للسير بخطوات واثقة نحو تحقيق أهدافك الاستراتيجية، هناك تعديل بسيط على جدول أعمالك الأسبوعي، هذا التعديل كفيل بأن يحدث الفارق. وهو الحصول على يوم خالٍ من الاجتماعات.
إن تخصيص يوم واحد من دون اجتماعات تقنيةٌ استخدمتها خلال العام 2016 للتحضير لكتابي الجديد وتحضير مخطوطة هذا الكتاب. إنها أيضاً استراتيجية أستخدمها مع عملائي من المتدربين على إدارة الوقت. إنك عندما تمنح نفسك يوماً واحداً في الأسبوع دون اجتماعات، فأنت بذلك تقلل من التنقل بين السياقات التي تبطئ وتيرة العمل على مشروعك. ومع هذه التقنية لن تضطر لقضاء 10 دقائق قبل الاجتماع من أجل إنهاء إحدى المهمات والتحضير للاجتماع، ثم ما بين 15 و30 دقيقة لتلخيص ما تمت مناقشته في الاجتماع.
أما بالنسبة لأولئك الذين يصعب عليهم المحافظة على تركيزهم أو يصيبهم الملل بسهولة أو من النوع المحب للتواصل، فإن قضاء يوم من دون اجتماعات يعتبر قتلاً لإنتاجيتهم. ما يجعلهم يماطلون بدلاً من إنجاز العمل بسبب عدم شعورهم بضغط كافٍ قبل موعد الاجتماع التالي. وعلى الأغلب سيتوقون للتواصل مع الناس وسيبحثون عن إلهاء، فيتجولون هنا وهناك للتحدث مع زملائهم أو يتوجهون إلى مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك إذا كنت من هؤلاء عليك تقليص الوقت الخالي من الاجتماعات إلى فترات تتراوح ما بين ساعة إلى ساعتين، أو لنصف يوم على الأكثر.
أما بالنسبة للمفرطين في التركيز الذين يجدون التنقل من مهمة لأخرى أمراً صعباً، فإن يوماً خالياً من الاجتماعات قد يغيّر اللعبة. ويمكنك اتباع هذه الخطوات لزيادة فرصك في تحقيق النجاح.
اتخذ قراراً بالالتزام
في بدايات تنفيذ خطة اليوم الخالي من الاجتماعات، كنت أشعر بالذنب في كل مرة أرى فيها مفكرتي خالية من الاجتماعات. لكنني قررت المحاولة رغم هذه المقاومة الداخلية. وحجزت كل يوم أربعاء في مفكرتي. وبهذه الطريقة لم يعد الأربعاء خياراً متاحاً لمن يرون جدول مواعيدي على الإنترنت. كما أن تحديد نفس اليوم من الأسبوع بشكل متكرر ليكون خالياً من الاجتماعات بدل انتقاء يوم مختلف من كل أسبوع، زاد النجاح في رسم الحدود التي أردت تنفيذها.
لكن الجزء الأصعب كان في البداية عندما سألني أحدهم عما إذا كان بإمكانه مقابلتي يوم الأربعاء وكنت أقترح يوماً آخر. لكن بمرور الوقت أصبحت أكثر جرأة وبدأت في إخبار الآخرين بما أفعله يوم الأربعاء والذي يركز على مخطوطة كتابي. ثم وجدت أن هذه الشفافية خففت من ترددي وأعطت مثالاً للآخرين لرسم حدود مماثلة.
حاول إعادة تدريب الآخرين
ابدأ ذلك بمناقشة استراتيجياتك مع الزملاء المقربين ورئيسك في العمل. واستعد لتحدي ما يمكن أن يتوقعه الآخرون منك ليس فقط من ناحية الاجتماعات بل أيضاً من ناحية التواصل، كأن تكون متوفراً على بريدك الإلكتروني، مثلاً. وهنا أقترح تخصيص أوقات محددة تطّلع فيها بسرعة على الأمور الطارئة في البريد الإلكتروني، مثل وقت الغداء أو في نهاية اليوم، وتبقى بعيداً عن الإنترنت بقية الوقت. وذلك من أجل ضمان التركيز المتواصل.
وسيحترم بعض الأشخاص هذه الحدود ولا يفعل ذلك آخرون. لذلك عندما يُطلب منك الاجتماع في اليوم الخالي من الاجتماعات، عليك اتخاذ قرار تقديري تراه مناسباً. فإذا كان مديرك مصرّاً على حضورك الاجتماع فأنت مضطر لقبول الدعوة. أما بالنسبة للزملاء والمرؤوسين فلديك حرية أكثر في رفض الحضور. ولكن إذا كان الاجتماع ضرورياً في يومك المحدد، فحاول تنظيم هذا الاجتماع في بداية أو نهاية اليوم. بهذه الطريقة، سيبقى لديك متسع لا بأس به من الوقت أو ضع الاجتماع في فترة استراحتك المعتادة، مثل الغداء أو فترة الهدوء بعد الظهيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج إلى وضع حدود مادية مثل إغلاق الباب ببساطة إن كنت في مكتب العمل، أو الذهاب إلى منطقة منعزلة أو الجلوس في أحد المقاهي أو العمل من المنزل. إذ ليس من مصلحتك أن يتخلل يومك الخالي من الاجتماعات مقاطعات كثيرة.
اختر ما تعمل عليه بحكمة
يمكنك إنجاز الكثير في يوم خالٍ من الاجتماعات إذا أحسنت اختيار ما تعمل عليه. حاول العمل على المشاريع التي تتطلب تركيزاً ومستوى عالياً من التفكير، مثل الكتابة أو التفكير الاستراتيجي أو التحليل أو الترميز أو التصميم أو أي مشروع به الكثير من التعقيد.
لا تبدأ من دون خطة. إن استغلال الأيام الخالية من الاجتماعات ليس سهلاً كما تعتقد. عليك أن تكون مبادراً في إنتاجيتك بدلاً من الاعتماد على الآخرين، وستحتاج أيضاً إلى التزام مضاعف لتركز على عمل هادف.
أوصي أيضاً باختيار مشروع ضخم أو انتقاء اثنين أو ثلاثة من الأمور المتفرقة الواجب إنجازها. دوّن هدفك على ورقة أو اكتبه في مفكرتك، ثم قرر التركيز على دفع هذه الأشياء فقط للأمام. إن الهدف من هذا هو جعل العاجل ينتظر بينما تفسح المجال للمهم. سيمكنّك هذا الوضوح من الاستمرار في التركيز. وقد تجد من المفيد أيضاً أن تمنح نفسك الإذن لعمل شيء مرح بمجرد الانتهاء من تحقيق أهدافك، كأن تغادر عملك مبكراً أو تمارس شيئاً يثير حماستك لتحفيز الكفاءة وتجنب المماطلة.
تجاهل المهام الروتينية والبريد الإلكتروني
ستشعر بالارتباك في المرة الأولى التي تأخذ فيها يوماً خالياً من الاجتماعات. وربما يُشعرك تجاهلك أو تأجيلك لرسائل البريد الإلكتروني أو المهام اليومية ببعض الانزعاج في البداية، ولكن بمجرد أن تعتاد على هذا الوضع وتدرك عظمة الشعور بالإنجاز الكبير، يصبح الأمر أسهل.
حتى تطمئن أكثر، فكر في إمكانية ضبط رد آلي ضمن بريدك الإلكتروني تُعلم من خلاله الآخرين أنك لست في مكان العمل. ستمنحك آلية الرد الآلي الحرية لتؤجل ردودك بالإضافة إلى منعك من مزاولة العمل اليومي. وإذا كنت تتوقع شيئاً ملحاً فعلاً ذلك اليوم، فتفقّد صندوق بريدك عدة مرات، ولكن بشكل عام ولا ترد على أي شيء حتى اليوم التالي.
بعد اتباع هذه الاستراتيجية لأكثر من عام، وجدت أنني قد أنجزت فعلاً كل المهام اليومية التي كان عليّ إنجازها، ومضيت في مشاريعي الكبيرة من دون العمل لساعات إضافية. بفضل هذا اليوم الخالي من الاجتماعات فإنك تزيد من تركيزك على المشاريع الكبرى وتُصبح أكثر كفاءة وإنتاجية، فهذه الاستراتيجية تجبرك تلقائياً على تسريع العمل والاجتماعات الأخرى لتتناسب مع الأيام المتبقية. كما لا يُمكّنك فقط هذا اليوم من تغيير جدول أعمالك فحسب، وإنما يجعل إنجاز الأعمال المهمة سهلاً وتلقائياً عبر حياتك العملية.