سؤال من قارئة: أعمل مهندسة في قطاع يهيمن عليه الرجال، وسأطرح مشكلتي المتعلقة بموضوع تقدير المرأة في العمل، أنا في عملي الحالي منذ 9 أعوام، وقبله كنت أعمل كمهندسة لدى شركة أخرى في أثناء استكمال دراستي الجامعية. يخبرني مدرائي أنهم يعتبرونني من أفضل الموظفين، وأني قائدة بالفطرة. أحصل على مراجعات أداء ممتازة ويشيد عملائي وزملائي بي باستمرار. كل هذا يبدو رائعاً. لكن منذ عامين، حصل اثنان من زملائي الرجال على ترقية وأصبحا من كبار المهندسين. وعلى الرغم من أني أتمتع بخبرة 10 أعوام مثلهما تماماً، تم تجاهلي على مدار عامين متتاليين. عبرت عن استيائي للمشرف والمدير في أثناء جلسة مراجعة الأداء الأخيرة ووافقا على منحي ترقية. بالطبع، زميلي الذي حصل على الترقية قبلي حصل على ترقية جديدة وأصبح مديراً للمشاريع في نفس الوقت. سألت رؤسائي عما يمكنني فعله في المستقبل كي أضمن الحصول على الترقيات بوتيرة مماثلة لوتيرة ترقيات زملائي الرجال الذين أتساوى معهم من ناحية الأداء والمؤهلات العلمية والخبرات. ووضحت أني توقعت نيل ترقية منذ عامين واكتشفت أنهم لم يأخذوا سنوات خبرتي في الشركة السابقة في الحسبان. وعندما سألوا قسم الموارد البشرية عن سنوات عملي السابق، قيل لهم إنها لا تحتسب لأني كنت أعمل في أثناء دراستي الجامعية. شعرت بصدمة كبيرة وكأني تلقيت صفعة على وجهي. بدا لي أنهم يستغلونني. فعدا عن تأخير فرص الترقية، أنا لا أحصل على الدعم ولا يمكنني الوصول إلى الموارد مثل زملائي في الفريق. مثلاً، يحصل زملائي على معاونين يساعدونهم في مهماتهم، وأنا أعمل وحدي منذ أعوام على مشاريع تبلغ قيمتها ملايين الدولارات أحياناً، ما يستدعي أن أعمل وقتاً إضافياً يتراوح ما بين 5 ساعات و20 ساعة أسبوعياً. أشعر أن زملائي مُنحوا فرصة الركوب في مصعد زجاجي للارتقاء على السلم الوظيفي، في حين أجبرت على حمل حقائبي والصعود على السلم درجة تلو الأخرى. يحاول مشرفي مساعدتي منذ تحدثت إليه، لكني لا أستطيع التخلص من شعور أني تعرضت للخيانة والاستغلال.
سؤالي هو:
ماذا أفعل؟ أحب الشركة التي أعمل فيها وأحب زملائي، لكن هل سيكون من الغباء أن أبقى؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ريتشارد شيردان: مهندس برمجيات والرئيس التنفيذي لشركة "مينلو إنوفيشنز" (Menlo Innovations)، ومؤلف كتاب "شركة السعادة: كيف بنينا مكان عمل يحبه الموظفون؟" (Joy, Inc.: How We Built a Workplace People Love).
ريتشارد شيردان: تواجه صاحبة السؤال كثيراً من الصعوبات. سأبدأ بما قالته عن عملها بمفردها، فهو يعني أن مهماتها معزولة تماماً، وأود أن أعرف سبب ذلك. لأن هذا يدل على ما أسميه عقلية البطولة، وربما كانت المؤسسة بأكملها مبنية على هذه العقلية. يجب أن تنظر إلى الشركة من زاوية أوسع كي ترى ما إذا كانت هي فقط تعمل بمفردها، فربما تم تجاهلها لأن مجال نفوذها محدود بدرجة كبيرة.
أليسون بيرد: ترغب صاحبة السؤال بانضمام موظفين إلى فريقها والتعاون مع الآخرين والعمل في منصب إداري، لكنها لم تمنح الفرصة ببساطة.
ريتشارد شيردان: يبدو جلياً أنها تقبل بالمشاريع الفردية التي يتم تكليفها بها وتتمسك بها بشدة. وقد يكون ذلك منافياً للبديهة بالنظر إلى الترقية التي تصبو إليها والاحترام الذي تسعى للحصول عليه، ولها كل الحق في ذلك. ومن الجيد أنها طلبت المساعدة.
دان ماغين: بما أن صاحبة السؤال تعمل في الشركة منذ 9 أعوام، أليس من المفترض أن يكون ما تنجزه وما تضيفه للشركة هو ما يهتم به قادتها الآن فيما يخص الترقية، وليس عدد الأعوام التي قضتها في الشركة أو عدد أعوام خبرتها؟ ألا يجب النظر إلى أدائها وإنجازاتها فقط؟ قد تكون هذه النقطة مربكة قليلاً، ما الذي يجب عليها فعله؟
ريتشارد شيردان: لا شك في أن 9 أعوام من العمل في الشركة تعني كثيراً من النشاط والمساهمة، وإذا كانت الشركة مستقرة فلا بد أن تكون القيادة مدركة لمساهمة صاحبة السؤال على مدى هذه الفترة الطويلة. ويجب أن يكون لهذه المساهمة قيمة أكبر من أي شيء آخر في ملف سيرتها الذاتية.
أليسون بيرد: هل للتحيز ضد النوع الاجتماعي دور فيما تواجهه صاحبة السؤال؟ فنحن نعلم أن النساء يشكلن 20% من خريجي كليات الهندسة حالياً، لكن 40% منهن ينسحبن من العمل في الهندسة أو لا يدخلن إليه أساساً لأن ثقافته لا تتقبلهنّ.
ريتشارد شيردان: بالتأكيد، لذلك أشجعها على العثور على نساء أخريات في المؤسسة ممن تمكنّ من إثبات أنفسهنّ والتقدم نوعاً ما وإثبات قدرتهن على الكفاح في بيئة لا تقدّر مساهمات النساء كما يجب. يمكنها أن تطلب نصيحتهنّ، والبحث عن مرشدة لها في الشركة تساعدها في التوصل إلى طريقة للنجاح في هذه المؤسسة.
دان ماغين: نسمع كثيراً عن سعي بعض الشركات الحثيث لجذب خريجات مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) وتعزيزهنّ، وأظن أن صاحبة السؤال ستجد فرصاً أكبر فيها نظراً لما تتمتع به من مؤهلات.
ريتشارد شيردان: من خلال خبرتي في العمل مع المهندسات اللاتي كنّ ضمن الفرق التي كنت أقودها، لاحظت أنهن قادرات على طرح رؤية أوسع دوماً.
أليسون بيرد: نشرنا في مجلتنا مقالة كتبتها لارا شيربن التي تعمل في مركز ابتكار المواهب وتدرس عمل النساء في مجال التقنية. توصلت لارا إلى أنه من الضروري أن تُظهر المرأة هويتها الأصيلة وتصقل علامتها التجارية الخاصة نوعاً ما، وهذا ما يجب أن تفعله صاحبة السؤال، لأنها ليست مثل أي من زملائها الرجال وهي قادرة على تقديم ما هو مميز. توصلت الدراسة إلى أمر آخر، وهو أن شبكات المتدربين والأقران مهمة جداً أيضاً. أكره أن أقول إن على النساء بذل جهد أكبر كي يتقدمن في القطاعات التي يهيمن عليها الرجال، لكن فكرة إبراز ما يجعلها موظفة مميزة تتمتع بقيمة كبيرة هي فكرة سديدة، بالإضافة إلى فكرة ريتشارد عن لفت أنظار القيادة إليها.
ريتشارد شيردان: يبدو أنها تقوم بمبادرات داخل الشركة، ولربما كانت ناجحة. المشكلة هي أنها لا تتقدم بالسرعة التي ترجوها، لكن بإمكانها التحدث عن إنجازاتها والاستمرار بالتقدم. لذا أقول لها: لا تستسلمي، ولا تغضبي.
أليسون بيرد: هي حصلت على الترقية بالفعل ومديرها يحاول مساعدتها الآن، لذا فقد تمكنت من إيصال صوتها وإثبات وجهة نظرها.
ريتشارد شيردان: أحيي صاحبة السؤال على شجاعتها في التحدث عن الأمر والمبادرة بالتوجه إلى المسؤولين، سواء كان مديراً أو مسؤولاً في الموارد البشرية، وتوضيح ما تعاني منه وطلب توضيح لحقيقة الأمر. وإذا أدرك هؤلاء المسؤولون أن ما تقوله صحيح فسيعلمون أن الوقت قد حان لتعديل سلوكهم، ويبدو أنها نجحت في ذلك بالفعل.
أليسون بيرد: إذاً، ليس عليها مغادرة هذه الشركة؟
ريتشارد شيردان: عند التوصل إلى قرار المغادرة، لن يكون هناك ما يخسره المرء، وستكون خطورة البقاء في مكان العمل مساوية لخطورة إجراء تغيير في الشركة وربما أكبر منها بكثير. عندها، يمكنك أخذ خطوات باتجاه هذا التغيير، والمغامرة أكثر في استجابتك للمشاكل التي تعاني منها، فتقول: إما أن يتغير هذا الوضع وإما أن يكون الوقت قد حان للمغادرة.
أليسون بيرد: أولاً، نفهم استياء صاحبة السؤال وغضبها تماماً، ويبدو أن سياسة الموارد البشرية غريبة جداً بالفعل. لكننا نود منها التركيز على النقاط الإيجابية، فقد حصلت على الترقية بالفعل، ومديرها يحاول مساعدتها في الحصول على مزيد من الدعم والموارد. نشجعها على القيام ببعض التأمل الذاتي، فمن الواضح أنها تعمل بمفردها، وهذا بسبب طبيعة المهمات التي تعمل عليها، لكن نعتقد أنه يجب عليها طلب إحضار مزيد من الموظفين للعمل على هذه المهمات عندما توكل إليها. بالتأكيد للتحيز ضد النوع الاجتماعي دور كبير في مشكلتها. لذا، نشجعها على العثور على نساء أخريات في المؤسسة ممن تمكنّ من التقدم فيها وطلب نصائحهنّ وإرشادهنّ. وأخيراً، نعتقد أنها تتمتع بقدرات مميزة فعلاً ولديها وجهات نظر مهمة يمكنها تقديمها للشركة، لذا نريد منها الاعتماد على ذلك والتأكيد على القيمة التي تتمتع بها بوصفها مهندسة على وجه الخصوص، والاستمرار بالإلحاح لمعالجة مشكلتها وطلب الحصول على ما تحتاج إليه، وستستطيع حل مشكلة تقدير المرأة في العمل.