ملخص: كلما أحرزت تقدماً في حياتك المهنية، أصبح غالباً طلب المساعدة في تحقيق أهدافك وتحمُّل مسؤولية تحقيقها أمام نفسك أكثر صعوبة. إذا تعرضت لعقبة تحول دون تقدمك في حياتك المهنية، توصي المؤلفة بثلاث استراتيجيات لتكون مسؤولاً أمام نفسك عن تحقيق أهدافك: 1) استعن بشريك يساعدك على تحمل المسؤولية 2) شارك أهدافك مع الآخرين 3) غيِّر بيئتك.
تكون مفعماً بالحماس والطاقة في بداية حياتك المهنية، وتطلب المساعدة وتستفيد من حكمة موجهيك ومدرائك للترقي في مسارك المهني. ولكن بمجرد أن تحقق نجاحاً، تصبح خائفاً من الفشل والعودة إلى الوراء. فالوصول إلى القمة مخيف لأنه يجعلك تفكر في كل ما يمكن أن تخسره. وفي هذه المرحلة، لا تنظر إلى طلب المساعدة على أنه تجربة ستتعلم منها، بل دليل على أنك لست مؤهلاً للوظيفة التي تشغلها.
وكلما أصبحت أكثر نجاحاً، خضعت لقدر أقل من المساءلة. لا يعني ذلك أنك لست مسؤولاً أمام أي شخص، بل يعني أن أهدافك بدأت تصبح ذاتية بدرجة أكبر؛ كقيادة الفريق القانوني أو إدارة الشركة أو إدارة أحد الأقسام. لذلك بغض النظر عن النتيجة، قد تقول لنفسك: "حسناً، لقد بذلت قصارى جهدي". وفي الوقت نفسه، يمتلئ جدول مواعيدك بما "أنت مجبر على القيام به" بدلاً مما ينبغي لك القيام به فعلياً. وبذلك تجد نفسك في اجتماعات لا تؤمن بها ولا ترى أن لها قيمة، وتكافح بقوة لإيجاد وقت للمهمات والمشروعات التي ستُحدث تأثيراً فعلياً.
هذا المزيج المكون من انخفاض مستوى المساءلة ووجود قائمة طويلة من المهمات والخوف من الظهور كموظف غير كفء عادة ما يخلق عقبة تحول دون تقدُّم الشخص في حياته المهنية. فما يحدث ببساطة هو أننا عندما نتوقف عن تنمية مهاراتنا الفردية، نتوقف عن النمو. للخروج من فخ النجاح هذا، عليك بناء مستوى أعلى من المساءلة حتى لا تعتمد أفعالك على قوة إرادتك وحدها.
فيما يلي 3 طرق للبدء.
1. استعن بشريك يساعدك على تحمل المسؤولية
فكرت قبل بضع سنوات فيما يجب أن أفعله لتنمية مهاراتي كمتحدثة رئيسة، ووجدت أنني بحاجة إلى التدرب على خطاباتي عدة مرات قبل العروض، والحصول على انتقادات بنّاءة للمحتوى. لكن شيئاً ما، ربما الخوف أو الكسل، منعني من فعل ذلك. أدركت أنني بحاجة إلى قدر من تحمل المسؤولية أكبر مما يمكنني إلزام نفسي به.
تناولت بعض البحوث وضعي هذا؛ فقد أظهرت دراسة أجرتها "جمعية تنمية المواهب الأميركية" (Association for Talent Development) أن احتمالية تحقيق هدف ما تعتمد على أن تكون محدداً ومسؤولاً. عندما تقرر أنك ستسعى إلى تحقيق هدف ما، فإن فرصك في النجاح تتراوح بين 10% و25%. ولكن إذا شاركت هدفك مع شخص تهتم لأمره، فأنت بذلك ترفع هذه النسبة إلى 65%. وعندما تطلب من هذا الشخص الاجتماع معك بشكل منتظم لتفقد التقدم الذي أحرزته، ستزداد احتمالية نجاحك زيادة صاروخية لتصل إلى 95%.
هذا مذهل للغاية، أليس كذلك؟ قررت اختبار نتائج هذا البحث و"عيّنت" صديقاً ليقوم بدور "مديري" ويحاسبني على إنجاز المهمات الكبيرة التي يتعين عليّ إنجازها. أعلم أن الأمر يبدو سخيفاً، لكن على الرغم من علمي أن مديري الافتراضي لا يملك السلطة لفصلي من العمل، فقد حاولت جاهدة أن أنجز مهماتي لأنني لم أُرِد أن أخيب أمله بي. كنت أتدرب معه على خطاباتي لأسابيع قبل إلقائها. وقد ساعدني على تحسين الجوانب المحيرة أو غير الفعالة في كل خطاب. وفي صباح اليوم الذي سألقي فيه الخطاب، نجري مراجعة أخيرة عبر برنامج "زووم". وبسبب هذا القدر الكبير من التدريب، بدأت أحصل على المزيد من الإحالات، وتسارع نمو عملي.
2. شارك أهدافك مع الآخرين
لا تحتاج بالضرورة إلى "تعيين" مدير لمساعدتك على تحمل المسؤولية لكنك تحتاج إلى تذكير باستمرار بالتزاماتك.
وفقاً لدراسة أُجريت حول قرارات العام الجديد، غالباً ما يستخدم الأشخاص الذين يحققون أهدافهم أسلوباً يسمى "التحكم التحفيزي" حيث يذكّرون أنفسهم بهذه الأهداف باستمرار.
لتحقيق ذلك، أُخبر أكبر عدد ممكن من الأشخاص عن الأهداف الكبيرة والسامية التي وضعتها لنفسي. على سبيل المثال، وضعت في العام الماضي هدفاً يتمثل في ممارسة تمرين العُقلة لأول مرة. ولم أكن أرغب في ممارسته لمرة واحدة، بل 20 مرة متتالية. سيتطلب الأمر الكثير من التحفيز لأتمكن من الاستمرار. لذلك جعلت هذا التحدي مقترناً بهدف كبير آخر: جمع 20 ألف دولار للمنظمة غير الربحية "بيغ برازرز بيغ سيسترز" (Big Brothers Big Sisters). وتعهدت بأن أمارس تمرين العُقلة لكل 5 دولارات تم التبرع بها. وفي كل مرة يسهم فيها شخص ما في حملتي، كنت أمارس التمرين حسب عدد الدولارات التي تم التبرع بها وأنشر المستجدات على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي. ولم تساعدني هذه المنشورات على جمع دولارات إضافية فحسب، إنما جعلت أيضاً تحدي جمع التبرعات موضوعاً للنقاش عندما ألتقي بأصدقائي ومعارفي. دفعني هذا المستوى من المسؤولية إلى العمل بجهد أكبر مما كنت سأعمل به إذا اعتمدت على قوة إرادتي وحدها، وانتهى الأمر بجمع أكثر من 26 ألف دولار.
من الصعب التقليل من أهمية الدعم المجتمعي. على سبيل المثال، أردت قراءة كتاب جديد في التسويق لتعلم بعض المهارات الجديدة، لكنني كنت قلقة بشأن إيجاد الوقت الكافي لإنهائه وتطبيق الأفكار التي وردت به؛ لذلك أنشأت نادياً صغيراً للقراءة ووجدت القليل من الأشخاص المتحمسين الذين أرادوا الانضمام إليه. إذ تُظهر البحوث أنك عندما تعمل مع أشخاص آخرين وتكوِّن مجموعة لمساعدتك على تحقيق أهدافك، فإن ذلك يزيد بشكل كبير من اهتمامك ومرونتك واحتمالية نجاحك.
3. غيِّر بيئتك
يُعد السعي إلى تحقيق هدف على المدى الطويل مثل تأليف كتاب أو الحصول على ترقية أو إحداث تغيير كبير في الحياة عملية معقدة ومتعددة الخطوات. إذ من السهل أن تفقد حماسك خلال الأوقات الصعبة، خاصة إذا كنت تعتمد على قوة إرادتك لتجاوز كل ذلك. يقول معظم الأشخاص الذين دائماً ما يحققون أهدافهم إنهم لا يفعلون ذلك من خلال التحكم في أنفسهم فحسب، بل من خلال تغيير بيئتهم أيضاً.
في الواقع، أظهرت دراسة أجرتها جامعة "ولاية فلوريدا" أن المشاركين الذين ذكروا أنهم يستطيعون التحكم في أنفسهم يتخذون أيضاً خطوات لتقليل الإغراءات التي يمكن أن تعرقلهم. على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص قد يمتلكون إرادة أكثر صلابة من المتوسط، فإنهم ينجحون لأنهم يستغلون قدرتهم على ضبط أنفسهم في اختيار البيئات التي ستساعدهم على تجنب المشتتات والدوافع التي تحول دون تحقيق أهدافهم. بمعنى آخر، بدلاً من إجبار أنفسهم على تجنب تصفح موقع "إنستغرام"، فإنهم يتركون هواتفهم في المنزل أو يحظرون التطبيق في متصفحاتهم. فأفضل المقاومين للإغراءات هم الذين يقضون وقتاً أقل في محاربة دوافعهم مقارنة بالآخرين، لأنهم أعدوا بيئاتهم بحيث تصرف عنهم المشتتات التي تجعلهم يحيدون عن مسارهم.
بدلاً من الشعور بالخوف خلال السير في طريقك نحو تحقيق أهدافك، ادخل إلى بيئة جديدة يكون فيها تحقيق تلك الأهداف مدعوماً ومتوقعاً. عندما تعمل بموجب عقد ملزم قانوناً، على سبيل المثال، تكون لديك مصلحة ذاتية في مواصلة التقدم باطراد.
لذا، بدأت في إنشاء التزامات تعاقدية بتحقيق الأهداف الكبيرة التي أريد تحقيقها. على سبيل المثال، عندما كنت أعمل على المدونة الصوتية لأول مرة، كنت أجد صعوبة في نشر حلقات أسبوعية وكنت أؤجلها مرة بعد الأخرى. لذلك اخترت جهة راعية لدعم البرنامج لمدة 52 أسبوعاً. والآن، بعد أن أصبحت قادر على تحمل المسؤولية أصبح لهذه المهمة معنى جديد تماماً في حياتي. وأعلم أنني لن أفوت أي موعد نهائي بعد الآن. وبالمثل، في أثناء تأليف كتبي، اكتشفت أنني إذا أشركت مؤلفاً مشاركاً وقطعت له وعوداً "تعاقدية" بشأن المواعيد النهائية والمحتوى، فستكون احتمالية تحقيق أهدافي المتعلقة بالنشر أكبر بكثير من احتمالية أن أفقد حماسي في منتصف الطريق.
إذا وجدت أنك لا تحرز أي تقدم في مسيرتك المهنية بعد أن كنت تتقدم بسرعة، فاعلم أنك لست وحدك. ولا يحدث هذا لأنك تفتقر إلى الإرادة، وبالتأكيد ليس لأنك غير قادر على النمو والتقدم. فغالباً ما يكون السبب الجذري لهذه العقبات التي تقف في وجه التقدم الوظيفي هو الخوف الذي يصاحب النجاح. لا تحاول التغلب عليه بمفردك؛ بل اطلب المساعدة من الآخرين لزيادة قدرتك على تحمل المسؤولية وإطلاق كامل إمكاناتك.