بحث: لماذا يغادر المرشحون الداخليون الشركة بعد تعرضهم للرفض؟

5 دقائق
المرشحون الداخليون

ملخص: في معظم الحالات، يستقيل المرشحون الداخليون الذين يتم رفضهم في الأدوار التي تقدموا لها، إذ تشير الأبحاث إلى أن احتمالات مغادرتهم الشركة تزداد إلى الضعف مقارنة بالمرشحين الذين تم قبولهم في الأدوار الشاغرة أو الذين لم يتقدموا لها أساساً. وغالباً ما تتكبد الشركة خسارة كبيرة متمثلة بهدر الإنتاجية والمواهب وتكاليف العثور على بديل لهؤلاء الموظفين. إذن، ما الذي يزيد احتمالات بقاء المرشحين الداخليين؟ أولاً، كان احتمال مغادرة المرشحين الداخليين الذين تم رفضهم بعد إجراء مقابلة مع مدير التوظيف يساوي نصف احتمال مغادرة الذين تم رفضهم في مرحلة أبكر من العملية. ثانياً، تقل احتمالات استقالة المرشح المرفوض إلى النصف إذا تم رفضه لصالح مرشح داخلي لا خارجي.

لربما كانت أفضل تجربة يمرّ بها مدير التوظيف هي الاطلاع على ملفات السير الذاتية لمرشحين داخليين مميزين. فذلك يمكّنه من شغل المنصب الشاغر على الفور لأن موظفي الشركة يعرفونها جيداً، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولن يحتاجوا إلى كثير من المساعدة للبدء بالعمل بسرعة. ومن النادر أيضاً أن تضطر الشركة إلى دفع أجور أعلى كما هو شائع لجذب المرشحين الخارجيين، أضف إلى ذلك، أن تعيين موظف داخلي يعتبر رسالة للموظفين الآخرين تفيد بأن مستقبلهم أيضاً سيكون باهراً في الشركة، ما يزيد احتمالات أن يبحثوا عن فرص التقدم المهني داخل الشركة.

نظراً لهذه الفوائد، وسّعت الشركات جهودها لتسهيل عملية تعريف الموظفين الداخليين بالفرص الداخلية المتاحة وتقدمهم لها. من المؤكد أن زيادة أسواق المواهب الداخلية المفتوحة تزيد احتمالات أن يعثر مدير التوظيف على مرشح مثالي من داخل الشركة، ولكن ذلك يعني أيضاً أن يجد نفسه في وضع لا يحسد عليه في كثير من الأحيان عندما يضطر إلى إخبار المرشحين الآخرين بأنهم لم يحصلوا على الوظيفة. وفي حين أنه من الصعب الحصول على بيانات جيدة عن أنماط تقدم الموظفين الداخليين إلى الوظائف المتاحة، تشير التقديرات الأخيرة إلى أنه بإمكان المدراء توقع استلام 10 طلبات داخلية وسطياً لكل وظيفة شاغرة، وقد تأكدنا من هذا الرقم في محادثاتنا مع قادة استقطاب المواهب في أكثر من 20 مؤسسة كبيرة. وهذا يعني أنه من المرجح أن يتم رفض 9 موظفين (أو 10 إذا تم اختيار مرشح خارجي) في كل مرة تبحث فيها الشركة عمن يشغل وظيفة شاغرة.

كيف يستجيب هؤلاء الموظفون للرفض؟ تكون استجابتهم سيئة على المدى المنظور على الأقل. فلا أحد يحب التعرض للرفض في وظيفة، ويكون الألم أشد غالباً عندما يأتي الرفض من صاحب العمل الحالي. بينت الدراسات أن الرفض الداخلي يؤدي إلى انخفاض كلّ من الرضا الوظيفي والالتزام تجاه المؤسسة، كما يمكن أن يولد شعور الحسد تجاه الموظف الذي تغلب على البقية وحصل على الوظيفة، أو يقود الموظفين إلى الانخراط في سلوكيات سلبية في العمل كالسرقة. لكن إذا بقي الموظفون عدة أشهر في الشركة بعد رفضهم فستتلاشى هذه الآثار السلوكية السلبية.

غير أن كثيراً من الموظفين يختارون المغادرة. في الحقيقة، تشير الأبحاث إلى أن احتمال مغادرة الموظفين الداخليين الذين تعرضوا للرفض يزداد بمقدار الضعف مقارنة بالمرشحين الذين تم تعيينهم في الدور الجديد أو الموظفين الذين لم يتقدموا له أساساً. وغالباً ما تتكبد الشركة خسارة كبيرة متمثلة بهدر في الإنتاجية والمواهب وتكاليف العثور على بديل لهؤلاء الموظفين. أردنا معرفة الطريقة المنهجية التي تساعد الشركات على خفض احتمالات مغادرة المرشحين المرفوضين، ولحسن حظّها يشير بحثنا إلى أنه على الرغم من أن الرفض قد يكون حتمياً، فإن الدوران الوظيفي ليس كذلك.

قمنا بتحليل ما يزيد على 9,000 تجربة رفض مرّ بها موظفون في إحدى شركات مجموعة "فورتشن 100" على مدى 5 أعوام. ومن أهم ما توصلنا إليه في بحثنا هو أن الموظفين لا يتقدمون لوظائف جديدة فقط لأنهم يرغبون في وظيفة جديدة على الفور، بل لأنهم يرغبون في التعرف على الفرص التي قد تتاح لهم مستقبلاً. إذا تم رفض الموظف اليوم، فعلى الأرجح أنه سيبقى في الشركة إذا شعر أنه سيحظى بفرصة جيدة للتقدم غداً. ونظراً لاجتماع العوامل المتمثلة في زيادة تسطيح التسلسل الهرمي وسرعة تغير متطلبات الوظائف وتزايد التوظيف الخارجي، يشعر الموظفون بحيرة فيما يتعلق بمساراتهم المهنية المستقبلية ضمن مؤسساتهم، لذلك، فإن التقدم لشاغر وظيفي هو أسهل وأبسط طريقة تمكّن الموظف من اكتشاف الفرص المحتملة اليوم وفي المستقبل المنظور. وفي حين يعتبر الرفض إشارة واضحة إلى أن الموظف غير مؤهل للانتقال إلى الدور الذي تقدم له حالياً، فهو ينتبه إلى جانبين من جوانب عملية التوظيف لمعرفة مدى قدرته على الانتقال إلى دور مماثل في المستقبل.

هل أجرى مدير التوظيف مقابلة شخصية معه؟

لاحظنا أن احتمال مغادرة المرشحين الداخليين الذين تم رفضهم بعد إجراء مقابلة مع مدير التوظيف يساوي نصف احتمال مغادرة الذين تم رفضهم في مرحلة أبكر من العملية. والسبب في ذلك ذو شقين: أولاً، لأن مدراء التوظيف يجرون مقابلات شخصية مع عدد قليل جداً من المرشحين (2% فقط من المرشحين وفقاً للتقديرات الجديدة)، فإن المقابلة تشير إلى أن المرشح يملك بالفعل كثيراً من السمات اللازمة للحصول على الوظيفة. ثانياً، تمثل المقابلات الشخصية منبراً لمدراء التوظيف يقدمون من خلاله تقييماتهم للمرشحين فيما يتعلق بما يفتقرون إليه من معارف ومهارات، إلى جانب اقتراح طرق اكتسابها إذا كان المرشحون راغبين في العمل بوظائف مشابهة مستقبلاً.

في المقابل، يشعر الموظفون الذين لا يصلون إلى مرحلة المقابلات بأن مدير التوظيف لم ينظر في طلباتهم جدياً ونادراً ما يحصلون على ملاحظات حقيقية حول طرق تحسين فرصهم للنجاح في المستقبل، ولذلك تزداد احتمالات أن يلجؤوا إلى البحث عن فرص لاحقة للتقدم المهني خارج الشركة.

ملاحظة مهمة: لا يمكن الاستعاضة عن مدير التوظيف بموظف من الموارد البشرية في المقابلات مع المرشحين. في الحقيقة، لاحظنا أنه عندما أجرى أحد موظفي الموارد البشرية المقابلات الشخصية مع المرشحين بدلاً من مدير التوظيف، كانت احتمالات مغادرة المرشحين المرفوضين هي ذاتها؛ لأن طلباتهم رُفضت ضمن عملية الفرز الآلي المسبق المدمجة في غالبية أنظمة تتبع مقدمي الطلبات.

هل تم رفضهم لصالح مرشح داخلي أو خارجي؟

لاحظنا أيضاً أن احتمالات مغادرة المرشح المرفوض تقل بمقدار النصف إذا تم رفضه لصالح مرشح داخلي من زملائه وليس لصالح مرشح خارجي. لماذا ينتبه المرشحون بدقة إلى هذه النقطة؟ من الطبيعي أن يعتقد الموظفون أن الماضي ينبئ بالمستقبل؛ فعندما يرون أن مؤسساتهم تفضل المرشح الخارجي يفترضون أنهم سوف يواجهون منافسة خارجية على وظائف مماثلة في المستقبل، وبالتالي ستكون فرصهم في الحصول عليها ضئيلة، وحين يرون أن زملاءهم حصلوا على هذه الوظائف فإنهم يفترضون أن الأفضلية ستكون للمرشحين الداخليين مثلهم وذلك يقلل احتمالات لجوئهم إلى البحث عن فرص خارجية في شركات أخرى.

زد على ذلك، أن حصول أحد الزملاء على الوظيفة يولد عملية مقارنة اجتماعية إيجابية متصاعدة، حيث يشعر الموظف المرفوض أنه سيتمكن في المستقبل من محاكاة نجاح زميله في الانتقال إلى دور جديد. أجرينا تحليلاً إضافياً يدعم هذه النظرية، ولاحظنا أن المرشحين الذين يتمتعون بمؤهلات أكثر شبهاً بمؤهلات المرشح الفائز (كالخبرة الوظيفية ومدة تولي الوظيفة) قد ازدادت احتمالات بقائهم في الشركة بعد تعرضهم للرفض.

بالنظر إلى هذه النتائج، ما الذي يجب على الشركات فعله؟ في حين أنه ليس بإمكان غالبية الشركات ضمان أن يجري مدراء التوظيف مقابلات شخصية مع جميع المرشحين الداخليين، يجب على الشركات أن تتبع أسلوباً استراتيجياً في التفكير بالموظفين الذين يجدر بها إجراء مقابلات معهم.

خذ، مثلاً، حين يتقدم موظف عالي الأداء في قسم التسويق إلى وظيفة في قسم الشؤون المالية، من الممكن جداً ألا يملك مدير التوظيف أي فكرة عن قوة أداء هذا الموظف في التسويق، ومن المنطقي أن يتردد في إجراء مقابلة شخصية مع موظف لا يتمتع بخبرة ذات صلة بالوظيفة، لكن عدم إجراء المقابلة مع هذا الموظف سيضاعف احتمال مغادرته الشركة. لذلك، يجب أن تضمن الشركة أن يكون نظام تتبع مقدمي الطلبات لديها قادراً على تمييز المتقدمين الذين ترغب في استبقائهم والتوصية بإجراء مقابلات شخصية معهم. ومن أجل منع إغراق مدراء التوظيف بطلبات المتقدمين الداخليين الذين قد يكون بعضهم غير مناسب للوظيفة الشاغرة، نقترح أن تضع الشركة قائمة مدروسة بالمرشحين الذين "يجب إجراء مقابلة شخصية" معهم، كما يمكن أن توجه المتقدمين الآخرين إلى وظائف أخرى ضمن الشركة تتلاءم أكثر مع مؤهلاتهم. طورت شركات مثل شركة "آي بي إم" مثلا أداة تكنولوجية تقدم معلومات مخصصة واضحة عن المسارات المهنية الداخلية البديلة عن طريق برنامج للإدارة المهنية عبر الإنترنت.

على الرغم من أننا لا نقترح على الشركات الاكتفاء بالمرشحين الداخليين فقط، فعملنا يشير بالفعل إلى ضرورة أن تفكر المؤسسات ملياً قبل أن تعين مرشحاً خارجياً إذا كان البديل الداخلي الملائم متوفراً. من الممكن أن يُدخل الموظف الجديد الخارجي معارف ثمينة ووجهات نظر جديدة إلى المؤسسة، لكنه أيضاً يزيد احتمالات أن يأخذ الموظفون الحاليون معارفهم إلى مؤسسات أخرى بدورهم.

باختصار، الشركات التي تتبع أسلوباً استراتيجياً في إدارة سوق المواهب الداخلي لديها قدرة أكبر على استبقاء المرشحين الداخليين الذين تم رفضهم للوظائف الشاغرة لديها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي