كيف تمنح فريقك قدراً مناسباً من الاستقلالية؟

4 دقائق
منح الفريق الاستقلالية

غالباً ما يصرّح القادة برغبتهم في تمكين فرق مستقلة، ومنح الفريق الاستقلالية الكاملة، وتكريس أوقات موظفي الخطوط الأمامية للابتكار، بيد أنهم يخشون أيضاً من الفوضى التي قد تنشأ نتيجة ذلك. ماذا لو تجاوز الأفراد الحدود ؟ كيف سيتخذ الأفراد القرارات؟ ماذا عن الموارد؟ ومن سيتخذ القرار بشأنها؟ وكيف يمكنك التخفيف من جميع المخاطر؟ من الممكن في الواقع خلق بيئة قائمة على المواءمة والسيطرة، مع منح الموظفين مزيداً من الحرية من خلال وضع بعض حواجز الحماية موضع التنفيذ. إذ من الممكن أن تساعد هذه الحواجز القادة على إحداث تغيير حقيقي.

منح الفريق الاستقلالية

إذا كنت تخشى أن يتجاوز الأفراد الحدود، وألا تتوافق قراراتهم مع الأولويات الاستراتيجية، يمكنك وضع حاجز الحماية التالي: اغرس عقلية استراتيجية.

يمكن للقادة غرس عقلية استراتيجية لمواجهة الخوف من الفوضى. وهو ما يعني وعي كل الموظفين، بمن فيهم الموظفون ذوو المواقع الدنيا في المؤسسة، بنموذج الأعمال والخطط الاستراتيجية، وكيفية إسهام عملهم في دفع المؤسسة إلى الأمام.

اقرأ أيضاً: كيف تضع معايير عمل للفريق التنفيذي وتضمن الالتزام بها؟

وقد تعلمت شركة دبليو إل غور الكثير عن كيفية تزويد أفرادها بعقلية استراتيجية. حيث اعتمدت الشركة في الماضي على القادة ذوي المناصب المتوسطة لنقل المعلومات الاستراتيجية إلى موظفيها. ولكنّ اتّباع هذا النهج غالباً ما أسفر عن إساءة تفسير المعلومات أو الفشل في إبلاغها تماماً. بينما يتجه كبار القادة اليوم إلى الموظفين على نحو مباشر، ويستخدمون مقاطع الفيديو والشرائح والندوات القائمة على الويب والمنتديات الشخصية لإبلاغهم بخطط الاستراتيجية والخطط المالية. وقد أفاد توم مور الذي يُعتبر أحد كبار القادة في جور مازحاً: "لا يستلزم الأمر سوى رحلة طائرة عائدة إلى الوطن كي ينسى الموظفون المعلومات التي أبلغهم بها القادة. لذلك يجب علينا إيصال المعلومات مراراً وتكراراً، والاستمرار في جعلها أبسط وأوضح، والتأكد من وضوحها لغير الناطقين باللغة الإنجليزية، وإعلام الموظفين بعلاقة هذه المعلومات بوظائفهم".

إذا كنت تخشى من أن يؤدي التخلص من القواعد البيروقراطية إلى جهل الموظفين في كيفية اتخاذ القرارات، فهذا حاجز حماية آخر يمكنك اعتماده : قواعد بسيطة.

القواعد البسيطة مصطلح صاغه كلٌّ من دونالد سول وكاثرين أيزنهارت، وهو يعني وجود هياكل آنية تساعد القادة على التعامل مع العقبات والسلوكيات الجامحة. فعندما تبرز أية معضلة يعمل القادة على جميع المستويات على تحديد المشكلة والتوصل إلى قاعدة بسيطة للمساعدة في معالجتها، ومن ثم التنحي جانباً.

وقد طبقت مايكروسوفت مؤخراً قاعدة بسيطة للتعامل مع الأخطاء التي تتراكم أثناء عملية تطوير البرامج. إذ اعتاد المهندسون على الانتظار حتى نهاية دورة التطوير لإصلاح الأخطاء. ولكن، لا بدّ من أن يكتشف الفريق المزيد والمزيد من الأخطاء بعد إصلاح أول مجموعة منها. وهو ما يؤدي إلى انخفاض روح الفريق المعنوية، وتأخر مواعيد إطلاق البرنامج. لذلك، طوّرت مايكروسوفت قاعدة بسيطة تتمثّل في تحديد "الحد الأقصى من الأخطاء" وفق المعادلة التالية: "عدد المهندسين مضروباً في خمسة". بمعنى أنه إذا ارتفع عدد الأخطاء عن الحد الأقصى، يتوقف فريق التطوير عن العمل على ميزات جديدة، ويعمل على التقليل من عدد الأخطاء إلى أن تعود إلى ما دون الحد الأقصى. وبإمكان الشركة اليوم طرح المنتجات بشكل أسرع لأنّ البرنامج في حالة صحية دائماً.

اقرأ أيضاً: كيف تضمن شعور الأعضاء الجدد في فريقك بأنهم مندمجون منذ اليوم الأول؟

إذا كنت تخشى من أن تُسفر حرية الابتكار عن الكثير من المبادرات ذات النوعية المنخفضة التي تستهلك الموارد وتأخذها بعيداً عن الأفكار الجيدة، فإليك هذا الحاجز من أجل الحماية: التصفية.

تتفجر الكثير من الأفكار الجديدة في المؤسسات، ولكن ليس من الممكن أن تمضي الشركة قدماً مع كل فكرة، وقد لا يكون من الضروري حتى تنفيذ هذه الأفكار. بل يجب أن تمر عبر عملية تصفية. أولاً، يجب على مطوري المنتجات اجتذاب المواهب وأصحاب الكفاءات إلى فرقهم، وإجراء شراكة مع الآخرين بغية الحصول على الموارد. وتنطوي عملية جذب المواهب على صقل بعض الأفكار وتحسينها، في حين قد تنطفئ شعلة بعض الأفكار الأخرى عندما لا يرغب أحد في تطويرها. ثانياً، قد يشير القادة المتمرسون الذين يمتلكون نظرة أعمق عن المؤسسة إلى مشاريع مماثلة، أو يدعون إلى التآزر مع الفرق الأخرى التي تشجع على تحقيق المزيد من التكامل والتحسين. ويطرح "قادة التمكين" هؤلاء العديد من الأسئلة لمساعدة الفريق على اكتشاف المشكلات وتحسين المواءمة الاستراتيجية. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الفرق أن تثبت للآخرين أن المشروع هو رهان استراتيجي جيد ويستحق الحصول على الموارد التنظيمية للمؤسسة، وهو ما يسفر عن تصفية عدد المشاريع لتصبح أقل بكثير.

تعتمد شركة طيران ساوث ويست أيرلاينز على لجنة اختيار تضم أعضاء من جميع المستويات في المؤسسة بهدف انتقاء الأفكار. ويُدرك أعضاء اللجنة أنه ليس من الممكن أن تحصل كل فكرة على موارد الشركة بالكامل، لذلك يتخذون قراراً مشتركاً بشأن الأفكار التي يجب متابعتها وتنفيذها. وقد انطلقت شرارة الفكرة الفريدة المتمثلة في منح بطاقات صعود الطائرة إلى المسافرين في شركة الطيران كفكرة ضمن مجموعة من الأفكار التي شقت طريقها عبر لجنة الاختيار.

إذا كنت تخشى وجود الكثير من المشاريع المحفوفة بالمخاطر دون وجود مستويات متعددة وكافية من الرقابة، فإليك هذا الحاجز للحماية: تخفيف آثار المخاطر الموزعة.

تجارب الشركات في إعطاء الاستقلالية لموظفيها

لا تضمّ الشركات الذكية الكثير من مراقبي الجودة الذين يشرفون على ضمان تلبية جميع المنتجات المعايير المطلوبة، كما أن معظمها يفتقر إلى وجود موظفي العلاقات العامة الذين يساورهم القلق بشأن قضايا السمعة. ويعود سبب ذلك إلى أنّ عملية التخفيف من آثار المخاطر هي مسؤولية الجميع. تماماً كما يحدث في شركات التصنيع التي تسمح للعاملين برفع الساعد وإيقاف خط التجميع عند وجود مشكلة، أو طلب "إنهاء" مشروع محفوف بالمخاطر من حيث الإيرادات أو سمعة الشركة. وبالتالي، يُعتبر الجميع مسؤولين عن ضمان عدم تعريض الشركة للمخاطر التي قد تضر بسمعتها.

اقرأ أيضاً: كيف تدير معنويات فريقك عندما يغادر موظف محبوب العمل؟

وتشير إيمي إدموندسن من كلية هارفارد للأعمال والمتخصصة في مجال الأمان النفسي في مكان العمل إلى كيفية استخدام شركة التعدين أنجلو أميركان (Anglo American) مجالس القرى التقليدية في جنوب أفريقية لتأمين مركز يجتمع فيه عمال المناجم بهدف تبادل الأفكار وخلق بيئة عمل قائمة على الرعاية والاحترام. وقد دُرّب في هذا المركز أكثر من 30,000 عامل على بروتوكولات السلامة الجديدة، وانخفضت الوفيات نتيجة لذلك.

كما اتبعت صناعة الطيران نهجاً لتخفيف آثار المخاطر الموزعة بهدف إحداث تحول في سجل السلامة الخاص بها، بعد عقود من حوادث تحطم الطائرات المميتة التي يُعزى 70% منها إلى الأخطاء البشرية. ويكمن الحل في خلق ثقافة جديدة يكون الخطر فيها مسؤولية الجميع، وتزويد جميع الموظفين بالتدريب على الثقة بالنفس، وبيان فوائد الدعوة إلى اتباع أفضل مسارات العمل على الرغم من أنها قد تنطوي على تعارض مع الآخرين.

اقرأ أيضاً: كيف ترشد فريقك في الظروف الغامضة؟

وبوضع الشركة حواجز الحماية موضع التنفيذ، سيكون أسهل عليها أن تمضي قدماً في التحول إلى مؤسسة ذكية عالية الأداء بعد منح الفريق الاستقلالية. إذ تمنح هذه الحواجز الموظفين الهيكل التنظيمي الذي يحتاجون إليه للعمل بشكل أفضل وأكثر ذكاء، وليكونوا أكثر فاعلية في حماية استراتيجية الشركة مقارنة بالضوابط البيروقراطية المفصلة.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد فريقك في الشعور بالهدف في العمل؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي