كيف خفّض نظام جايزنجر للرعاية الصحية الوصفات الطبية التي تحتوي على الأفيون؟

4 دقائق

نشأت أزمة وباء الأفيون المدمر في الولايات المتحدة بشكل جزئي نتيجة نظام الرعاية الصحية ذاته، حيث زادت الوصفات الطبية للأدوية المسكنة للألم زيادة سريعة في العقد الأول من الألفية الثالثة. ويتصدر نظام الرعاية الصحية حالياً حملة لإصلاح هذه المشكلة. يوجد في شركة "جايزنجر" (Geisinger)، حيث نعمل، نظام للرعاية الصحية يخدم أكثر من 1.5 مليون مريض في ولايتي بنسلفانيا ونيوجيرسي بالولايات المتحدة، وننتهج نهجاً متعدد الأوجه ونرى تأثيراً كبيراً على الأرض. من خلال الجمع بين التقييمات القائمة على البيانات، والمشاركة المستهدفة من جانب الأطباء أصحاب النسبة الأكبر من الوصفات الطبية، والتدخلات القائمة على السجلات الصحية الإلكترونية، والدعم الصيدلاني في إدارة الرعاية الصحية، تمكن نظام جايزنجر من خفض الوصفات الطبية التي تحتوي على منتجات الأفيون الدوائية بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، خفضت البرامج التي تعزز التخلص الآمن من الأدوية في المجتمعات المحيطة عدد منتجات الأفيون الدوائية المتبقية في خزانات الأدوية، ما ساعد على كبح سوء استعمال منتجات الأفيون في المجتمعات المحيطة.

التقييم القائم على البيانات

باستخدام نظام أرشفة البيانات القوي لدينا الذي يجمع السجلات الصحية الإلكترونية، والمطالبات الطبية والمطالبات الخاصة بالوصفات الدوائية، وغيرها من المعلومات، فإننا نقوم بإنشاء لوحات معلومات لاستخدامها من جانب القيادة، والفرق التشغيلية، والأطباء للكشف عن الاتجاهات على مستوى السكان وتحديد المرضى والأطباء للوقوف على التدخلات المستهدفة. على سبيل المثال، أطلقنا في عام 2012 لوحة معلومات لمراقبة المواد الخاضعة للرقابة لتحقيق فهم أفضل لاستخدام المواد الخاضعة للرقابة في نظامنا، مع التركيز على تحسين تسكين الألم. تعرض لوحة المعلومات هذه، التي يتم تحديثها لحظياً في الوقت الفعلي، عدداً لا يحصى من أنواع المعلومات على مستوى مجموعة العاملين في مجال الرعاية الطبية والمرضى بما في ذلك أعداد المرضى الذين أعطاهم الأطباء وصفات طبية تحتوي على منتجات الأفيون الدوائية، والذين حصلوا على وصفات طبية بها منتجات الأفيون الدوائية وغيرها من المواد الأخرى الخاضعة للرقابة واستخدام المرضى للنالوكسون (Naloxone)، وزيارات أقسام الطوارئ واتفاقات استخدام الأدوية وخرائط حرارة المواقع وغيرها من البيانات لمساعدتنا في تحديد الفجوات في مجال الرعاية وفرص التحسين.

إشراك الأطباء أصحاب أكبر عدد من الوصفات الطبية

باستخدام لوحة المعلومات، رأينا بسرعة أنّ الأطباء كانوا يصفون منتجات الأفيون الدوائية بمعدلات متباينة إلى حد كبير. بالإضافة إلى تطوير البرامج الخاصة بإدارة الألم لتلك الجمهرة العريضة من الأطباء، قمنا باستهداف مجموعة مركزة من الأطباء أصحاب العدد الأكبر من الوصفات الدوائية. على وجه العموم، لم يكن هؤلاء الأطباء مدركين لمعدلات وصفهم لتلك الأدوية. وبعد تنبيههم بشأن النمط الذي ينتهجونه في وصف الأدوية، بدأنا جلسات منتظمة لإبداء الملاحظات. قام الطبيب المعالج الذي يعطي الوصفات الطبية والمدير الطبي في موقع التدريب، وصيدلي متخصص في الألم المزمن وهو مدرب تدريباً خاصاً، بمراجعة الحالات الفردية للمرضى وقدموا لهم إرشادات بشأن أساليب تقليل الجرعات الدوائية والمخاطر المرتبطة ببعض الأدوية الموصوفة لهم مع العقاقير الأخرى مثل البنزوديازيبينات، وخيارات العلاج البديلة وأدوات الدعم السريري وخيارات الإحالة الطبية. ساعد الجمع بين شفافية وصف الأدوية والتعليم والاستشارة الفردية بشكل كبير على تقليل عدد الأطباء الذين يصفون هذه العقاقير في الوصفات الطبية بصورة كبيرة، وأمكن خفض وصف الأدوية الجديدة التي تحتوي على منتجات الأفيون الدوائية بنسبة 44% خلال السنوات الثلاث الماضية.

التدخلات القائمة على السجلات الصحية الإلكترونية

بالتزامن مع عملنا مع الأطباء الذين يعطون وصفات طبية بأعداد كبيرة، قمنا بنشر أساليب ومنهجيات على عدة مستويات لتعديل سلوك الأطباء الذين يعطون تلك الوصفات. انتقلنا من الوصفات الطبية على الورق إلى الوصفات الطبية من خلال الوسائل الإلكترونية بالنسبة للمواد الخاضعة للرقابة، ما يقلل من احتمال حدوث أي تلاعب في الوصفات الطبية، وربطنا برنامج مراقبة عقاقير الوصفات الطبية الخاص بولايتنا بالوصفات الطبية التي يتم تنفيذها ضمن السجلات الصحية الإلكترونية لدينا، ما يسهل على مقدمي الخدمة مراجعة ملف المريض لمعرفة المواد الأخرى الخاضعة للرقابة قبل تنفيذ طلب جديد يتضمن منتجات الأفيون الدوائية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ نظام السجلات الصحية الإلكترونية لدينا يحد من عدد الأيام المسموح بها بالنسبة لأي وصفة طبية جديدة تحتوي على منتجات الأفيون الدوائية ما يؤدي إلى تقليل عدد منتجات الأفيون الدوائية التي يتم صرفها في كل وصفة طبية.

تسكين الألم بمساعدة الصيادلة

منذ عام 2011، عمل صيادلة جايزنجر المتخصصين في تسكين الألم عن كثب مع المرضى وبقية أعضاء فريق الرعاية الصحية لتقليل اعتماد المرضى على منتجات الأفيون الدوائية مع الاستمرار في تسكين آلامهم. بالإضافة إلى تحسين نظام العلاج، يوصي الصيادلة بالأنشطة والعلاج الطبيعي والتدخلات الصحية السلوكية التي من شأنها مساعدة المرضى في التعامل مع الألم وتقليل الاعتماد على منتجات الأفيون الدوائية.

ينتشر هؤلاء الصيادلة الآن في 15 موقعاً للرعاية الأولية والمتخصصة عبر نظام جايزنجر (Geisinger)، حيث يقومون بكل نشاط بإدارة أدوية الألم لأكثر من 1,500 مريض. في غضون 12 شهراً من التسجيل في الرعاية الصيدلانية، انخفضت الجرعة اليومية من معادل المورفين بالمليجرام (MME) للمرضى يومياً (وهو مقياس لمقدار العلاج المسكن للألم الذي يتناوله المريض يومياً) بمعدل النصف من 50 إلى 25 مليجرام من المورفين مع إقلاع 33% من المرضى عن تناول منتجات الأفيون الدوائية تماماً.

التخلص من الأدوية

كثيراً ما لا تستهلك أدوية الألم بشكل كامل، وهي أكثر أنواع الأدوية شيوعاً التي ينتج عنها بقايا دوائية. يمكن بعد ذلك بيع هذه البقايا الدوائية أو مشاركتها مع الآخرين أو وضعها في خزانات الأدوية حيث يمكن أن يجدها ويستعملها أفراد العائلة أو غيرهم. ووفقاً لمسح يجرى كل عامين في بنسلفانيا على الطلاب من الصف السادس حتى الثاني عشر، فإنّ نسبة 39% من الشباب الذين أفادوا أنهم يتعاطون المخدرات يحصلون على العقاقير الطبية التي تصرف لهم بموجب وصفة طبية من أحد أفراد الأسرة في منازلهم. قادت جايزنجر جهود المجتمع لزيادة الوعي بالمشكلة، حيث استضافت جلسات استماع مجتمعية، وأصدرت إعلانات للخدمة العامة، وأشركت الطلاب في المدارس، وطورت حملة قوية للمشاركة في وسائل الإعلام. كما تقود جايزنجر الجهود التي تبذلها المؤسسات المحلية لتيسير التخلص من الأدوية. فمنذ عام 2014، جمعت جايزنجر ما يزيد على 6,804 كيلوجرام من الأدوية من المجتمع، معظمها من خلال خدمات "الاسترجاع" في المستشفيات والصيدليات والمواقع المجتمعية الأخرى. وتقدر المواد الخاضعة للرقابة من هذه الأدوية بنسبة 10%.

نتائج جيدة

بفضل هذه الجهود، شهدنا انخفاضاً قدره 30% من إجمالي منتجات الأفيون الدوائية الموصوفة على مدى العامين الماضيين. وقد شهدنا انخفاض استخدام الرعاية الصحية بين المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة غير سرطانية، بما في ذلك انخفاض عدد الزيارات لأقسام الطوارئ.

نقوم في الوقت الحالي باستكشاف طرق إضافية لتقليل إعطاء وصفات طبية تحتوي منتجات الأفيون الدوائية في الوقت الذي نسكن فيه الألم بفعالية، بما في ذلك استخدام "الوكزات" السلوكية للتشجيع على وصف الأدوية المناسبة، فضلاً عن إشراك المرضى من خلال تقنية الجوال لتحسين مراقبة الألم وتسكينه. إننا نشجع كل نظام صحي على تبني هذه الاستراتيجيات وغيرها من أفضل الممارسات وفي الوقت ذاته مشاركة طرق وأساليب جديدة لمكافحة وباء الأفيون.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي