كم مرة قد سمعت أن مريضاً تم تشخيصه بالسرطان في مرحلة متأخرة صعّبت رحلة علاجه؟ أو آخر شُخّص بشكل خاطئ؟ أو طبيباً يشكو من الإرهاق بسبب كثرة الحالات المرضية التي تحتاج فحوصاً إضافة إلى مهام إدارية تستغرق وقتاً طويلاً؟ تصدرت مشكلات كهذه مشهد الرعاية الصحية لسنوات طويلة مضت، ولعلك تتفق معي أن معدل السماع عنها بدأ بالتناقص مؤخراً، وتحديداً بعد تطويع التقنيات الحديثة لخدمة القطاع الصحي.
فقد تسببت التقنيات الحديثة ولا زالت ومنها الذكاء الاصطناعي في ثورة حقيقية في الرعاية الصحية، بداية من التنبؤ بالأمراض قبل وقوعها، والتشخيص الدقيق للأمراض، وطرق العلاج، ودور الممارسين الصحيين، وحتى دور المرضى أنفسهم في اتخاذ القرارات. فكيف غيّرت ثورة الذكاء الاصطناعي قطاع الرعاية الصحية، وكيف بادرت الدول للاستفادة من هذه الثورة؟
التشخيص الدقيق والمبكر: تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي من التعلم الآلي إلى التعلم العميق تشخيصاً دقيقاً للعديد من الأمراض التي طالما شكلت تحدياً بدقة تكافئ مقدمي الرعاية الصحية، بل وتتفوق عليها في بعض الأحيان، إذ نجحت في تشخيص أمراض الرئة بدقة تصل إلى نحو 98%، وأحدثت ثورة في الكشف المبكر عن أمراض السرطان وأبرزها سرطان الثدي، وأمراض العيون، وغيرها.
التنبؤ بالأمراض: تمكنت تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي، من التنبؤ بالأمراض المزمنة وتطورها، من خلال تحليل البيانات المختبرية مع معلومات المريض الأخرى ذات الصلة مثل العمر والجنس. إذ اصبحت أنظمة الرعاية الصحية تنبؤية وقائية وليست علاجية فقط. كما ستستفيد أنظمة الرعاية الصحية من فرص التشخيص التنبؤي للأمراض واستكشاف احتمالية انتشار الأوبئة في المناطق والمدن المختلفة، وفقاً لمقال منشور في هارفارد بزنس ريفيو عن الرعاية الصحية الرقمية.
تقليص الأعباء التشغيلية والإدارية على الممارسين الصحيين: ترتبط 30% من تكاليف الرعاية الصحية بالمهام الإدارية، وفقاً لإنسايدر إنتلجينس (Insider Intelligence). وهنا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يضيف قيمة من خلال أتمتة المهام الإدارية المكررة وتحليل بيانات المرضى الضخمة لتقديم رعاية صحية أفضل بشكل أسرع وبتكلفة أقل، ما سيمكن المهنيين من أداء وظائفهم على نحو أفضل وتحسين النتائج للمرضى. فعلى سبيل المثال، تقدم روبوتات الدردشة المشورة الطبية لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة بدلاً من الممرضات. ومن المتوقع أن ينتشر الذكاء الاصطناعي الطبي في 90% من المستشفيات.
تطوير قطاع الرعاية الصحية يتصدر أولويات القادة بالمملكة العربية السعودية
تتسابق الدول في تطوير ملفات الرعاية الصحية استعداداً لمواكبة التحديات التي تواجهها والإرتقاء بالخدمات الصحية المقدمة للأفراد، وكما هو الحال في التقنيات السابقة، فإن الدول ذات الخطط المبكرة والنظرة الاستباقية ستحقق أفضل استجابة، وستقتنص أكبر عدد من الفرص والإمكانات المتاحة. ولنأخذ مبادرات المملكة العربية السعودية مثالاً.
تُولي المملكة اهتماماً كبيراً للقطاع الصحي، إذ يعد رابع أكبر قطاع في حجم الإنفاق بميزانية المملكة للعام 2022. ويعد تولي الصدارة في تقديم الرعاية الصحية أولوية قصوى لقادة الرعاية الصحية في المملكة اليوم، وفقاً لتقرير مؤشر الصحة المستقبلية 2022 من شركة فيليبس.
أطلقت المملكة برنامج تحوّل القطاع الصحي، ضمن برامج رؤية 2030، للعمل على تمكين التحول الشامل في القطاع الصحي وإعادة هيكلته، وتطبيق النموذج الجديد للرعاية المتعلقة بالوقاية من الأمراض، وتوسيع تقديم خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية. إذ حددت الرؤية قطاع الصحة كأولوية وطنية مع أربعة أهداف تركز على الصحة، هي: سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية، وتحسين جودتها، ورفع مستوى الوقاية من المخاطر الصحية، وتعزيز السلامة المرورية.
وكان الذكاء الاصطناعي أحد أدوات المملكة التي سخرتها للمساهمة في تطوير قطاع الرعاية الصحية، والذي حققت به إنجازات حقيقية تجلت في التعامل مع أمراض مثل سرطان الثدي والسكري، فما الاستراتيجية التي اتبعتها المملكة للاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي؟
التجربة السعودية للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
وضعت وزارة الصحة السعودية بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) إطاراً واضحاً لاستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي في مواجهة تحديات القطاع الصحي، ووضع الأسس لتعزيز استخدامه في الرعاية الوقائية، والتصدي للتحديات الصحية الحرجة لسكان المملكة، وتقليل الأعباء الصحية للأمراض غير المعدية مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية.
فيقول سعادة مساعد وزير الصحة، الدكتور محمد العبدالعالي، إن تطبيق القدرات التقنية أصبح منهاجاً جديداً، وليس مجرد طوق نجاة، للعمل في قطاع الرعاية الصحية، موضحاً أن رؤية المملكة والشراكات الجادة التي تعقدها لا تنتظر نوازل مستجدة لتتقدم، بل تقود العلوم نحو فضاء جديد، وتكتب فصولاً جديدة في مجال الطب وصحة الإنسان.
1. تحديد الأولويات (سرطان الثدي والسكري)
يواجه قطاع الصحة تحديات كثيرة للغاية. وهنا تكون الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هي تصفية التحديات وفقاً للأولوية. واستطاع قطاع الصحة في المملكة تحديد الأولويات عبر منهجية منظمة لتحديد أولويات حلول الذكاء الاصطناعي، من خلال عقد ورش عمل مكثفة بمشاركة عدد من الجهات الصحية والجهات ذات العلاقة لمناقشة التحديات التي تواجهها، وطرح قائمة شاملة بالقضايا الصحية التي تحتاج إلى حلول الذكاء الاصطناعي، ومن ثم تحديد أولويات الحلول المقترحة التي تم التحقق من صحتها بناءً على القيمة المضافة لقطاع الصحة ودراسة جدوى تنفيذها.
نجحت هذه الآلية في تحديد حلول الذكاء الاصطناعي للقضايا ذات الأولوية، ولنأخذ مثالاً لها على مرضى سرطان الثدي والسكري. فبالنسبة لسرطان الثدي، فهو الأكثر انتشاراً بين النساء في المملكة مشكلاً 30% من إجمالي أمراض السرطان لدى النساء، ويعد السبب الأول لمعدلات الوفيات الناتجة عنه هو اكتشافه المتأخر، في حين أن الاكتشاف المبكر يعد بالتعافي منه بنسبة 20-40%.
أما مرض السكري، فيقدر عدد المصابين به في المملكة بنحو 3.7 ملايين شخص، ويحتل المركز الأول كمسبب لفقدان البصر في المملكة. ما يزيد من خطورة مرض السكري، هو تعذر اكتشافه المبكر بسبب اختفاء أعراضه لسنوات مسبباً في النهاية اعتلال الشبكية السكري وبالتالي فقدان البصر في الفئة العمرية بين عمر 20 و60 عاماً.
دور حلول الذكاء الاصطناعي في مواجهة المرضين:
يعد الفحص المبكر والتشخيص المبكر والعلاج المبكر طوق النجاة من تفاقم مضاعفات المرضين أعلاه، ولكن مع زيادة أعداد المصابين السنوية ونقص الأطباء المختصين، لا تستطيع الأساليب التقليدية للفحص التعامل بشكل فعال مع انتشار السرطان أو العمى.
وهنا، تأتي أهمية تطوير خوارزميات يتم تطبيقها واختبارها في المنشآت الصحية، لرفع جودة التشخيص وتسريع عملية الفرز وتحسين كفاءة إنتاجية الأطباء وخفض التكاليف السريرية والتنبؤ الفعال للحجم المتزايد للسكان والتخطيط للرعاية الصحية الوقائية لاحتواء انتشار الأمراض المزمنة، وبالتالي تقليل الوفيات الناتجة عن الكشف المتأخر، وهو دور الذكاء الاصطناعي.
ففي حالتي سرطان الثدي واعتلال شبكية العين السكرية القائمة على تجميع حالات الماموغرام في فحص سرطان الثدي وصور قاع العين على سبيل المثال، قد يمر الاختصاصي بمئات الحالات العادية قبل الوصول إلى حالة مشبوهة، ما يتسبب في تأخير الكشف عن الحالات المشبوهة، وارتكاب بعض الأخطاء بسبب الجهد العالي والإرهاق.
ولكن مكّنت تقنيات تعلم الآلة والرؤية الحاسوبية من تطوير خوارزميات تساعد الأطباء وأخصائيو الأشعة على اتخاذ القرار الطبي وتصنيف المرض وعمل التقارير والتحاليل الطبية المناسبة للوصول إلى التشخيص الصحيح بجودة عالية ووقت وجهد أقل وسعة استيعابية مضاعفة.
المنتج المطوّر هنا لحالة الكشف المبكر عن سرطان الثدي واعتلال شبكية العين السكري يعمل على فرز الصور وترتيبها إلى مشتبه به أو حميد بناءً على احتمال وجود عناصر مشبوهة في الصورة ما يسمح بفحص الصور التي قد تكون مريبة أولاً، مستهدفاً زيادة عدد الفحوصات بنسبة لا تقل عن 100% وخفض التكاليف العلاجية بنسبة لا تقل عن 20%، وتقليل نسبة الوفيات بسرطان الثدي من 27% إلى 20%، ما يوفر 2.5 مليار ريال في حالة سرطان الثدي و165 مليون ريال في اعتلال الشبكية للعين السكري.
2. مركز التميّز للذكاء الاصطناعي في الصحة
بعد تحديد الأولويات، تأتي خطوة تفعيل حلول الذكاء الاصطناعي المختارة وتطويرها، ما يستدعي ضرورة إنشاء بيئة تعاونية وفعالة، وهو الدور الذي يقوم به مركز التميز للذكاء الاصطناعي كمبادرة مشتركة بين وزارة الصحة وسدايا، إذ يقوم المركز بتحديد الأولويات الوطنية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتوحيد الجهود القائمة وحوكمة المشاريع والمبادرات المنبثقة منها.
وشكّل مركز التميّز "مجلس الذكاء الاصطناعي في الصحة" برئاسة وكيل الصحة الرقمية في وزارة الصحة، وعضوية الجهات ذات العلاقة بالمملكة مثل المركز الوطني للذكاء الاصطناعي، والجهات المنظمة للخدمات الصحية مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومجموعة د. سليمان الحبيب الطبية، وجونز هوبكنز أرامكو الطبي، والشئون الصحية بوزارات الحرس الوطني والداخلية والدفاع.
يجتمع المجلس لمشاركة التحديثات ومناقشة الأهداف والتحديات، وتقديم الدعم لبرامج الذكاء الاصطناعي، وخلق بيئة تحفز على زيادة مستويات الأداء ، وزيادة الشفافية والمساءلة، والتوافقية بين الهيئات الحكومية ذات الصلة، والاستفادة من الخدمات المستندة إلى البيانات.
3. مشاركة البيانات
تؤدي البيانات هنا دوراً محورياً في تطوير قطاع الرعاية الصحية، إذ توصف البيانات بـ "عملة الرعاية الصحية الجديدة"، وفقاً لشركة ديلويت (Deloitte)، حيث تحتوي بيئة الرعاية الصحية على مجموعة هائلة من البيانات التي يمكن الاستفادة منها من خلال أساليب التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، ما يجعلها من أكثر القطاعات المؤهلة للاستعانة بخدمات الذكاء الاصطناعي.
لذلك، قامت سدايا ممثلةً بمكتب إدارة البيانات الوطنية، بصفته الجهة التنظيمية والمرجعية الوطنية لإدارة البيانات وحوكمتها، بتطوير إطار لحوكمة البيانات الوطنية يتضمن السياسات والإجراءات المتعلقة بتصنيف البيانات، ومشاركتها، وتنظيم جمع ومعالجة البيانات الشخصية، وكيفية ممارسة حق الاطلاع أو الحصول على المعلومات العامة لدى الجهات الحكومية، والبيانات المفتوحة.
4. تصميم برامج مخصصة بتقنيات الذكاء الاصطناعي
قامت سدايا ممثلةً بالمركز الوطني للذكاء الاصطناعي بتفعيل عدة برامج تميز، يخدم كل منها مجالاً صحياً معيّناً يحتوي على عدة حلول معتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة، مثل برنامج أمراض القلب والجلطات الدماغية مع وزارة الحرس الوطني للشؤون الصحية وبرنامج السكري مع الخدمات الصحية بوزارة الدفاع.
مثال 1: برنامج ذكاء اصطناعي للتصوير الطبي
أتاح نضج المنظمات الصحية في مجال التصوير الطبي فرصة لإنشاء برنامج ذكاء اصطناعي للتصوير الطبي باستخدام تقنية رؤية الحاسوب. ويتكون إطار البرنامج عدداً من المسارات لحلول الذكاء الاصطناعي التي تقع ضمن مجموعات الأمراض ذات الأولوية على المستوى الوطني التي تم تحديدها مسبقًا. وقد تم تحديد هذه المسارات كالتالي:
- الكشف عن اعتلال الرئة.
- الكشف عن أمراض القلب.
- الكشف عن سرطان الثدي.
اُعتمد البرنامج من قبل مركز التميّز للذكاء الاصطناعي في الصحة، وتم تحديد الجهة الصحية المناسبة لقيادة برامج ومسارات التنفيذ. فعلى سبيل المثال، في نظام التنبؤ بسرطان الثدي تم اختيار وزارة الصحة لتصبح الجهة الصحية القائدة للنظام، لكونها الجهة القائمة على البرنامج الوطني للفحص المبكر عن سرطان الثدي، وبالتالي لديها المسببات الكافية لتحقيق أهداف النظام المطور.
ويعمل البرنامج من خلال دمج تقنيات الأشعة عن بعد (Tele-Radiology) ونظام الأرشفة الإلكترونية للصور الطبية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطوير نظام للقراءة يعطي الأولوية للحالات المشتبه بها لتكون في مقدمة الحالات على قائمة القراءة لأطباء الأشعة كما هو موضح في الشكل رقم 6.
مثال 2: أول تجربة سريرية في التنبؤ باعتلال الشبكية السكري بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
أنشئ مركز للتميز، يخص التنبؤ باعتلال الشبكية السكري، مع مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، يعمل على إطلاق أول تجربة سريرية لإثبات قدرة دمج خوارزميات الذكاء الاصطناعي في بيئة عمل المختصين في اعتلال الشبكية للعين السكرية من التنبؤ المبكر للمرض. إذ يقول سعادة الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، الدكتور عبد العزيز الراجحي، إن الخوارزمية التي تم تطويرها بالتعاون مع سدايا ستسهم في الكشف عن عدد أكبر من المرضى بوقت أقصر و مجهود أقل. ويعد النظام أول منتج سعودي بأيدي كفاءات سعودية وبيانات تحاكي سكان المملكة.
ويعد النظام اللبنة الأولى لإطلاق القوى الكامنة للدمج بين الإنسان والآلة، إذ أن العين مرآة لأمراض مزمنة يمكننا تطبيق الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بها مثل الشكل رقم 7.
ويقول سعادة القائد التنفيذي لبرنامج التميز للسكري بالإدارة العامة للخدمات الصحية بوزارة الدفاع، الدكتور تركي الحربي، إن انتشار مرض السكري بالمملكة العربية السعودية وتأثيره على صحة الفرد وجودة الحياة والآثار الاقتصادية العالية من علاجه ومضاعفاته جعلته ضمن أولويات الإدارة العامة للخدمات الصحية بوزارة الدفاع، مما قادها إلى التعاون مع الشركاء بالهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي لإطلاق برنامج التميز للسكري مستهدفة بناء منظومة متكاملة لاكتشاف مرض السكري قبل حدوثه، والتنبؤ بالمضاعفات المحتملة له مثل اعتلال الكلى والشبكية، وتوقع مسار المضاعفات قبل تطوّرها بغرض تخفيف الأثر المتوقع لها، إلى جانب استحداث برامج بواسطة الذكاء الاصطناعي لمرضى السكري تساعد الممارسين الصحيين على التنبؤ بالمسار العلاجي، وبرامج للمرضى للتنبؤ بالمضاعفات المحتملة للعلاج.
الذكاء الاصطناعي مثل اي اداة لها استخدامات ايجابية وسلبية. لذا أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي عن مبادئ اخلاقيات الذكاء الاصطناعي في القمة العالمية الثانية للذكاء الاصطناعي 2022 في الرياض. إن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي ستساعد على تأسيس ممارسات وطنية في جميع القطاعات خاصة الصحة لدعم تبني الذكاء الاصطناعي والحد من الممارسات الخاطئة المصاحبة لهذه التقنية من خلال تطبيق مبادئ تتماشى مع المعايير العالمية والقيم الثقافية في المملكة على النحو التالي: النزاهة والإنصاف، الأمن والخصوصية، الإنسانية، المنافع الإجتماعية والبيئية، الموثوقية والسلامة، الشفافية والقابلية للتفسير، بالإضافة إلى المساءلة والمسؤولية. كما تساهم هذه المبادئ بتسهيل التطبيق العملي للاخلاقيات اثناء مراحل دورة حياة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي و الذي تحرص الهيئة على تطبيقه خاصة في المشاريع الصحية المذكورة و الذي سيكون محور حديثنا في مقال لاحق ان شاء الله.
وهكذا، قاد تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية إلى مواجهة تحديات كانت مستعصية من دونه، إذ اختصر عمل عشرات المختصين ومئات الساعات في دقائق معدودة. وقد اعتمد تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على إنشاء مسارات متوازية تركز على بناء القدرات، وتحقيق الفائدة القصوى من وفرة البيانات التي يقودها احتياج قطاع الرعاية الصحية، وإنشاء منصة مشتركة تعمل على تناغم الإنسان والآلة والتنسيق والعمل التعاوني بين قادة عمالقة مجال الرعاية الصحية وجهات أكاديمية مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة ستانفورد لتوجيه هذا التطور.