ملخص: قدمت دراسة بحثية جديدة دليلاً على أن تزويد الموظفين بنظارات حجب الضوء الأزرق يمكن أن يكون حلاً عملياً استثنائياً يساعد على تحسين جودة نوم الموظفين وإنتاجيتهم ونتائج العمل. والأمر المبهر للغاية بشأن نتائج الدراسة هو العائد المحتمل على الاستثمار. إذ إنه من الصعب تحديد قيمة الموظف الذي أصبح أكثر اندماجاً في العمل بنسبة 8% وتحسن سلوكه في تقديم المساعدة للغير بنسبة 17% وقلت سلوكياته السلبية في العمل بنسبة 12% وارتفع أداؤه للمهام بنسبة 8%. ولكن بالنظر إلى تكلفة رأس المال البشري، فمن المرجح أن يُقدَّر ذلك بمبلغ كبير. وعلى النقيض من هذه النتائج القيمة للغاية، تُباع النظارات التي استُخدمت في الدراسة بسعر 69.00 دولاراً في الوقت الحالي، وقد تكون هناك علامات تجارية أخرى للنظارات على القدر نفسه من الفاعلية ويمكن أن تؤدي إلى نتائج مماثلة. فهذه التكلفة الضئيلة بالنسبة إلى هذا العائد الكبير قد تكون استثماراً مربحاً بشكل استثنائي. علاوة على ذلك، يُعد تنفيذ هذا الحل بسيطاً نسبياً: ما عليك إلا توزيع النظارات على الموظفين مع بعض التعليمات البسيطة التي توضح كيفية استخدامها وبيان الهدف من الاعتماد عليها مع توضيح كيف ستعود النتيجة النهائية بالنفع على كل من صحة الموظف ونتائج العمل.
لا بد أن ترغب في أن يكون موظفوك في أفضل حالاتهم في العمل. وفي هذا السياق، تشير بحوثي إلى أن اعتبار النوم من الأولويات يُعد جانباً مهماً يجب أن تركز جهودك فيه. إذ إن الحصول على قسط كاف من النوم يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتحسين مجموعة كبيرة من نتائج العمل، بما في ذلك الاندماج في العمل والسلوكيات الأخلاقية واستكشاف الأفكار الجيدة والقيادة. لذلك إذا كنت ترغب في أن يكون موظفوك في أفضل حالاتهم، يجب أن تحرص على أن يحصلوا على نوم جيد جداً طوال الليل.
ولكن كيف يمكن أن تُجري هذا التغيير في السلوك؟ كيف يمكنك تحسين جودة النوم لدى موظفيك؟ ينام موظفوك في منازلهم، وبالتالي لن تكون معهم لتجبرهم على النوم لفترة أطول. وقد يواجهون مشكلات لا يمكنك السيطرة عليها أو التحكم بها، كتلك المتعلقة بالمسؤوليات العائلية والظروف الصحية والالتزامات الأخرى. يمكنك أن تحاول تهيئة مواقف تزيد من فرص حصولهم على قسط كاف من النوم، كوضع مواعيد عمل تأخذ فترات النوم في الاعتبار وعدم إثقال كاهلهم بأعباء العمل. ولكن هذه مجرد حلول جزئية، وقد لا يكون من العملي تنفيذها عندما يكون هناك ضغط لإبقاء تكاليف الأجور منخفضة. يمكنك أيضاً البحث عن فرص لتخصيص الموارد التي يمكن أن تساعد الموظفين الذين يعانون من مشكلات في النوم على التعامل مع هذه الصعوبات. وهذا يمكن أن ينجح ولكنه يتطلب التزامات مالية إضافية فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية للموظفين.
ويبقى السؤال: هل هناك حل بسيط التكلفة وسهل التنفيذ لزيادة فاعلية الموظف من خلال تحسين جودة نومه؟ (والمفاجأة أن الإجابة هي نعم، وهناك مثال بلغت فيه التكلفة 69 دولاراً لكل موظف).
تأثير شاشات الكمبيوتر والموبايل على النوم
أجريت أنا وزملائي دراسة بحثية ستُنشر قريباً وركزت على الإجابة عن هذا السؤال. وقد استندنا إلى بحث سابق يشير إلى أن ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق يمكن أن يساعد الموظفين على النوم بشكل أفضل. أسباب ذلك تقنية نوعاً ما، والخلاصة هي أن هرمون الميلاتونين، وهو مادة كيميائية حيوية، يعمل على زيادة الشعور بالنعاس ويزداد إفرازه في المساء قبل موعد النوم. والتعرض إلى الضوء يؤدي إلى تثبيط إفراز الميلاتونين، ما يجعل النوم أكثر صعوبة. ولكن ليس لكل أنواع الضوء التأثير نفسه؛ فالضوء الأزرق هو الأقوى تأثيراً. ولذلك فإن حجب الضوء الأزرق يقضي على قدر كبير من التأثير المثبط للضوء على إفراز الميلاتونين، ما يسمح بزيادة إفراز الميلاتونين في المساء وبالتالي يتمكن الشخص من النوم.
وبناء على هذا البحث، إلى جانب بحوثي السابقة التي تربط بين النوم ونتائج العمل، اتخذت أنا وزملائي الخطوة التالية المتمثلة في دراسة تأثير ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق على نتائج العمل. في دراستين أُجريتا على الموظفين في البرازيل، درسنا مجموعة واسعة من نتائج العمل، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاندماج في العمل وسلوك تقديم المساعدة للغير وسلوكيات العمل السلبية (كإساءة معاملة الآخرين) وأداء المهام.
نظارات حجب الضوء الأزرق
أُجريت الدراسة الأولى على 63 مديراً، وأُجريت الثانية على 67 ممثلاً لخدمة العملاء. واتبعت كلتا الدراستين خطة البحث نفسها: إذ ارتدى الموظفون نظارات حجب الضوء الأزرق لمدة ساعتين قبل موعد النوم كل ليلة لمدة أسبوع. وارتدى هؤلاء الموظفون أنفسهم نظارات "مقلَّدة" لمدة ساعتين قبل موعد النوم كل ليلة لمدة أسبوع أيضاً. كان للنظارات المقلّدة الإطار نفسه ولكن العدسات لا تحجب الضوء الأزرق. ولم يكن لدى المشاركين أي سبب للاعتقاد بأنه قد تكون هناك تأثيرات مختلفة لنوعي النظارات على النوم أو الأداء، أو أي تصوّر عن الجانب الذي قد تحدث فيه هذه التأثيرات. حددنا بشكل عشوائي ما إذا كان أي مشارك سيقضي الأسبوع الأول مرتدياً نظارة حجب الضوء الأزرق أم النظارة المقلّدة.
كانت النتائج متسقة بشكل ملحوظ في الدراستين. مقارنة بالأسبوع الذي ارتدى فيه المشاركون النظارات المقلّدة أو الوهمية، أفاد المشاركون في الأسبوع الذي ارتدوا فيه نظارات حجب الضوء الأزرق الحقيقية أنهم تمكنوا من النوم لفترة أطول (بنسبة 5% في الدراسة التي أجريت على المدراء، و6% في الدراسة التي أجريت على ممثلي خدمة العملاء) وأن جودة نومهم كانت أفضل (بنسبة 14% في الدراسة التي أجريت على المدراء، و11% في الدراسة التي أجريت على ممثلي خدمة العملاء).
كان لكل من كمية النوم وجودته آثار مفيدة على نتائج العمل في الجوانب الأربعة. فمقارنة بالأسبوع الذي ارتدى فيه المشاركون النظارات المقلّدة أو الوهمية، ذكر المشاركون في الأسبوع الذي ارتدوا فيه نظارات حجب الضوء الأزرق أن هناك زيادة في مستويات اندماجهم في العمل (بنسبة 8.51% في الدراسة التي أجريت على المدراء، و8.25% في الدراسة التي أجريت على ممثلي خدمة العملاء) وزيادة في انتهاج سلوك تقديم المساعدة للغير (بنسبة 17.29% في الدراسة التي أجريت على المدراء، و17.82% في الدراسة التي أجريت على ممثلي خدمة العملاء)، مع الحد من سلوكيات العمل السلبية (بنسبة 11.78% في الدراسة التي أجريت على المدراء، و11.76% في الدراسة التي أجريت على ممثلي خدمة العملاء).
في الدراسة التي أجريت على المدراء، أفاد المشاركون بأن أداءهم كان أعلى بنسبة 7.11% عندما ارتدوا نظارات حجب الضوء الأزرق مقارنة بأدائهم عندما ارتدوا النظارات المقلّدة. وفي الدراسة التي أُجريت على ممثلي خدمة العملاء كانت النتائج أكثر إثارة للاهتمام. إذ حُسب متوسط تقييمات العملاء لكل موظف على مدار يوم العمل. وقد تَبين أن ارتداء نظارات حجب الضوء الأزرق أدى إلى زيادة بنسبة 9% في تقييمات خدمة العملاء مقارنة بالفترة التي ارتدى فيها الموظفون النظارات المقلّدة.
تحسين النتائج المتصلة بالنوم
باختصار، أدت نظارات حجب الضوء الأزرق إلى تحسين النتائج المتصلة بالنوم والعمل على حد سواء.
والأمر المبهر للغاية بشأن هذه النتائج هو العائد الضمني على الاستثمار. إذ من الصعب تحديد قيمة الموظف الذي أصبح أكثر اندماجاً في العمل بنسبة 8% وازداد انتهاجه لسلوك المساعدة بنسبة 17% وقلّ انتهاجه لسلوكيات العمل السلبية بنسبة 12% وارتفع أداؤه للمهام بنسبة 8%. ولكن بالنظر إلى تكلفة رأس المال البشري، فمن المرجح أن يُقدَّر ذلك بمبلغ كبير.
على سبيل المثال، في الدراسة التي أُجريت على موظفي خدمة العملاء، كان مقياس أداء المهام هو تقييمات العملاء لمدى رضاهم عن الخدمة، ما يُعد نتيجة بالغة الأهمية بوجه خاص. وعلى النقيض من هذه النتائج القيمة للغاية، تُباع هذه النظارات بسعر 69.00 دولاراً في الوقت الحالي، وقد تكون هناك علامات تجارية أخرى للنظارات على القدر نفسه من الفاعلية ويمكن أن تؤدي إلى نتائج مماثلة (على الرغم من ذلك ابحث في الأمر، فبعض النظارات أكثر فاعلية بكثير من غيرها). قد تكون هذه التكلفة الضئيلة بالنسبة إلى هذا العائد الكبير استثماراً مربحاً بشكل استثنائي.
ومع مواصلة إحراز تقدم في علم النوم والساعة البيولوجية، من المرجح أن تكون هناك المزيد من السبل لتطبيق الأنشطة والمبادرات ذات الصلة بالنوم الصحي، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج عمل مفيدة. وفي نهاية المطاف، سيكون لدى الموظفين والمؤسسات قائمة فعالة من الخيارات لتحسين جودة نوم الموظفين، ما سيعود بالنفع على الجميع. ولكن نظارات حجب الضوء الأزرق تُعد خطوة أولية جذابة ومثيرة للاهتمام لأنها سهلة التنفيذ وغير مؤذية، و فعالة كما تُظهر بحوثنا.