3 تدابير عليك التفكير فيها قبل طلب المساعدة من قسم الموارد البشرية

6 دقائق
الثقافات السامة
shutterstock.com/CWA Studios

ملخص: يعد التعامل مع الأعراف والثقافات السامة وحل المشكلات المتعلقة بها من بين أصعب قضايا مكان العمل. يمكن لثقافات مكان العمل السامة أن تدفع الموظفين للتشكيك في قيمهم وكفاءتهم وحتى التفكير في ترك وظيفتهم بصفته الخيار الوحيد المتاح أمامهم. تُظهر الدراسات الواحدة تلو الأخرى أن مثل هذه الثقافات تؤدي إلى استنزاف الموظفين، وأن تجربتنا في العمل تتأثر، تأثيراً سلبياً أو إيجابياً، إلى حد كبير بسلوك الآخرين من حولنا. إذا كنت تفكر بالإبلاغ عن موقف سام في وظيفتك إلى الموارد البشرية، فقد تشعر بالقلق إزاء التداعيات السلبية المحتملة؛ هذه مخاوف طبيعية، ومن المهم التفكير بعناية فيما تريد تحقيقه وفهم النتائج المحتملة تماماً قبل اتخاذ أي إجراء. تقدِّم المؤلفة 3 أسئلة يمكن أن تساعدك في تقييم خياراتك في أثناء موازنة إيجابيات التحدث إلى الموارد البشرية وسلبياته بشأن موقف سام تواجهه.

 

يمكن أن يؤدي العمل في بيئة سامة إلى إضعاف مشاعرك الإيجابية تجاه وظيفتك بسرعة. قد يثير مجرد التفكير بالذهاب إلى العمل في بيئة سامة كل يوم فيك مشاعر القلق والخوف، وقد يكون اتخاذ قرار بشأن الإبلاغ عن حالة سامة أم لا، وتحديد من يجب التحدث إليه في هذا الشأن وكمّ المعلومات التي يجب مشاركتها، أمراً صعباً للغاية.

لدي تجربة شخصية في هذا الصدد. في وقت سابق من مسيرتي المهنية، انضممت إلى شركة ناشئة بدت استثنائية وديناميكية. لكني اكتشفت بعد 3 أسابيع أنني انضممت عن غير قصد إلى فريق يواجه ثقافة مدمرة في مكان العمل. كان الفريق تحت قيادة مدير تفصيلي صعب المزاج يستحيل إرضاؤه، وكانت بيئة المكتب متوترة، مع مستويات عالية من الصراع والتوتر بين الموظفين. لم يكن لدى الشركة قائد للموارد البشرية أو أي قادة كبار آخرين، لذلك لم أعرف إلى من أتوجه للحصول على المساعدة. استغرق الأمر مني عاماً ونصف لإخراج نفسي من هذا الوضع الفظيع.

بصفتي مدربة مهنية في الوقت الحالي، أساعد الموظفين على حل مشكلات مكان العمل التي يبدو التعامل معها في غاية الصعوبة. يعد التعامل مع الأعراف والثقافات السامة وحل المشكلات المتعلقة بها من بين أصعب قضايا مكان العمل، ويمكن أن تدفع الموظفين للتشكيك في قيمهم وكفاءتهم، وحتى التفكير في ترك وظيفتهم بصفته الخيار الوحيد المتاح أمامهم. إذا كنت تمر بتجربة مماثلة، فاعلم أنك لست وحدك، فتُظهر الدراسات الواحدة تلو الأخرى أن مثل هذه الثقافات تؤدي إلى استنزاف الموظفين، وأن تجربتنا في العمل تتأثر، تأثيراً سلبياً أو إيجابياً، إلى حد كبير بسلوك الآخرين من حولنا.

السلوك السام والسلوك المزعج

لكي ننظر إلى شخص ما على أنه "سام"، لا يكفي أن يكون مزعجاً أو غير مرغوب فيه. واجهنا جميعاً زملاء عمل أو مدراء وجدناهم مزعجين أو لم نتمكن من التوافق معهم تماماً، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم سامون. لكي يُعد الشخص أو الموقف ساماً، يجب أن يتجاوز ما يعد سلوكاً طبيعياً في مكان العمل. فالخلاف مع زميل حول أساليب العمل وتفضيلاته دائماً لا يعني أن هذا الزميل سام بالضرورة. من ناحية أخرى، يمكن اعتبار المدير الذي يقوض تقدمك المهني أو فريق القيادة الذي يشجع المنافسة
الشرسة بين الإدارات ساماً.

التمييز بين السلوك السام والسوك المزعج مهم لأن مسؤول الموارد البشرية سيتعامل مع القضية المزعجة بطريقة مختلفة عن تعامله مع القضية السامة، إذ سيكون مستعداً للاستماع والمناقشة بموضوعية أو تقديم النصح، وسيختلف نهجه جذرياً عندما يتعامل مع موقف سام بالفعل. من منظور الموارد البشرية، نادراً ما تستدعي الخلافات البسيطة أو المضايقات أو الحوادث المنفردة التصعيد. إذا كان هناك احتكاك مستمر بين الزملاء بسبب الاختلاف في أساليب العمل أو التفضيلات الشخصية، فمن المرجح أن ينصح قسم الموارد البشرية الأطراف المعنية بالبحث عن طريقة لمناقشة التحديات وحلها. يمكن أن تتلقى دعماً من الموارد البشرية حول كيفية إجراء محادثة مثمرة مع زميلك مع التركيز على العمل التعاوني لإيجاد حل. ومع ذلك، أوصي بالتحدث إلى شخص تثق به خارج مؤسستك لالتماس الدعم الشخصي، مثل موجّه أو مدير سابق أو معالج أو مدرب مهني، إذ يمكنه الاستماع إلى أفكارك ومناقشتك فيها من موقف محايد ويمكن أن يمثل شريكاً موضوعياً يساعدك في توضيح خطواتك التالية.

يمكنك التفكير في اللجوء إلى قسم الموارد البشرية إذا كنت تواجه موقفاً ساماً في وظيفتك. إذا كان ذلك ممكناً، فعليك مناقشة الموقف مع مديرك أولاً لسؤاله عن رأيه والحصول على دعمه. من المرجح أن يستفسر قسم الموارد البشرية عما إذا كنت قد طلبت المساعدة من مديرك، لذلك من الحكمة فعل ذلك أولاً. ولكن إذا كان مديرك هو من يسهم في البيئة السامة، فعليك التحدث إلى قائد كبير تثق به للحصول على منظور وتوجيه موضوعيين. وإذا كنت تواجه موقفاً ساماً ينتهك سياسة الشركة أو قد تكون له تبعات قانونية، فتواصل مباشرة مع الموارد البشرية.

قد تشعر بالقلق من أن إبلاغ الموارد البشرية بشأن شخص أو موقف معين قد يأتي بنتائج عكسية. ربما تخشى أن يكتشف الشخص السام أنك قلت شيئاً بحقه ويتخذ إجراءً انتقامياً ضدك. أو ربما تشعر بالقلق من أن الذهاب إلى الموارد البشرية للإبلاغ عن معيار سام في ثقافة الشركة يمكن أن يضر بحياتك المهنية إذا سمع كبار القادة عن ذلك. هذه مخاوف طبيعية، ومن المهم التفكير بعناية فيما تريد تحقيقه وفهم النتائج المحتملة تماماً قبل اتخاذ أي إجراء.

ما يجب مراعاته قبل التواصل مع الموارد البشرية

في أثناء موازنة إيجابيات التحدث إلى الموارد البشرية وسلبياته، هناك 3 أسئلة يمكن أن تساعدك في تقييم خياراتك.

1. هل وثّقت السلوك السام؟

إذا كنت تخطط لإبلاغ الموارد البشرية عن السُميّة، فستحتاج إلى سجلات مفصّلة تصف شكواك بدقة. احرص على توثيق ما يلي:

  • ما قِيل أو حدث
  • تاريخ الحوادث ووقتها المحدد
  • إذا كان هناك أي شهود

على سبيل المثال، قد يحتوي سجل ادعائك على ما يلي: "في يوم الثلاثاء 11 يوليو/تموز، نحو الساعة 12:30 بعد الظهر، سمعت 'فلاناً' يقول 'كذا وكذا' في اجتماع الفريق الأسبوعي. كان 'فلان وفلان' حاضرين في الاجتماع".

بالإضافة إلى توثيق أي تبادل لفظي أو تفاعلات جسدية، من المهم أيضاً توثيق أي شكل آخر من الأدلة المتاحة، مثل رسائل نصية أو رسائل بريد إلكتروني أو صور فوتوغرافية أو أي دليل آخر ذي صلة بما حدث. يوصي محامو التوظيف بالاحتفاظ بالسجلات التي توثق السلوك السام في المنزل، وليس في العمل أو على أجهزة الشركة، فإذا تغير وضعك الوظيفي في المستقبل، فقد تفقد الوصول إلى كمبيوتر العمل وقد تُحذف رسائل البريد الإلكتروني أو السجلات.

يتيح لك توثيق التفاصيل مسبّقاً تزويد الموارد البشرية بوصف شامل ودقيق للموقف وتعليقات محددة عند الضرورة. ويتيح لك وجود سجل مفصّل أيضاً الفرصة لإجراء مطابقة مرجعية بين ما وثّقته مع القواعد المعمول بها في الشركة. أخيراً، قد يثير العديد من المواقف السامة مشاعر شديدة مثل الغضب أو الإحباط أو الضيق، خصوصاً في أثناء حدوثها، لذلك فإن توثيق ما حدث سيضمن أن يكون لديك سجل واضح قائم على الحقائق للرجوع إليه لاحقاً بعيداً عن تأثير تلك المشاعر.

2. ما هدفي من التواصل مع الموارد البشرية؟

عندما تقرر أن الوقت قد حان للتحدث إلى الموارد البشرية، فمن المرجح أن الموقف السام أصبح لا يطاق. أوصيك بتحديد هدفك الشامل بوضوح عند الإبلاغ عن السلوك السام.

بعبارة أخرى، كن واضحاً بشأن النتائج التي تأمل تحقيقها من خلال التحدث إلى قسم الموارد البشرية. قد تلجأ إلى الموارد البشرية لمساعدتك في حل المشكلة. على سبيل المثال، قد يحتاج الشخص الذي يحرّض على موقف سام إلى تدريب في التطوير المهني أو تدريبٍ مهني لمعالجة سلوكه يمكن أن تقدمه الموارد البشرية، وقد تأمل أيضاً تحميل ذلك الشخص المسؤولية عن أفعاله. أو إذا كانت هناك مشكلة مستمرة وفشلت إجراءات التدخل السابقة، فقد تتعاون الموارد البشرية مع المشرفين المعنيين لوضع خطة لتحسين الأداء. من الهمم إذاً توضيح هدفك الشامل قبل اتخاذ أي إجراء، لأن ذلك يتيح لك النظر في الآثار المترتبة على النتائج المحتملة، بدءاً من أفضل استجابة ممكنة وحتى رد الفعل الرافض.

من المهم أن تتفهم أيضاً اختصاص فريق الموارد البشرية، وهو خدمة المصلحة الفضلى للشركة التي تعمل بها. فالأمل في أن يكون ممثل الموارد البشرية هو المدافع الرئيسي عنك بصفتك موظفاً أمر غير واقعي. الأمر ليس مسألة شخصية؛ إنها ببساطة طريقة عمل المؤسسات.

3. هل هذا السلوك السام غير قانوني؟

أخيراً، قبل التحدث إلى الموارد البشرية، ضع في اعتبارك هل السلوك السام الذي تتعرض له غير قانوني.

يمكن أن يكون التعامل مع السلوك السام في العمل -سواء كان مرتبطاً بالتحرش أو التمييز أو المشكلات الأخلاقية أو التعدي على السلامة أو الانتقام- مزعجاً جداً للموظفين. تتحمل إدارات الموارد البشرية مسؤولية ضمان التزام الشركات بقوانين التوظيف ولوائحه، ويقع على عاتق الشركات أيضاً التزام قانوني ينطوي على التحقيق في أي شكوى يقدمها الموظف بنية صادقة تتعلق بالتحرش أو التمييز على أساس العِرق أو الجنس أو الدين أو الإعاقة أو أي وضع محمي آخر أو الانتقام بسبب الإبلاغ عن مشكلة.

إذا لم تكن متأكداً إن كان ما تواجهه مخالفاً للقانون، فعليك التماس المشورة المهنية. يمكن لمحامي التوظيف الإجابة عن أسئلتك بناءً على القوانين واللوائح المعمول بها وتقييم الأدلة وتحديد مدى صحة مطالبتك. إذا كانت لديك دعوى قانونية ضد الشركة التي تعمل بها، فيمكن للمحامي أن يشرح لك تفاصيل العملية القانونية وأن يقدم النصح لك حول طريقة التعامل مع تفاعلاتك مع الموارد البشرية.

من ناحية أخرى، إذا كان الموقف الذي تواجهه لا ينتهك القانون ولكنه سام، فأقترح عليك استكشاف جميع الخيارات المحتملة التي يمكنك اتباعها وتتوافق مع الهدف الذي حددته. لتحقيق ذلك، ابدأ بالنظر إن كان بمقدور أصحاب المصالح الآخرين المساعدة في معالجة السلوك السام. تتضمن الجوانب التي يجب مراعاتها في هذه الحالة ما يلي: هل يتأثر أي شخص آخر بهذا السلوك السام؟ هل يعلم مشرفي به بالفعل؟ هل هناك عوامل عارضة أخرى تسهم فيما أواجهه؟ قد يكون بمقدورك طلب المشورة من أصحاب المصالح الآخرين قبل بدء محادثة مع الموارد البشرية حول الموقف السام.

بصفتي مدربة مهنية، أشدد على أهمية فهم حدودك الشخصية عندما يتعلق الأمر بالحد من السلوك السيئ في مكان العمل. بناء حياتك المهنية هو أثمن استثمار فردي لك على الإطلاق. تذكّر أن لديك القدرة على الاختيار وتحديد ما هو الأهم بالنسبة لك. قد تتغير المناصب الوظيفية والمدراء والزملاء، لكن قيمك دائمة وفريدة بالنسبة لك. لا تدع بيئة العمل السامة تعوق طموحك أو تؤثر في قيمك أو أهدافك المهنية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي