لماذا يقيس جون دير معنويات الموظفين كل أسبوعين؟

4 دقائق
اندماج الموظفين

تبذل الكثير من الشركات قصارى جهدها كل عام أو عامين لتحدد مستوى حماس العاملين لديها وتحفيزهم. وعادة ما تلجأ هذه الشركات إلى مقدمي الخدمات، مثل "غالوب" (Gallup) لعمل استبيان عن مدى اندماج الموظفين. وحديثاً، تسمح المواقع الإلكترونية، مثل "غلاس دور" (Glassdoor) و"فولت" (Vault) لمدراء الموارد البشرية باستعراض كلمات الشكر والشكاوى المنشورة بأسماء مستعارة وموجهة من موظفيهم والموظفين السابقين لديهم، ويمكن للعالم بأسره الاطلاع على هذه التعليقات.

اندماج الموظفين

فلِمَ يفعلون هذا؟ يعد اندماج الموظفين الآن ضمن أهم ثلاثة اهتمامات لمعظم المتخصصين في الموارد البشرية. وقد ربطت دراسات بين اندماج الموظفين وزيادة رضا العملاء والأرباح. لكن من المهم أن نتذكر ما يقفبين الموظف المتحمس والعميل الذي يشعر بالرضا: إنه المنتج أو الخدمة الابتكارية التي ينتجها الموظف وتبيعها الشركة. فكيف تتصل هذه الأشياء بعضها ببعض؟

لننظر إلى جون دير (John Deere)، أحد مصنعي المعدات الزراعية. مع التطور السريع لإنترنت الأشياء، صار إدخال أحدث التقنيات الرقمية ضرورة لا غنى عنها في ابتكار المنتجات. والكثير من شركات التصنيع الكبرى الناجحة تشعر بتهديد من منافسيها المتخصصين في البرمجيات والإنترنت، كالشركات الكبيرة مثل "جوجل" أو "أمازون" وكذلك الشركات الناشئة التي تتحالف مع منافسيها القدامى في مجال التصنيع. لهذا ترغب هذه الشركات في تسريع إطلاق المنتجات والمزايا الجديدة بمنتجاتها، وتوصيلها إلى أيدي العملاء بسرعة لمعرفة آرائهم. لذا يستخدمون منهجيات أثبتت نفعها في تسريع البرمجيات وتطويرها، مثل منهجية "أجايل" (Agile)، ويتم استخدام هذه المنهجيات بشكل متزايد لتطوير الأجهزة (العتاد المادي) أيضاً.

لكن اتضح لي في النهاية أن هذه المنهجيات لا تتصل بالتقنية والعمليات فحسب، فقد وجدتُ بضع مؤسسات تبذل جهدها، مثل "دير آند كومباني" (Deere & Company)، لقياس معنويات موظفيها بانتظام. تتمثل مهمة "مجموعة التسويق المتقدم للمشاريع" (Enterprise Advanced Marketing Group) التابعة لمؤسسة "دير" في التعرف على احتياجات العملاء غير المحددة التي لم تستوفَ، والتي تعتبر فرصاً للابتكار والنمو. لذا ابتكرت نظاماً لاستبيان مدى حماس موظفيها وتحفيزهم كل أسبوعين. وقد تبنت هذا النظام عدة مجموعات تشمل حوالي 100 موظف. يؤمن المدراء الناظرين إلى المستقبل أن المراقبة المتكررة للحافز صارت عنصراً جوهرياً لفهم صحة فرقهم وأدائها لوظائفها، وذلك من خلال المقاييس التشغيلية والمالية التي وضعت لفهم ما إذا كان العمل في أحسن حالاته.

كما ذكرت أعلاه، تُجرِي معظم الشركات استبياناً موسعاً للموظفين كل عام أو عامين لقياس حماسهم أو اندماجهم. إلا أن هذا المعدل لا يكفي بالنسبة لمجموعة شركات "دير" وغيرها من الشركات التي تواجه منافسة شرسة على المواهب الفنية النادرة من الشركات الناشئة الممولة عن طريق الاستثمار المغامر وكبار المنافسين المتخصصين في البرمجيات والخدمات، مثل "أمازون" و"جوجل". فهذه الشركات تحتاج بصورة متزايدة إلى بيانات يومية أو أسبوعية عن حماس الموظفين لمعرفة مشكلاتهم المتعلقة بالحافز وإصلاحها على مستوى الفرد والفريق ووحدة العمل.

الأثر: الانتقال من حالة التأخر إلى الريادة فيما يتعلق بمؤشر الأداء والحافز

ما هو مقياس الحافز؟

وجدت مجموعة التسويق التابعة لمجموعة "دير" أن عمليات الفحص هذه لا غنى عنها للحفاظ على تنافسيتها في الصناعة. أخبرني جورج توم (George Tome)، مدير منهجية التطور السريع في "مجموعة التسويق المتقدم للمشاريع" في شركة "دير"، أن التحسن المستمر متضمن في عملية تطوير المنتج: ففي نهاية دورة التطوير التي تستمر لأسبوعين، تُراجِع الفرق ما نجح وما لم ينجح وما يجب تغييره. ولكن كجزء من مراجعة ما حدث، يطلب القادة أيضاً من أعضاء الفرق الإجابة عن السؤال التالي على مقياس درجات تتراوح بين 0 و10: "ما شعورك تجاه القيمة التي تمكنت من المساهمة بها في دورة العمل الأخيرة؟". قد يبدو أن هذا السؤال يدور حول المساهمة الملموسة للموظف، لكن الأهم من ذلك أنه يختبر شعوره عن عمله. ويسمي مدراء شركة "دير" هذا السؤال "مقياس الحافز" أو حتى "مقياس السعادة".

بتتبع عنصر الحافز مع مقاييس أخرى، مثل سرعة التطور والجودة، حققت الفرق زيادة تتراوح بين أربعة وحتى ثمانية أضعاف في كم العمل الذي تنجزه في تطوير المنتج كل أسبوعين (مقياس يسمى "السرعة الموجهة")، وهذا بدوره يعني انخفاضاً ملحوظاً في الوقت المستغرق لتقديم منتجات ومزايا جديدة للسوق.

هذا منطقي مع التغير الحادث في تطوير المنتج وغيره من دورات العمل على المشاريع وزيادة سرعتها واستمراريتها، ولذلك سيتأثر بالتأكيد قياس شعور الأشخاص المشاركين في هذه الدورات. وتسمح النظم المماثلة لما تستخدمه "دير" للمدراء بالتعرف على المشكلات واتخاذ إجراءات فورية لتصحيح المشكلات المتعلقة بالعمليات وبالحافز لدى الأشخاص والفرق، بدلاً من تركها تتفاقم دون اكتشاف حتى تصبح مشكلات أكبر فيما بعد.

فيما يلي مثال شاركه معي توم: في إحدى دورات العمل، أحرز موظف مرتفع الأداء معدلاً تحفيزياً أقل من المعتاد. لم تكن هناك علامات ملحوظة تشير إلى أي مشكلة، فقد ظل الموظف منتجاً ومندمجاً ومريحاً في العمل معه، إلا أن درجته التحفيزية انخفضت أكثر في الدورة التالية. ورغم عدم وجود أي تغيير ملحوظ في أدائه، فقد دفع الاستبيان أحد المدراء إلى فهم مشكلة الموظف، ووجدوا في النهاية أن الموظف كان قلقاً حول تطوره المهني، وتمكن المدير من حل هذه المشكلة. فبالانتباه إلى مقياس الحافز، اكتُشِفت المشكلة سريعاً قبل أن تقع أي مشكلات في الأداء ولم تضطر الشركة إلى اتخاذ أي إجراءات تصحيحية رسمية.

فمن دون تحديثات منتظمة ومتكررة حول المعنويات وحالتها، لا يدرك معظم المدراء المشكلات إلا عندما تظهر في أداء الموظف، بألا يفي بموعدٍ نهائي أو يفشل جهوداً مبذولة، أو عندما يترك الموظف العمل. وعند هذه النقطة، يكون الوقت قد فات أو يصير من الصعب جداً معالجة مشكلة الحافز لوجود مشكلتين بالفعل تحتاجان إلى حل: مشكلة الأداء ومشكلة الحافز. هكذا يؤثر التحذير المبكر الذي تقدمه بيانات الحافز ويغير أسلوب الحديث من "نحتاج إلى معالجة مشكلة أدائك" ليصبح "ساعدني في فهم شعورك".

كما يفيد استبيان الاندماج كل أسبوعين في تقييم صحة الفريق. فمثلاً، عندما ينضم شخص جديد إلى الفريق أو يغادر الفريق أعضاء آخرون، تتغير ديناميات الفريق. هنا يساعد مقياس الحافز في فهم أثر ذلك على الفريق وما قد يحتاج إلى تغيير أو تعديل. في هذه الحالات، يمكن استخدام مقياس الحافز في مراقبة معنويات الفريق، بدءاً من مرحلة التكوين الأولية ومساعدة تقدمها نحو تنسيق سلس وفعّال. وتسمح القياسات المتكررة للحافز والسرعة والجودة للمدراء بمعرفة تقدم أعضاء الفريق وما إذا كانوا بحاجة إلى عمل تعديلات أو اتخاذ إجراءات تصحيحية. فالكثير قد يحدث لفريق خلال شهر أو أسبوع أو حتى يوم وقد يجعله يحيد عن مساره، لكن بإمكان الشركات التي تستخدم نظاماً لقياس الحافز بانتظام مثل "دير" تقليل فرص حدوث ذلك.

مع كل هذه الأدلة التي تشير إلى أهمية الاندماج من جهة، والابتكار المستمر من جهة أخرى، تحتاج الشركات إلى فهم الرابط العميق بين العامِلَين المحركين والتحقق من توافق نظمها للقياس والتحسين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي