ملخص: يعتمد نجاحنا في تحقيق الإنجازات في أماكن العمل على قدرتنا على بناء العلاقات مع الزملاء وكسب ثقتهم، فعندما نخصص وقتاً للتواصل مع بعضنا البعض وفهم احتياجات بعضنا البعض، فإننا نُعدّ بذلك أنفسنا لتحقيق النجاح. ويشارك المؤلف، وهو محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، 5 تقنيات للمساعدة في تحقيق تواصل صادق مع الزملاء وبناء الثقة معهم: 1) وسّع معارفك. 2) لا تكن ذا وجهين. 3) كن مستمعاً جيداً. 4) أعطِ لتأخذ. 5) دوّن ملاحظاتك.
يُعتبر كسب ثقة الزملاء أساس النجاح في أي مكان عمل، إذ قد يتردد زملاؤك في تأييد أفكارك ودعمك إن لم يثقوا بك. وقد تؤدي الثقة، أو الافتقار إليها، دوراً مهماً في قدرتك على تحقيق أهدافك أو الإخفاق في بلوغها.
كتبت عندما كنت محللة في وكالة الاستخبارات المركزية تقييمات تحليلية لرئيس الولايات المتحدة وصنّاع القرار الآخرين. كما أجريت وزملائي في مديرية العمليات اجتماعات مع العناصر الاستخباراتية لجمع المعلومات التي تهم الولايات المتحدة، وهو دور تُمثّل الثقة فيه جزءاً لا يتجزأ. وعندما تركت وكالة الاستخبارات المركزية لأشغل منصباً جديداً في مجال استقصاء التهديدات في شركة تكنولوجية كبيرة، أدركت على الفور أهمية المهارات التي تعلمتها في وكالة الاستخبارات المركزية، لا سيما قدرتي على بناء الثقة. وبصفتي امرأة تعمل في مجال أمن المعلومات الذي يهيمن عليه الذكور، غالباً ما واجهت شكوكاً بشأن مؤهلاتي وقدراتي. واجهت صعوبة أولاً في حقيقة أنني لم أتمكن من مشاركة كثير من التفاصيل حول خلفيتي المهنية في مجال عملي السابق. لكني أدركت بعد أن حضرت عدة اجتماعات فشلت فيها في كسب التأييد لأفكاري ضرورة أن أغيّر محور تركيزي. أي يجب عليّ بناء علاقة مع الآخرين لكسب ثقتهم واحترامهم أولاً حتى أتمكن من تحقيق أهدافي.
واستندت إلى تقنية تعلمتها في وكالة الاستخبارات المركزية تدعى "أنت وأنا متساويان". فسّر بعض الضباط معنى ذلك بأنه يجب عليهم التظاهر باهتمامهم بموضوع كانت أصولهم الاستخباراتية مهتمة به أيضاً. ومع ذلك، سعى أنجح ضباط العمليات إلى إيجاد أرضية مشتركة حقيقية من خلال توسيع معارفهم. لنتعرف على بعض الأساليب التي يستخدمها عملاء وكالة الاستخبارات المركزية للتواصل مع زملائهم وبناء الثقة معهم بصدق.
وسّع معارفك
يجب أن تنمّي اهتماماتك وهواياتك من أجل أن تطور خزينة من الموضوعات التي تمكّنك من التواصل مع الآخرين عبر الحديث عنها. هل هناك مهارة ما ترغب في إتقانها؟ توجد فرص لا حصر لها لاكتساب مهارات جديدة من الأفراد في جميع أنحاء العالم دون أن تغادر منزلك. على سبيل المثال، يمكنك الاستمتاع بالطهي في منزلك مع شيف خبير وشهير من خلال منصة "ماستر كلاس" (MasterClass)، أو تعلم كيفية الحياكة عبر منصة "تيك توك"، أو التواصل مع عشّاق الكتب الآخرين من خلال نادي الكتاب الافتراضي.
هل لديك بالفعل هواية غفلت عنها بسبب صخب الحياة؟ قد يكون تخصيص بعض الوقت لممارسة الهوايات خارج نطاق العمل أمراً صعباً عندما ننهمك في أداء مهام وظائفنا وإتمام مسؤولياتنا في المنزل. جرب تخصيص يوم من جدول مواعيدك كل أسبوع تتعلم فيه مهارة أو هواية جديدة. وتذكر أنه ليس من الضروري أن تصبح خبيراً في كل ما تحاول القيام به، بل قد يمنحك امتلاك قدر كبير من الخبرة في مجموعة متنوعة من الموضوعات ثروة من المعلومات التي يمكنك الاستفادة منها عندما تلتقي بالآخرين وتتواصل معهم، حتى لو كانت خبرتك في كل موضوع بسيطة.
لا تكن ذا وجهين
ستفشل محاولاتك في بناء العلاقات مع الزملاء وستفشل في بناء الثقة إذا لم تكن صادقاً، تماماً كفشل محاولات ضباط العمليات في وكالة الاستخبارات المركزية في التواصل مع شخص ما عبر اختلاق وجود مصالح مشتركة معه؛ بل حاول العثور على موضوع مشترك تهتم به حقاً. إذا لم تتمكن من إيجاد طريقة للتواصل مع شخص ما، فحاول تعلّم المزيد عن أحد اهتماماته، شرط أن تكون حول موضوع ترغب بتعلمه بالفعل. على سبيل المثال، لنفترض أن زميلك الجديد خبير في الطهي، فبدلاً من أن تشتري كتاباً عن الطهي على عجل، أو تشترك بدورة ما على أمل أن تصبح زميلاً خبيراً، جرّب التعبير عن اهتمامك بالتعلّم بأن تؤدي دور الطالب في حين يؤدي زميلك دور المعلم، فتلك طريقة رائعة لبناء الثقة بطريقة صادقة.
كن مستمعاً جيداً
تذكّر عندما تبني علاقة مع شخص ما أن الناس يحبون التحدث عن أنفسهم وعن اهتماماتهم بشكل عام. لا مانع من أن تتحدث عن نفسك أيضاً، وقد يجب عليك التحدث عن نفسك بالفعل أحياناً من أجل تعزيز تلك الروابط المشتركة التي ناقشناها، لكن تذكر أن تفعل ذلك بطريقة تحافظ فيها على استمرار تدفق المحادثة وتشجعهم على مشاركة المزيد. إذا كنت تعلم أنك شخص ثرثار بطبيعتك وتستمتع بوجودك في دائرة الأضواء، فلا تنسَ أن تمنح الآخرين فرصة الحديث. صحيح أن مشاركة قصص مماثلة قد يخلق رابطاً مشتركاً، لكن ضع في اعتبارك أنه قد يكون من المهم أحياناً أن تؤدي دور المستمع. على سبيل المثال، إذا شارك شخص ما تفاصيل إجازته الأخيرة بحماس، وكانت حول وجهة ذهبت إليها مرات لا تحصى، فقاوم الرغبة في تولي زمام المحادثة ورواية قصصك عن السفر إلى الوجهة نفسها. إذا سألك عما إذا ذهبت إلى تلك الوجهة نفسها من قبل، فيجب عليك أن تقول الحقيقة، ثم أن تعيد الكرة إلى ملعبه بشكل لبق عبر سؤاله عن أكثر ما أثار إعجابه في الرحلة، والمكان الذي أقام فيه، وما إذا كان يفكر في زيارتها مجدداً. وقد تتمكن من إيجاد طرق للتواصل معه عبر الحديث عن تجاربكما المشتركة استناداً إلى الإجابات التي يقدمها.
أعطِ لتأخذ
قد تضطر أحياناً إلى تقديم بعض المعلومات عن نفسك أولاً من أجل حثّ زملائك على الحديث وجعلهم يشعرون بالأمان عند مشاركتهم تفاصيل عن أنفسهم. وتلك أيضاً إحدى التقنيات التي تدرّسها وكالة الاستخبارات المركزية في الدورات التدريبية لمساعدة ضباط العمليات في تعلم كيفية بناء العلاقات وتعزيز علاقاتهم السرية مع أهداف الاستخبارات. وقد يكون لتلك التقنية الأهمية نفسها في عالم الأعمال التجارية. فإذا كنت ترغب في أن يأتمنك شخص ما على معلومة ما، فجرّب بدء محادثة تشارك فيها حادثة مشابهة حصلت في حياتك على أمل أن تدفعهم تلك القصة إلى المشاركة والتحدث بوضوح حول الموضوع الذي تهتم به. على سبيل المثال، إذا كنت تأمل في أن يتحدث أحد الزملاء عن موقف مثير للتوتر في العمل، فيمكنك مشاركة قصة حديثة ومماثلة حول تجربة مررت بها لحث الشخص الآخر على المشاركة. باختصار، قد تكون تقنية "العطاء مقابل الأخذ" طريقة سهلة لتشجع زملاءك على التحدث بشكل صريح، وتشكيل الأساس لعلاقة قائمة على الثقة.
دوّن ملاحظات
فكّر في تدوين ملاحظات حول الأمور التي تعلمتها عن شخص ما بعد مقابلته حتى تتمكن من متابعة الحديث معه في الاجتماع القادم، تماماً مثلما يلخّص ضباط العمليات في وكالة الاستخبارات المركزية النقاط الرئيسية بعد اجتماعاتهم. لا أقترح عليك تدوين أي معلومات سرية عن شخص ما، بل اكتب فقط تفاصيل صغيرة عن حياته قد لا تتذكرها بمجرد أن تنشغل بصخب الحياة. على سبيل المثال، إذا ذكر أحد الزملاء أنه يتدرب للمشاركة في سباق ماراثون، فدوّن تلك المعلومة حتى تتمكن من متابعة ذلك الموضوع معه وسؤاله عن كيفية سير التدريبات في المرة التالية التي تجتمع فيها معه. إذا شارك معك عدد أطفاله وأسمائهم، فدوّن تلك الملاحظة أيضاً. بشكل عام، يشعر الأفراد بالخصوصية عندما تتذكر التفاصيل التي شاركوها معك عن حياتهم، لا سّيما عندما تتابع الحديث عن تلك الموضوعات معهم.
تمثّل القدرة على بناء العلاقات مع الزملاء وبناء الثقة جانباً واحداً فقط من مهمة كسب الدعم لأفكارك، لكن عندما نستخدم تلك التقنيات المستوحاة من وكالة الاستخبارات المركزية، فإننا نضع بذلك الأساس لتحقيق أهدافنا المهنية. يعتمد نجاحنا في تحقيق الإنجازات في أماكن العمل على قدرتنا على بناء علاقات مع زملائنا وكسب ثقتهم، فعندما نخصص وقتاً للتواصل مع بعضنا البعض وفهم احتياجات بعضنا البعض، فإننا نُعدّ بذلك أنفسنا لتحقيق النجاح.