السجلات الرسمية ولن تُقيّم من قبل إدارة الموارد البشرية أو المسؤولين التنفيذيين، وهو ما يخلق جواً من الأمان المفيد الذي يتيح للمقيّمين التحدث معك بصدق بشأن تأثيرك كقائد.
ويتطلب نجاح تلك الخطوة أن تعد بالعفو الشامل عن المشاركين، وأنا لا أستخف بهذا المصطلح، ذلك لأن "خلق جو من الأمان" و"إبداء التقبّل" فقط (كما كتبنا في مقالنا السابق) لا يحثّان معظم الناس على مشاركة الملاحظات التي تحتاج إلى سماعها. قد يكون من الصعب للغاية إقناع الناس بمشاركة أفكارهم الحقيقية حول نقاط ضعفك القيادية عندما تنزعج من سماع آرائهم الصادقة حول عيوبك. وتزداد تلك المشكلة حدة إذا كان لديك تاريخ حافل من التعرض لنوبات غضب أو إلقاء اللوم على الآخرين.
كما يجب عليك بذل جهد كبير لاستطلاع الآراء التي يعتقد الآخرون أنك قد لا ترغب في سماعها. قل للمشاركين: "أرغب في سماع وجهات نظركم الصادقة حول التأثير الذي أحدثه فيكم كقائد، حتى عندما يكون ذلك التأثير سلبياً. وأعدكم أنني سأصفح عنكم، وأنني لن أرد بشكل دفاعي أو انتقامي، حتى لو لم يعجبني ما أسمعه منكم. فوجهة نظركم مهمة بالنسبة لي". وعليك أن تفي بوعدك بعد ذلك بالطبع.
ومن السهل في الواقع أن تطلب من زميل ما مشاركة الطباع الجيدة عنك، إذ يرغب الأفراد بطبيعة الحال أن يشعروا بالرضا وأن يصنعوا لك معروفاً يعود عليك بالنفع. لكن عندما يقول أحد المسؤولين التنفيذيين، "أخبرني عن عيوبي الفادحة"، فإن الرد الذي سمعته يتكرر عشرات المرات هو، "إنه ليس عيباً فادحاً في الواقع، لكن. . . [اذكر المشكلة الحرجة في القيادة هنا]". يُعتبر ذلك دليلاً واضحاً بالفعل، ويجب عليك أن تفكر بجدية في معالجة المشكلة. ويُعد التوافق والانفتاح على تلك الملاحظات الصريحة والصادقة أمراً مهماً جداً في مسعاك لتصبح قائداً استثنائياً.
2. تعزز عملية تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية الثقة المتبادلة بطريقة لا يمكن للاستقصاء الرسمي توفيرها.
على الرغم من أن الاستقصاءات الرسمية توفر وسيلة لمشاركة التعليقات بشكل مجهول (بدون ذكر أسماء)، يتمثّل النقد الذي يوجّه لها عموماً في أن التعليقات تفتقر إلى الدقة أو أنها ليست واضحة تماماً. من جهة أخرى، تحفز عملية تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية إجراء تغيير على الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد ويناقشون تلك التعليقات. وبما أن القيادة في جوهرها مهارة تفاعلية تخص العلاقات المتبادلة، فإن عملية تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية تسهّل إجراء تغيير في الطريقة التي يناقش بها القادة الأداء مع فرقهم.
وينطوي أحد الآثار المفيدة للانخراط في تلك الحوارات المفتوحة حول المجالات التي يمكنك تحسينها على أنها تبني بمرور الوقت نوعاً من الثقة التي تتيح لك أن تكون صريحاً مع الآخرين. لا يعني ذلك أن تلتفت إلى الشخص الذي أدلى بآرائه عنك على الفور وتقدم له ملاحظاتك عنه، إذ لا تعني تلك العبارة القديمة حول اعتبار الملاحظات هدية أن "ترد الجميل" على الفور. لكن قد يفتح تلقّي الملاحظات بلباقة في جلسة تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية حواراً أكثر إنتاجية حول الأداء وحول تأثيرنا على الآخرين.
وشهدت العديد من الحالات التي كان فيها القائد قادراً على خلق جو من الانفتاح والثقة، وهو ما غيّر من طريقة تفاعل الزملاء ومناقشة قضايا الأداء. تتطلّب عملية تقييم الأداء بطريقة 360 درجة غير الرسمية قبول وجهات نظر الآخرين بصفتها المعيار، حتى عندما لا يتقبّلها الأفراد تماماً. وقد أخبرني أحد القادة بالفعل أنه طوّر علاقة أكثر قيمة مع رئيس القسم نتيجة تلك العملية لقدرتهما على معالجة القضايا الصعبة والآراء المعارضة التي كانت تتأجج تحت السطح في الشركة.
ومن المهم أن يُدرك القادة نقاط ضعفهم، وأن يظهروا التزامهم بالتحسين، وأن يُجروا بعض التغييرات. تخلق بيئة الثقة التي تعززها من خلال قبول الملاحظات بلطف طريقاً تعاونياً ذا اتجاهين. وعندما تتحلى بالصراحة والصدق بهدف تقديم المساعدة الحقيقية ودعم نمو الزملاء، ستخلق بذلك عقلية ديناميكية تلهم إحداث التغيير الهادف داخل الفرق. وسنلحظ التغيير في أنفسنا جميعاً عندما نتحدث بصدق عن المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
وتُعدّ عملية تقييم الآراء بطريقة 360 درجة غير الرسمية أداة قيمة لزيادة كفاءة القيادة والسر وراء جعل نفسك شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه.