كيف يمكن لخدمات التمريض الممتازة تحسين أداء الأطباء؟

3 دقائق

يمكن لأي طبيب تذكر مرة أو عدة مرات أنقذ فيها أحد أفراد طاقم التمريض موقفاً ما. وبالفعل تُظهر الأبحاث المتعمّقة أن البرامج التي تعزز ثقافة التمريض الممتازة تسفر عن تأثيرات شاملة في جميع مؤسسات الرعاية الصحية. وتشهد المستشفيات المشاركة في هذه المبادرات ارتفاع رضا طاقم التمريض واستبقائهم، وتحسين تجربة المريض وسلامته، وانخفاض معدل الوفيات، وزيادة الإيرادات، والعديد من الفوائد الأخرى. يضيف بحثنا عدة إسهامات إلى مجموعة الأبحاث هذه، فيظهر وجود علاقة إيجابية بين التميّز في تقديم خدمات التمريض وأداء الأطباء.

قبل أن نناقش هذه النتائج، من المهم أن نلقي نظرة على أحد أكثر المبادرات دقة وفاعلية بمجال التميّز في التمريض، وهو برنامج التميّز "ماجنت" (Magnet Recognition Program)، الذي طوره مركز الاعتماد الأميركي للممرضين (ANCC)، وهو مؤسسة تابعة لـ "جمعية الممرضين الأميركيين" (American Nurses’ Association). ركز بحثنا بشكل خاص على المستشفيات التي حصلت على تقدير "الماجنت".

لقد انبثق البرنامج من دراسة أجرتها فرقة العمل التابعة لـ "الأكاديمية الأميركية للتمريض"، عام 1983، حول العوامل التي أسهمت في وجود نقص بخدمات التمريض الإقليمي، وطرق تحسين ممارسة التمريض. وحددت فرقة العمل 14 خاصية من الخصائص المشتركة التي تميّز المستشفيات عالية الأداء ونظمت هذه الخصائص في إطار "نموذج شهادة الماجنت" المكون من 5 عناصر لممارسة التمريض وإجراء البحوث التي تعمل كخريطة طريق للمؤسسات التي تسعى إلى الحصول على تقدير "الماجنت". وتنطوي المكونات الخمسة على "القيادة التحويلية" التي تخلق رؤية للمستقبل والأنظمة والبيئة اللازمة لتحقيق هذه الرؤية، و"التمكين الهيكلي" الذي يضم السياسات والبرامج التي تدعم الموظفين أثناء سعيهم لتحقيق الأهداف التنظيمية، إضافة إلى "الممارسة المهنية المثالية"، و"الابتكار"، و"نتائج الجودة التجريبية" المصنّفة من جهة النتائج السريرية المتعلقة بالتمريض، والقوة العاملة، والمريض، والنتائج التنظيمية. يقيّم برنامج "الماجنت" أداء المستشفيات في كل عنصر من هذه العناصر، ويُمنح تقدير "الماجنت" إلى عدد قليل فقط من النخبة. في الواقع، لم تحصل إلا نسبة أقل من 10% من المستشفيات الأميركية على هذا اللقب.

ولا عجب أن عدداً قليلاً فقط من المستشفيات تحصل على هذا التقدير. إذ يستغرق الأمر من المستشفيات ما بين 3 إلى 5 سنوات في المتوسط للحصول على هذا التقدير، كما يكلف الحصول عليه متوسط 500 ألف دولار سنوياً، لاستثمار إجمالي يتجاوز مليوني دولار في المتوسط. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن المستشفيات تعوّض هذا الاستثمار في غضون بضع سنوات فقط، من خلال خفض تكاليف الموظفين وتحقيق نتائج أفضل.

نظرنا في بحثنا إلى العلاقة بين تقديم خدمات التمريض المتفوقة، على النحو المبيّن في برنامج "الماجنت"، وبين الدرجات التي حصلت عليها المستشفيات في استبيان تقييم زبائن المستشفى لأنظمة الرعاية الصحية ومقدميها، وكذلك ضمن قاعدة بيانات نتائج استبانات مؤسسة "برس غاني" (Press Ganey) لأكثر من ألفي مؤسسة للرعاية الصحية. يتمثّل الهدف من استبيان تقييم زبائن المستشفى لأنظمة الرعاية الصحية ومقدميها في تجميع آراء المرضى حول العديد من جوانب تجربتهم في المستشفى، بداية من بيئة المستشفى، وجودة الطعام، واستجابة الموظفين، ومدى تواصل الأطباء والممرضات معهم (هل يستمعون إلى المرضى؟ هل يعاملونهم باحترام؟ هل يشرح الأطباء حالة المرضى جيداً؟). ويتضمن الاستبيان أيضاً جزءاً يدور حول منح المرضى تقييماً شاملاً للمستشفى. وغالباً ما تُصاغ التقييمات وفق نتيجة النسبة المئوية للمرضى الذين يمنحون المستشفى أعلى درجة تقييم في إجراء معين. ووجدنا أن المستشفيات التي حصلت على تقدير "الماجنت" تفوقت على المستشفيات الأخرى في نتيجة "احتمالية توصية" المرضى بالمستشفى بمعدل 75.7 مقارنة بمعدل 70.8. كما لحظنا تفوقاً مشابهاً في "درجة التصنيف الإجمالية"، إذ حصلت المستشفيات الحاصلة على تقدير "الماجنت" على معدل 76.0 مقابل معدل 72.8 للمستشفيات الأخرى. كما لاحظنا أيضاً اختلافاً آخر، بسيطاً ولكنه مهم، في تقييم المريض لقلق الطبيب بشأن أسئلة المريض أو مخاوفه، والتي تقيس المجاملة والاحترام والاستماع والشرح.

وكشفت استبانات مؤسسة "برس غاني" أيضاً عن وجود علاقة ذات مغزى بين حصول المستشفى على تقدير "الماجنت" وبين ارتفاع تقييمات المريض لمهارة الأطباء، والاستجابة للمخاوف، والوقت الذي يقضيه المريض مع الطبيب، والود والمجاملة وغيرها من الإجراءات. وتراوحت درجات المتوسط للمرافق الحاصلة على تقدير "الماجنت" بين معدل 84.6 "للوقت الذي يقضيه الطبيب مع المريض"، ومعدل 93.2 "لمهارة الطبيب"، بينما تراوحت درجات المتوسط للمرافق العادية بين معدل 83.6 للوقت الذي يقضيه الطبيب مع المريض إلى معدل 92.1 لمهارة الطبيب. قد يبدو أن هذه الفروق طفيفة ولكنها ذات مغزى. إذ قد يُسفر أي تغيير طفيف على النقاط في متوسط الدرجات عن تأثيرات كبيرة على النسبة المئوية بسبب كثرة المستشفيات المتنافسة على المستوى الوطني. على سبيل المثال، يمكن للزيادة المتمثلة في نقطتين فقط على درجة أحد الأسئلة من 88 إلى 90 أن تحدث فرقاً بين تصنيف المستشفى ضمن النسبة المئوية 50 مقابل النسبة المئوية 75.

أخيراً، وجدنا عند تحليل بيانات مستشفيات عملاء مؤسسة "برس غاني 123" (123 Press Ganey) المنتشرة في الولايات المتحدة الأميركية، أن 45% من المستشفيات التي حصلت على مراكز ضمن الربع الأعلى فيما يخص مشاركة الطبيب قد حصلت على تقدير "الماجنت". ولم تحصل سوى 16% من المستشفيات في الربع السفلي على تقدير "الماجنت".

يمثّل تقدير "الماجنت" التزام المؤسسة بالتميّز. ومع ذلك، فإن الرحلة إلى التميّز لا تتطلب الحصول على تقدير "الماجنت"، إذ إن ثقافة التمريض لدى برنامج "الماجنت"، التي تركز على الجودة والاستقلالية والعلاقات والقيادة، تتجاوز نطاق التمريض وإلهام جميع الموظفين على جميع المستويات، بما في ذلك الأطباء. بل تتطلب رحلة التميّز الالتزام بالتغيير التحويلي الذي يسفر عن تحسين التميّز في مجال العناية السريرية، ومشاركة القوة العاملة، والسلامة، وتجربة المريض، وتقدير كيفية تضافر هذه العناصر مع بعضها البعض.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي