ملخص: أثبت عدد متزايد من الأبحاث أن "تصميم الوظائف" يمكن أن يكون أداة قوية لمساعدة الموظفين على الشعور بتجدد الطاقة والقدرة على التحكم في حياتهم العملية. ويُقصد بتصميم الوظائف القدرة على اتخاذ إجراءات استباقية لإعادة تصميم ما يفعله الفرد في العمل، لاسيما تغيير المهمات الوظيفية وعلاقات العمل وتصوراته، ما يجعلهم يشعرون بأنهم يعملون في "وظائفهم هم" لا وظائف الشركة. ويسهم تصميم الوظائف في مساعدة موظفيك الحاليين والمستقبليين على الكشف عن دوافعهم ونقاط قوتهم وإمكاناتهم، وهذا هو الأهم. فعندما يشعر الموظفون بأنهم قادرون على تصميم وظائفهم بما يناسب احتياجاتهم الشخصية، فسوف يزداد إحساسهم بالسيطرة على مقدرات العمل والوضوح الذي تشتد الحاجة إليه بشأن توجهاتهم المهنية. وهي استراتيجية يمكنها أيضاً زيادة إنتاجية الموظفين لتحقيق نتائج تجارية أفضل. وربما كانت أفضل ميزة لتصميم الوظائف أنها تعتبر بمثابة طريقة يمكن للموظف وصاحب العمل استخدامها لإجراء حوار مفتوح والعمل معاً لتلبية احتياجات كلا الطرفين.
يمكن للطريقة التي يتم بها تصميم الوظائف أن تصنع الفارق بين شخص يجد معنى حقيقياً في العمل وآخر يشعر بأن عمله بلا معنى. ومع استمرار ضبابية الخط الفاصل بين المستهلكين والموظفين، يبحث الموظف عن حلول تضمن سلامته الصحية ورفاهته وتهيئ المناخ المناسب لحياة أفضل.
إذ يريد الموظفون أن يمتلكوا القدرة على تصميم وظائفهم بما يناسب احتياجاتهم الشخصية ودعم رفاهتهم العامة من خلال العمل المستقل والمرونة التي تتيح إمكانية الحصول على إجازة الأبوة ودعم سياسات الإجازة غير المحدودة أو عدم التواصل بأي شكل من الأشكال مع مقر العمل. وقد أثبت عدد متزايد من الأبحاث أن "تصميم الوظائف" يمكن أن يكون أداة قوية لمساعدة الموظفين على الشعور بتجدد الطاقة والقدرة على التحكم في حياتهم العملية. ويُقصد بتصميم الوظائف القدرة على اتخاذ إجراءات استباقية لإعادة تصميم ما يفعله الفرد في العمل، لاسيما تغيير المهمات الوظيفية وعلاقات العمل وتصوراته، ما يجعلهم يشعرون بأنهم يعملون في "وظائفهم هم" لا وظائف الشركة.
وللتعرّف على السبل التي يمكن لصاحب العمل اتباعها لتشكيل الوظائف بشكل أفضل وفقاً لاحتياجات الموظفين، سألت شركة "مان باور غروب" (ManpowerGroup) 14 ألف عامل عما يريدونه في حقيقة الأمر. كانت النتائج مؤشراً على وجود بيئة عمل جديدة للموظفين تتيح للموظفين المهرة سلطة اتخاذ القرار واختيار المكان الذي يعملون فيه ويسخّرون فيه مواهبهم. وكانت أهم أولوياتهم المشار إليها تشمل كلاً مما يلي: التمتع بالاستقلالية في تحديد زمان ومكان إنجاز العمل، وتحقيق التوازن بين الحياتين العملية والشخصية من أجل مزيد من الرفاهة، وامتلاك خيارات أكبر للحراك الوظيفي وبناء المهارات.
وإليك أهم 5 أشياء يريدها الموظف بإلحاح من صاحب العمل في الوقت الحالي:
- رفع الأجور
- عمل حافل بالتحديات
- المرونة في تحديد مواعيد العمل
- القرب من المنزل وسهولة التنقل
- إتاحة الفرصة لتطوير المهارات
يسهم تصميم الوظائف في مساعدة موظفيك الحاليين والمستقبليين على الكشف عن دوافعهم ونقاط قوتهم وإمكاناتهم، وهذا هو الأهم. فعندما يشعر الموظفون بأنهم قادرون على تصميم وظائفهم بما يناسب احتياجاتهم الشخصية، فسوف يزداد إحساسهم بالسيطرة على مقدرات العمل والوضوح الذي تشتد الحاجة إليه بشأن توجهاتهم المهنية. وهي استراتيجية يمكنها أيضاً زيادة إنتاجية الموظفين لتحقيق نتائج تجارية أفضل. وربما كانت أفضل ميزة لتصميم الوظائف أنها تعتبر بمثابة طريقة يمكن للموظف وصاحب العمل استخدامها لإجراء حوار مفتوح والعمل معاً لتلبية احتياجات كلا الطرفين.
تنفيذ استراتيجية تصميم الوظائف
وإليك 3 طرق لتنفيذ استراتيجية تصميم الوظائف في مؤسستك:
ابدأ بالعلم
يعتمد النجاح في تصميم الوظائف على فهم الموظفين لأنفسهم جيداً بما يكفي لتصميم مهماتهم الوظيفية بما يناسب احتياجاتهم الشخصية. وإذا أراد المدراء مساعدتهم، فعليهم أن يتعرفوا أولاً على مهاراتهم وإمكاناتهم ورغباتهم. وهنا تأتي أهمية البيانات والتقييمات.
نادراً ما تجد أحداً يفهم نقاط قوته الحقيقية. وتسهم التقييمات في مساعدة المرء على فهم نفسه بشكل أفضل. وبمقدور التقييمات مُتقَنة التصميم أن تقلل من احتمالات التحيز وتتيح إمكانية تصميم الوظائف استناداً إلى مبادئ مثبتة علمياً بدلاً من الاعتماد على الحدس والتخمين. كما أن التقييمات تتيح للشركات القدرة على تزويد موظفيها برؤى شخصية حول مهاراتهم وإمكاناتهم. ففي عالم يعتمد على البيانات بشكل متزايد، حيث تقترح الخوارزميات والذكاء الاصطناعي كل شيء، بداية مما يجب عليك شراؤه وصولاً إلى الأفلام التي يُنصح بمشاهدها، يتوقع الموظفون توصيات مماثلة من الشركات التي يعملون فيها.
وعلى الرغم من أن اعتماد تقييم المهارات لا يزال منخفضاً نسبياً، حتى إن نسبة أصحاب العمل الذين يطبقونها في شركاتهم لا تتجاوز 45%، فإن هناك علاقة واضحة بين التقييم والرضا الوظيفي، حيث يقول 65% من الموظفين إنهم يحبون وظائفهم، ويقفز هذا الرقم إلى 81% للموظفين الذين يحصلون على تقييم لمهاراتهم.
صياغة التحديات بما يتناسب مع إمكانات الأفراد
يتقدم الكثيرون للحصول على الوظائف لكن بصورة سلبية، حيث يستشهدون بإنجازاتهم السابقة وكيف سيتم تكرارها في الدور الجديد، ما يقلل في كثير من الأحيان من إمكاناتهم ودوافعهم للتعلم والتطوير. ويرجع هذا في الأساس إلى أن الوظائف تتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن كل وظيفة تقريباً باتت قابلة للأتمتة جزئياً، وعليه فإن فهم الإمكانات المستقبلية للفرد أهم من التعرف على إنجازاته في الماضي. ويعد تصميم الوظائف إحدى الطرق التي يمكن للموظفين استخدامها لمواكبة هذه التحولات، بداية من تحمل مسؤوليات جديدة وصولاً إلى تعلم مهارات جديدة وتوجيه الآخرين.
يأتي التحدي في المرتبة الثالثة على قائمة الأولويات الخمس الأهم للعاملين من جميع الأعمار. بيد أن "التصدي للتحديات" قد يعني الكثير من الأشياء، وما يصلح لشخص معين قد لا يصلح لشخص آخر. إذ يحتاج الخريج المتحمس لإثبات كفاءته في وظيفته الجديدة، ويبحث عن مهمة إنمائية تساعده على تطوير أدائه، إلى دعم مختلف عن الدعم المقدم إلى قائد ناشئ في منتصف حياته المهنية. وقد يؤدي تصميم الوظائف دون تلقي الدعم المناسب إلى الإصابة بشلل التسويف أو حتى الاحتراق الوظيفي.
لا يختلف التعليم عن التدريب في شيء، ولكن الأفضل من هذا وذاك الحصول على الفرص الإنمائية والتناوب في أداء المهمات والتعلم في أثناء العمل والتدريب المهني ومهمات العمل المرنة بين مختلف الفرق والتخصصات للسماح للموظفين بتطبيق مهارات جديدة في أدوار جديدة والشعور بالمزيد من التحدي والثقة في الاضطلاع بعمل جديد مع الشعور بأنك على مسار وظيفي واضح من وظيفة إلى أخرى.
يحتاج المدراء إلى مهارات تدريبية للإسهام في توجيه الأفراد إلى تصميم الحوارات المهنية التي تتناسب مع الوتيرة المطلوبة لحراكهم الوظيفي واحتضان الخبرات الجديدة والترحيب بالخبرات العملية التي تحفز كلاً من النجاح الشخصي والتجاري.
تحديد أولويات العمل المرن - التوازن الجديد
عندما تقول 69% من الشركات الأميركية إنها لا تستطيع العثور على المهارات التي تحتاجها، وهو ما يعتبر زيادة تتجاوز 3 أضعاف ما كانت عليه هذه النسبة قبل عقد من الزمن، لم يعد بإمكان أصحاب العمل اتباع نهج موحَّد لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم. ونشهد اليوم تزايد عدد الأشخاص الذين يفضّلون النماذج البديلة على الأدوار التقليدية الدائمة، حيث يتزايد عدد العاملين بدوام جزئي وبالنظام المشروط وبنظام التعاقد والنظام المؤقت وبنظام العمل الحر ونظام التعاقد المستقل وبنظام العمل الفوري عبر الإنترنت والمنصات الإلكترونية، ويقول 81% من الموظفين إنهم يختارون العمل بهذه الطريقة، وليس لأنه الملاذ الأخير.
ويجب على أصحاب العمل إذا أرادوا الاحتفاظ بالموظفين العاملين بدوام كامل أن يساعدوا الأفراد على تصميم أدوارهم حتى يتمكن الموظفون من تحقيق التوازن الصحيح بين الحياتين العملية والمنزلية، وحتى تتمكن الشركات من تحقيق أهدافها الخاصة. وتعد إتاحة مواعيد عمل غير تقليدية مع مراعاة المرونة في تحديد أوقات بدء العمل وانتهائه أمراً أساسياً لجذب العاملين وتشجيعهم على البقاء مع شركتهم الحالية.
وهكذا يؤدي تمكين العاملين من صياغة وظائفهم بطريقة تناسب حياتهم الشخصية إلى زيادة معدلات اندماجهم. ذلك أن الفصل بين الحياتين العمل والمنزلية بات الآن مفهوماً عفا عليه الزمن. وتذكر أن الموظفين يتصرفون الآن مثل المستهلكين ويتوقعون أن يكون العمل جزءاً من حياتهم، وليس كل حياتهم. لذا يُنصَح بأن تركز على الإنتاجية خلال وقت المقابلة المباشرة من خلال وجود مقاييس أداء واضحة وأن تثق في موظفيك لتحقيق النتائج سواء كانوا يعملون من المقهى عند الفجر والغسق أو في مكتب من الساعة 9 صباحاً إلى الساعة 5 مساءً.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الموظفين المندمجين أكثر حماساً وحيوية وإيجابية، ويشعرون بحبهم لوظيفتهم ومكان عملهم، ما يؤدي أيضاً إلى تحسين النتائج. يشار أيضاً إلى أن أماكن العمل التي ترتفع بها نسبة اندماج الموظفين تشهد انخفاض معدلات التغيُّب بنسبة 41% وانخفاض عيوب الجودة بنسبة 40% وارتفاع معدلات الربحية بنسبة 21% مقارنة بغيرها من الشركات.
وإننا إذ نستعين الآن بالذكاء الاصطناعي لتنظيم قوائم تشغيل الأغاني وقوائم المشاهدة وقوائم القراءة وقوائم خزائن الملابس، فقد حان الوقت الآن للاستعانة بالبيانات لمساعدتنا على تنظيم وظائفنا، حتى نتمكن من تطوير مهارات جديدة وتحمل مسؤولياتنا وإطلاق العنان لإمكاناتنا وزيادة تأثيرنا إلى أقصى حد ممكن.