4 أسباب تستدعي تدوين المذكرات اليومية في العمل

3 دقيقة

هل تعلم أهمية تدوين المذكرات اليومية؟ دعونا نبدأ مقالنا بالسؤال التالي: ما القاسم المشترك بين مقدمة البرامج التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري، والجنرال جورج باتون، أحد القادة العسكريين البارزين في الحرب العالمية الثانية؟ الجواب هو أن الاثنين كانا يدونان مذكراتهما اليومية بمنتهى الحيوية.

قبل فترة من الزمن، عرضت أوبرا وينفري على قرائها لمحات من مذكراتها اليومية، حيث شجعت هؤلاء القراء على تدوين مذكراتهم اليومية أيضاً. كما أن العديد من الشخصيات الشهيرة عبر التاريخ من جون آدامز إلى آندي وارول، احتفظت بسجلات عن أنشطتها اليومية، والتي دونتها بمنتهى الأمانة. لا شك في أن بعضهم اتخذ تلك الخطوة رغبة منه في ترك بصمته في التاريخ. ولكن بعيداً عن هذه الرغبة في الخلود، هل هناك أي مكاسب حقيقية من تدوين المذكرات اليومية؟

نعم هناك مكاسب من ذلك. وبالتحديد، هناك 4 أسباب لتدوين المذكرات اليومية، وهي أولاً: التركيز، وثانياً: الصبر، وثالثاً: التخطيط، وورابعاً: النمو الشخصي.

أهمية تدوين المذكرات

إحدى طالبات تيريزا السابقات (وتيريزا أحد كاتبي هذا المقال) وتدعى سارة كاوس، كتبت مؤخراً أن المذكرات اليومية التي كان يجب عليها كتابتها كجزء من مادة الإدارة المبدعة ضمن الماجستير في إدارة الأعمال قادتها إلى التحلي بالصبر اليومي وهو أمر كان في غاية الأهمية بالنسبة لها خلال رحلتها المهنية من استشارية إلى رائدة أعمال، حيث تتخصص الشركة التي تعمل فيها سارة بتصنيع زجاجات الشرب المعزولة وبيعها. في بادئ الأمر، احتجّت سارة بشدة على فكرة تدوين المذكرات اليومية، قائلة: "في ذلك الوقت، ولأنني كنت طالبة مشغولة في ماجستير إدارة الأعمال بدت الفكرة غير مريحة وتستهلك وقتاً طويلاً. فأنا كنت بحاجة إلى العمل وإلى التعارف مع الآخرين، وليس تخصيص الوقت للكتابة حول تصوراتي ومشاعري. أو هذا ما كنت أعتقد به وقتها. لكن المهمة التي أوكلتها إلينا أستاذتي آمابيل عرّفتني على نوع جديد تماماً من المذكرات اليومية ساعدني في حياتي الشخصية وحياتي المهنية على حدّ سواء".

سلطت سارة الضوء على المكاسب الثلاثة الأولى من ذلك: "منحني تدوين المذكرات اليومية حول العمل القدرة على "التركيز" لتحديد نقاط قوتي والأنشطة التي تحقق لي أكبر قدر من السعادة. والمفاجئ في الأمر هو أن أقل المهام روعة في حياتي المهنية حتى الآن كانت بعضاً من أهم إنجازاتي المهنية. لقد تعلمت العديد من الدروس بخصوص المجالات التي يمكنني فيها إظهار أكبر قدر من التفاعل معها بما يمكنني من أن أكون الأكثر نجاحاً في شركتي. كما أن تدوين المذكرات اليومية قد منحني "الصبر" وعزز من قدرتي على "التخطيط". ورغم أن الأمر قد يبدو وكأنني لا أحقق سوى خطوات بسيطة للغاية إلى الأمام – وأحياناً أشعر وكأنني أراوح في مكاني أو أرجع إلى الوراء حتى – غير أن مذكراتي اليومية هي عبارة عن وسيط وحكم مستقل (ومشجع صامت). سيكون هناك على الدوام إمكانية لتحقيق المزيد من التقدم، ولكن بالنسبة لي من المهم جداً أن أعلم بأنني أقترب أكثر من أهدافي. وأنا دائماً أشعر برغبة في النظر إلى الوراء لأعلم حجم التقدم الذي أحرزته خلال عام واحد، ولأرى تحول العديد من العقبات الرئيسية في الماضي على ما يبدو إلى مجرد مطبات مرورية بسيطة عندما ينظر المرء إلى الخلف. يمدني هذا السجل الذي أدونه بالكثير من الصبر والآراء السديدة عندما تعترضني تحديات جديدة. وحتى الآن، ومن موقعي كرائدة أعمال مشغولة، لا أستطيع تخيل فكرة عدم تخصيص بعض اللحظات في نهاية كل يوم لأسجل في مذكراتي اليومية التقدم الذي أحرزته، فضلاً عن آمالي وخططي للمراحل التالية من النجاح.

تؤكد الأبحاث العلمية الاعتقاد السائد لدى سارة بأهمية التأمل والتدبر وتدوين التجارب اليومية. فقد كشفت التجارب التي أجراها عالم النفس جيمس بينبيكر وآخرون، أن كتابة الإنسان عن أحداث صادمة أو مفعمة بالتوتر اختبرها في حياته يمكن أن تزيد من مناعته وتحسن من صحته الجسدية وتساعده على التأقلم بشكل أفضل مع الحياة الجامعية وتمنحه إحساساً أكبر بالرفاه وتمده بالقدرة على إيجاد وظيفة بشكل أسرع بعد تسريحه من عمله. وفي أبحاثنا التي أجريناها نحن بخصوص تأثير الأحداث الحاصلة في العمل على الناس وأدائهم، طلبنا مما يفوق 200 شخص من العاملين في الحقول التي لها علاقة بالمعرفة تزويدنا بتقرير يومي هو عبارة عن مذكّراتهم الشخصية اليومية طوال فترة عملهم على مشروع معقد كانوا يعكفون على إنجازه، ورغم أننا حصلنا على بعض الاكتشافات المدهشة، والتي نشرناها في كتاب، اكتشف المشاركون في بحثنا أشياء مفاجئة عن أنفسهم أيضاً.

ولعل هذا المكسب الرابع الذي يحققه الأشخاص الذين يدوّنون مذكراتهم اليومية، أي "النمو الشخصي" هو المكسب الأهم. فتدوين المذكرات اليومية في مكان العمل بطريقة منتظمة، وهو فعل كان يستغرق أكثر من 10 دقائق في اليوم، أعطى العديد من المشاركين في بحثنا فكرة جديدة عن أنفسهم بوصفهم أشخاصاً مهنيين محترفين، وما يحتاجون إلى إدخال تحسينات عليه. وكما قال أحدهم: "عندما راجع مذكراته اليومية في العمل: "وجدت بأن تعليقاتي كانت تعكس نبرة متشائمة وهذا أمر ربما لم يكن ضرورياً إذا نظرت اليوم إلى تلك الحقبة السابقة من الزمن. الآن أحاول مقاربة مشاريعي بنظرة أكثر تفاؤلاً وإيجابية". وقال مشارك آخر في نهاية الدراسة: "يؤسفني أن عملية تدوين المذكرات اليومية تقترب من نهايتها. فقد كانت تجبرني على الجلوس والتأمل في الأشياء التي حصلت معي خلال النهار. وكان هذا الطقس الخاص بكتابة المذكرات اليومية مفيداً جداً في توعيتي بشكل أكبر بخصوص الكيفية التي يجب علي اتباعها لتحفيز فريقي والتفاعل معه. شكراً لكم على مساعدتي لأكون شخصاً أفضل".

وبما أننا أدركنا أهمية تدوين المذكرات اليومية، والقيمة الكبيرة لها، بدأنا بتسجيل مذكراتنا في العمل يومياً. لكننا نعلم مدى صعوبة الحفاظ على هذا "الطقس اليومي". لكننا سنستمر به طالما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي