كيف يمكن أن يستفيد الآباء العاملون من تطبيقات تنظيم المواعيد

4 دقائق

قد يشعر أصحاب المهن أنهم يسيطرون على نواح عديدة من حياتهم، إلا أن جدول أعمالهم لا يكون ضمن تلك النواحي في الغالب. فتحقيق التوازن بين العمل والحياة غاية منشودة للحفاظ على الحياة المهنية. في عام 2014، وجدت شركة "غالوب" (Gallup) أن معدل ساعات العمل الأسبوعية في أميركا هو 47 ساعة، وأن أربعة من كل عشرة أميركيين يعملون أكثر من 50 ساعة في الأسبوع. وذكرت شركة "بلومبرغ" (Bloomberg) أن السائد في مصانع السيارات هو أن تصل ساعات العمل إلى 12 ساعة، كما أن وادي السيليكون مشهور بساعات العمل الطويلة.

وبما أن أيام العمل الطويلة أصبحت هي القاعدة السائدة، أصبح من الصعب في الغالب الوفاء بالأولويات الشخصية. وتبيّن الأبحاث أن الناس خاصة في الموضوعات غير الجذابة لا يتذكرون اجتماعات مجلس الإدارة، بل يتذكرون مباريات البيسبول التي لعبها أطفالهم.. إذن كيف يمكن للقادة، خاصة من الآباء والأمهات، الذين يعانون من كثرة الارتباطات والمواعيد التي عليهم التوفيق بينها، أن يجعلوا جداول أعمالهم تساعدهم في إعطاء فرصة لحياتهم الشخصية بتحقيق التوازن بين الحياة والعمل؟

لا تستنفد طاقتك إلى أقصى حد

فكّر في المسؤوليات المتعددة التي تتطلب اهتمام الآباء العاملين، مثل: العمل في وظيفتين في الغالب وأنشطة الأطفال والمواعيد الخاصة بالأطفال والمواعيد الخاصة بالآباء ومتطلبات الوظيفة الثانية، وأمور أخرى إضافية، وأضف إلى ذلك كله ساعات العمل (التي قد تضاف إليها ساعات عمل إضافية)، سيغدو واضحاً كم من الصعب على الآباء العاملين أن يكون لهم حياة شخصية.

الطريقة الأفضل للسيطرة على ذلك هو ضبط المواعيد بالاستعانة بأداة لضبط الوقت. فمثل هذه الأدوات قد تكون مفيدة، ليس فقط لأنها تساعد في التذكير بالاجتماعات والمواعيد النهائية للمهام، بل لأنها أيضاً تسلط الضوء على الكيفية التي تقضي بها وقتك. [إيضاح: شاركتُ في تأسيس موقع "كاليندر دوت كوم" (Calendar.com)، وأعتبره الحل لمشكلة تنظيم المواعيد]. وعندما ترى بوضوح كم مرة لم تتوافق فيها أولوياتك مع مواعيدك، فقد حان وقت التحرك:

حدد الأولويات أولاً. هل تعلم ما هو الخطأ الأكبر الذي ترتكبه فيتسبب في ضياع وقتك؟ إنه ترك الآخرين ينظمون لك أولوياتك. دون توجيهات من السهل أن تترأس مشروعاً أو تغتنم أي فرصة تتاح أمامك. ولكن قد تعزز تلك الفرص مسيرتك المهنية، أو العكس.

لذا من الأفضل أن تسأل نفسك بعض الأسئلة وتجيب عليها بنفسك قبل أن يجيب عنها الآخرين نيابة عنك. ما الأمر الذي تندم لأنك لم توله الاهتمام؟ ربما الحصول على منصب تنفيذي، أو المشاركة في ماراثون، أو حضور معظم المباريات التي يشارك فيها أبناؤك، أو البدء بعمل جانبي خاص بك. والآن فكّر بطريقة عكسية: ما الذي سيوصلك إلى مرادك؟ العمل على مشاريع محدودة المشاركة أو تكديس جدول أعمالك لدرجة ألا يصبح هناك وقت لأي متنفس إبداعي في يومك؛ جميعها ممارسات لن تفيدك بل وربما تؤذيك.

هل فعلاً تريد الأشياء التيتشعر أنه ينبغي لك أن تريدها؟ هذا سؤال مهم أيضاً. فإذا كان اهتمامك يتضاءل بممارسة اليوغا يومياً أو الحصول على الترقية القادمة أو إيصال الأولاد إلى المدرسة، فهذه إشارة إلى أنعليك استغلال وقتك على نحو أفضل.

ضع حدوداً. تُعد تقنيات تنظيم الوقت أو وضع قيود زمنية بمثابة هبة للآباء العاملين. بتخصيص أوقات محددة لأنشطة محددة، فأنت بذلك تمنع تلك الأنشطة من إهدار طاقتك ووقتك.

وتتمثل إحدى الطرق الجيدة لتحديد قدر الوقت المطلوب لكل نشاط في تعقب الوقت الذي يستغرقه هذا النشاط مدة أسبوع أو أسبوعين. ويمكن لتطبيقات تعقب الوقت، مثل "توجل" (Toggl) أو "تايملي" (Timely)، المساعدة في تحليل الكيفية التي تقضي بها وقتك. فمثلاً هل يستحق البريد الإلكتروني أن يستهلك ساعتين من يومك فعلاً؟ أليس من الأفضل أن نوكل المهام التي تستهلك وقتاً إلى موظف مبتدئ سيزداد خبرة من خلال أداء مثل تلك المهام الإضافية؟

عن نفسي، أضع قيوداً زمنية من خلال تحديد "أيام للاجتماعات"، بحيث عندما يطلع الآخرون على جدول أعمالي يختارون مواعيد للاجتماعات في تلك الأيام فقط. وهو ما يتيح لي الوقت لأداء المهام التي تحتاج إلى وقت أطول. وأستخدم أيضا ميزة "الاجتماعات السريعة" المتوفرة في تطبيق "جوجل كاليندر" (Google Calendar)، التي تقلص مدة الاجتماعات التي تستغرق 30 دقيقة إلى 25 دقيقة، وهو ما أتاح لي فعل أشياء متنوعة ما بين الاجتماعات، والمغادرة في الخامسة مساءً كل يوم بدلاً من تفويت وجبة العشاء كل يوم تقريباً لوصولي المتأخر إلى البيت.

ضع جدول أعمالك في بداية الشهر. قد لا يروق هذا للبعض؛ فلا أحد يريد أن يرى جدول أعماله مكتظاً مع بداية الشهر، لكن بهذه الطريقة ستضمن إيلاء الأولوية للأمور التي ترى أنها الأكثر أهمية بالنسبة إليك. قبل يومين من بداية الشهر الجديد، أدرج في جدول أعمالك المواعيد التي لا تقبل التغيير أو التعديل: كتدريبات كرة القدم والاجتماعات الفردية والمؤتمرات والخروج في موعد مع الزوج/الزوجة ، وما إلى ذلك. بهذه الطريقة سترى، أنت وجميع من حولك، كم من الوقت تبقى فعلياً بعد ترتيب الأولويات في بداية الشهر. وإذا تم إلغاء موعد أو تغيره، فيمكن الاستفادة من الوقت الذي كان مخصصاً له. وبهذه الطريقة نادراً ما ستجد نفسك تكافح لتوفير وقت للفعل الأمور التي ترغب فعلاً في القيام بها كالذهاب إلى ناد رياضي أو زيارة والديك. أعرف مديراً يخصص في جدول أعماله وقتاً للنوم. وهذا أيضاً يوفر للآباء العاملين وقتاً للراحة، كي يبدؤوا يوماً جديداً يمضي بقدر أكبر من السهولة.

اقتنص الفرص لتصنع ذكريات مع أطفالك. الأطفال يكبرون بسرعة. فإذا تغيّبت سنة عن حضور التمارين الرياضية لأطفالك ستتفاجأ بمدى التقدم الذي أحرزوه. هناك العديد من أوقات الفراغ خلال أيام الدراسة العادية، من بينها الأيام التي لا يذهب الأبناء فيها إلى المدرسة والعطلات الرسمية وأنصاف الأيام الدراسية، ومن ثَم يمكنك الاطلاع على هذه الأيام مسبقاً في الجدول الزمني المدرسي وتوفيقها مع جدول أعمالك، وبذلك ستتاح لك الفرصة لتفاجئ أولادك بالذهاب معهم في نزهة قصيرة أو برحلة إلى حديقة الحيوانات. وقد يتطلب الأمر استغلال الإجازات مدفوعة الأجر ومعظم الآباء لا يستفيدون من هذه الميزة إلا نادراً، عدا في حالة الإجازات المرضية، وهذا يمنحنا أوقاتاً مع العائلة تخلّد في ذاكرتنا دون الاضطرار إلى الحصول على إجازة لمدة أسبوعين. السنة الماضية، كانت ابنتي، التي تدرس في الروضة، تنتظر بشوق النزهات القصيرة التي أصطحبها فيها بعد المدرسة لتناول الأيس كريم والتي كانت تستحوذ فيها على كل اهتمامي، حتى ولو كانت مدة النزهة 30 دقيقة فقط.

الحكمة القائلة أنه "إذا أردت إنجاز عمل ما فأعطه لشخص مشغول؛ فهو مَن سيستطيع إنجازه" صحيحة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالآباء العاملين. من الصعب للغاية إعادة تنظيم حياتك خاصة عندما لا تكون سعيداً بالكيفية التي تقضيها بها. ولكن جداول الأعمال يمكن أن تساعدك في ذلك بضمان أنك تولي الأولوية لأهم الأشياء في حياتك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي