ملخص: قد يكون اتخاذ قرار بتغيير المسار المهني أمراً في غاية المشقة؛ فمن أين تبدأ؟ تقدّم الكاتبة في هذه المقالة 4 طرائق ملموسة لتسهيل عملية الانتقال الوظيفي: 1. ابدأ بتحديد معالم المسار المهني المُنتظَر وتضاريسه. اقرأ السير الذاتية والملفات التعريفية لكبار قادة المؤسسات أو زملائك الصاعدين بقوة بعد أن غيروا مسارهم المهني، واسلك الطريق الذي سلكوه. وسيمكّنك هذا من رسم خريطة طريق مماثلة 2. اعلم أنك ستحتاج إلى أخذ زمام المبادرة. 3. اصنع شبكة علاقات لكي تمنح نفسك القدرة على الاختيار. باعتبارك عضواً جديداً في مجال العمل الذي اخترت الانتقال إليه، فقد تضطرك الظروف إلى الالتحاق بشركة دون المستوى دون أن تدرك ذلك (كالعمل في شركة ذات بيئة عمل سلبية أو تقدّم أجوراً متدنية)، لأنه من السهل أن ينخدع الوافدون الجدد على قطاع معين بالمظاهر ويلتحقوا بالعمل في شركة يتجنبها المطلعون على بواطن الأمور. لذا، احرص على بناء شبكة علاقات واسعة النطاق، لأنك ستحتاج إلى التغيير بسرعة ما لم تجد محطتك الأولى ملائمة لرغباتك. 4. حدّد الفرص الواعدة. إذا كان بإمكانك أن تصبح الموظف "المميز" في مجال تتزايد أهميته، فيمكنك غالباً بناء مسار مهني يتمحور حول هذا المجال.
عندما يعيد المهنيون تشكيل مساراتهم المهنية من جديد، فإنهم يشعرون في أغلب الأحيان بأنه يتعين عليهم البدء من نقطة الصفر وبأن علاقاتهم وخبراتهم السابقة ليست ذات قيمة في عالمهم الجديد، لكنك قد تكون مخطئاً؛ لأن مهاراتك وشبكة علاقاتك السابقة قد تكون أكثر نفعاً مما تعتقد، بحيث يمكنك الاستفادة منها في رحلتك الجديدة، على الرغم من أنك قد تشعر بالارتباك لبعض الوقت في أثناء تحسُّس طريقك بحثاً عن السبيل الأنسب لسير الأمور في حياتك المهنية الجديدة.
وقد تبيّن لي من خلال الأبحاث التي أجريتها إبّان تأليف كتابي الصادر تحت عنوان: "إعادة ابتكار نفسك" (Reinventing You) أن هناك 4 استراتيجيات لبناء مسار مهني لنفسك في أي مجال جديد، حتى إذا كنت لا تزال تتلمّس طريقك.
حدّد معالم المسار المهني المُنتظَر وتضاريسه.
في الأيام الأولى لبناء مسار مهني لنفسك في مجال جديد، قد لا تكون متأكداً من الإجابة عن الأسئلة الرئيسية التي تطرح نفسها في هذا السياق عادةً: ما المهارات أو السلوكيات التي يُثاب أو يُعاقب المرء عليها مهنياً؟ ما طول المدة التي يجب أن ينتظرها المرء للترقي إلى منصب قيادي؟ ما الذي ينبغي توقعه؟ حتى إذا بدت لك هذه العملية شاقة ومجهدة، فإنك ستشعر بالقدرة على التحكم في الأمور بمجرد أن تتعرّف إلى الأنماط المعتادة، مثل: "يتمتع كبار القادة دائماً بخلفية مالية" أو "يستغرق الأمر عادةً X سنوات للحصول على ترقية إلى منصب نائب الرئيس". احرص على إجراء مقابلات شخصية مع المطّلعين على أسرار المهنة، ولا تخف من سؤال مديرك أو زملائك عن السمات المميزة للأشخاص الأكثر نجاحاً في شركتك أو قطاع العمل المستهدف. يمكنك أيضاً قراءة السير الذاتية والملفات التعريفية لكبار قادة المؤسسات أو زملائك الصاعدين بقوة بعد أن غيروا مسارهم المهني، واسلك الطريق الذي سلكوه. سيمكّنك هذا من رسم خريطة طريق مماثلة، إن أردت.
اعلم أنك ستحتاج إلى أخذ زمام المبادرة.
كانت الشركات تحدّد لموظفيها في الماضي مسارات مهنية واضحة المعالم في أغلب الأحيان؛ فقد كنت تضع قدمك على أول السلم الوظيفي بعد التخرج في الجامعة، وبافتراض أنك أحسنت أداء عملك، فقد كنت تواصل الترقي في المناصب بمنتهى البساطة لمدة 30 عاماً، مع ازدياد راتبك بالتوازي مع شغلك مناصب وظيفية أعلى. غير أن هذا النمط قد اختفى تماماً من الحياة المؤسسية المعاصرة، بكل مزاياه ومساوئه، ولم تعد الشركات تأخذ بالمقاييس الموحّدة أو تطبّق معايير قياسية على الجميع، على الرغم من عدم إدراك الكثير من الموظفين لهذه الحقيقة.
وهناك موضوع أواجهه بشكل متكرر بحكم عملي في مجال التحدث، حيث تطلب الشركات الاستعانة بخدماتي خلال أنشطة "الشهر الوظيفي" لكي أشرح للموظفين أنهم بحاجة إلى استباق الأحداث والإعلان عن رغباتهم طلباً للفرص التي يريدونها، وأن هناك المزيد من التنقلات الجانبية (إلى مناطق جغرافية جديدة وأدوار وظيفية مستحدثة، وغير ذلك)، بدلاً من الترقيات التقليدية والشبه المضمونة في مجال معين ذي فرص محدودة. وباعتبارك وافداً جديداً في مجال ما، فإنك ستكون في صدارة المنافسة إذا أدركت منذ البداية أنه يتعين عليك التخطيط لتقدمُّك المهني والعمل من أجله، بدلاً من ترك الأمور تسير بالدفع الذاتي دون تدخل من جانبك.
اصنع شبكة علاقات لكي تمنح نفسك القدرة على الاختيار.
إذا كنت بصدد اقتحام مجال عمل جديد، فإن شبكة علاقاتك لم تتطور بشكل كبير في هذا المجال حتى الآن. وعليك أن تضاعف جهدك لتصحيح هذا الوضع، وذلك لثلاثة أسباب: أولاً: قد لا تكون على دراية كافية بالدور الوظيفي الأنسب لك في الأيام الأولى من أي مسار مهني جديد. على سبيل المثال، قد تدخل مجال التسويق من خلال شغل وظيفة تركز على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنك تكتشف لاحقاً أنك تفضل التركيز على المحتوى المقالي الطويل. وتتيح لك شبكات العلاقات واسعة النطاق القدرة على اكتشاف جوانب مجال عملك الجديد التي ربما لم تكن على دراية بها، والأدوار الوظيفية التي يمكنك أن تتفوق فيها.
ثانياً، من المهم ملاحظة أنه يجب عليك تنمية شبكة علاقاتك بوعي داخل شركتك وخارجها. باعتبارك عضواً جديداً في مجال العمل الذي اخترت الانتقال إليه، فقد تضطرك الظروف إلى الالتحاق بشركة دون المستوى (كالعمل في شركة ذات بيئة عمل سلبية أو تقدّم أجوراً متدنية) دون أن تدرك ذلك، لأنه من السهل أن ينخدع الوافدون الجدد على قطاع معين بالمظاهر ويلتحقوا بالعمل في شركة يتجنبها المطلعون على بواطن الأمور. لذا، احرص على بناء شبكة علاقات واسعة النطاق، لأنك ستحتاج إلى التغيير بسرعة ما لم تجد محطتك الأولى ملائمة لرغباتك.
وأخيراً، يتم العثور على معظم الوظائف من خلال "العلاقات الضعيفة". وإذا كنت تنوي الاستمرار في هذا المجال على المدى البعيد، فإن القيمة المركبة لبناء العلاقات في وقت مبكر ستكون كبيرة، لأن هؤلاء هم الأشخاص الذين سينبهونك إلى فرص العمل التي ستُتاح بعد 10 سنوات من الآن.
حدّد الفرص الواعدة.
ثمة واحدة من أفضل الطرق لبناء مسار مهني لنفسك وتتمثّل في أن تبتكره ابتكاراً. وقد تناولت في كتابي "ميّز نفسك عن الآخرين" (Stand Out) نبذة عن مايك ليدون، ذلك الشاب الذي أنشأ شركة متخصصة في تخطيط المدن ولاقت نجاحاً مشهوداً في خضم الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الركود الاقتصادي الكبير على خلفية خبرته في التصميم العمراني التكتيكي، الذي اعتُبر حينها تطوراً جديداً في مجاله. ونظراً لأنه كان اتجاهاً ناشئاً، فلم تزاحم أي شركة أخرى شركته في السوق، واستطاع مايك من خلال احتضان دراسات الحالة ومشاركتها على نطاق واسع أن يصبح خبيراً معتَمَداً بسرعة البرق، دون الاضطرار إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع عمالقة السوق من الشركات العاملة في القطاع. إذا كان بإمكانك أن تصبح الموظف "المميز" في مجال تتزايد أهميته، فيمكنك غالباً بناء مسار مهني يتمحور حول هذا المجال.
ستكون الحياة، باعتراف الجميع، أبسط بكثير إذا تمكّنا فقط من اقتحام مسارات مهنية محددة مسبقاً. لكن الأمر لم يعد خياراً هذه الأيام بشكل عام. نحن بحاجة إلى تحديدها أو إنشائها، ومتابعتها بكل ما أوتينا من قوة. قد يبدو الأمر مرهقاً، وكأننا نضيف إلى مهماتنا مهمة أخرى يتعين علينا إنجازها، ولكنها تشكّل أيضاً فرصة لصياغة مسار مهني يعكس اهتماماتنا ومواهبنا بشكل أفضل. وباتباع هذه الاستراتيجيات الأربع، سينتهي بك الأمر على الأرجح إلى بناء المسيرة المهنية التي تريدها لنفسك على المدى البعيد.