يزداد الطلب على القدرات والمهارات الرقمية في وقتنا الحاضر، حيث تشهد نمواً ملحوظاً، نظراً لأن هذه المهارات أصبحت مطلباً أساسياً لمعظم النشاطات العملية في شتى القطاعات مع ما يشهده العالم من تطورات تقنية ورقمية.
وفي ظل معطيات الثورة الصناعية الرابعة ومتطلبات تطبيقاتها التي تلامس في وقتنا الراهن معظم مجالات الحياة وما تشهده من حراك متسارع في التحول الرقمي للأعمال والخدمات، أصبح من الضروري مواكبة هذه التطورات والعمل على استغلال الفرص المتاحة بما يحقق الفوائد المستهدفة، مع تجنب الخسائر الفادحة.
ومن هنا تأتي أهمية بناء القدرات البشرية الرقمية، وتغيير طريقة التفكير للقادة وصناع القرار، وذلك للمساعدة على مواكبة المستجدات واللحاق بالركب الرقمي فائق السرعة الذي يشهده عصرنا الحالي وإيجاد الفرص الحديثة واستغلالها وفتح آفاق جديدة للنمو والتوسع.
يسلط هذا المقال الضوء على أهمية بناء القدرات البشرية الرقمية وتغيير طريقة التفكير لدى قادة الأعمال، والآثار الإيجابية الناتجة عن تلك الجهود.
وكما هو ثابت في الأداء الإداري، فإن مسؤولية رسم الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للكيانات المؤسسية تقع على عاتق القادة وصناع القرار بما يحقق الأهداف، وحيث إن التكنولوجيا أصبحت هي لغة العصر والمستقبل، فإن تنمية القدرات وتطوير الفكر الرقمي لدى القادة سيمكنهم من توجيه الجهود ورسم الخطوط العريضة وبناء الكوادر البشرية الماهرة التي تتناسب قدراتها مع متطلبات المرحلة بما يحقق الأهداف والطموحات المستقبلية.
وللجهود المعنية ببناء القدرات البشرية والفكر الرقمي آثار إيجابية ملموسة منها ما هو مباشر ينعكس تأثيره على الأفراد والمؤسسات بأكملها، ومنها ما هو غير مباشر، يقاس أثره على أوجه ومناطق عدة مثل البيئة المحيطة والقطاعات المنافسة.
وتسهم هذه الجهود في تزويد القادة بالمهارات والقدرات التي تمكنهم من توليد الأفكار والحلول الإبداعية، وحل المشكلات ومواجهة التحديات، وكذلك انتهاز فرص العصر الحديثة، وسيطال أثر ذلك الأشخاص أنفسهم، حيث سيسهم ذلك الأثر في تأهيل جيل جديد ونوعي من الكفاءات الرقمية وتكوين شخصيات قيادية قادرة على تطوير الأعمال والإنسان على حد سواء، وبناء عليه، اتخذت أكاديمية "إس تي سي" (stc) هذه المهمة والمسؤولية النبيلة لبناء قدرات وكفاءات بشرية طموحة تقود عملية التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية وتساعد على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة.
قصة أكاديمية "إس تي سي"
تماشياً مع رؤية المملكة 2030، جاءت فكرة تأسيس الأكاديمية في مطلع عام 2016، وبحكم أن الشركة وتطورات القطاع يحتم عليها التوسع إلى شركة رقمية بفكر إبداعي رقمي جديد، تم بدء الأعمال التأسيسية للأكاديمية بعد إجراء دراسات مقارنة شملت أكاديميات مثيلة لدى الشركات العالمية بهدف بناء وتطوير جيل جديد من القادة والقدرات الرقمية للشركة والمملكة، حيث عملت بعد الإطلاق الرسمي في الرابع من فبراير/شباط عام 2018، على تطوير نتائج قابلة للقياس من خلال برامج القيادة والتقنية الرقمية الحديثة، مع الحفاظ على معايير عالية المستوى لجودة ومحتوى التطوير.
وتوفر أكاديمية "إس تي سي" بيئة من الطراز العالي في القيادة الرقمية والتكنولوجيا لتمكين تحويل شركة الاتصالات السعودية إلى شركة رقمية وإنشاء ثقافة رقمية للجيل الحالي والقادم من القادة، كما تسخّر الأكاديمية الجهود والقدرات لتصبح مركزاً فريداً للتميز في مجال التطور الرقمي، وكذلك لتوفير قيادة فكرية لشركات المجموعة والمؤسسات الخارجية في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.
مركز الإلهام لقادة المستقبل
تسعى الأكاديمية وفق خططها لتصبح منصة ومركز الإلهام لقادة المستقبل والمهنيين لكي يتمكنوا من قيادة التحول الرقمي على خطى استراتيجية شركة "إس تي سي"، وصُممت الأكاديمية بطرق حديثة وتكنولوجيا مبتكرة وأنماط مختلفة تحتوي على قاعات ومساحات واسعة للتعلم الحديث وتعزيز التفاعل الرقمي والافتراضي والحضوري.
وتعتمد الأكاديمية على 3 تصنيفات فيما تقدمه:
- القيادة والأعمال الرقمية: تهدف إلى توفير جميع الخبرات في القيادة الرقمية التي ستمكن القادة الداخليين والخارجيين من التحول بشكل أفضل ليصبحوا قادة أكثر مرونة رقمياً.
- التعلم المهني: هو التعلم الذي يهدف إلى تقديم الدعم لجميع خبراء التكنولوجيا والأعمال في الكثير من المجالات التي تشمل الأمن السيبراني، وتحليلات البيانات، والذكاء الاصطناعي، والمعاملات المالية، والتسويق وغيرها الكثير.
- إدارة تطوير أعمال التعلم: تهدف إلى التركيز على كل ما من شأنه المساهمة في تطوير العملية التعليمية، مثل الاستشارات الأكاديمية والتقييم للقادة والمهنيين والتعلم الإلكتروني والتفكير التصميمي وأخيراً الابتكار والأبحاث، ويتم كل ذلك من خلال بناء الشراكات والعلاقات الاستراتيجية مع الشركاء والعملاء محلياً وعالمياً.
أهداف الأكاديمية
بعد الانطلاق الناجح للأكاديمية وإعلان الحزمة الأولية من البرامج في عام 2018، تم العمل على إنشاء ثقافة تعكس مستقبل شركة "إس تي سي" كشركة رقمية، بالإضافة إلى أن عدد الموظفين في الأكاديمية مقسم بالتساوي بين الذكور والإناث، كما تم تعيين أول سيدة تنفيذية في الشركة مديراً عاماً لمدرسة التكنولوجيا الرقمية.
ونالت الأكاديمية المركز الثاني لأفضل أكاديمية تابعة لشركة رائدة في استخدام التقنية الحديثة، متفوقة على أكبر الشركات العالمية، وذلك من خلال المشاركة في تصنيف المجلس العالمي للأكاديميات المؤسسية، وما كان لهذه الإنجازات أن تتحقق لولا وجود روح فريق عمل واحد مبدع بفكر ريادي وكذلك التعاون بين قطاعات الشركة التي ساعدت في إنشاء الأكاديمية، حيث أسهم أكثر من 100 موظف من 8 قطاعات مختلفة في بنائها وإطلاقها.
وتهدف الأكاديمية في المرحلة المقبلة إلى زيادة الجدول الزمني لتقديم البرامج، وإطلاق أول قاعة للتصور الخيالي للبيانات على نطاق واسع في المملكة، بالإضافة إلى مختبر محاكاة أمن المعلومات السيبراني.
كما عملت الأكاديمية على استقطاب الكفاءات السعودية ذات الفكر الإبداعي في مختلف المجالات، وركزت بشدة على تطوير برامجها بالتشارك مع أفضل المؤسسات التعليمية عالمياً، حيث إن الكثير من البرامج وخصوصاً برامج القادة تعكس الواقع الطموح المتسارع الذي تمر فيه المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، وبما أن شركة "إس تي سي" تعتبر المُمكّن الرقمي للرؤية الطموحة حرصت الأكاديمية على أن تكون الذراع التعليمي لهذا التمكين الرقمي من خلال برامج تفاعلية للقادة تعتمد كثيراً على المحاكاة والتطبيق العملي وتعريفهم على آخر مستجدات التقنية والتحول الرقمي محلياً وعالمياً.