طريقتان لمساعدة الموظفين على تغيير العادات الراسخة

4 دقيقة
مساعدة الموظفين على تغيير العادات

ملخص: لا تحظى عملية تغيير العادات والسلوكيات الراسخة، التي تكون غالباً أكبر عائق أمام النمو الشخصي، بالوقت والاهتمام الكافيَين. يسلط علم السلوك الضوء على بعض الطرق التي يمكننا من خلالها تغيير عاداتنا. تتمثل الخطوة الأولى في التفكير في حالتك المستقبلية المثالية والعقبات التي تتوقع مواجهتها في طريق تحقيق تلك الحالة. يُسمى هذا التمرين "التباين الذهني" (mental contrasting). يؤدي توقع العقبات واتخاذ القرار بمواصلة السعي لتحقيق الهدف إلى تعزيز التزامنا، بالإضافة إلى ذلك، فإن التفكير في العقبات يسمح لنا بالتخطيط لها بطريقة فعالة. أما الخطوة الثانية فتعتمد على التباين الذهني وتتضمن صياغة هدفك على شكل عبارة "إذا حدث كذا، فسأفعل كذا". يشير الجزء الأول من العبارة السابقة إلى موقف أو حدث مرتبط بالهدف الذي ترغب في تحقيقه، أما الجزء الثاني فيعبر عن السلوك الذي تنوي تنفيذه عندما يحدث هذا الموقف. إذا كانت الساعة 9 صباحاً يوم الجمعة، فسوف أخصص 60 دقيقة للتركيز على استراتيجية فريقنا ورؤيته المستقبلية. ينصح المرشدون والمدربون الناس غالباً بتخيّل النجاح، لكن لا يُعد هذا الأمر كافياً لتحقيق النجاح الحقيقي؛ إذ يجب عليك عدم الاكتفاء بالتخيّل إذا أردت تحقيق أهدافك حقاً. فكر في العقبات التي قد تعترض طريقك وتمنعك من تحقيق أهدافك وضع خطة للتغلب عليها.

قابلتُ رامز (اسم مستعار) أول مرة خلال جلسة تدريب للمدراء الجدد التي كنت أتولى الإشراف عليها. أصبح رامز مديراً مؤخراً بعد أن حقق النجاح في عمله بوصفه مسهماً فردياً لعدة سنوات وكان متحمساً لمعرفة مزيد من المعلومات حول دوره الجديد. خلال اليومين التاليين، انخرط رامز كلياً في التدريب وتفاعل مع المشاركين الآخرين ومارس المفاهيم الجديدة بنشاط وفعالية. في نهاية البرنامج التدريبي، التزم رامز بتفويض مزيد من المهام العملية اليومية التي كان ينفذها بنفسه لأعضاء فريقه، وذلك بهدف تعزيز قدراتهم ومنحه الوقت الكافي للتركيز على التفكير الاستراتيجي.

اقرأ أيضاً: طبّق هذه الخطة للتوقف عن عاداتك السيئة

تواصلت مع رامز بعد عدة أشهر للوقوف على كيفية سير العمل، وأخبرني أنه بعد عدة أسابيع من تخصيص الوقت للعمل على الرؤية الشاملة والتفكير الاستراتيجي، وجد نفسه منخرطاً في مشروع جديد وعاد للانشغال بالتفاصيل الصغيرة. بدأ بعض أعضاء فريقه يشعرون بأنه يمارس عليهم إدارة تفصيلية مفرطة، بالإضافة إلى ذلك، قدم له مديره مؤخراً ملاحظات حول ضرورة تركيزه على امتلاك رؤية أوضح للمستقبل.

بالتأكيد، لا تُعد حالة رامز فريدة من نوعها. وفقاً لتجربتي في تطوير القادة في شركات إنتويت (Intuit) وجوجل (Google) وبنترست (Pinterest)، وجدتُ أن الأشخاص الذين عملت معهم جميعهم تقريباً لديهم القدرة والرغبة في التحسن، لكن العديد منهم يواجهون صعوبة في تحقيق هذا التحسن في كثير من الأحيان، وذلك على الرغم من حسن نواياهم. أعتقد أن أحد أسباب ذلك هو أن برامج التعلم والتطوير لا تخصّص الوقت والاهتمام الكافيَين لعملية تغيير العادات والسلوكيات الحالية، التي تكون غالباً أكبر العوائق أمام النمو الشخصي.

لحسن الحظ، يوجد قدر كبير من الأبحاث في مجال علم السلوك التي تتناول أفضل الطرق التي تساعد الأفراد على تحقيق أهدافهم وتغيير سلوكياتهم. أظهرت الدراسة التي أجراها عالما النفس غابرييل أوتينغن وبيتر غولويتزر وجود طريقتين تمكن من خلالهما زيادة فرص تحقيق الأهداف في أي سياق أو مجال تقريباً.

تتمثل الخطوة الأولى في التفكير في حالتك المستقبلية المثالية والعقبات التي تتوقع مواجهتها في طريق تحقيق تلك الحالة. في حالة رامز، قد تتمثل العقبات المحتملة في عدم وجود الوقت الكافي للتفكير الاستراتيجي، أو الشعور بالرضا الناتج عن تنفيذ المهام العملية اليومية بنفسه، أو حتى عدم شعوره بالارتياح لفكرة التخلي عن السيطرة والتحكم في العمليات اليومية وتفويض المهام للآخرين.

ينجح معظمنا في الجزء الأول؛ إذ نفصح عمّا نريد تحقيقه، لكنّ القليل فقط يكمل الجزء الثاني، وهو التفكير ملياً في العقبات التي يمكن أن نواجهها. تطلق أوتينغن على هذا التمرين اسم "التباين الذهني" وقد وجدت أنه يزيد من احتمالية التزامنا بتحقيق أهدافنا.

قد يبدو هذا الأمر منافياً للمنطق للوهلة الأولى. أليس من المنطقي أن يؤدي تركيزنا على التحديات والعقبات إلى إحباط عزيمتنا؟ بل العكس هو الصحيح. يؤدي توقع العقبات واتخاذ القرار بمواصلة السعي لتحقيق الهدف إلى تعزيز التزامنا، بالإضافة إلى ذلك، فإن التفكير في العقبات يسمح لنا بالتخطيط لها بطريقة فعالة.

أما الخطوة الثانية فتعتمد على التباين الذهني وتتضمن صياغة هدفك على شكل عبارة "إذا حدث كذا، فسأفعل كذا". يشير الجزء الأول من العبارة السابقة إلى موقف أو حدث مرتبط بالهدف الذي ترغب في تحقيقه، أما الجزء الثاني فيعبر عن السلوك الذي تنوي تنفيذه عندما يحدث هذا الموقف. يطلق غولويتزر على هذه العملية اسم "نوايا التنفيذ" (implementation intentions). تتمثل قوة نوايا التنفيذ في قدرتها على إنشاء رابط قوي ووثيق بين الإشارة والسلوك، الذي يصبح تلقائياً بمرور الوقت. يمكن أن تكون نوايا التنفيذ فعالة وقوية من خلال استخدامها لتذكيرنا باتخاذ الإجراءات اللازمة، بالإضافة إلى استخدامها للمساعدة في إنشاء خطط احتياطية لمواجهة العقبات التي قد تؤدي إلى انحرافنا عن المسار الصحيح وتحول دون تحقيق أهدافنا. قد يفكر رامز في الوقت أو الموقف أو الظروف التي يمكن أن تساعده على زيادة تحفيزه أو تذكيره بالتركيز بصورة أكبر على الرؤية الشاملة والاستراتيجية للعمل. بعض الأمثلة:

إذا كانت العقبة الرئيسية التي تواجه رامز تتمثل في عدم توفر الوقت الكافي أو النسيان، فيمكنه القول: إذا كانت الساعة 9 صباحاً يوم الجمعة، فسوف أخصص 60 دقيقة للتركيز على استراتيجية فريقنا ورؤيته المستقبلية.

أما إذا كان العائق الأساسي هو شعوره بالرضا الناتج عن إنجاز المهام العملية اليومية بنفسه، فيمكنه القول: "إذا كنت أنفذ إحدى المهام التي يمكن أن يؤديها أحد أعضاء فريقي، فسوف أسأله عن إمكانية تولي هذه المهمة في اجتماعنا الفردي القادم"،

وإذا كان العائق هو عدم شعوره بالارتياح لفكرة التخلي عن السيطرة والتحكم في العمليات اليومية وتفويض المهام للآخرين، فيمكنه القول: "إذا شعرتُ بعدم الارتياح بسبب عدم إنجاز العمل بنفسي، فسوف أطلب الاطلاع على آخر مستجدات سير العمل خلال اجتماع فريقنا القادم".

في شركة بنترست (Pinterest) بدأنا بتطبيق هذا النهج العلمي لتحديث أسلوب التخطيط التنموي، وكانت النتائج الأولية مشجعة. اختبرنا هذا النهج أولاً مع مجموعة من المدراء الذين حضروا ورشة عمل مدتها ساعة واحدة لوضع خطة تنفيذ بناءً على نتائج استطلاعنا الذي يُجرى كل شهرين حول مستوى الالتزام الوظيفي ومشاركة الموظفين.

خلال ورشة العمل، ملأ المدراء ورقة عمل من صفحة واحدة لوضع خطة التنفيذ، فسجلوا نقاطاً مثل الأهداف والعقبات والخطط التي تربط حدوث مواقف معينة بضرورة اتخاذ إجراءات وسلوكيات محددة، على مبدأ إذا حدث كذا، فسنفعل كذا. تعاون المدراء أيضاً على تشكيل مجموعات لتدريب بعضهم بعضاً. بعد شهرين، أجرينا الاستطلاع التالي حول مستوى الالتزام، وسألنا الموظفين عمّا إذا كانوا يلاحظون تنفيذ المدراء للعمل الذي خُطط له منذ آخر استطلاع. رأى 97% من الموظفين الذين كانوا يعملون تحت إشراف أحد المدراء الذين حضروا ورشة العمل، أن المدير قد اتخذ الإجراءات اللازمة بالفعل.

على الرغم من أننا لا نعرف تماماً إذا كانت ورقة العمل وورشة العمل هما اللتان أحدثتا فرقاً في التزام المدراء، لكننا واثقون بأن مواءمة هيكل ورقة العمل وما تركز عليه مع العلوم السلوكية الموجودة أدت إلى زيادة كبيرة في احتمالية تصرف المدراء وفقاً لنواياهم.

ينصح المرشدون والمدربون الناس غالباً بتخيّل النجاح، لكن لا يُعد هذا الأمر كافياً لتحقيق النجاح الحقيقي؛ إذ يجب عليك عدم الاكتفاء بالتخيّل إذا أردت تحقيق أهدافك حقاً. فكر في العقبات التي قد تعترض طريقك وتمنعك من تحقيق أهدافك وضع خطة للتغلب عليها.

اقرأ أيضاً: تعرّفوا على العادات اليومية للعباقرة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي