سؤال من قارئة: أعمل في مؤسسة كبيرة غير ربحية للرعاية الصحية تملك منشآت في عدة مدن. وعند توظيف أفراد جدد في فريقي، يجب عليّ الحصول على توقيع الموافقة من أحد المدراء. مشكلتي هي أن هذا المدير بطيء جداً، ولا أستطيع تشجيعه للعمل بشكل أفضل، ففي إحدى المرات استغرقت موافقته تسعة أشهر. وكما تعلمون، هذا يرسم صورة سيئة عن المؤسسة لدى الموظفين المحتملين، ويصعّب حياة الموظفين الحاليين. حاولت أن أستعجل المدير قليلاً، لكنه لا يرد على اتصالاتي أو رسائلي الإلكترونية. هو يعمل في مدينة أخرى، لذا من غير الممكن أن أحضر شخصياً إلى مكتبه. حاولت الحصول على دعم مساعدته التنفيذية، لكنها مرهقة ومنهكة. من الناحية الوظيفية، يتبع هذا المدير إلى مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي مباشرة، لكن نظراً لثقافة مكان العمل في المؤسسة، لا أعتقد أنه من الممكن رفع هذه المشكلة إلى هؤلاء المدراء الأعلى رتبة.
سؤالي هو:
كيف يمكنني تحسين الوضع؟ وما هي الطريقة المناسبة لأشجع مديري من أجل أن يعمل بشكل أفضل؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ناشاتر داو سولهايم: الرئيسة التنفيذية للشركة الاستشارية "بروغرسنغ مايندز" (Progressing Minds)، كتابها الجديد بعنوان: "الرمز السري للقيادة: فتح قفل العلاقات العازمة والرابحة" (Leadership Pin Code: Unlocking the Key to Willing and Winning Relationships).
ناشاتر داو سولهايم: أعتقد أنه من الشائع جداً أنه عند العمل مع زملاء في مدن مختلفة، أو المدير كما في هذه الحالة، يصعب التواصل معهم عند الحاجة إلى أشياء منهم، مثل حاجة صاحبة السؤال إلى توقيع الموافقة وتعيين موظفين جدد. وفي نفس الوقت، أتساءل عما إذا كانت صاحبة السؤال تفهم سياق العمل في المؤسسات غير الربحية، إذ إنها تواجه صعوبات مختلفة تماماً عن المؤسسات الخاصة. من المحتمل أن تكون المؤسسة في ضائقة مالية، وبالتأكيد سيسعى الرئيس التنفيذي أو كبار القادة إلى الحصول على دعم السفراء الآخرين أو الجهات الراعية أو الاستثمارات الخيرية مثلاً. وسيواجه كبار القادة صعوبات شديدة في إدارة ما يفعلونه داخل المؤسسة نحو فرقهم، إلى جانب إدارة مساهميهم الخارجيين ومحاولة الحفاظ على أرباح الشركة المالية.
دان ماغين: كان رد فعلي الأول هو أن صاحبة السؤال صبورة جداً! فتسعة أشهر مدة طويلة جداً. كما أتساءل عن العواقب التي ستترتب على الشركة جراء عدم ملء الشواغر وما إذا كان بإمكان صاحبة السؤال ذكرها في رسالة إلكترونية شاملة تتحدث فيها عن مشكلة عدم ملء الشواغر الوظيفية في الشركة.
أليسون بيرد: أخشى أن عليها الحذر من بناء علاقة عدوانية مع هذا المدير، إذ يبدو أنه لا يقدّرها ولا يوليها أي قيمة. لكن أعتقد أن عليها إبراز التكاليف المترتبة على المؤسسة نتيجة لهذا التأخير. وربما كان بإمكانها إيجاد حلول بديلة. يمكنني الاستعادة بما يفكر فيه دان، فقد يقول دان: "هل يمكننا تغيير عملية التوظيف هذه كي لا تحتاج إلى موافقة هذا المدير تحديداً؟" لكني لا أعلم كيف ستقوم بذلك من دون التحدث إليه أو إلى مدرائه مباشرة، وهو أمر يبدو غير ممكن.
دان ماغين: فكرت فيما إذا كان هناك طلب يمكنها عدم الرد عليه لفترة، أمر ينتظره منها هذا المدير مثلاً ويمكنها تأخيره. أدرك أنها في موقف أقل قوة، فهي ليست مرؤوسة مباشرة لهذا المدير، وهناك خطورة دائماً في جعل الموقف انتقامياً نوعاً ما، لكن إذا كان لديها أمر يمكنها تأخيره على المدير سيصبح موقفها أقوى.
أليسون بيرد: يبدو لي أن هذا المنحى أشد عدوانية. هذا مثير للاهتمام.
ناشاتر داو سولهايم: أفكر وأقول لنفسي: "لا بأس، سنجعل من هذا الموقف معركة، فلنشجعها على أن تواجه هذا الأمر بصورة مباشرة". لكن لدي فكرة أخرى، وهي أن تعرف الأشخاص الذين يستمع هذا المدير إليهم بالفعل، من هم مستشاروه، لأنها قد تحصل منهم على معلومات أكثر عن طبيعة هذه المشكلة وما إن كان هذا أسلوبه المعتاد مع الجميع، وما إن كان بطبيعته بطيء الاستجابة أم أن هذه الحالة طارئة لأنه مشغول في كثير من الأعمال وعليه تلبية متطلبات معقدة أو كثيرة، وبالتالي فهو ليس بطيئاً في الأحوال العادية. ربما كان يواجه مشكلة شخصية، علماً أن هذا لا يعتبر عذراً، لكنه يساعدها على معرفة ما إذا كانت هناك طرق أخرى للتعامل مع هذا الشخص ودفعه للاستماع إليها. كما أشجعها على أن تفكر بطريقة صياغة طلبها لموافقته، هل تكتب رسالتها بطريقة توضح أهمية الطلب وضرورة التعامل معه كأولوية أم لا؟ فلنفترض أنه يتعامل الآن مع كمية هائلة من المتطلبات، وأنه منهك من العمل، يمكن أن يكون طلب التوظيف الذي ترسله إليه صاحبة السؤال طريقة لمساعدته على تخفيف عبء العمل عنه. لذا، يجب عليها أن تربط طلبها بشيء يشكل فائدة لهما كليهما. لا يتعين عليها التعامل مع الموقف على أنه معركة، بل محاولة مخاطبته بلغته التي يفهمها ومشاركته اهتماماته.
أليسون بيرد: كل هذه الأفكار جيدة. أولاً، فكرة أن تجري بحثاً أعمق قليلاً عن هذا المدير، وثانياً فكرة توثيق التكاليف المترتبة بطريقة غير عدائية على الإطلاق، مجرد سرد حقائق عن المرشحين الذين خسرتهم المؤسسة والوقت الذي تستغرقه عملية التوظيف لأدوار مهمة جداً، ومقارنة ذلك مع القطاع عموماً، والوقت الذي يهدره الموظفون الحاليون في تغطية متطلبات الوظائف الشاغرة أو إدارة عملية التوظيف لديهم. يمكن أن تحثه هذه المعلومات على التحرك لأنها تثير اهتمام قادة آخرين في المؤسسة.
ناشاتر داو سولهايم: وقد تثير اهتمامه هو أيضاً. نضع كثيراً من الافتراضات هنا، وأقول دوماً إن الافتراضات هي أكبر مسبب لسوء الفهم، ومن الممكن جداً أن تفترض صاحبة السؤال أيضاً أنه يتجاهلها لأن لديه مشكلة معها شخصياً، في حين يمكن أن يكون السبب هو أنه غارق في مهمات أخرى. وإذا قدمت له البيانات اللازمة في هذه المراجعة الموضوعية فقد تلفت انتباهه وتحثه على التحرك. أعتقد أن هذه طريقة رائعة لإجراء حوار مفتوح غير عدواني حول طريقة تحسين العمل.
دان ماغين: كنت أستعيد تجاربي كمرشح للوظائف التي عينت فيها، وأتذكر مرة ذهبت إلى مقابلة عمل يجريها شخص يبدو جلياً أني لن أتعامل معه مباشرة في الوظيفة ولن يشارك في سير العمل اليومي فيها، لكن على ما أعتقد كان مسؤولاً عن الموافقة على العمل. وتساءلت حينها ما إذا كان تواصل المدير مع المرشح لبضع دقائق كجزء من عملية التوظيف يجعله مشاركاً فيها.
أليسون بيرد: قالت ناشاتر، من الأفضل أن توضح صاحبة السؤال سبب أهمية المرشح والسبب الذي يجعله الأنسب للوظيفة في رسالة طلب توقيع الموافقة من المدير. بيد أني كنت سأقترح العكس، وظننت أنك ستفعل ذلك أيضاً. كنت سأقترح أن تقول صاحبة السؤال للمدير: "من الواضح جداً أن لديك كثيراً من الأعمال بين يديك، وأعلم أن هذا الأمر بالنسبة لك هو مجرد إجراء بيروقراطي فحسب، لذا هل من الممكن أن تنقل هذه المسؤولية إلى شخص آخر. أو دعني أحمل مسؤولية هذا الأمر عنك كي لا تضطر للتعامل مع متاعبه". أي أن تخرجه من العملية تماماً.
دان ماغين: أو بإمكانها تحويله إلى خيار سلبي، أن تقول مثلاً: "أنا بصدد تقديم عرض عمل لهذا المرشح، وإذا لم يصلني ردك غداً سأعتبرك موافقاً عليه. شكراً".
ناشاتر داو سولهايم: أود التحدث عن هذا الأسلوب لأني رأيته يطبّق فعلاً، وهو يخلق نزاعاً لأنه يوضح بصورة جلية أن هذا المدير فشل في تقديم ما يطلب منه بسبب عدم رده ضمن الإطار الزمني الذي حدده موظف لديه. والمدراء لا يحبون هذا الشعور. أتساءل عما إذا كان هذا الأسلوب سينجح مع صاحبة السؤال أم لا.
أليسون بيرد: نشجع صاحبة السؤال على إجراء بحث حول الديناميات التنظيمية في المؤسسة وحول وضع هذا المدير تحديداً. ربما لا يستجيب لطلبها بسرعة لأنه لا يتعلق باهتماماته ومصالحه وأولوياته وقيمه، أو ربما كانت صاحبة السؤال تتواصل معه بأسلوب غير فعال. سلوكه معها مثير للجنون تماماً، لكن في المؤسسات غير الربحية على وجه الخصوص، يمكن أن يحمل المدير عدداً من المسؤوليات المختلفة، لذا، يمكنها أن تتعامل معه بأسلوب أكثر عدوانية، وأن تتصل به وتواجهه مباشرة. لكننا نرى أن حدسنا صائب في عدم اتباع هذا الأسلوب، ونشجعها على التوصل إلى حلول بديلة. كما نرى أن بإمكانها إجراء مراجعة لأوجه القصور التي يتسبب بها تأخر المدير في الرد وتوضيح التكاليف المترتبة عليه، وتوضيح خسارة المؤسسة للموظفين والأعباء التي يضطر أفراد فريقها لتحملها جراء ذلك. ثم يمكنها إيصال هذه المراجعة إلى المدير نفسه من أجل لفت انتباهه أو إيصالها إلى قادة آخرين. عموماً، نرى أن هناك عدة خيارات متاحة أمام صاحبة السؤال وأن عليها استكشافها جميعها قبل أن تتخذ موقف مواجهة عنيف مع المدير، وباتباعها لنصائحنا هذه، ستتمكن من تشجيع المدير على العمل بشكل أفضل.