ليس عليك النظر إلى المسار المهني على أنه سلم ترتقي درجاته

2 دقيقة
shutterstock.com/mikeledray

أصبح بلوغ ذروة السلم الوظيفي من طريق الترقية التدريجية شيئاً من الماضي. من خلال تجربتي بوصفي مدرباً مهنياً، لم يعد ثمة سلم وظيفي في معظم المؤسسات منذ 15 سنة على الأقل.

السلم الوظيفي هو فكرة من آثار عصر يُسمى عصر "الرجال المجانين"، عندما كان الرجل يلتحق بالمؤسسة في سن 21 عاماً ويلتزم بقوانينها ويترقى تدريجياً حتى يتقاعد بعد أن تكرّمه الشركة بساعة ذهبية تقديراً لخدمته الطويلة.

هذه الأيام قد ولّت منذ زمن بعيد، وانتهت فكرة السلم الوظيفي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وأوائل تسعينياته، عندما قلصت 85% من الشركات المدرجة بقائمة "فورتشن 1000" عدد الموظفين الإداريين لديها، واستمر تقليص حجم الشركات بكثافة منذئذ. مع ذلك لم يمس تقليص الوظائف، في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، العاملين في مجال التصنيع بل اقتصر على وظائف أصحاب الياقات البيضاء ومنها الوظائف الإدارية، وبعد أن تقلص حجم الشركات، اختفت المناصب القيادية ولم يرجع أغلبها مرة أخرى.

في تلك الفترة على سبيل المثال، كان المهندسون الذين تعيِّنهم شركة جنرال إلكتريك بعد التخرج مباشرة يخضعون لبرنامج تطوير وظيفي يشمل تدريباً على المهارات الإدارية، وبمرور الوقت امتلأت الشركة بالمدراء فسرَّح جاك ويلش الآلاف منهم من خلال استراتيجية يُطلق عليها البعض "تقليل عدد المستويات الإدارية"، وبذلك ابتعد معظم الخطوات المهنية التالية في السلم الوظيفي 3 أو 4 درجات عن متناول الراغبين في الترقية.

إذاً لماذا لا نزال نؤمن بقيمة نظام السلم الوظيفي على الرغم من قرب زواله؟ إننا في حقيقة الأمر لا نزال نرى في المهن التقليدية خيراً كثيراً، سواء أأدركنا ذلك أم لم ندركه، ولكن لم يعد الوصول إلى الدرجة التالية في السلم الوظيفي سهلاً على كل راغب في الترقية. أعرف بعض الشركات التي توسعت في تطبيق عملية إدارة المواهب، فأخطرت أفضل الموظفين الموهوبين لديها وأقامت لهم احتفالاً وأسندت إليهم بعض "المهام الإنمائية"، ثم لم يمض أكثر من 4 أشهر حتى أجرت الشركة إعادة هيكلة فسرحت ثلثهم.

كما ازدادت صعوبة الارتقاء في السلم الوظيفي بسبب امتلاك المدراء صلاحية الإبقاء على أفضل الموظفين في مناصبهم الحالية، ما يعزز الاستقرار داخل المؤسسة، وهذا أحد أسباب امتناع غالبية الشركات عن السماح بانتقال الموظفين بسهولة إلى وظائف أخرى دون إذنٍ من مدرائهم.

مع ذلك، ثمة طرق أفضل عند التفكير في التنقل الوظيفي، ولكي تصرف انتباهك عن التفكير في الصعود إلى المستوى المهني التالي جرّب النصائح الآتية:

ابحث عن التنقّل الوظيفي الأفقي

لا تفكر في الوصف الوظيفي بقدر ما تفكر في العائلة الوظيفية؛ مجموعة الوظائف التي تتشابه صفاتها. مثلاً، إذا كنت محللاً مالياً ففكِّر في وظائف التحليل الأخرى داخل شركتك، ربما في قسم بحوث السوق أو المبيعات مثلاً، فالتنقل داخل الشركة التي أصبحت فيها موظفاً معروفاً أسهل. إضافة إلى أن خبرة التنقل الأفقي توسع مهاراتك، ما يعزز فرصك في الترقّي.

أثبِت جدارتك بالترقية

تطوَّع لمساعدة مديرك في بعض مهام عمله، وتعلم كيف تؤديها بكفاءة. على سبيل المثال، اعرض عليه المساعدة في المقابلات الشخصية للمرشحين للوظائف الشاغرة، أو تدريب الموظفين الجدد أو تقييم أدائهم. سيجعلك التقدم الذي تحققه مرشَّحاً تلقائياً لوظيفة المدير التالي.

طوِّر مهاراتك تتطور وظيفتك

ابحث عن الفرص، وإذا وجدتها فاغتنمها، وحاول أن تتخطى جميع التوقعات. على سبيل المثال، عملت ذات مرة مع مساعدة طبية تُدعى هايدي كانت مكلَّفة بجدولة مواعيد التدريب على أنظمة تكنولوجية جديدة في أحد أكبر المستشفيات، وكان من المستحيل تحديد مواعيد تدريب للأطباء بسبب انشغالهم، فأتقنت هايدي الأنظمة الجديدة تماماً وأخذت تدرِّب الأطباء كلاً على حِدة؛ لم يمض وقت طويل حتى حصلت هايدي على ترقية وأتيحت لها الفرصة للعمل في تكنولوجيا المعلومات، وهو مجال مختلف. إذا أتيحت لك فرصة أن تتولى بنفسك مسؤولية مسارك المهني بعيداً عن السلم الوظيفي، فهذه فرصة أفضل بكثير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي