لماذا تتردد النساء في الترويج لأنفسهن مثل الرجال؟

5 دقائق
حل مشكلة ضعف الترويج للنساء الناجحات

انتهى الربع المالي للتو، ويمر مديرك بك ليسأل عن جودة أدائك في المبيعات في هذا الربع، كيف تصف أداءك؟ ممتاز؟ جيد؟ سيئ؟

وعلى الرغم من تلك الأسئلة، لماذا نعاني من مشكلة ضعف الترويج للنساء الناجحات؟ وخلافاً للسؤال الذي قد يطرح عليك عن أحد مقاييس الأداء الموضوعية (كمبلغ المبيعات الذي حققته في هذا الربع، مثلاً)، غالباً ما تكون طريقتك الذاتية لوصف أدائك غير واضحة، فليس هناك جواب صحيح.

إلا أنه كثيراً ما يطلب إلينا تقديم تقييمنا الذاتي لأدائنا في مراحل عدة من حياتنا المهنية، إذ يطلب منا تقييماً ذاتياً لأدائنا في طلب التسجيل في الجامعة وعند التقدم لوظيفة وفي مراجعات الأداء والاجتماعات، وتستمر القائمة. وطريقة وصفك لأدائك هي ما ندعوه مستوى الترويج الذاتي.

الترويج الذاتي في مكان العمل

بما أن الترويج الذاتي شديد الانتشار في العمل، فيمكن أن يحظى من يروج لنفسه أكثر بفرص أفضل للتوظيف والحصول على ترقية والحصول على زيادة على الراتب أو علاوة. ونظراً لعملنا في الأبحاث المتعلقة بالفجوات بين الجنسين فيما يتعلق بالأجور والمفاوضات والقيادة الصارمة، تساءلنا عما إذا كانت هناك اختلافات بين الجنسين فيما يتعلق بالترويج الذاتي أيضاً وما إذا كانت تساهم في الفجوات الأخرى.

ووجدنا فجوة واسعة بين الجنسين في الترويج الذاتي، حيث كان التقييم الذاتي للأداء لدى الرجل أعلى بنسبة 33% منه لدى المرأة المساوية له في الأداء. ومن أجل فهم أسباب هذه الفجوة، أجرينا دراسة على عاملين قد يؤثرا في مستوى الترويج الذاتي لدى الموظف، وهما الثقة (قد لا تكون واثقاً من أدائك الفعلي)، والمحفزات الاستراتيجية (قد تمدح أدائك من أجل الحصول على علاوة أو ترقية). 

اقرأ أيضاً: ما حقيقة التنافس بين النساء في العمل؟

أجرينا دراستنا من خلال توظيف 1,500 موظف من منصة سوق العمل "أمازون ميكانيكال ترك" (Amazon Mechanical Turk - MTurk)، وقمنا بقياس الأداء عن طريق إجراء اختبار لجميع الموظفين يضم 20 سؤالاً تحليلياً متعلقاً بمواد مثل الرياضيات والعلوم. ولتقييم ثقتهم، طلبنا منهم توقع عدد إجاباتهم الصحيحة عن هذه الأسئلة. وقيمنا مستوى الترويج الذاتي لديهم عن طريق طرح أربعة أسئلة تتعلق بالترويج الذاتي كالتي تطرح عليهم في مراجعات الأداء. على سبيل المثال، طلب مهم تقييم مدى موافقتهم على جملة: "كان أدائي جيداً في الاختبار" على مقياس من 0 إلى 100 درجة.

وأنشأنا أربع نسخ من الدراسة وقسمنا المشاركين بينها عشوائياً. ومن أجل تقديم محفزات كالتي تقدم للموظفين على أرض الواقع، أخبرنا المشاركين في النسخة العامة من دراستنا أننا سنوصل واحدة من إجاباتهم عن أسئلة الترويج الذاتي إلى أحد أرباب العمل (مجموعة أخرى من المشاركين من ميكانيكال ترك)، والذي سيقيّم تلك الإجابة وحدها ويقرر وفقها ما إذا كان سيوظف صاحبها أم لا، ومقدار الأجرة التي سيدفعها له إذا ما تم تعيينه. كما كانت هناك محفزات لأرباب العمل لتعيين الموظفين أصحاب الأداء الأفضل، إذ تحدد أجرة رب العمل وفقاً لدرجة اختبار الموظف الذي تم تعيينه.

الفروقات بين الرجال والنساء في الترويج الذاتي

وجدنا أن نسبة ترويج الرجال لأنفسهم كانت أكبر منها للنساء بكثير. على سبيل المثال، على الرغم من حقيقة أن الرجال والنساء كانوا متساوين في أدائهم في الاختبار وسطياً، إلا أن الرجال في هذه النسخة العامة من الدراسة منحوا أنفسهم 61 درجة من 100 وسطياً، في حين منحت النساء أنفسهن 46 درجة من 100. وكان هذا الترويج الذاتي مجزياً، فالموظفين الذين منحوا أنفسهم تقييماً أعلى على مقياس (0-100) درجة كانت نسب توظيفهم أعلى، وحصلوا على أجور أعلى.

ما سبب هذا الاختلاف في نسب الترويج الذاتي؟ تقول إحدى النظريات أن ثقة المرأة بأدائها أقل من ثقة الرجل بأدائه. وبالفعل، كانت ثقة النساء في دراستنا بأدائهن أقل، (أي أن إجاباتهن الصحيحة باعتقادهن كانت أقل مما هي في الواقع)، بينما كان الرجال واثقين من أدائهم أكثر مما ينبغي.

ولكن إذا اقتصر الأمر على ذلك، لتمكن الكشف عن حقيقة الأداء من القضاء على الفجوة بين النساء والرجال في الترويج الذاتي. ولكن عندما أخبرنا الموظفين بحقيقة أدائهم ومقارنته مع أداء الآخرين، وطرحنا عليهم أسئلة الترويج الذاتي مرة ثانية، وجدنا أن الفجوة بين الجنسين ما زالت ثابتة.

كانت النظرية الأخرى تتعلق بالمحفزات الاستراتيجية، بما أن الموظفين كانوا يعلمون أن ترويجهم لأنفسهم سيحدد فرصهم المستقبلية في الوظائف والأجور، ربما كان الرجال أكثر عزماً على الاستفادة من هذا النظام. هل يمكن أن تعكس فجوة الترويج الذاتي تضخيم الرجل تقييمه الذاتي للحصول على أجر أعلى أكثر مما تفعله المرأة؟

وللحصول على إجابة عن هذا السؤال، أجرينا نسخة مختلفة من الدراسة، وهي النسخة الخاصة، وطلبنا فيها من الموظفين تقييم أدائهم على نحو سري. إذ لم نشارك إجابات الموظفين مع أرباب العمل ولم نقدم حوافز مالية تدفع المشاركين لرفع تقييمهم الذاتي، وبذلك لم تكن هناك أسباب استراتيجية للقيام بالترويج الذاتي. وبالفعل، من دون المحفزات التي تثير إعجاب أرباب العمل المحتملين، لم يقم الموظفون بذات القدر من الترويج الذاتي عموماً. إلا أن نسب تراجع الترويج الذاتي لدى النساء والرجال كانت متساوية، وبالتالي بقيت الفجوة بين الجنسين ثابتة.

كما باءت محاولاتنا الأخرى لسد هذه الفجوة بين الجنسين بالفشل، ففي النسخة الغامضة من دراستنا، أعدنا أرباب العمل إلى الصورة لكن مع إضافة الغموض إلى البيئة. وأخبرنا الموظفين أن هناك احتمال أن يعرف أحد أرباب العمل بمستوى أدائهم الحقيقي إضافة إلى درجة ترويجهم الذاتي. وهذا ما شكل احتمالاً بأن "يكتشف" أمر الموظف الذي يبالغ في الترويج الذاتي. وفي نسخة أخرى، وهي نسخة خاصة (مع معلومات عن الآخرين)، عدنا إلى شروط النسخة الخاصة من دون وجود أرباب عمل ولكن مع بيئة أكثر شفافية، حيث أخبرنا الموظفين عن المستوى الوسطي للترويج الذاتي لدى الآخرين الذين سجلوا مستوى أداء مساوياً لمستوى أدائهم في الاختبار. لم تتمكن هاتان النسختان من سد الفجوة بين الجنسين في الترويج الذاتي، ما أدى بنا إلى استنتاج أن فجوة الترويج الذاتي بين الجنسين ثابتة حتى في البيئات الأكثر غموضاً والأكثر شفافية.

لاحظنا وجود فجوة كبيرة في الترويج الذاتي بين الجنسين في جميع نسخ دراستنا، إذ قدمت المرأة تقييمات تحط من شأن أدائها السابق وقدرتها المستقبلية المحتملة أكثر من الرجل الذي يتساوى معها في الأداء. وكشفت دراستنا بنسخها المختلفة أن هذه الفجوة بين الجنسين لا تتأثر بالثقة أو المحفزات الاستراتيجية، وأنها بقيت راسخة حتى في البيئات الغامضة والبيئات ذات الشفافية الكبيرة.

ما الذي يسبب هذه الفجوة الثابتة على نحو مربك؟ لا يمكننا هنا سوى التكهن، أشارت الأبحاث السابقة التي أجريت حول الترويج الذاتي إلى احتمال وجود اختلافات بين الجنسين في ردود الأفعال، حيث يتعرض من يبالغ في الترويج الذاتي للعقوبة. وإذا تعرضت المرأة للعقوبة على المبالغة في الترويج الذاتي أكثر من الرجل، فهذا سيؤدي إلى استيعابها المخاطر المترتبة على وصف أدائها بشكل إيجابي للغاية أكثر من الرجل. وبالتالي، فقد تنشأ فجوة بين الجنسين في شروط مثل شروط دراستنا، حيث لا يعرف أرباب العمل المحتملون جنس المتقدم (كما في النسختين العامة والغامضة مثلاً)، أو حيث لا يكون هناك أي رب عمل يسبب قلقاً للموظف (كما في النسختين الخاصة والخاصة مع معلومات عن الآخرين مثلاً). وإلى أن نتمكن من فهم سبب وجود هذه الفجوة بين الجنسين في الترويج الذاتي بصورة أفضل، قد يصعب علينا تحديد الاستراتيجيات المناسبة لسدها، وهذا يعني أن علينا إجراء مزيد من الأبحاث.

وفي غضون ذلك، يجب على أرباب العمل الذين يعتمدون على الترويج الذاتي في عمليات التوظيف والترقية وتحديد الأجور أو العلاوات الانتباه إلى المغزى من عملنا هذا، وهو: قد لا تتحدث المرأة عن عملها على نحو إيجابي كما يفعل الرجل، ولكن ذلك لا يعني أن أداءها أقل جودة من أدائه، وهذا يعني أنه عليهم حل مشكلة ضعف الترويج للنساء الناجحات.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي