هل تشعر أنك بحاجة للتحفيز؟ انظر إلى وظيفتك كأداة لمساعدة الآخرين

5 دقائق
تقديم خدمات للآخرين
shutterstock.com/FamVeld

ملخص: توجد العديد من الطرق المختلفة لتحفيز الموظفين وإدماجهم، ولكن غالباً ما يتم تجاهل إحداها، وهي تقديم خدمات للآخرين. لقد أشارت دراسات كثيرة إلى أن تقديم خدمات للآخرين هي في صميم معنى حياة الإنسان وهدفه منها، ويدرك معظمنا في الواقع أن تقديم خدمات للآخرين تجعلنا نشعر بالرضا والسعادة والتحفيز والانخراط في العمل. الخبر السار هو أن هناك العديد من الفرص المتاحة، خلال وظائفنا اليومية، لتقديم الخدمة للآخرين، ولكن غالباً ما يصعب على الموظفين رؤية هذه الفرص، بينما تفشل الشركات في التأكيد عليها ضمن سياساتها. يحدد الكاتب في هذه المقالة 6 مجموعاتٍ رئيسية من الناس يمكننا خدمتها كل يوم.

 

يعدّ تحفيز الموظفين وإشراكهم موضوعاً بالغ الأهمية في الوقت الحالي. لدى الموظفين رغبة شديدة في الشعور بالانخراط. إذ تظهر الإحصائيات أن هناك 9 من أصل 10 موظفين يقبلون بتقاضي أجر أقل مما يستحقونه لقاء قيامهم بأعمال ذات معنىً وجدوى بالنسبة لهم. وبالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون أداء الموظفين الذين يبدون تفاعلاً أكبر أفضل، ويظهرون قدراً أقل من الاحتراق الوظيفي، ويبقون في الوظيفة لوقت أطول.

يعود تحفيز الموظفين وإشراكهم على الشركات بالفائدة والنجاح أيضاً. لقد كشفت مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي، أن أعلى الشركات في إدماج الموظفين (75% من الموظفين) تتمتع بالعديد من المزايا مقارنةً بالشركات التي تدمج عدداً أقل من موظفيها (25% من الموظفين)، فقد كانت ربحيتها أعلى بنسبة 23%، وزادت إنتاجيتها بنسبة 18%، وانخفض تغيّب الموظفين عن العمل فيها بنسبة 81%، بينما ارتفعت نسبة إشراك العملاء بنسبة 10%.

ومع ذلك، لا يتم إدماج معظم الموظفين في العمل، فقد وجدت دراسة لمؤسسة غالوب في عام 2021 أن 36% من الموظفين الأميركيين فقط يشعرون بالانخراط في العمل، و15% من الموظفين على مستوى العالم يشعرون بالشيء نفسه. وتظهر أحدث الاستطلاعات أن نسبة انخراط الموظفين آخذة في التراجع خلال عام 2022.

بالطبع، توجد العديد من الطرق لتحفيز الموظفين وإدماجهم، من أهمها خلق ثقافة العمل المدفوع بتحقيق الهدف، ولكن غالباً ما يتم تجاهل أهمية فرصة خدمة الآخرين. في الحقيقة، خدمة الآخرين هي من ضمن الأشياء القليلة التي تحسّن الصحة العقلية والمعنوية والجسدية. في هذا الصدد، أشار العديد من الدراسات إلى أن خدمة الآخرين أساسية لخلق المعنى والهدف في حياة الفرد، وقد وجدت الأبحاث أيضاً أن العمل التطوعي يخفف القلق والاكتئاب ويمنح السعادة ويزيد الثقة بالنفس ويرتبط بشكل إيجابي بالصحة الجسدية أيضاً. ويدرك معظمنا في الواقع أن تقديم خدمات للآخرين تجعلنا نشعر بالرضا والسعادة والتحفيز والمشاركة.

الخبر السار هو أن هناك العديد من الفرص المتاحة، خلال وظائفنا اليومية، لتقديم الخدمة للآخرين، ولكن غالباً ما يصعب على الموظفين رؤية هذه الفرص، بينما تفشل الشركات في التأكيد عليها ضمن سياساتها. تكمن فرصتنا في إعادة النظر إلى أعمالنا كخدمة للآخرين ومساعدة زملائنا على فعل الشيء نفسه. يمكن أن يكون لهذا التغيير في طريقة تفكيرنا أثر كبير، وهناك 6 مجموعات رئيسة من الأشخاص يمكن لأي منا التفكير في خدمتها كل يوم:

1. العملاء أو المستهلكون

العميل هو الأساس الذي تقوم عليه أي شركة، فإذا لم تقدم خدمة جيدة له، فسوف تفشل. ومع ذلك، يشعر الكثير منا بالبعد عن هذا العميل خلال أعمالنا اليومية. على سبيل المثال، قد لا يلتقي محاسب شركة الأجهزة الطبية بالعملاء الذين تحسن أجهزة الشركة حياتهم، وقد لا يكون بوسع مسؤول توريد الألعاب في حديقة الملاهي تجربة البهجة التي تخلقها هذه الألعاب.

إن إيجاد طرق لجعل خدمة العملاء هذه ملموسة للموظفين هو تحدٍ رئيس لكل فرد وفريق قيادي في أي شركة. استطاع أحد المسؤولين التنفيذيين الذين أعرفهم القيام بذلك من خلال إتاحة الفرصة للعملاء بالتحدث خلال الاجتماع السنوي لإطلاع العاملين على التطورات لتسليط الضوء على الفرق الذي أحدثه منتج الشركة في حياتهم. وتكتب الأستاذة الجامعية فرانشيسكا جينو عن العديد من الطرق المختلفة لتحقيق نتائج مماثلة، مثل تنويع مهام الموظفين وإنشاء مقاطع فيديو تظهر تأثير عملهم على العملاء النهائيين. بغض النظر عن النهج، فإن إيجاد طرق لمعرفة تأثير نشاط ما على العميل أمر بالغ الأهمية لتحفيز عقلية خدمة الآخرين لدى الموظف.

2. زملاء العمل

ليس هناك ما هو أكثر أهمية من الشعور بعمق واتساع علاقاتنا الإيجابية كي نشعر بالسعادة والرضا في حياتنا. في الواقع، يفتقر الكثير من بيئات العمل بشدة إلى العلاقات الإيجابية بين الموظفين على الرغم من أنها ضرورية جداً لإشراكهم حيثما وجدوا.

كيف سيكون الحال لو أن كل موظف في الشركة قرر خدمة زملائه بنفس الطريقة التي يخدم بها العملاء؟ قد ينطوي ذلك على تعلم المدراء طرقاً أفضل للتعبير عن التقدير والامتنان بشكل أفضل للموظفين المتميزين. يجب أن يتبنى كل موظف في أي شركة تقرر اتباع نهج خدمة الآخرين كل يوم هذا التحول في العقلية، حيث يمكن أن يحدِث ذلك نقلة نوعية في العلاقات. كل ما يتطلبه الأمر هو تغيير طريقة التفكير من التركيز على الذات أو التنافس إلى التشجيع والدعم.

3. خدمة المجتمع

كل مؤسسة تعمل في مكان ما في مجتمعنا، في الولاية أو المدينة أو البلدة أو الحي. تتمتع الشركات التي تنفذ برامج خدمة المجتمع بعدد من المزايا، بما في ذلك تحسين التوظيف والتطوير والارتباط واستبقاء الموظفين. عندما يتم تصميم هذه البرامج لتعكس اهتمامات الموظفين وشغفهم، يمكن أن تخلق حافزاً أكبر بينهم، وتحسن من سمعة الشركة في المجتمع. لقد تناولت الأستاذة الجامعية جيسيكا رودل، من بين آخرين، بشكل موسع في كتاباتها كيفية تصميم هذه البرامج بشكل فعال. ينطوي ذلك، وفقاً لرودل، على اتخاذ خطوات لتحديد الأولويات وتحقيق التوازن بين المصالح من القاعدة إلى القمة وهيكل المؤسسة من الأسفل إلى الأعلى، وإشراك أصحاب المصلحة الآخرين، مثل الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا من برامج خدمة المجتمع التي تنفذها الشركة. فكّر في الفرص المتاحة لشركتك لخدمة المجتمع في الوقت الحالي.

4. المساهمون في رأس المال

هذه النقطة هي الأصعب. بالنسبة لمعظم الأعمال التجارية، يُعتبر المساهمون إحدى القوى البعيدة والخبيثة التي تتحكم بالشركة، وقد تكون مزعجة في كثير من الأحيان. ولكن في الواقع يأتي معظم رأسمال الشركات العامة من خطط تقاعد الموظفين ومن برامج التقاعد المحددة المزايا وبرامج الادخار، بالإضافة إلى العديد من البرامج المماثلة التي تمول التقاعد أو الاحتياجات المالية للأشخاص العاديين. العديد من الشركات الخاصة ذات هيكل مشابه. في الواقع، قد يمنحنا تذكير أنفسنا بأن عملنا يمكن أن يخدم الأحلام والتطلعات المالية لأشخاص مثلنا -على الرغم من احتمالية ألا يشكل ذلك حافزاً كبيراً مثل العملاء أو زملاء العمل- إحساساً أفضل بالقيمة التي نسهم بإضافتها للآخرين.

5. الشركاء والموردون

يعرف أي شخص كان مورّداً أو مزوداً للخدمات لشركة أخرى أن هذا الدور قد يكون صعباً. في كثير من الأحيان، يستغلنا عملاؤنا الذين نقدم لهم خدماتنا ويتجاهلوننا، ويلقون باللائمة علينا عندما تواجههم مشكلة ما. لذلك عندما نتفاعل كعملاء مع الموردين والشركاء الذين يقدمون لنا الخدمات، لدينا الفرصة للتعامل معهم بشكل مختلف، وحتى إبداء استعدادنا لخدمتهم في المقابل. سيستفيد الأشخاص أو الشركات التي تُعرف بأنها تخدم حتى مزوديها بالخدمات من العلاقات المريحة مع هؤلاء الشركاء ومن السمعة الحسنة في السوق. عندما نعمل على خدمة مزودينا وشركائنا، يمكن لعلاقتنا المريحة معهم أن تمنحنا الشعور بالرضا والسعادة أيضاً.

6. الأشخاص الذين نحبهم

كلنا يعمل لهدف ما. يعمل الكثير منا لإعالة أسرة وتوفير الفرص لها، وغالباً ما يعمل العازبون أو من ليس لديهم أطفال بهدف دعم آبائهم أو أشقائهم أو حتى أصدقائهم. كما يعتمد الكثيرون على مداخيل عملهم لدعم المنظمات والمشاريع القريبة من قلوبهم. حتى في الأوقات الصعبة التي تمر علينا، يمكننا أن نشعر بالرضا والسعادة عندما نعلم أن عملنا موجه لخدمة من نحبهم.

إذا أُريد لخدمة الآخرين أن تكون في صميم العمل، فيجب أن تتخلل كل ما نقوم به. لا يقتصر الأمر على العمل التطوعي خارج أوقات العمل -على الرغم من أهميته- بل يجب أن تصبح خدمة الآخرين طريقة تفكير نتعامل بها في جميع مناحي أنشطتنا المهنية. سيحقق الموظفون الذين يتذكرون القيام بمساعدة الآخرين يومياً سعادة ورضا أكبر في حياتهم، بينما ستحقق الشركات التي تتبنى هذا النهج وتدمجه في ثقافتها المزيد من النجاح بوجود قوة عمل أكثر انخراطاً وتحفيزاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي