تدعي الشركات أنها تحرص على توفير فرص التعلم والتطور لموظفيها، ولكن من الناحية العملية، تميل الشركات إلى خفض التدريب، وغالباً ما يترك للأفراد عملية إدارة تنميتهم الذاتية. وفي دراسة استقصائية أجريتها، قال أكثر من الثلث من أصل 1,481 من المتعلمين العاملين - معظمهم من المدراء وأصحاب المهارات المعرفية الذين يتلقون دورات عبر الإنترنت - إنهم لم يتلقوا أي تدريب من قبل مؤسساتهم خلال الاثني عشر شهراً الماضية. وتبدو الأمور أسوأ بكثير إذا نظرت إلى ما يحدث في صفوف القوى العاملة بوجه عام. فقد انخفضت نسبة الأشخاص الذين تلقوا تدريباً ممولاً من أصحاب العمل في الولايات المتحدة، من 21% في عام 2001 إلى 15% في عام 2009 (أحدث البيانات المتاحة). ولم يقع اللوم على دورات الأعمال: فقد كان الانخفاض أكثر حدة خلال فترات الازدهار مما كان عليه أثناء فترات الركود.
ويعني ذلك أن على الكثير من الأشخاص الراغبين في أن يصبحوا أفضل في عملهم، إعالة أنفسهم. يمكن للمؤسسات أن تغير ذلك - وأن تعوض النقص في التدريب الرسمي - من خلال تشجيع ودعم الالتحاق ببرامج الموكس (المساقات الجماعية الإلكترونية مفتوحة المصادر)، وهي متاحة بسهولة وغير مكلفة نسبياً. اتجهت الموكس تدريجياً نحو تقديم محتوى مرتبط بسوق العمل، منذ أن ظهرت على ساحة التعلم والتدريب، في عام 2008. وتتراوح المواضيع الرئيسية للدورات التدريبية من تعلم الآلة والبرمجة بلغة الجافا إلى مهارات التواصل والقيادة. ونظراً إلى أن الموظفين يستخدمون بالفعل الموكس لاكتساب المهارات المهنية وتحسين فرصهم في حياتهم المهنية من تلقاء أنفسهم، فهناك فرصة سانحة للشركات لتسخير هذا النوع من التعلم لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها.
تُدرك بعض الشركات هذا بالفعل وبدأت في العمل مع مقدمي برامج الموكس لتعزيز تدريب الموظفين. ومن الأمثلة البارزة على ذلك شركة أيه تي آند تي، وشركة جنرال إلكتريك، وشركة لوريال، وشركة ماركس أند سبينسر. وتنتج بعض الشركات الأخرى المحتوى الخاص بها في مجالات الإدارة وعلوم الحاسوب والهندسة والتمويل وما إلى ذلك، وتقدمه للاستهلاك العام، مثل شركة ماكنزي وشركة مايكروسوفت وشركة تيناريس (مورد للأنابيب لقطاع الطاقة في العالم). ولكن من المؤسف أن عدداً قليلاً من المؤسسات تسعى للاستفادة القصوى من الموكس لتطوير العاملين لديها. إذ قال حوالي 67% من العاملين الدارسين الذين شملتهم الدراسة إنهم سيُطبقون معارفهم ومهاراتهم الجديدة في وظائفهم أو شركاتهم الحالية (و27% قالوا إنهم خططوا لاستخدامها حصراً هناك)، ولكن 5% فقط تلقوا مساعدة مالية من أصحاب العمل، و8% منهم حصلوا على وقت من أجل الدراسة، و4% أُدرجت الدورات الدراسية في تقييم أدائهم. ما يعني أن معظم الأشخاص تركوا لتدبر أمرهم بأنفسهم.
خذ، على سبيل المثال، سارة، شابة إيطالية من جيل الألفية، تشغل منصب مديرة إنتاج في شركة مقرها الصين، وتُحرز تقدماً في دورة تدريبية متخصصة في التسويق مُدتها ستة أشهر على منصة كورسيرا (Coursera). تعتقد سارة أن المعرفة التي ستكسبها سوف تفيدها كثيراً في عملها، لأنها تدير علامات تجارية وتتخذ قرارات حول كيفية وضع خطوط إنتاج جديدة. وعلى الرغم من أنها عملت في مجال التسويق لأكثر من عامين، فإن خلفيتها التعليمية في مجال الكيمياء، لذلك تستعين بتلك الدورات التدريبية لملء بعض الثغرات المعرفية الهامة، مثل كيفية حساب الطلب على المنتج وتصميم قنوات التوزيع (التي تقوم بإرضاء العملاء وتقضي على المنافسة). ولكنها لم تُبلغ مديرها أنها التحقت بتلك الدورات، على الرغم من أهميتها وصلتها بعملها والتكاليف التي تتحملها بنفسها. وتقول إنه لن يدعم تطورها، وخاصة لأنها لا تخطط للبقاء مع الشركة على المدى الطويل.
إذا علمت الشركة ما تصبو إليه فإنها ستستغل معرفتها لجني المزيد من الفوائد، بالحد الأدنى من التكلفة. توفر برامج الموكس العديد من المزايا بالمقارنة مع التدريب وجهاً لوجه، مثل: انخفاض الرسوم وغياب نفقات السفر وعدم تعطيل الدورات للعمل اليومي. وتقدم محتوى معداً من قبل نخبة الجامعات والذي غالباً لا يتوافر من خلال المؤسسات المحلية. ويمكن الشروع في معظم دورات الموكس التدريبية في أي وقت، وتنقسم الكثير منها إلى وحدات دراسية قصيرة، ولذلك فهي قيّمة لاكتساب المهارات دون الحاجة للكثير من الانتظار. كما تُمكن الموكس أصحاب العمل من تقديم الدعم التنموي في المجالات ذات التخصص العالي أو الفرعية (الثانوية) للوظائف الأساسية للأفراد دون الحاجة إلى القلق بشأن اقتصاديات السعة. وعلى الرغم من أن الأكاديميين الذين يدرسون أساليب التعلم لم يتوافقوا حول جودة الدورة الدراسية (إذ من الصعب قياسها)، يشعر الدارسون عادة بأن برامج الموكس تلبي احتياجاتهم على مستوى اكتساب المهارات وتطويرها.
في ضوء كل هذه الإمكانات، لماذا كانت المؤسسات شديدة البطء في اللجوء إلى برامج الموكس؟ سأعتمد هنا على بيانات من أكثر من 28,000 متدرب في 127 دولة، فضلاً عن نتائج الدراسة الاستقصائية وإجراء المقابلات الشخصية للإجابة عن ذلك السؤال، وإعطاء نظرة مفصلة حول الكيفية التي يمكن للشركات من خلالها أن تعزز الاستفادة من هذا الشكل من التعلم.
لماذا تعرض الشركات عن جني الفوائد؟
أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل العديد من الشركات في الاستفادة من إمكانيات التدريب الخاصة بالموكس هو نقص الوعي: إنهم لا يعرفون أن الأشخاص الذين يعملون لديهم يلتحقون بتلك الدورات من تلقاء أنفسهم. ليس لأن معظم الدارسين العاملين يخططون لترك الشركة ويحاولون التستر على ذلك. بل لقد قال خمس الأشخاص الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية، إنهم التحقوا بالموكس فقط على أمل العثور على وظيفة جديدة أو بدء عملهم الخاص. بدلاً من ذلك، يعتبر الكثير من الأشخاص الذين يلتحقون بمثل هذه الدورات أنها جزء من السعي الذاتي نحو التطوير الوظيفي، سواء كان لديهم خطة محددة بوضوح أو يعملون على تحقيق أهداف أوسع نطاقاً، مثل الحفاظ على قابليتهم للتوظيف بشكل عام وتعزيز مهاراتهم باستمرار. كما قال مدير تسويق في شركة للسلع الاستهلاكية في روسيا، "أنا أعتبرها أمراً خاصاً بي، لأنني لا أستثمر فقط في عملي اليومي ولكن أيضاً في مستقبلي". ويخشى بعض الأشخاص أن "يبدو الأمر وكأنهم لا يستثمرون في مواقعهم الحالية، إذا أبدوا أي اهتمام باستكشاف مسار مختلف. ويقلق آخرون من أن مدراءهم قد يعتقدون أن تلك الدورات ليست ذات قيمة. ونتيجة لذلك، فإن الشركات لا تعي حقاً قدرات موظفيها وأهدافهم المهنية. ولا يعرف المديرون المهارات التي يبنيها الأشخاص العاملون معهم، أو ما هي طموحاتهم لنمو قدراتهم الشخصية.
كما يبدو أن الشركات لا تعترف بالموكس كبديل عملي للتدريب الرسمي. فأصحاب العمل الذين يستثمرون بالفعل في تنمية المواهب باستقدام المدربين الخارجيين، على سبيل المثال، أو إنشاء برامجهم الخاصة هم الأكثر قابلية لتقديم الدعم للدورات التدريبية على الانترنت. تلقى حوالي 20% من الدارسين العاملين في الدراسة الاستقصائية التي أجريتها، والذين تلقوا تدريباً رسمياً في العمل العام الماضي، مساعدة مالية أو إجازة للتفرغ للدراسة في الموكس. قارن ذلك مع الـ 8% الذين لم تُقدم لهم شركاتهم أي تدريب. قد تعتقد أن الشركات الكبيرة الغنية بالموارد ستُقدم المزيد من المساعدة مقارنة بغيرها، ولكن هذا ليس هو الحال. فقد وجد أن عدد الأشخاص في الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 50 موظفاً يتضاعف احتمال حصولهم على إجازة للتفرغ للدورات الموكس عن الشركات التي يزيد عدد موظفيها على 10 آلاف موظف.
في المقابلات، عندما سئل الدارسون الذين لم يتلقوا أي دعم لدورات الموكس، عن سبب ذلك، كان الجواب الأكثر شيوعاً أن صاحب العمل لا يستثمر في التعلم والتطوير على الإطلاق. وكثيراً ما قالوا إن شركاتهم تُفضل توظيف المهارات من السوق الخارجية وأن الإدارة تعتبر تحسين الأداء مسؤولية الموظف وليس المؤسسة. ورأى العديد من الدارسين أيضاً أن شركاتهم مترددة في تمويل عملية تطوير المسار المهني للموظفين، خوفاً من أن يفقدوا تلك المهارات بعد ذلك للمنافسين.
أما في الشركات التي تستخدم برامج الموكس لتنمية المواهب، فغالباً ما تكون العروض مُخصصة، وتقتصر على عدد قليل من الأفراد، مثل فريق، أو مجموعة صغيرة. ومعظم الموظفين لا يدركون وجود زملاء متعلمين لهم في المؤسسة، ما يحول دون تقاسم المعرفة والموارد. ولماذا تكون هذه الجهود معزولة ومتقطعة؟ غالباً لأن الناس يسمعون عن الموكس من خلال الوسائل غير المؤسسية، مثل التوصيات المقدمة من الأصدقاء أو الإعلانات التي يصادفونها عبر الإنترنت. وقال مدير تكنولوجيا المعلومات الذي يعمل في فرع شركة يابانية متعددة الجنسيات في الهند "إن ظهور برامج الموكس في مؤسستنا كان بمحض الصدفة تماماً". وأضاف "منذ حوالي ثلاث سنوات، سمع رئيسي عن "مُقدم لبرامج الموكس على الراديو" أثناء القيادة، وقام بالالتحاق بدورة علوم البيانات لمعرفة كيف ستسير الأمور. وانبهر للغاية".
يتلقى 5% فقط من الدارسين العاملين دعماً مالياً من الشركات التي يعملون بها لدوراتهم التعليمية عبر الإنترنت.
تفقد الشركات وسيلة فعالة لزيادة التزام الموظفين، من خلال عدم الاستفادة من الموكس، وخاصة بالنسبة للشباب ذوي الإمكانيات العالية. في دراسة سابقة، وجدت أن المدراء صغار السن ذوي المهارات العالية يعتبرون التدريب مهماً للغاية لتطورهم الوظيفي: من بين 14 من الممارسات المتبعة للتطور الوظيفي، احتل التدريب المرتبة الثالثة، بعد المهام عالية المخاطر والدعم من القيادة العليا وقبل التوجيه، والتدريب الشخصي، والتناوب الوظيفي عبر الاختصاصات أو القطاعات المختلفة. لكنهم قالوا أيضاً إن التدريب يمثل واحداً من أكبر الثغرات بين ما يُقدرونه وما يتلقونه بالفعل من أصحاب العمل. ويمكن أن يكون لذلك أثر سلبي على سلوكيات المواطنة، مثل مساعدة الزملاء، ويمكن أن يزيد من السلوكيات ذات النتائج العكسية، مثل الحصول على إجازات بلا سبب والفشل في أداء المهام الأساسية.
وأظهر بحثي أيضاً أن الموظفين الذين يتمتعون بدعم شركاتهم للالتحاق في برامج الموكس تقل احتمالات رغبتهم في استخدام ما تعلموه للبحث عن وظائف في شركات أخرى. وقد يرجع ذلك جزئياً إلى أن أصحاب عملهم يميلون أيضاً إلى تقديم أنواع أخرى من وسائل دعم التطوير الوظيفي، ما يجعل الأشخاص يرغبون في البقاء. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى هذه العلاقة. وُجد أن الأشخاص الذين يعتمدون على أنفسهم في برامج الموكس التدريبية، يزداد احتمال رؤيتهم لتلك المعرفة المكتسبة على أنها نقطة انطلاق للبحث عن صاحب عمل جديد، إلى أكثر من الضعف مقارنة بأولئك الذين يتلقون الدعم من شركاتهم.
كما أنهم عادة ما يرغبون في البقاء على اتصال بالمتعلمين الآخرين لأغراض التواصل. (انظر فقرة "التعلم كأداة لاستقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم").
استخدام الموكس لتطوير المهارات
بمجرد أن تدرك المؤسسات الفرصة، كيف يمكنها البدء في الاستفادة من الموكس لتطوير القوى العاملة؟ يُشير بحثي إلى عدة مبادئ توجيهية وأفضل الممارسات المتبعة.
يجب على القيادة العليا دعم جهود التعلم والتطوير على نطاق أوسع. تحتاج جميع مبادرات التدريب التنظيمي - سواء على الإنترنت أو التقليدية - إلى دعم من الإدارة العليا من أجل أن تزدهر.
يخلق المدراء التنفيذيون ثقافة التعلم، عن طريق الإيمان بتنمية المواهب والاستثمار فيها، وتمكين المدراء في جميع أنحاء الشركة من تأمين الموارد اللازمة لتطوير فرقهم. قد يبدو ذلك واضحاً، ولكنه ليس ممارسة شائعة. وينبغي أن يكون التعلم والتطوير أولوية استراتيجية، حتى عندما يواجه القادة خيارات صعبة بشأن خفض التكاليف. لأن الموكس تقدم الكثير من القيمة مقابل القليل جداً من المال، بالإضافة إلى أنها أقل تعطيلاً لجداول الأعمال المزدحمة مقارنة بالدورات التقليدية، كما أنها تيسر على كبار القادة، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في بيئات صعبة أو لا يمكن التنبؤ بها، الحفاظ على التزامهم بالتعلم.
المدراء والأقران هم أبطال الموكس. بمجرد إنشاء ثقافة التعلم في القمة بين القيادات العليا، يجب على المديرين على جميع المستويات التأكد من ترسيخها في جميع أنحاء المؤسسة. ووفقاً لبحثي، فإن المدراء التنفيذيين المباشرين هم من يأخذون زمام المبادرة ويساعدون على تنفيذ التدريب القائم على برامج الموسك. وعادة ما يكون دور قسم الموارد البشرية وقسم التطوير المهني في الشركة قليل الصلة بذلك (على الرغم من أنهم قد يطلبون من الأشخاص تبادل المعلومات حول الدورات المفيدة التي اكتشفوها).
يتسم هذا النهج بالمنطقية، فالمدراء التنفيذيون المباشرون يتمتعون بالخبرة المتخصصة اللازمة لتوجيه اختيار الدورات لتطوير المهارات ذات الصلة بالوظيفة. كما أنهم في وضع جيد يُمكنهم من دعم التعلم الذاتي للأفراد خلال ساعات العمل: إذ يُمكنهم موازنة أعباء العمل حتى يتوفر للأشخاص الوقت اللازم للدراسة.
عندما يوفر أربابُ العمل دعماً مالياً لمشاركة موظفيهم في برامج الموكس، فإن معدلات الإنجاز ترتفع عندهم من 15% حتى 58%.
في الماضي، تلقى الموظفون معظم تدريبهم في برامج الشركات أو في ورشات العمل والندوات الخارجية التي ترعاها الشركة. ولكن اليوم تأتي العديد من فرص التعلم مباشرة من مقدمي برامج الموكس. وصار من السهل على الأفراد البحث عن هذه الدورات والالتحاق بها وتجربتها بأنفسهم. ولذلك إذا اعتقد الدارسون العاملون أن هذه الجهود ستكون موضع تقدير ودعم من قبل رؤسائهم، فيستطلعون أكثر للدورات التي يتلقونها والتي قد تفيد زملاءهم. قال أحد الدارسين الذين قابلتهم، وهو مدير تسويق متكامل في مجال التعليم العالي ومقره الولايات المتحدة "أحضرت لرئيسي وصفاً لدورة تدريبية وأوضحت أن هذا من شأنه أن يساعد مكتبنا على تبرير العمل الذي نقوم به لبقية المؤسسة". تعتبر التوصيات محددة الأهداف مثل هذه، والمقدمة من قبل الموظفين الذين يفهمون أهداف وديناميكيات الشركة، الوسيلة المثلى لقياس الجدوى مقارنة بتقييمات الإنترنت القادمة من المستخدمين مختلفي البيئات.
يؤدي التجريب إلى ضمان فائدة البرامج. بينما يُقدر الدارسون عموماً وجود بعض المرونة في اختيار الموكس أو المساقات التعليمية، إلا أنهم يعترفون بأن زيادة ذلك قد يؤدي بهم إلى دورات لا تتصل بعملهم أو تكون أقل من توقعات الجودة. ونتيجة لذلك، قد ينتابهم شعور بأنهم قد ضيعوا الوقت والمال. يمكن لإدارات التعلم والتطوير مساعدة الناس في إجراء بعض نقاط التدقيق الأساسي: هل يمتلك برنامج الموك التعليمي وصفاً واضحاً للمقرر ومجموعة من الأهداف التعليمية؟ هل وضع هذا النظام جامعة أو شركة مرموقة؟ هل هو متوفر على إحدى منصات برامج الموكس الكبرى؟
وعلى الرغم من ذلك فإنه ليس من السهل، غالباً، معرفة مدى قابلية دورة ما للتطبيق في منظمة أو جهة ما حتى يُتمّ الدورة أحد الموظفين. وهذا هو السبب في أنه يمكن أن يكون من المفيد أن يجرب الدورة عضو في فريق ما ثم يقدم تقريره وانطباعه عنها قبل أن يشترك الآخرون فيها. في بحثي، وجدت أنه عندما خضعت الدورات التدريبية لتجربة بعض زملاء العمل، أو عندما قام أعضاء الفريق بالتقييم والتعليق على الدورات التدريبية التي كانوا قد أكملوها وشاركوا التقييمات مع زملائهم، كانت خيارات الدورات التدريبية أكثر استهدافاً بشكل عام، وكان الناس أكثر عرضة لاكتساب المهارات التي كانوا يبحثون عنها.
يمكن للشركات استخدام الموكس لتطوير الكفاءات على نطاق أوسع - وليس فقط مهارات الوظائف الأساسية. في حين أن جميع دورات الموكس في بحثي ركزت على التسويق، كان 40% من الدارسين العاملين فقط ممن شملتهم الدراسة لديهم وظائف في مجال التسويق، و15% فقط يعملون في المبيعات. أما الباقون فقد عملوا في وظائف مثل: العمليات، وسلسلة التوريد، والبحث والتطوير، والتمويل.
قال الدارسون من الوظائف غير التسويقية إنهم شاركوا في هذه المساقات لأن القيام بوظائفهم يستلزم منهم امتلاك المعرفة في مختلف التخصصات. فعلى سبيل المثال، أراد محلل بيانات التعرف إلى مفاهيم إدارة العلامات التجارية والمنتجات لأن أحد زبائنه يعتزم إطلاق منتجات جديدة في آسيا. وهناك مبرمج يقدم الدعم التكنولوجي لفريق التسويق التابع لشركة تأمين احتاج إلى أن يمتلك معرفة بأساسيات التسعير.
ليس أمام المنظمات سوى القليل لتخسره والكثير لتكسبه، من خلال توسيع كفاءات موظفيها بهذه الطريقة. إذ تؤدي إلى تفاعلات عالية الجودة عبر الإدارات، وتساعد الناس من مختلف الأدوار الوظيفية على التواصل بشكل أكثر فعالية.
يمكن للمدراء أن يكونوا مدربين بديلين. في برامج التدريب التقليدية، يساعد المدربون الناس على استكشاف المواد التعليمية وشرح المفاهيم بمزيد من التعمق عندما تُطرح الأسئلة. أما برامج الموكس، فتعتمد على التعلم الموجّه ذاتياً. فالأمر متروك لكل متعلم لاتخاذ قرار بالوقت الذي يلزمه في وحدة تعليمية أو موضوع، على سبيل المثال، أو عما إذا كان يرغب في دراسة جميع الموضوعات في الدورة أو عدد قليل منها فقط. وتوفر الموكس أيضاً فرصاً محدودة للتفاعل مع المدربين أو الدارسين الآخرين، ويحدث معظم هذا التفاعل بشكل غير متزامن، أي أنه من الممكن أن تمر عدة ساعات أو أيام قبل الإجابة على السؤال المطروح.
يمثل التدريب فجوة من أكبر الفجوات بين ما يُقَدِّره الموظفون الشباب وبين ما يحصلون عليه فعلياً من أرباب العمل
ويمكن للمدراء علاج هذه المشاكل من خلال توفير التوجيه غير الرسمي قبل الدورات وأثناءها، ما يجعل التعلم أسهل ويصب في تحسين معدلات الإنجاز. استطاع أحد رؤساء شركة أميركية متعددة الجنسيات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ القيام بذلك على نحو جيد. فقبل أن يأخذ مرؤوسوه إحدى دورات الموكس لمدة أربعة أسابيع حول إدارة القناة، قال لهم: "انتبهوا جيداً للأسبوع الأول والثاني، فهما أكثر أهمية لنا... وأنا لن أجبركم على الدراسة عن تجارة التجزئة، فليس هذا مجالنا". وقد دفعهم ذلك إلى أن يزيدوا من تركيزهم وسمح لهم باستغلال وقت دراستهم بكفاءة أكبر.
ونظراً إلى أن الموكس لا تتناسب مع منظمات محددة، فإن للمدراء دوراً يلعبونه في مساعدة الناس على التفكير فيما تعلموه ووضع المفاهيم في سياقاتها. على سبيل المثال، عقد المدير المسؤول عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ إحدى الجلسات بعد أن أنهت مجموعته الأسبوعين الأولين من أحد برامج موكس لإدارة القناة وقال: "سحبت الفريق بأكمله إلى غرفة الاجتماعات وسألتهم: "ماذا تعلمتم من هذه الوحدات؟ وكيف ستربطون ما تعلمتموه بأعمالكم؟" فأنشأ لهم فصولاً دراسية مؤقتة. وقال: "يمكن لبعض كبار الموظفين أن يربطوا بين النظرية التي تعلموها من الدورة وبين أعمالهم جيداً، لذلك أردت أن أقدم إليهم فرصة لتعزيز ما تعلمه أقرانهم". وبفضل ذلك الدعم، تمكن أعضاء فريقه من التمتع بمرونة الموكس، واستكمال الوحدات بنهجهم الخاص، مع الاستفادة من التفاعل المباشر. ولأنهم كانوا يعلمون أنهم سوف يناقشون المواد مع فريقهم، كان لديهم حافز إضافي لاستيعابها.
إن توسيع كفاءات الموظفين يساعد أعضاء الفريق على العمل في المجموعات المغلقة والتواصل بشكل أكثر فعالية
يجب على أصحاب العمل تتبع مساقات الموكس في مراجعات الأداء. توضح دراسة شاملة لأكثر من 200 من مساقات الموكس أن حوالي 15% من الناس الذين التحقوا بالفعل حصلوا على شهادة إتمامها. وهذه نسبة ضئيلة. ومع ذلك، فإن النسبة تتصاعد عندما تض الشركات هذه المساقات في تقييمات الأداء. لم أجد في استطلاعي من يشمل دورات الموكس في مراجعاته السنوية سوى 4% فقط من الدارسين العاملين، ولكن نصف هؤلاء الذين شملهم الاستطلاع قد أنهَوا دوراتهم بالفعل. وكان الدارسون الوحيدون الذين حصلوا على معدل إنجاز أعلى هم الذين تلقوا دعماً مالياً من أرباب عملهم - 58% منهم أتموا الطريق بأكمله. وكانت لبعض العوامل، كالمستوى التعليمي للدارس، وارتباط المادة بالوظيفة، وسمات تصميم الدورة التدريبية، أهمية أقل بكثير.
إحدى مساوئ تتبع اكتمال الدورة التدريبية - وهي الطريقة الأسهل والأكثر شيوعاً لتضمين عملية التعليم في التقييمات - أنها قد تحول تركيز الدارسين من استيعاب المعرفة إلى اجتياز الامتحانات. تفادت إحدى الشركات التي تناولتُها في دراستي هذا الأمر عن طريق طلبها من الموظفين أن يختاروا أهم ما تعلموه من كل دورة وأن يضعوا خطة لكيفية تنفيذ ذلك في وظيفتهم. والغرض من هذه العملية هو عدم وضع هدف رسمي للأداء؛ بل هو تعميق الفهم ومساعدة الناس على تطبيق المفاهيم الدراسية على عملهم.
إذا كانت سارة موظفة نموذجية تعطي مثالاً عن توجهات الموظفين الشباب، فإنها سوف تضطر إلى اكتساب مهارات جديدة طوال حياتها المهنية؛ وتشر البحوث إلى أنها سوف تتنقل بين الوظائف أكثر من 10 مرات في مسيرتها المهنية. حتى لو بقيت في مجال التسويق، فإنّ محتوى وظيفتها سوف يتغير بشكل كبير مع مرور الوقت، إذ يتزايد احتياج الوظائف إلى مزيج من مجموعات مختلفة من المهارات، والكفاءات التكنولوجية غالباً ما تكون من ضمن هذا المزيج. إن وحدات الموكس مناسبة تماماً لمساعدة الموظفين مثل سارة على التطور والنمو أكثر من الجامعات، التي قد تكون بطيئة جداً في تكييف العروض التقليدية المقدمة مع متطلبات السوق المتطورة باستمرار وقد تتطلب سنوات عديدة من الدراسة.
من الواضح أن لبرامج الموكس دوراً هاماً في تنمية الأفراد. والسؤال هو: هل سيقدم أرباب الأعمال الدعم لهؤلاء الأفراد؟ فإنهم إن فعلوا ذلك عاد بالنفع على الموظفين وعلى الشركات على حد سواء. لكنّ أغلب الدارسين العاملين يشقون اليوم طريق رحلتهم التعليمية بأنفسهم.