بحث: المواظبة على أداء “طقس” قبل مهمة مجهدة يحسن الأداء

3 دقائق

تقاعد ديفيد أورتيز، المعروف باسم "بيغ بابي" (Big Papi)، في عام 2016، بعد أن حظي بلقب أفضل لاعب بيسبول في تاريخ فريق "بوسطن ريد سوكس". عُرف بابي بضرباته المميزة، حيث حقق أكثر من 540 دورة ملعب مضمونة في مسيرته الرياضية. وفي كل مرة اقترب فيها بابي من صندوق الضرب، كان يضع المضرب بين ساقيه، ويبصق على كف يده اليمني، ويصفق. وضع هذا الطقس بابي بين مجموعة من الرياضيين والفنانين والمتحدثين الرسميين الاستثنائيين الذين واظبوا جميعهم على فعل حركات أو تصرفات محددة يمكن تسميتها بالطقوس قبل أي أداء. لا تقتصر هذه الطقوس على الأغنياء والمشاهير: إذ يذكر 45% من الناس وأكثر تأديتهم حركة أو تصرفاً أو "طقساً" ما قبل البدء بإنجاز عمل يسبب لهم ضغوطاً وإجهاداً. فهل يمكن أن يسهم مجرد أداء حركة ساذجة أو القيام بفعل غير منطقي، في تحسين الأداء؟

لاختبار فرضيتنا، أجرينا أربع تجارب أدى فيها المشاركون طقوساً ما قبل إنجاز مهمة مرهقة. في التجربة الأولى، طُلب من 85 طالباً أداء أغنية المغني جيرني (Journey)، "لا تكف عن الإيمان" (Don’t Stop Believing) أمام جمهور من زملائهم الطلبة. قبل الأداء، طُلب من نصف الطلاب القيام بطقس عشوائي من اختراعنا: وهو التعبير عن مشاعرهم برسمة، رش الملح على الرسمة، والعد حتى الرقم خمسة، وتجعيد الورقة، ورميها في سلة القمامة. ثم قسنا أداء المشاركين أثناء مهمة الغناء ومعدل ضربات القلب ومدى شعورهم بالقلق. غنى المشاركون الذين أكملوا الطقس على نحو أفضل، وكان معدل ضربات قلبهم منخفضاً كثيراً، وانتابهم مستوى أدنى من القلق، وفق تعبيرهم، مقارنة مع المشاركين الذين لم يقوموا بالطقس.

قدمت تجربتنا الأولى أدلة أولية على أن الطقوس يمكنها أن تحسن الأداء، إلا أننا أردنا الذهاب أعمق من ذلك. افترضنا أنه إذا كانت الطقوس فعالة حقاً في تخفيف التوتر، فإن أداء طقس ما سيحسن الأداء فقط في المواقف العصيبة. واقترحنا أيضاً أن وصف سلوك ما بأنه "طقس" يعزز الأداء أكثر من مجرد وصفه أنه "سلسلة من السلوكيات العشوائية". ولاختبار توقعاتنا، طلبنا من المشاركين حل مسألة رياضية صعبة. طلبنا في التجربة الثانية، من نصف المشاركين التفكير في اختبار الرياضيات واعتباره "مسلياً"، بينما أخبرنا النصف الآخر أنه "اختبار ذكاء صعب جداً". طلبنا عشوائياً من المشاركين إما تأدية أو عدم تأدية طقس ما. وفي تجربتنا الثالثة، طُلب من جميع المشاركين استكمال مهمة صعبة للغاية، إلا أننا أخبرنا البعض منهم أن سلوكيات ما قبل الأداء كانت عشوائية، في حين أخبرنا الآخرين أنها "طقس". دعمت نتائجنا فرضياتنا: إذ يحسن أداء الطقوس الأداء في حالة القلق الشديد، إلا أن هذا لا ينطبق على الظروف "المسلية". كما منح القيام بطقس ما دفعة أكبر للأداء من القيام بسلوكيات عشوائية (على الرغم من أن الجميع أكمل نفس السلسلة من الحركات العشوائية).

وفي التجربة النهائية، اختبرنا ما إذا كانت الطقوس قبل الأداء فعالة بسبب تشرّب فكرة الشعور بالسيطرة، حيث طلبنا من 89 بالغاً أداء أحد "الطقوس" أو سلسلة من "السلوكيات العشوائية" قبل البدء بإنجاز اختبار رياضيات مجهد. بعد الاختبار، قسنا مدى قلق المشاركين ومدى شعورهم بالسيطرة. لم يذكر المشاركون في حالة تأدية طقس ما شعورهم بمزيد من السيطرة، بالرغم من أنهم شعروا بالتأثير المهدئ للقلق واختبروا زيادة في الأداء مثلما لوحظ في التجارب الأخرى.

تشير نتائجنا إلى أن أداء طقس ما قبل الولوج في وضع مجهد يمكن أن يقلل من مشاعر القلق ويحسن الأداء. نحن نشجع القراء على تبني ممارسة طقس ما قبل أي أداء أثناء المواقف التي تسبب لهم التوتر، ربما قبل تقديم عرض في العمل أو خوض امتحان أو إجراء محادثة صعبة. كما نوصي بممارس الأفراد طقساً بسيطاً ولكن له مغزى، وأن يكون التصرف واعياً وموجزاً ويسهل القيام به قبل الولوج في وضع يسبب لهم التوتر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي