سؤال من قارئ: أود أن أطرح سؤالاً يتعلق بالتعامل مع زملاء العمل السلبيين لأنني لا أعلم كيف أتعامل مع زملاء العمل المستفزين تحديداً. أنا طبيبة مقيمة أعمل مع عدد كبير من الأشخاص الأقل مني خبرة. وفي رأيي، عندما تعمل في مجال الطب، لا بد أن تتحلى بالنزاهة والمرونة. وأنا أفخر بعملي، وأضع أمان المرضى قبل كل شيء. ولكن، من الواضح أن بعض زملائي في العمل اشتكوا من أنني متسلطة ووقحة. إننا نأتمر جميعاً بأمر مدير واحد، ورفعوا شكواهم إليه بخصوص هذا الموضوع بدلاً من مواجهتي والتواصل معي مباشرةً. وعندما نما ذلك إلى علمي، شرحت أنني تمنيت لو تحدثوا إليّ عن المشكلة بدلاً من مشاركتها بشكل غير مباشر. لو كنت أعرفهم شخصياً لتواصلت معهم مباشرةً بنفسي. أعلم أن الصراعات في محل العمل لا مفر منها أحياناً، ولهذا فسؤالي هو:
كيف يمكنني حل هذه المشكلة؟ ماذا أفعل مع زملائي الذين رفعوا شكواهم إلى المدير بدلاً من محادثتي؟
يجيب عن هذه الأسئلة:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ديفيد ديستينو: أستاذ علم النفس في جامعة "نورث وسترن".
ديفيد ديستينو: الكبرياء وكيفية التعبير عنه من بين المشاعر التي نتناولها بالدراسة في مختبري، ومعروف أن الكبرياء من بين الألفاظ التي إذا بحثت عنها في المعجم أو في قاموس المترادفات لاكتشفت أن غالبية مرادفاتها سلبية جداً؛ الغطرسة، والعجرفة، وادعاء العلم، وما إلى ذلك. لكن، يوجد ذاك الجانب الذي حفزني ودفعني إلى الأمام. فالكبرياء يدفعني إلى العمل بكد واجتهاد، وإلى صقل قدراتي والتفاخر بعملي، ونحن جميعاً نجد ذلك شيئاً حسناً. وعليه، فالسؤال المحوري هو كيف يمكِنك التعبير عنه على نحو يجعل الناس يرونه أمراً إيجابياً لا سلبياً؟ وفي هذا السياق، أعتقد أنه ربما كان هناك تخوف ما حيال ما إذا كانت المتحدثة مُتسلطة ومسيطرة عليهم، بدلاً من أن تستثمر فيهم وتستفيد منهم.
دان ماغين: هناك عاملان في هذا السياق لفتا انتباهي. الأول أنها طبيبة، وشئنا أم أبينا من الممكن أحياناً أن يوضع الأطباء في قالب نمطي؛ إذ يُنظر إليهم على أنهم مغرورون بعض الشيء، وأنهم يخضعون لتدريب صعب حقاً. من الصعب فعلاً أن يصبح المرء طبيباً. وأحياناً، من الممكن أن يتجاوزوا هذا الخط الذي تتحدث عنه. والثاني أنها امرأة، وعندما تتصرف المرأة بأساليب قوية أو واثقة، فأحياناً ما يراها الآخرون - ظلماً وإجحافاً - متسلطة. هل هذان عاملان مهمان في هذا السياق؟ وما تحليلك لهما؟
ديفيد ديستينو: ربما كانا مهمين، الناس غالباً ما يستجيبون بشكل سلبي للنساء اللائي يُبدين فخراً وثقةً. ولأن ما ترونه في هذه الرسالة هو صدام بين التعبير عن الكبرياء والثقة من ناحية والقالب النمطي من الناحية الأخرى، وهي ظاهرة صحيحة مع الأسف، فإن الطبيبات لسنَّ بارعات كالأطباء، أو في أي مهنة نتحدث عنها عموماً. الأمر الوحيد الذي يمكنها القيام به هو الدفاع عن ثقتها التي تتحلى بها. وأعني أنه لو كان باستطاعتها أن تُثبت للأطباء المقيمين الآخرين السبب وراء جدوى معارفها وكيف أنها تعود بالنفع على المرضى أو تفيد الأطباء المقيمين الآخرين في مزاولتهم لمهنتهم، فالإثبات بالفعل في رأيي مُقنع جداً. سيكون بوسعهم التغلب على القالب النمطي.
أليسون بيرد: الحقيقة كما تعلمون هي لأن الناس يحكمون بشكل مختلف على النساء اللائي يشغلن مناصب قيادية، عن حكمهم على القادة الرجال. وبالتالي، ربما كانت بحاجة إلى إبداء قدر من الود والدفء أكثر من الأطباء المقيمين.
ديفيد ديستينو: أعتقد سواء كنت رجلاً أو امرأة في منصب قيادي، فإن إبداء مستوى ما من الدفء هو أمر مهم.
أليسون بيرد: أعتقد أنها بحاجة حقاً إلى الشروع في إحداث تحول في تفكيرها، لأنها تتحدث عن حقيقة أنها تتعامل مع زملاء عمل سلبيين. وليس هذا ما حدث. ففي واقع الأمر، أنها تلقت ملاحظات سلبية من زملائها في العمل.
أليسون بيرد: ما الذي تستطيع أن تفعله لإحداث هذا التحول، والاقتناع بأن هذا نقد مشروع هي بحاجة إلى التعامل معه، وتنفيذ هذه الأمور التي ذكرتها من إبداء للكفاءة والدفء والود، وما إلى ذلك؟
ديفيد ديستينو: أعتقد أنه من المهم أن تخفف من حدة رد فعلها السلبي المُقيِّد التلقائي كما قلتِ، والتي ربما تبدر منها إذا أثار الناس تساؤلات من حولها. كيف تفعل ذلك إذاً؟ مرة أخرى، أعتقد أن الانخراط في ممارسات تأملية يؤتي ثماره جداً. ولذلك، لدينا أبحاث في مختبرنا أثبتنا من خلالها أن التأمل لثلاثة أسابيع بحد أدنى، باستخدام تطبيق مثل "هيد سبيس" (Head Space)، يقلص حقاً من ردود الأفعال الغاضبة تجاه نقد الآخرين. وبقدر ما تستطيع التفكر في طبيعة مرؤوسيها الحقيقية، وإعادة وضعهم في قالب مغاير لاعتبارهم أُناساً سلبيين، هل تستطيع أن تكون لهم مثالاً يُحتذى في القيادة بدلاً من قيادتهم بانتقادهم؟
أليسون بيرد: وبعد ذاك الاستقصاء، ربما اكتشفتْ أنهم سلبيون فعلاً، وأنها لا تقترف أي خطأ. إنها تتصرف كما يتصرف أي طبيب مقيم، ويرونها متسلطة ووقحة لأنها امرأة، لا أكثر ولا أقل. لكنني أعتقد أن عليها إجراء هذا الاستقصاء أولاً.
دان ماغين: هل هناك طريقة لتحويل مشاعر الكبرياء، لكي يُنظر إليها بقدر أقل على أنها اعتزاز بالذات، وبقدر أكبر على أنها فخر بما ننجزه كمجموعة، وتحويله إلى شعور جمعي تآزري بقدر أكبر؟
ديفيد ديستينو: هناك أمران. الأول، أنني أعتقد أن عليها إدراك مكمن مجموعة مهاراتها تحديداً، وألا تفترض أنه ربما لديها الكفاءة للإدلاء بكل ما تدلي به، وإسداء النصائح التي تسديها للآخرين. والثاني، هو أن بوسعنا تحديد نجاحنا، إما بلغة نتائجنا الفردية، وإما بلغة نتيجة الفريق. وأعتقد أنه لو كان بوسعنا جميعاً التفاخر والتوافق كفريق، على النقيض من كاتبة السؤال التي تتفاخر كقائدة تنتقد الذين لا يرقون لمستواها، فستكون هذه استراتيجية عظيمة.
أليسون بيرد: يبدو لي أنها مهتمة جداً بالتواصل المباشر حيال هذه المشكلة مع زملائها. أتعتقد أن هذا أمر ينبغي أن تفعله؟ أن تتعامل مع المشكلة وجهاً لوجه؟
ديفيد ديستينو: أعتقد أنهم السبب في المشكلة، ويبدو لي أنهم يتملصون منها، فهم يشعرون أنهم لو أعربوا عن مخاوفهم لها، فلن تمر الأمور بسلام. وبقدر ما يبدو أنها توحي بانفتاحها على هذه الفكرة، أو حتى تتعامل بها بطريقة لا تهددهم، سيكون ذلك أمراً مثمراً.
أليسون بيرد: هل هي بحاجة إلى أن تفعل أي شيء لإصلاح الضرر الذي ربما نجم عن تلك الشكاوى وأضر علاقتها مع مديرها؟
ديفيد ديستينو: أعتقد أنه ينبغي أن تتحدث أيضاً مع مديرها عن المشكلة، لأن السؤال الجوهري في هذا السياق هو كيف يراها مديرها؟ هل يراها مديرها أيضاً مغرورة أو متسلطة؟ إذا صح ذلك، فتلك مشكلة حقيقية.
دان ماغين: وإننا لا نعلم أيضاً أي نوع من الطب ذلك الذي تمارسه. نوع الطب الذي تمارسه قد يلعب دوراً في مدى مقبولية الصراحة، مقارنة مع مدى توافر متسع من الوقت لكي تصبح مهذباً أكثر من اللازم، وتحاول أن تصلح بعض هذا الضرر.
ديفيد ديستينو: لكني أعتقد أنه من المهم بطبيعة الحال أن تفعل ذلك على الفور كما قلت. أحياناً ما يُناط بالقائد هو أن يعطي تعليمات حساسة من جهة التوقيت، ويجب أن تُتبع. ولكن، إذا لم تُخصص الوقت الضروري لرأب صدع تلك العلاقات دون تواصل مع الأطباء المقيمين الآخرين الذين توجههم، فسيقودهم ذلك إلى التشكيك حقاً في مشورتها، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على قدرتهم على إنجاز عملهم عندما تزداد الضغوط.
أليسون بيرد: نريد من كاتبة السؤال أن تبدأ بقدر من تحويل بوصلة التفكير. فهي لا تتعامل بضرورة الحال مع زملاء عمل سلبيين. وإنما تتعاطى مع ملاحظات سلبية من زملائها. وهي بحاجة إلى البحث عما إذا كانوا على حق، وبوسعها تعديل سلوكها لتقودهم بطريقة مختلفة. ومن المحتمل أنهم يصدرون أحكاماً عليها ويشتكون منها ظلماً، خصوصاً أنها امرأة قائدة في ميدان الطب. ولكن، مهما يكن، فهذا موقف يتحتم عليها التعامل معه. وعليه، نوصي أن تواصل التعبير عن كبريائها، ولكن أن تُثبت أيضاً أنها تتحلى بالمهارات التي تدعم شعورها. وأنها على قدر عالٍ من الكفاءة. وأنها على استعداد للاستثمار فيمن حولها. وأنها زميلة حنونة وتراعي الآخرين. وأن بوسعها معالجة المشكلة بصراحة مع زملائها. وأنها سمعت الملاحظات الموجهة إليها، وأنها منفتحة على المزيد من الحوارات. وفي تلك الأثناء، عليها إعادة ضبط توقعات زملائها حيال كيفية تصرفها والسبب في تصرفاتها. وربما تود أيضاً أن تتحدث إلى مديرها، وتؤكد له أنها استمعت مرة أخرى إلى النقد الموجه إليها، وتجتهد حالياً كي تكون قائدة أفضل من ذي قبل.، وبهذا تكون إجابة سؤالها: كيف أتعامل مع زملاء العمل المستفزين؟ قد اتضحت.
اقرأ أيضاً: