شغل كريم منصب نائب رئيس قسم المخزون في إحدى شركات تغليف المواد الغذائية وكان معروفاً بأدائه المتميز. عمل في الشركة مدة 3 سنوات وكان معروفاً بنهجه المبتكر وعلاقاته القوية مع الفريق، وقد اعتمدت عليه مديرته، لميس، بسبب خبرته وتجربته الواسعتين. ومع ذلك، في أثناء عملية نقل المصنع، بدأ أداء كريم بالتراجع ولم يكن على مستوى التوقعات، فقد أخذ العديد من الإجازات الشخصية خلال هذه الفترة، ما وضع عبء عمل إضافي على لميس إذ كان عليها أن تأخذ مكانه في أثناء غيابه. تصاعد الموقف عندما كُلف كريم بتدريب عدد من الموظفين الجدد، لكنه أجّل هذه المهمة إلى أجل غير مسمى متذرعاً بالافتقار إلى قيادة الموارد البشرية.
فهل كان أداء كريم حالة شاذة أو علامة تحذير لمشاكل أعمق؟ قدّمت لميس تعليقات مباشرة إلى كريم حول أدائه، لكنها أصيبت بخيبة أمل عندما لم يأخذ زمام المبادرة للتحسين كما توقعت. وجدت نفسها في موقف صعب، غير متأكدة من مدى الأهمية التي أولتها لأدائه الجيد السابق. هل يجب أن تقبل أداءه "المقبول بما فيه الكفاية" للمضي قُدماً، أم أن الوقت قد حان للتفكير بمغادرة كريم؟
اتخاذ قرار فصل موظف ما هو خيار صعب ومؤلم دائماً، خاصة عندما تعمل معه منذ سنوات وتعرفه جيداً وتحترمه. حتى المدراء الذين يتمتعون بخبرة واسعة، يجدون قرار إنهاء خدمة الموظف أمراً مرهقاً وصعباً. على الرغم من الأسباب المنطقية أو المالية للإنهاء، يكاد يكون من المستحيل استبعاد العواطف من هذا القرار نظراً لطبيعته الشخصية.
لذلك وسط هذه المشاعر المتضاربة كلها، كيف تحدد إذا كان موظفك لا يزال من ذوي الأداء المتميز ويستحق فرصة أخرى؟ ومتى تدرك أن الوقت قد حان لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإنهاء عمله؟
لنفترض أنك، بصفتك المدير، اتخذت جميع الخطوات الصحيحة حتى الآن، بما في ذلك تقديم تعليقات صادقة وبنّاءة حول أداء موظفك، فحددت له أهدافاً نهائية ومهامَ قابلة للتحقيق خلال جدول زمني محدد يتبعه، وبالطبع، طلبت منه رأيه حول كيفية تحسين أدائه أيضاً. من وجهة نظر إدارية، فإنك قد فعلت كل ما في وسعك على الأقل لتحديد التوقعات وتقديم التوجيه وتمكين موظفك ذي الأداء الضعيف من الارتقاء إلى مستوى المسؤولية والتحسن.
ما الذي يجب فعله إذا لم تؤد الخطوات السابقة إلى تحسن أدائه؟ اطرح على نفسك الأسئلة الثلاثة التالية للمساعدة على توجيه مسار العمل الصحيح واتخاذ القرار المناسب:
1. هل يفي موظفك بالمسؤوليات الموضحة في وصف وظيفته؟
الوصف الوظيفي معيار أساسي للأداء، ومع ذلك، يهمل العديد منا إعادة النظر فيه بعد تعيين الموظف، بما في ذلك الموظف نفسه. ولكن من خلال مراجعة الوصف الوظيفي بعد أن يتولى الموظف عمله لبعض الوقت، يمكن للمدير تقييم مدى توافق أداء الموظف مع الواجبات الموكلة إليه، وبعد ذلك، يمكنه إجراء مناقشة هادفة حول كل جانب من جوانب الدور مع الموظف، وتعديل أولوياته إذا لزم الأمر، وتحديث الوصف الوظيفي بحسب الحاجة. إذا كان أداء الموظف لا يلبي التوقعات الموضحة في الوصف الوظيفي الحالي أو المحدّث، فقد يكون الوقت قد حان لإنهاء عمله.
في حالة كريم، هل كان مؤهلاً بما يكفي للحفاظ على سير عمليات المصنع بسلاسة. الإجابة هي نعم. هل كان يؤدي جميع مسؤولياته بامتياز؟ لا. هل حافظ على دوره قائداً مثالياً في المؤسسة؟ لا. إذا لم تكن هناك ظروف مخففة، فإن الموظف الذي لا يؤدي عمله على أفضل وجه يمكن أن يؤثر سلباً على الفريق أو المؤسسة بأكملها. الاحتفاظ بالموظف الذي لا يستوفي متطلبات وظيفته أمر غير منصف لك وللموظف، وبالتأكيد لا يخدم عملاءك أو زبائنك على أفضل وجه.
2. هل من الممكن العثور على موظف أكثر كفاءة بالراتب نفسه في سوق العمل الحالية؟
كانت لميس مترددة في اتخاذ القرار لأنها لم تُعد خطة لخلافة دور كريم. ما مدى صعوبة استبداله؟ كم من الوقت والطاقة والموارد ستحتاج لميس إلى استثمارها للعثور على شخص يتمتع بالمهارة والموهبة والتفاني الذي تحتاج إليه؟
من المعروف أن استبدال المواهب قد يكون مكلفاً. تشير البيانات إلى أن تكلفة استبدال المسؤول التنفيذي يمكن أن تتراوح من 20% إلى 200% من راتبه، لذلك ليس هناك شك في أن عملية التوظيف يمكن أن تكون شاقة بسبب تكاليفها وتحدياتها، ولكن مع استثناءات قليلة، يمكن استبدال كل موظف على الرغم من إحجامنا عن الاعتراف بذلك.
كان كريم موظفاً قيّماً يتمتع بسجل ثابت من الأداء الجيد، ومع ذلك، فإن الشخص الذي حل محله جلب وجهات نظر جديدة وعمليات تفكير متنوعة ومهارات مهنية قوية إلى هذا الدور. في النهاية، تتسم سوق العمل بالكفاءة والديناميكية، وهناك وفرة من الموظفين المهرة الذين يتوقون إلى التقدم في حياتهم المهنية. يجب على المدراء وضع هذه الحقيقة في اعتبارهم، حتى لو كان إدراكها صعباً في خضم المشكلات الحالية.
3. إذا استقال الموظف اليوم، فهل ستقاتل من أجل الاحتفاظ به؟
هذا السؤال يمثل الاختبار الحاسم في عملية اتخاذ القرار. من خلال طرح السؤال بهذه الطريقة، ستتعامل بصدق مع نقاشك الداخلي: كيف ستشعر إذا غادر الموظف؟ إذا كان رحيله سيجعلك تشعر بالإحباط الشديد، فربما لا يزال هناك أمل في إصلاح علاقة العمل. هل تشعر بالارتياح لمغادرته؟ إذاً فقد حان الوقت لإنهاء عمله.
أدركت لميس أخيراً أنها كانت متمسكة بكريم لأنها كانت على دراية به وبعمله، على الرغم من أدائه المتواضع. الألفة وحدها ليست سبباً كافياً للاحتفاظ بالموظف الذي يؤدي عمله بصورة مناسبة فقط. كما هي الحال مع تجربة لميس، من المحتمل أن تجد موظفاً بديلاً يفوق أداؤه توقعاتك، ما يدفعك إلى التساؤل عن سبب انتظارك طويلاً لاتخاذ إجراء في المقام الأول. وكريم؟ لقد أتيحت له الفرصة للانتقال إلى وظيفة أخرى تناسبه بصورة أفضل. على الرغم من أن مثل هذه القرارات يمكن أن تكون صعبة جداً في اللحظة الراهنة، فهي تؤدي غالباً إلى نتائج أفضل لجميع الأطراف المعنية على المدى الطويل.
كريم ولميس شخصان حقيقيان، لكن غُيّر اسماهما حفاظاً على الخصوصية.