المدير الذي لا يتطوّرُ موظفوه هو مدير غير ناجح

4 دقائق
التعلم والتطوير
shutterstock.com/Andrey_Popov

أصبحت أهمية المدراء المهرة اليوم في نجاح الشركات أكبر من أي وقت مضى، ليس لأن الموظفين غير قادرين على العمل دون توجيه، ولكن لأن المدراء لهم دور حاسم في إدارة المواهب. ولّت أنظمة الإدارة المهنية الشاملة وتوقعات التوظيف الطويل الأجل التي كانت الأساس الذي يربط في السابق بين الشركة والموظف، وأصبحت العلاقة بين المدير والموظف الآن الركيزة الجديدة للتعلم والتطوير في الشركات.

يجذب المدراء المتميزون المرشحين ويحفزون أداء الموظفين واندماجهم واستبقاءهم ويؤدون دوراً حاسماً في تعظيم إسهاماتهم في الشركة، وبالمقابل يعوق المدراء ضعيفو الأداء التقدم في جميع هذه المجالات، ما يكبد الشركة خسائر كبيرة جرّاء تحملها تكلفة دوران الموظفين وضياع فرص إسهاماتهم، بل يتسببون بأضرار أكثر مما تدرك أيضاً.

كيف يتطوّر الموظفون؟

يهتم الباحثون عن عمل، بدءاً من الموظفين الجدد وصولاً إلى المسؤولين التنفيذيين، بفرص التعلم والتطوير أكثر من أي جانب آخر من جوانب الوظيفة المحتملة، وهذا منطقي تماماً لأن التعلم المستمر هو استراتيجية رئيسية لبناء مسار مهني مستدام. لا يحدث معظم عملية التعلم والتطوير المهني (حتى 90% منها حسب بعض المصادر) في برامج التدريب المهني الرسمية، بل في العمل من خلال التحديات الجديدة والمهام التنموية والملاحظات التطويرية والمحادثات والتوجيه، ونتيجة لذلك غالباً ما يكون المدراء المباشرون أهم مطوري الموظفين. وبالتالي، فإن أهم اعتبار للمرشح للوظيفة هو العمل مع شخص يحترمه ويمكنه التعلم منه، أي أن المرشح يعتبر مديره المحتمل الشخص الوحيد الأهم في الشركة من وجهة نظره.

للمدراء أيضاً تأثير كبير في معدل دوران الموظفين واستبقائهم، والسبب الرئيسي لترك الموظفين وظائفهم في الواقع هو تدني جودة العلاقة مع مدرائهم المباشرين؛ فلا يرغب أحد في العمل لدى مدير لا يهتم بتطويره ولا يساعده في شحذ مهاراته وتعلم أخرى جديدة ولا يقدر إسهاماته. لا يقول الموظفون الذين يغادرون العمل هذا الكلام لقسم الموارد البشرية في مقابلة ترك الخدمة بالطبع، لأنهم في النهاية لا يريدون الإضرار بعلاقتهم مع الشركة السابقة، ويزعمون بدلاً من ذلك أنهم يغادرون لأنهم وجدوا فرصة عمل أفضل في شركة أخرى. وهكذا تبقى المؤسسات غير مدركة حجم الضرر الذي يسببه مدراؤها غير الأكفاء.

بغض النظر عما تتوقعه من المدير، يجب أن يكون تسهيل تعلم الموظفين وتطويرهم كفاءة غير قابلة للمساومة. فحص فريق تحليل بيانات الأشخاص المشهور في شركة جوجل البيانات المأخوذة من آلاف استقصاءات الموظفين ومراجعات الأداء لتحديد السلوكيات التي تميز مدراءها الأكثر فعالية، وقد احتل التدريب المهني رأس القائمة التي تضمنت أيضاً المساعدة في التطوير المهني. وأسفرت الأبحاث التي أجرتها مؤسسة غالوب عن نتائج مماثلة أيضاً. ففي مجموعات العمل التي أبلغ فيها الموظفون أن مشرفهم، أو أي شخص آخر في العمل يهتم بهم شخصياً، يتحدث معهم عن تقدمهم الوظيفي ويشجع تطورهم ويوفر لهم فرصاً للتعلم والنمو، كان معدل دوران الموظفين أقل ونمو المبيعات أعلى والإنتاجية وولاء العملاء أفضل مقارنة بمجموعات العمل التي أبلغ الموظفون فيها عن ندرة هذه العناصر التنموية.

مبدأ بيتر

هل تتذكر مبدأ بيتر؟ يشير هذا المبدأ إلى العملية التي يتلقى فيها الموظفون ترقيات باعتبارها مكافأة لقاء كفاءتهم في وظائفهم الحالية، ويستمرون في الارتقاء في مناصب المؤسسة على هذا النحو حتى يصلوا إلى مستوى لا يملكون الكفاءة اللازمة له، فالنتيجة المتوقعة لهذا النمط هي أن المؤسسة تصبح بمرور الوقت مليئة بالمدراء الذين لا يجيدون عملهم؛ يجب ألا تسمح مؤسستك بحدوث ذلك.

لكي يصبح المدير مطوراً عظيماً للموظفين، يجب عليه توسيع نطاق تركيزه: بدلاً من حصره في العمل على تحقيق نتائج أداء مميزة لأعضاء فريقه فقط، يركز على تحقيق نتائج أداء مميزة مع مساعدتهم على النمو أيضاً، فالمدير الذكي يدرك أن الاستثمار في تطوير فريقه يمكن أن يؤدي إلى تحسين نتائج الأداء.

يسعى أفضل المدراء إلى توليد قيمة أكبر للشركة من خلال الاستفادة من مواطن قوة موظفيهم واهتماماتهم وشغفهم، ويعد الربط المنهجي بين أداء المؤسسة وأهداف التنمية الفردية المتمثلة في البحث عن فرص التعلم وأساليب العمل الأفضل سمة مميزة للمؤسسات التي تزدهر فيها المهن المستدامة. وهذا شيء يجب ألا يحاول المدراء تحقيقه بأنفسهم؛ بل يجب عليهم مناقشته بانتظام مع أعضاء فرقهم للتوصل إلى أفكار وحلول معاً.

تحفيز التعلم والتطوير بين موظفيك

فيما يلي عدة خطوات يمكنك اتخاذها لتحفيز التعلم والتطوير بين موظفيك:

  • شارك المعلومات التفصيلية حول العمليات الحالية في الشركة مع فريقك. تحلَّ بالشفافية بشأن اتجاه الشركة وتحدياتها، بما فيها من قضايا مثل تغير توقعات الزبائن والعلاقات الجديدة مع الموردين والخطط الاستراتيجية للمراحل الأولية ونظرة كبار القادة حول التأثير المحتمل لتوجهات القطاع والظروف الاقتصادية. شجع أعضاء فريقك على طرح أسئلتهم حول هذه القضايا والتفكير فيها وتقديم اقتراحاتهم بشأنها أيضاً.
  • ادعم تطوير الشبكات الاجتماعية الداخلية التي تغطي الوظائف والأقسام المختلقة لمنح الموظفين فهماً أوسع للمؤسسة ومساعدتهم على اكتشاف فرص التعلم وإضافة القيمة.
  • بدلاً من إجراء محادثة واحدة سنوياً فقط حول الأهداف المهنية في أثناء مراجعة الأداء السنوية، انخرط في محادثات قصيرة متكررة على مدار العام حول أهداف الموظفين واهتماماتهم المهنية التي قد لا تكون واضحة، إذ تساعد هذه المحادثات المهنية الموظفين على تحسين أهدافهم. من خلال فهم أهداف التعلم للموظفين بصورة أفضل، يمكن للمدراء وموظفيهم اكتشاف فرص التطوير بسهولة أكبر.
  • عند التخطيط لعمل فريقك، اطلب من الموظفين تحديد طرق الإسهام الممكنة وما يرغبون في تعلمه، لتضع بذلك المسؤولية الأساسية على عاتقهم لتوضيح ما يريدون تعلمه واقتراح طرق لدمج التعلم في العمل. كما يساعد ذلك أيضاً في تجنب تطوع الموظفين فقط لأداء المهام التي يتمتعون بالفعل بمهارات عالية فيها، وبالتالي تشجيعهم على مواجهة تحديات وتعلم مهارات جديدة.
  • اطلب من الموظفين تقديم تقارير دورية لك ولبقية أعضاء الفريق حول ما تعلموه وكيف يستخدمون المهارات والمعارف الجديدة التي اكتسبوها.

ضع في اعتبارك أن المحادثات المهنية المنتظمة -بالإضافة إلى مساعدة الموظفين في تطوير أهداف التعلم الهادفة ومتابعتها- تساعد أيضاً على تحديد التقدم الذي أحرزه الموظف في تطوره المهني، وهي بمثابة تذكير بالتزام المؤسسة بتعلم الموظفين، الذي بدوره يعزز التزام الموظفين وولاءهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .