كيف تتجنب الوقوع في فخ محاضرات الويب وجلسات البث الشبكي؟

4 دقائق
shutterstock.com/Who is Danny

أدت الظروف الاستثنائية التي وجدنا نفسنا نتعايش معها منذ بداية العام إلى ظهور عادات جديدة، وإلى زيادة استخدام العديد من الأدوات التي كنا نعتبرها في الماضي من الترف المهني أو المكملات الإدارية. وقد أصاب هذا التضخم فيما أصاب المحاضرات الفيديوية والجلسات والمناقشات والمؤتمرات التي يتم بثها مباشرة عبر الإنترنت، فشهدنا طفرة في استخدامها ضمن مختلف القطاعات، فمثلاً زاد عدد المستخدمين النشطين لبرنامج "زووم" وهو أحد البرامج المستخدمة في هذه اللقاءات من 10 مليون إلى 200 مليون مستخدم خلال ثلاثة أشهر من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار من العام الحالي، والحق يقال أن فوائد هذه الممارسة عديدة وثمارها يانعة تسر الناظرين. ولكن بما أن المثالية في عالم الأعمال غاية لا تدرك، فقد أخذت على عاتقي في هذا المقال أن ألقي الضوء على السلبيات المصاحبة لجلسات البث المباشر من خلال الإنترنت أو ما يعرف بالـ "Webinars"، وتقديم نصائح عملية تساعدك على تحقيق أكبر فائدة من حضورها.

معضلة الكم والنوع

من الطبيعي لجوء المؤسسات والأفراد إلى البث المباشر عبر الإنترنت للتواصل مع الجمهور والمتعاملين كخيار بديل، وفي بعض الأحيان كخيار وحيد أمامهم في ظل الظروف الراهنة والقيود على الحركة والتجمعات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19). ولكن بنظرة فاحصة إلى هذه الساحة نرى أن المشهد يتضمن تنوعاً أكبر، فهناك بالإضافة إلى أصحاب الرغبة الصادقة في تقديم المعلومة المفيدة ومشاركة الخبرات النوعية، يوجد من بدأ باستخدام هذه الوسيلة لمجرد الرغبة في البقاء تحت الضوء بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمه، أو مدى أهمية ومناسبة هذا المحتوى والقيمة التي يقدمها للمشاهد، وهناك من استسهل ذلك مقارنة بالحديث في مؤتمر أو جلسة عمل أو لقاء عادي، لأن الرهبة من الحديث أمام الجمهور الحقيقي هي أكبر من رهبة المشاركة في حلقة نقاشية عبر الإنترنت بمواجهة كاميرا الهاتف المحمول أو الحاسوب، وبالتالي رأى هؤلاء أن المحتوى ليس مهماً والدردشة كفيلة بأداء المطلوب، وهناك أيضاً من وجد في ذلك فرصة للتسويق الشخصي يجب اغتنامها بأي حال من الأحوال. إن أكثر ما يعنيني هنا هو أنت كمتلقي أو مشاهد وما يجب عليك القيام به لتحافظ على وقتك على اعتبار أنه المورد الأهم في هذه المرحلة، وكذلك كيف تحمي نفسك من تشويش المعلومات وفساد المعارف والتأثر بما لا يجب عليك أن تتأثر به، لذلك سأعرض عدداً من الإجراءات والخطوات التي يمكنك القيام بها لتحقيق أقصى استفادة من اللقاءات الشبكية على ثلاث مراحل كالتالي:

قبل موعد الجلسة

من شبه المؤكد أن إعلان الجلسة قد وصلك من خلال أحد وسائل تكنولوجيا المعلومات كرسالة هاتفية، أو بريد إلكتروني، أو إعلان في أحد مواقع التواصل الاجتماعي. وهنا عليك بداية ألا تنبهر بعنوان الجلسة، بل لا بد إن أعجبك العنوان أن تقوم بقراءة الشرح أو التفاصيل المرفقة، لأنه وفي عدة حالات يكون العنوان براقاً ولكنه لا يعبر عن المحتوى بدقة، فترى أن هذا البريق قد بدأ يخبو شيئاً فشيئاً مع قراءة التفاصيل والاطلاع على المحاور والنقاط الرئيسة في النقاش. كذلك ألقي نظرة على المشارك أو المشاركين في الجلسة واستثمر دقائق من وقتك في البحث عنهم وعن مؤهلاتهم وخبراتهم في الموضوع الذي سيناقشونه أو يتكلمون فيه، أحياناً بدافع العجلة أو زيادة الطلب نرى المنظمين يلجؤون إلى متحدثين ذوي خبرات سطحية في موضوع النقاش. بعد التأكد من مناسبة الموضوع ولياقة المتحدثين، أنصحك أن تصوغ الأسئلة والاستفسارات التي ترغب في أن يقوم المتحدثون بالإجابة عنها، وهنا يجب ألا تستسلم إلى فكرة أنك ستطرح أسئلة وفق الحديث الذي ستسمعه خلال اللقاء، بل يجب أن تأخذ بعض الوقت قبل ذلك لتسبر معارفك الحالية، وما هي الأشياء غير الواضحة بالنسبة لك أو التي تشكل تحدياً وترغب في سماع الرأي فيها، سجل هذه النقاط وقم بإرسالها إلى الجهة المنظمة بشكل مسبق إذا كان هذا الخيار متاحاً. هذه النقطة مهمة لأن المتحدثين سيقدمون المعلومات التي يرونها مناسبة فقد تكون معلومات عامة، أو مفيدة لشخص مبتدئ في موضوع النقاش أو لا تلبي ما تتطلع له بناء على تجربتك وخبراتك الشخصية.

أثناء الجلسة

إذا أكملت التجهيزات قبل حلول موعد الفعالية وما زلت ترى أنها تستحق المشاهدة، حاول أن تقلل انشغالك بغير الجلسة عند بدئها، أعرف أن إنجاز بعض الأعمال أو تصفح الإنترنت أو متابعة برنامجك التلفزيوني المفضل وأنت تشاهد الجلسة هو أمر مغرٍ، لأنه يمنحك شعوراً زائفاً بأنك تستفيد من وقتك على أكمل وجه، ولكن ذلك سيحرمك من الحصول على أفكار هامة يقولها المشاركون على عجالة أو أنك قد تستشفها من بين كلماتهم إذا ما كنت تتابع بتركيز ودون تشتت. إذا ما مررت على نقطة لافتة أو ملاحظة تعتبرها قيّمة قم بتدوينها دون إبطاء ودون الاعتماد على ذاكرتك فقد خانتك كثيراً في الماضي والأرجح أنها ستستمر في خيانتك في المستقبل، إضافة إلى أن كتابة تلك الأفكار ستجعلك تركز انتباهك عليها بشكل تلقائي. ومتابعة لما أسلفناه سابقاً إذا كان طرح الأسئلة متاحاً أثناء الجلسة فقم بمشاركة أسئلتك مع المحاور أو المستضيف وكذلك إذا جد سؤال أو استفهام جديد خلال المشاهدة. وآخر نصيحة أذكرها هنا أنك يجب أن تمتلك الشجاعة للتوقف عن المشاهدة ومغادرة الجلسة إذا وجدت أنها لا تلبي توقعاتك أو أنها لا تعكس ما تضمنه الإعلان الذي وصلك عنها.

بعد الجلسة

لا تعتقد بأن محاضرة الويب أو جلسة البث الشبكي قد انتهت بانتهاء حضورها، لعل أهم ما يمكنك أن تقوم به في هذا المرحلة أن تسأل نفسك السؤال التالي: ما الذي استفدته من حضور هذه الجلسة؟ إذا استطعت الإجابة عن هذا السؤال بشكل محدد فاعتبر أن استثمارك لوقتك كان في مكانه، أما إذا لم تستطع الإجابة بشيء محدد فأقول لك أنك قد أضعت وقتك وحظاً أوفر في المرات القادمة. قم بعد الجلسة بتحديد ما هي المعارف والمعلومات التي تحتاجها لتكوين سلسة معرفية مترابطة، فهذا سيوسع معارفك ويساعدك على تنمية مهاراتك أيضاً، فجلسة واحدة مهما كانت طويلة لن تكون كافية لتجعلك تحيط بموضوع ما إحاطة كاملة وإنما تحتاج إلى متابعة وممارسة وتطبيق، هذا بالإضافة إلى ضرورة أن تمارس التركيز وتبتعد عن التشتت الذي يمكن بسهولة أن تنزلق إليه مع كم الجلسات الافتراضية المتاحة، ويمكنك الاطلاع على مقال منشور في هارفارد بزنس ريفيو العربية يتضمن عدة نصائح للتعامل مع التشتت في الظروف الراهنة. بعض الجلسات تطلب من الحضور تقييم التجربة وتقديم تقييم للموضوع والضيوف والمحتوى وغير ذلك، إذا ما رأيت أن الجلسة كانت جدّية فيمكنك المشاركة في هذا الاستبيان بهدف تقديم اقتراحات تطويرية تساعد المنظمين على تحسين ما يقومون بتقديمه. ويجب ألا يفوتك أيضاً أن تستفسر إذا ما كانت الجلسة مسجلة وسيتم توفيرها في وقت لاحق، هنا يمكنك إذا ما كنت مشغولاً في وقت البث المباشر أن تقرر المشاهدة في وقت آخر.

لا شك أننا بحاجة إلى وقت لنصل إلى مناعة القطيع، ليس طبياً وإنما إدارياً ومهنياً بحيث نستطيع أن نميّز الغث من السمين عند التفاعل مع اللقاءات المباشرة والجلسات المعرفية التي يتم بثها من خلال شبكة الإنترنت. وحتى يفعل الانتخاب المهني فعله في ذلك، عليك أن تكون يقظاً وتقوم بما تستطيع لتمتلك زمام وقتك وفكرك، وتستفيد بشكل واع مما تتعرض له من معلومات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي