استكشاف الروابط بين المفاوضات (Links Across Negotiations): أحد المبادئ الخاصة بالمفاوضات، وفحواه أنّ معظم المفاوضين يلجأون إلى التركيز على تعظيم قيمة الصفقة المطروحة بشكل خاص، إلا أن هذا النهج يقوّض نجاح مفاوضاتهم ومفاوضات زملائهم المستقبلية. في المقابل، يتطلّب النهج الاستراتيجي السعي إلى تحقيق النجاح بما يتجاوز الصفقة الحالية، والتفكير في أهمية أسلوب التفاوض في خلق ركائز للمفاوضات المستقبلية وتطوير دينامياتها. بشكل عام، تُعتبر معظم مفاوضات الأعمال عالية المخاطر معاملات متكررة تجري في إطار العلاقات طويلة الأجل، باستثناء المبيعات الخالصة ومشتريات الأصول.
وبالتالي، قد يكشف تحليل الروابط بين المفاوضات المتعددة عن أشكال مخفية من النفوذ. على سبيل المثال، تأمّل حالة شركة أشباه الموصلات العالمية التي شعرت بضغط مستمر نتيجة زيادة الأسعار غير المنطقية من موردي المعدّات الأصلية. وتمثلّت المشكلة الرئيسة في أن المفاوضات حول الترخيص الأولي أو التطوير المشترك لتقنيات المنتجات الجديدة قد جرى إجراؤها من قبل مجموعة واحدة، في حين جرى التعامل مع مفاوضات العقد اللاحقة مع نفس الموردين من قبل مجموعة أخرى، مع وجود تنسيق قليل نسبياً بين المجموعتين. وفي الوقت نفسه، جرى التعامل مع المفاوضات مع هؤلاء الموردين والأطراف الثالثة الأخرى المعنية بخدمات الصيانة والإصلاح وقطع الغيار من قبل مجموعة أخرى، وحدثت جميع أنواع المفاوضات الثلاثة في جداول زمنية مختلفة.
في النهاية، تمكنت شركة أشباه الموصلات من تغيير ديناميات القوة من خلال إجراء دراسة شاملة على هذه المفاوضات المنفصلة ولكن المترابطة تاريخياً. وأقرّت الفِرق التي تجري مفاوضات بشأن اتفاقيات التوريد أنه لم يكن أمامها خيار سوى قبول أسعار المورّد الحالي وشروطه؛ في المقابل، نجحت تلك الفرق في تحديد عروض المنتجات الجديدة والتحذير من أن تسفر المواقف غير المنطقية التي يعتنقها الموردون عن إقصائهم من منتجات الجيل التالي وجميع الإيرادات المرتبطة بها. كما لجأت الفرق إلى تبادل البيانات حول قضايا الصيانة والإصلاح وتدفقات الإيرادات وقدرتها المتزايدة على إعادة توجيه مثل هذه الأعمال إلى شركاء أثبتوا النزاهة وحسن النية.
اقرأ أيضاً: