كيف يقيّم أعضاء مجلس الإدارة أداءهم الشخصي؟

4 دقائق

تطلب "بورصة نيويورك" -أكبر سوق لتداول الأوراق المالية على مستوى العالم- من مجالس الإدارة في جميع الشركات المتداولة عالمياً، إجراء تقييم ذاتي مرة واحدة سنوياً على الأقل، لتحديد ما إذا كانوا يؤدّون عملهم بطريقة صحيحة. ويأتي ذلك لضمان وجود مجالس إدارة تمتلك فِرقاً جيدة، وضمان وفاء أعضاء مجلس الإدارة بالتزاماتهم، فضلاً عن تأسيس عمليات موثوقة لتلبية متطلبات الرقابة.

وفي دراسة أجريناها على 187 من مجالس الإدارة مع شركة "مايلز" لتقديم الاستشارات، وجدنا أن أغلب الإجراءات المتخذة لتقييم مجلس الإدارة تفشل في تحديد وتصحيح الأداء الضعيف ضمن الأفراد. حيث من بين الـ 187 مجلساً إدارياً -ما يعادل النصف فقط- يطبّق التقييمات على المدراء أي بنسبة 55%. وما يقارب الثلث من هذه المجالس فقط أي 36% منهم يؤمن أن الشركة تؤدي عملاً جيداً لتقييم أداء المدراء.

كما عبّر المدراء في دراستنا عن استياء كبير تجاه دينامية مجلس الإدارة في شركاتهم. حيث تشير النتائج إلى أنه حوالي الثلثين من مجموع المدراء يعتقدون أن مجلس الإدارة في شركتهم منفتح تجاه وجهات النظر الجديدة، ويعتقد النصف أن مجلس إدارتهم يستفيد من مهارات جميع الأعضاء، في حين أقل من النصف أي نسبة 46% منهم يعتقدون أن مجلس إدارتهم يتقبل الرأي المعارض له. في حين يعتقد ما نسبتهم 46% أن مجموعة جزئية من المدراء في مجلس الإدارة يملكون تأثيراً كبيراً جداً على قرارات مجلس الإدارة، وتسمى هذه المجموعة الجزئية بـ "مجلس إدارة داخل مجلس إدارة". بالإضافة إلى هذا، يعتقد المدير النمطي بأنه يوجد مدير واحد على الأقل من زملائه يجب استبعاده في مجلس الإدارة، لأن هذا الزميل غير فعال.

يكمن جذر المشكلة في عملية التقييم نفسها، لأن عملية التقييم تبدأ عادةً بمراجعة هياكل وعمليات مجلس الإدارة، وغالباً ما يتم تنفيذها بواسطة المستشار العام للشركة أو المستشار القانوني الخارجي. تتضمن هذه المراجعة قائمة بالعناصر التي يتعين على الشركات العامة مراعاتها، إلى جانب المعايير ذات الصلة. لكن الجزء الأصعب من هذه العملية هو مراجعة مساهمة كل مدير في مجلس الإدارة والديناميكيات الشخصية والجماعية بين الأعضاء.

وبحسب المعلومات أعلاه، لا تتم هذه التقييمات بأسلوب دقيق في بعض الشركات، وفي كثير من الحالات لا يكون التقييم نهائياً. إذاً، كيف يمكن لمجالس الإدارة تقييم أداء المدراء؟

من المعلوم أن أي تقييم شامل يجب أن يعتمد على ما يلي:

تقييم القيادة. يقيّم هذا القسم مدى فعالية قيادة مجلس الإدارة، بما في ذلك المدير المستقل الرئيسي ورؤساء اللجنة. وينبغي لهذا التقييم اختبار كيفية اختيار رئيس مجلس الإدارة الحالي؟ وما المهارات والخبرات التي يمكن لكل رئيس تسخيرها لصالح المجلس وأسلوب قيادته؟

يجب أن تضع الشركة معياراً لهذه الوظائف. وتقيّم المهارات المتاحة من قبل أفرادها لتحديد الأنسب بينهم. ويجب على الشركات أيضاً تجنّب تعيين المدراء تبعاً للإجراءات الافتراضية، مثل تعيين الشخص الأكثر خبرة ضمن مجلس الإدارة أو مجرد البحث عن الخلفية المطلوبة من الشخص المتقدّم للوظيفة مثل "خبير مالي مؤهل"، لأن طبع الشخص أيضاً يعد عاملاً أساسياً لفعاليته في الوظيفة.

وتبعاً لاستطلاع الرأي الذي أجريناه في عدد من مجالس الإدارة، كان من الواضح عدم كفاية تقييمات الإدارة. إذ يعتقد 72% من المدراء أن رؤساءهم فعالون في استدعاء مشاركة جميع المدراء. كما يعتقد 68% أنهم فعالون في استدعاء مشاركة الأعضاء الجدد. في حين يعتقد 60% منهم فقط أن مديرهم الرئيسي يطرح عليهم الأسئلة الصحيحة. ولكن الأسوأ أن ربع المدراء ونسبتهم 26% يعتقدون أنهم فعالون بتقديم نقد مباشر وشخصي وبنّاء لزملائهم.

تقييم الإدارة. يقيّم هذا القسم الطريقة التي يتم بها عقد اجتماعات مجلس الإدارة، بما في ذلك تقييم ما إذا كانت هذه الاجتماعات منظمة لتوفير أقصى حد ممكن من الإنتاجية والتبادل الصادق للأفكار، وما إذا كانت تشجع مشاركة جميع الأعضاء. وينبغي أيضاً توجيه اهتمام خاص باجتماعات اللجنة والجلسات التنفيذية، وفقاً لعدد من المدراء، يتم تنفيذ العمل الفعلي لمجلس الإدارة ضمن هذه اللجنة. ويجب أن تحدد عملية التقييم ما إذا كان يجري وضع توقعات صحيحة لنتائج العمل الذي قام به أعضاء اللجنة، وما إذا كانت التقارير الصادرة عنها فعالة في إبقاء جميع أعضاء المجلس على علم بالقضايا التي تواجه الشركة.

إضافة إلى ذلك، ينبغي لهذه التقييمات مراجعة ما إذا كانت الجلسات التنفيذية التي تُعقد دون وجود الإدارة وبحضور المدراء غير التنفيذيّين فقط منظمة بطريقة صحيحة، وذلك لضمان فعالية الاجتماعات وإثمارها في صياغة ومراجعة موضوعات النقاش.

في حين ينبغي الحذر من شعور أعضاء مجلس الإدارة بعدم الراحة في التعبير عن آرائهم الصادقة أمام الإدارة، وانتظار الجلسات التنفيذية التي تكون فيها الإدارة غير موجودة للتعبير عن آرائهم بحرية. إذ تعتبر هذه الديناميكية مضرة بعملية اتخاذ القرارات.

وبناء على ذلك، تشير أدلة استطلاع الرأي إلى أن انعدام الثقة في مجلس الإدارة مشكلة كبيرة. حيث يقول 68% من المدراء أن لديهم ثقة عالية بزملائهم، في حين يعتقد 63% منهم أن مجلس إدارتهم يتحدى الإدارة بفاعلية كبيرة جداً. ويعتقد 53% منهم أن زملاءهم لا يعبّرون عن آرائهم الصادقة بحضور الإدارة الرئيسية.

تقييم المساهمة. من خلال مراجعة دقيقة للطريقة التي يتفاعل بها أعضاء مجلس الإدارة في الاجتماعات. بما في ذلك، من هم المدراء المشاركون؟ وكيف يتم اتخاذ القرارات للوصول إلى الهدف المطلوب؟ من المهم أيضاً تقييم الطريقة التي يسهم بها كل مدير وليس مجرد تقييم المعارف والخبرات الخاصة به.

وعلى وجه الخصوص، ينبغي لعملية التقييم مراجعة السلوكيات المعتمدة من قبل المدراء في التعامل مع الآخرين. ومثال على السلوكيات الإيجابية: طرح الأسئلة الصحيحة، والأخذ بوجهات نظر الآخرين، وصياغة المحتوى بأسلوب بنّاء، والمثابرة على العمل. كما يحصل السلوك الإيجابي الفردي على اهتمام الزملاء والإدارة، ويدل على أن صاحبه يحاول المساهمة في العمل بدلاً من حرصه على فوز حجته.

في العموم، يمكن للقيادة والتدريب مساعدة المدراء على تطوير أسلوبهم ليتمكنوا من المساهمة بفعالية أكثر في مداولات مجموعات العمل.

وتوضح أدلة البحث أن العديد من مجالس الإدارة تعاني من ديناميات جماعية ضعيفة. إذ يعتقد 75% من المدراء المشمولين في بحثنا أن زملاءهم يسمحون لتجربة شخصية أو تجربة سابقة السيطرة على وجهة نظرهم. في حين يقول 44% منهم أن زملاءهم لا يفهمون الحدود بين الرقابة والمحاولات الجاهدة لإدارة الشركة. كما أفاد 39% منهم أن زملاءهم من أعضاء مجلس الإدارة يعرقلون الحوار من خلال طرح مواضيع خارج القضية الرئيسية.

إذاً، يُطلب من جميع الشركات المتداولة عالمياً إجراء تقييم سنوي، إذ يمكن لعملية التقييم أن تتطور عن طريق معاملة مجلس الإدارة لمجموعة من الأفراد عالية الأداء وتقييم قيادتها، وإدارتها وديناميتها.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: مؤهلات المستشار القانوني

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي