دافع التصدي The Drive to Defend

دافع التصدي (The Drive to Defend): أحد الدوافع العاطفية الأساسية التي تقود سلوك الأفراد وتحدده، وهي نابعة في أصلها من الطبيعة البشرية. تطرق “بول لورانس” و”نيتين نوهريا” في كتابهما الصادر عام 2002 بعنوان “الدوافع: كيف تشكل الطبيعة البشرية خياراتنا” (Driven: How Human Nature Shapes Our Choices) إلى هذا الدافع بالإضافة إلى الدوافع الأساسية الأخرى وهي دوافع التملك (حيازة الأشياء النادرة، بما فيها الأمور غير المحسوسة مثل المكانة الاجتماعية)، ودوافع الارتباط (تكوين الصلات مع الأفراد والجماعات)، ودوافع الاستيعاب (إشباع فضولنا والشعور بالسيطرة على العالم من حولنا)، إذ تكمن هذه الدوافع الأربعة خلف كل ما نقوم به. 

من الطبيعي لنا جميعاً أن ندافع عن أنفسنا وممتلكاتنا وإنجازاتنا، وعن أُسرنا وأصدقائنا، وعن أفكارنا ومعتقداتنا في مواجهة أي أخطار خارجية محدقة بهم. وتعود جذور هذا الدافع إلى الرد الغريزي “قاتل أو اهرب” الذي نتشارك فيه مع سائر الحيوانات. إلا أن هذا الدافع لا ينحصر في البشر على هيئة سلوك عدواني أو دفاعي، بل يتعداه إلى سعيهم لإنشاء مؤسسات تدعم الحرية، وتمتلك أهدافاً وغايات واضحة، وتسمح للناس بالتعبير عن أفكارهم وآرائهم. وتعطي تلبية دافع التصدي شعوراً بالأمان والثقة، فيما يولد افتقاده عواطف سلبية عارمة كالخوف والضغينة. كما يشرح هذا الدافع الكثير حول مقاومة الأفراد للتغيير، وهو أحد الأسباب التي قد تقود الموظفين إلى الإحساس بالجزع الشديد عند احتمال دخول شركتهم في عملية اندماج أو استحواذ مع شركة أخرى، حتى إذا كان ذلك الاتفاق يمثل طوق النجاة الأخير الذي سيحفظ الشركة من الغرق. على سبيل المثال، قد تسمع في يوم ما ثناء عليك بأنك من أصحاب الأداء العالي وأنه لا غنى عنك لنجاح الشركة، ثم يصلك في اليوم التالي خبر الاستغناء عن خدماتك بسبب إعادة الهيكلة، وهو تحد مباشر لدافع التصدي في نفسك. وبهذا لا يبدو غريباً حين يعمد صائدو المواهب إلى استهداف الموظفين (بعروض العمل) خلال تلك الفترات الانتقالية، لما يعلمونه من شعور الموظفين بانهيار دفاعاتهم وأنهم باتوا تحت رحمة مدراء يتخذون قرارات الإبقاء على الموظفين أو الاستغناء عنهم بشكل عشوائي في الظاهر. 

إن إدارة الأداء وتخصيص الموارد عبر عمليات تتسم بالعدل والموثوقية والشفافية يساعد في تلبية دافع التصدي عند الأفراد. فقد اجتهد البنك الملكي الاسكتلندي مثلاً في جعل عمليات اتخاذ القرار عنده بالغة الوضوح. فقد لا يوافق الموظفون على قرار بعينه، كإيقاف المضي في مشروع صغير أو خاص، ومع ذلك فهم قادرون على فهم المنطق الذي أدى إلى مثل هذا القرار. أما مبادرات التكنولوجيا الجديدة في ذات المصرف، فهي تخضع لمراجعة فرق عابرة للتخصصات الوظيفية التي تتخذ بدورها القرارات تبعاً لمعايير واضحة، مثل مستوى الأثر في الأداء المالي للشركة. وعلى الرغم من أن البنك الملكي الاسكتلندي مؤسسة مرهقة للموظفين، إلا أن موظفيها يرون بأنها عادلة.