ثمة ظاهرة متكررة منذ بداية الركود الاقتصادي، وهي تغيير مسؤولي الإدارة العليا باستمرار؛ فقد تغير الرئيس التنفيذي المشرف على أحد عملائي 4 مرات خلال 18 شهراً فقط، وتغير المدير الأول المشرف على عميل آخر 3 مرات خلال 9 أشهر، وتغير المدير العام لدى عميل ثالث 5 مرات خلال 3 سنوات. ما السبب؟ هل هي عمليات الاندماج والاستحواذ؟ أم تغيُّر التوجهات الاستراتيجية؟ أياً كان السبب، فالتغيُّرات الإدارية المتتابعة تجعل بيئة العمل تبدو فوضوية وعشوائية، وفي ظل هذه التقلبات في صفوف الإدارة العليا، ما الذي يمكنك فعله لضمان استقرار حياتك المهنية؟
يمكنك البدء بعرض نفسك على مديرك الجديد وكأنه "يعيّنك" من جديد. هل لاحظت يوماً كيف يكوّن المدير علاقات وثيقة مع مَن يعينهم بنفسه؟ ذلك لأنه يعرفهم جيداً وشاركهم رحلة التعيين خطوة خطوة، واطلع على سيرهم الذاتية وكوّن معهم علاقات متبادلة مريحة في مقابلات العمل وتوصل إلى قرار ضمهم إلى فريق العمل، واتخذ الموظّفون الجدد بدورهم خطوة إيجابية تجاه هذا القرار وقبلوا بالعمل مع المدير الجديد. قارن ذلك بانضمام المدير إلى فريق قائم والتعامل مع الوضع الراهن.
إذا حدث تغيير في صفوف الإدارة العليا، فلا تنتظر أن يبادر المدير الجديد إلى الخطوة الأولى، وإياك أن تختبئ بانتظار التغيير الإداري التالي، فقد أيقنت من واقع خبرتي مع أكثر من 30 عملية اندماج أن مَنْ يختبئ يخسر، ومَنْ يأخذ زمام المبادرة ينجو بنفسه؛ لذا عليك أن تتخذ إجراءً إيجابياً وتتقمَّص قدر الإمكان دور الموظف الذي يسعى للحصول على وظيفة جديدة: حاول محاكاة هذا الدور.
أولاً: حدد موعداً للقاء مديرك الجديد شخصياً. حتى 20 دقيقة ستفي بالغرض، لكن احرص على الالتزام بالإطار الزمني المتفق عليه.
ثانياً: حدّث سيرتك الذاتية. ركّز فيها على منجزاتك التي حققتها في وظيفتك الحالية. جمّع بعضاً من عيّنات عملك إن أمكن، ومنها الخطط الاستراتيجية أو ملخصات التقارير أو التصاميم أو العروض التقديمية أو أي عمل آخر كنت مسؤولاً عنه (اعتماداً على طبيعة وظيفتك)، المهم أن يكون عملاً حديثاً ويُظهر إمكاناتك الحقيقية وما يمكنك تحقيقه. إذا كانت شرائح الباوربوينت جزءاً من ثقافة شركتك، فطوّر مجموعة من 4 أو 5 شرائح توضّح ما أنجزته مع فريقك مؤخراً.
ثالثاً: تعامل مع الاجتماع كأنه مقابلة عمل؛ أو حتى مكالمة مبيعات مع عميل مرتقب كبير. حاول اكتشاف اهتمامات مديرك الجديد واحتياجاته بأكبر قدر ممكن من الوضوح، وإذا لم تكن متأكداً من قدرتك على توضيحها بما يكفي، فجرّب هذه العبارة البسيطة: "دعني أخبرك شيئاً عن كذا" استخدمها لاستهلال أي سؤال ترغب في الإجابة عنه. على سبيل المثال، استخدم عبارة "دعني أطلعك عن طبيعة عملي"، ولك مطلق الحرية في التحدث عن تاريخ عملك؛ أو حاول أن تقول: "اسمح لي بالتحدث عن المنتجات الجديدة في إدارتنا"، ثم أعقب عبارتك تلك بعرض تقديمي لهذه المنتجات.
راجع شرائح عرض الباوربوينت مع المدير الجديد، تماماً كما تفعل في العرض التقديمي للمبيعات. استخدم السيرة الذاتية وعينات العمل بوصفها "أدوات تعريفية"، مع الإشارة إلى أنك ستكون سعيداً بالإجابة عن أي أسئلة بخصوصها.
رابعاً: احرص في تعاملك مع مديرك الجديد على الإيجابية والتركيز على المستقبل. إياك والحديث بالسوء عن زملائك أو مديرك السابق أو مسؤولي الإدارة العليا، تعامل باحترافية.
ختاماً، أود أن أوضح أمراً بإيجاز: أجد أنه كلما ارتقى المرء في المناصب قلّت فرص نجاح طريقة "إعادة التعيين"؛ ففي نهاية المطاف يعمل المسؤولون في المناصب التنفيذية العليا تحت الإشراف المباشر للرئيس التنفيذي. مع ذلك، اتبع هذا النهج على أي حال. ما عدد الفرص المتاحة لك لتقديم نفسك شخصياً إلى الرئيس التنفيذي الذي دخل سوق العمل مؤخراً على وجه التحديد؟ قدّم نفسك إلى أكبر عدد ممكن من الرؤساء التنفيذيين الجدد (أو المؤقتين)،
وبغض النظر عن مستواه المؤسسي، تابع أي مدير جديد من خلال التواصل الإلكتروني وطلب رسائل التوصية والإحالات متى كان ذلك مناسباً. مَن يدري، حتى إذا غادر مديرك الجديد شركتك، فقد يكون بمقدوره ترشيحك لمنصب مثالي في مؤسسته الجديدة في العام المقبل.