التخطيط الناجح لتعاقب الموظفين في الشركات العائلية

3 دقائق

تُعتبر عملية التعاقب الوظيفي أحد أكبر التحديات التي تواجه الشركات العائلية، وذلك لفشل معظم تلك الشركات في الحفاظ على طابعها العائلي بعد الجيل الثاني. في المقابل، يتملّك تلك الشركات التي تنجح في الحفاظ على الطابع العائلي مصدر قلق رئيس، ألا وهو كيفية تقبّل الموظفين من خارج إطار العائلة للخلفاء الجدد. إضافة إلى ذلك، قد تُسفر التصورات المتعلقة بمحاباة الأقارب في التعاقب الوظيفي عن تقويض التزام الموظفين من خارج إطار العائلة بالعمل والتأثير على مواصلة مشاركاتهم في الشركة. وقد يكون من الصعب معالجة هذه المشكلة الشائعة، إذ غالباً ما تكون القدرة على اختيار خلفاء من الأسرة وتوفير فرص التوظيف لأفرادها الهدف الأساسي لأصحاب الشركات العائلية. وبالتالي، يتمثّل التحدي الرئيس الذي يواجه الشركات العائلية في قدرتها على جعل موظفيها يتقبّلون الجيل القادم من قادة الأسرة.

قمنا بمراجعة عدة بحوث أُجريت على مدى 30 عاماً حول الموظفين من خارج إطار العائلة في الشركات العائلية، وأشارت النتائج إلى أن الحل يكمن في عدم تجاهل قضية التعاقب الوظيفي العائلية تماماً، وذلك خلافاً للفكر السائد. وقد وجد بحثنا في الواقع أن هؤلاء الموظفين يفضّلون العمل مع خلفاء من أفراد الأسرة بدلاً من العمل مع الغرباء رغبة منهم في الحفاظ على طابع الثقافة العائلية. ومع ذلك، من الضروري أن تعمل الشركات العائلية على بث مشاعر الطمأنينة في موظفيها وأن تُثبت لهم أهلية الجيل القادم في التعامل مع تحديات القيادة المقبلة. وتُبرز الدراسات التي قمنا بمراجعتها أهمية التواصل الواضح وروابط العلاقات القوية والملاءمة الوظيفية للخلفاء بصفتها العناصر الأساسية وراء نجاح عملية التعاقب الوظيفي. وحددنا بناء على تلك الدراسات ثلاث طرق أساسية تساعد الخلفاء الجدد في كسب دعم الموظفين من خارج إطار العائلة.

تعزيز الألفة

غالباً ما تتطلّب عمليات التعاقب الوظيفي الناجحة سنوات من الإعداد، وهو ما يمنح الموظفين الوقت اللازم للاستعداد لهذا الانتقال. في الواقع، من الضروري أن تجري الشركات محادثات مسبقة حول نواياها في اختيار خلفاء من الأسرة قبل اتخاذ قرارات بتوظيف أفراد غرباء. وكشفت البحوث أيضاً عن وجود آراء غير موضوعية لدى المرشحين للوظائف حول العمل في الشركات العائلية. إلا أن إعلام الموظفين المحتملين بدوافع الشركة ونواياها قد يُجنّبها مشاعر الاستياء التي قد تتأجج في المستقبل. من الضروري أيضاً تقديم الخلفاء المحتملين أمام الموظفين من خارج إطار العائلة في وقت مبكر من العملية، فالألفة تولّد الثقة وتعزّز التعاون، ومن الطبيعي أن يحتاج الموظفون إلى الوقت ليتعزز لديهم شعور الراحة في العمل مع الخلفاء الجدد. وقد يكون رأسمال العلاقات الذي يجري تنميته من التعامل بين الخلفاء والموظفين محورياً في تعزيز قبول الموظفين لخلفاء الأسرة قبل تنفيذ عملية التعاقب الوظيفي بوقت طويل.

رفع مستوى التوقعات

غالباً ما ينتاب الموظفين من خارج إطار العائلة شعور بأن أفراد الأسرة يتحملون قدراً أقل منهم من المسؤولية أو الأعباء. ولمواجهة الآثار السلبية لهذه التصورات، يجب على الخلفاء الطموحين إثبات الكفاءة والقدرة على التحمل. وقد تكون أوراق الاعتماد، مثل شهادات التعليم أو الخبرة الخارجية، مهمة في تهدئة مخاوف الموظفين ودحض الفكر السائد أن خلفاء الأسرة هم ببساطة نتاج المحسوبية. كما قد يُسفر إظهار الكفاءة للقيادة من قبل الخلفاء عن تعزيز قبول الموظفين لهم. وبالمثل، من الضروري أن تزيد الشركات العائلية توقعاتها من الخلفاء الطموحين، فزيادة عدد ساعات العمل وإسناد مهام أكثر صعوبة لخليفة ما أثناء عملية الانتقال قد يبعث شعوراً بالثقة في تفاني هذا الخليفة بين الموظفين، ويبث الطمأنينة في قلوبهم ويمثّل دليلاً على أن هذا الخليفة هو الشخص الأنسب للوظيفة.

اجمع الخليفة المرتقب مع الموظفين الحاليين

تقع مسؤوليات تدريب الأجيال القادمة على عاتق قائد العائلة في العديد من الشركات العائلية. إلا أن هذه الممارسة تعيق فرصة تقبّل الموظفين من خارج إطار العائلة للخلفاء الجدد. في الواقع، يُعتبر هؤلاء الموظفون المهرة مورداً قيماً لإعداد الجيل القادم؛ كما أن إشراكهم في عملية تعليم الأجيال القادمة يُتيح للشركات الإشارة إلى قيمتهم وإظهار أهمية مساهماتهم في نجاح الشركة. وقد تُسفر مثل هذه الثقافات التشاركية عن قوة عمل أكثر ولاءً وتفانياً. ويمكن للخلفاء المستقبليين الذين يُبدون التواضع والرغبة في التعلم من الموظفين المتمرّسين ترسيخ التزام الموظفين من خارج إطار العائلة بالعمل وكسب ثقتهم واحترامهم.

باختصار، يُمثّل النجاح في نقل الصلاحيات إلى الجيل القادم هدف العديد من قادة الشركات العائلية. وقد تُعتبر عملية التعاقب الوظيفي أيضاً خطوة تجارية ناجحة في حال جرى تنفيذها باتباع خطوات صحيحة. إن مناقشة نوايا خطط التعاقب الوظيفي العائلية، وتعزيز الروابط العلائقية القوية، وإثبات الملاءمة الوظيفية لقادة الجيل القادم في الشركات العائلية يتيح للخلفاء كسب قبول الموظفين من خارج إطار العائلة لهم، وهو ما يُسفر عن انتقال سلس للقيادة، ويعزز ارتباط الموظفين من خارج العائلة مع كل من الأسرة والشركة على حد سواء، ما يخلق قوة عمل أكثر إنتاجية ويعزز نمو الشركة لعدة سنوات مقبلة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي